آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: من أساليب التربية النبوية/السؤال/د.عثمان قدري مكانسي

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية نبيل الجلبي
    تاريخ التسجيل
    28/01/2009
    المشاركات
    5,272
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي من أساليب التربية النبوية/السؤال/د.عثمان قدري مكانسي

    من أساليب التربية النبوية

    السؤال

    الدكتور عثمان قدري مكانسي

    يدخل أحدنا على أهله أو أصحابه ، وكان قد رأى لتوه حادثاً في الشارع ، فيسألهم : أتدرون ماذا رأيت قبل قليل ؟
    فهل ـ هو ـ في سؤاله هذا يريد إجابتهم ؟ إنه لا يريد ذلك ، فهو متأكد أنهم لم يروا شيئاً .
    فلماذا يسألهم إذاً إذن ؟
    إنه يريد أن يحوز اهتمامهم ، ويستجمع انتباههم ، فلا يفوتهم شيء من الحديث يبدؤه .
    هذه الطريقة في تجميع الذهن وتهيئة النفس للاستقبال نجدها كثيراً في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ :
    - فعن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ قال : كنت رديف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على حمار فقال لي : يا معاذ أتدري ما حق الله على عباده ؟ وما حق العباد على الله ؟
    قلت : الله ورسوله أعلم .
    قال : حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً .
    قلت : يا رسول الله ، أفلا أبشر الناس ؟
    قال : لا تبشرهم فيتوكلوا(1) .
    - وعن أبي بكرةَ ـ رضي الله عنه ـ قال :
    قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ ثلاثاً ( أي طرح هذا السؤال ثلاث مرات ليعلنوا عن رغبتهم في ذلك ، فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بينهم فليغتنموا الفرصة وليتعلموا ) .
    قالوا : بلى يا رسول الله .
    قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، ( وجلس وكان متكئاً ) ألا وقول الزور ( وما زال يكررها حتى قلت : ليته سكت ) (2) .
    - وعن زيد بن خالد ـ رضي الله عنه ـ قال : صلى بنى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلاة الصبح في الحديبية على أثر سماء(3) كانت من الليل .
    فلما انصرفَ ( انتهى من صلاته ) أقبل على الناس ( طارحاً سؤالاً لينتبهوا )
    قال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟
    قالوا : الله ورسوله أعلم .
    قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر (4)
    فأما من قال : مُطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب ، وأما من قال : مُطرنا بنوء
    (5) كذا وكذا فذلك كافر بي ، مؤمن بالكواكب(6) .
    لقد أراد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يعمق إيمان المسلمين بربهم ، وأن يوجهه الوجهة الصحيحة ، فيسند الأمر كله لله ، وكان المعنى كله مجموعاً في الجملتين الأخيرتين ، ولكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ سألهم ليستجمعوا شتات أفكارهم ، ولينصتوا إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى لا تضيع كلمة واحدة مما يقول ، فلما أجابوه مسلمين إلى الله ورسوله أمور الغيب ، ذكر ما ذكر ، ليعلموا أنه ما مِنْ حركة ولا سكنة إلا بأمر الله ـ سبحانه وتعالى ـ .
    - وأراد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يصف المؤمن فيأتم به الناس ، وأن يصف الشرير فيبتعدوا عن محاكاته ، فجاءهم بصيغة السؤال :
    فعن أسماء بنت يزيد قالت :
    قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ألا أخبركم بخياركم ؟
    قالوا : بلى .
    قال : الذين إذا رُؤوا ذكر الله .
    أفلا أخبركم بشراركم ؟
    قالوا : بلى .
    قال : المشاءون بالنميمة ، المفسدون بين الأحبة ، الباغون للبرآء العنت (7) .
    إن رؤية المؤمن الخيّر والنور يطفح من وجهه ، والإيمان يزيده بهاء ، تذكر بالله سبحانه ، وإن رؤية الفاسد الشرير ، النمام المفسد المؤذي ، تجعل الناس يستعيذون من شره ، فوجهه أسود ، وعيناه عينا شيطان .
    - وقد يكون السؤال حقيقياً يقصد به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشاركة أصحابه له في الفكرة ، أو شحذ أفكارهم لتكون أكثر استعداداً لتلقي المعاني التي يوردها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
    فعن ابن عمر ـ رضي الله عليهما ـ قال :
    قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أخبروني بشجرة مِثْلِ المسلم ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، لا تحتُّ ورقها ؟
    فوقع في نفسي النخلة ، فكرهت أن أتكلم ، وثمَّ ( هنالك ) أبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ فلم يتكلما ، قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : هي النخلة .
    فلما خرجت مع أبي قلت : يا أبتِ ، وقع في نفسي النخلة .
    قال : ما منعك أن تقولها ؟ لو كنت قلتها كان أحب إلي ّ من كذا وكذا .
    قال ( عبد الله ) : ما منعني إلا أنّي لم أرك ولا أبا بكر تكلمتما ، فكرهت(8) .
    - ومن ذلك ما رواه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : من أصبح اليوم منكم صائماً ؟
    قال أبو بكر : أنا .
    قال : من عاد منكم اليوم مريضاً ؟
    قال أبو بكر : أنا .
    قال : من أطعم اليوم مسكيناً ؟
    قال أبو بكر : أنا .
    قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ما اجتمعت هذه الخصالُ في رجل في يوم إلا دخل الجنة(9) .

    فقد لاحظنا أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يطرح صفات المؤمن التي تؤهله دخول الجنة بطريقة السؤال ، ليقارن السامع نفسه بما فعل الآخرون ، فيشجع على منافستهم .
    إن السؤال أسلوب من أساليب التربية التي تشد انتباه السامع ويدعوه إلى التفكر والتدبّر واستكناه الفكرة بقدح زناد التفكير والمشاركة .

    الهوامش:

    (1) متفق عليه.
    (2) ليته سكت : كناية عن أن الخوف من نتائج قول الزور مَلَكَ قلب أبي بكرة . والحديث من الأدب المفرد رقم / 15 / .
    (3) على أثر سماء : أي بعد نزول الغيث .
    (4) الناس قسمان : مؤمن بالله وكافر به .
    (5) نوء النجوم : قيل : سقوطها ، وقيل : طلوعها ونهوضها .
    (6) رواه مسلم .
    (7) الأدب المفرد الحديث / 223 / .
    (8) الأدب المفرد الحديث / 360 / .
    (9) الأدب المفرد الحديث / 515 / .


    التعديل الأخير تم بواسطة نبيل الجلبي ; 03/06/2010 الساعة 12:23 PM

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •