سيد قطب : عَالَََم أفضل ، أم أسوأ ؟
===================
لابد من الإعتراف بصعوبة عرض أفكار المرحوم / سيد قطب / . فهي آتية كمسار حياتي كامل ، ضمن ( مراحل ) مختلفة في شخصيته وفكره وتوجهاته ، حاملة تناقضات مراحله تلك . وبالتالي فلابد من " إجتزاء " تلك الأفكار والمواقف بجملها وكلماتها ، ونزعها من السياق العام التي أتت فيه ، متلازمة مع كل مرحلة من مراحلها لتلافي عزوها إلى مرحلة لاتعبر عنها . ويبقى من باب الأمانة وتوخي الموضوعية ، بذل المحاولة ليأتي " المنزوع " معبرآ قدر الإمكان عن باقي السياق العام ، وبعيدآ قدر الإمكان عن تجيير ذلك للإستدلال وتثبيت ( مايريد ) الكاتب أو العارض إثباته ، ليتوافق مع أحكامه المسبقة ، وآرائه الذاتية .
ملامح عامة :
--------------
• ولد سيد قطب عام 1906 ، وأعدم عام 1966 .
• إستقال من وزارة المعارف المصرية / مراقب بمكتب وزير المعارف – إسماعيل القباني عام 1954 بسبب عدم تبني الوزارة لإقتراحاته ذات الميول الإسلامية .
• اعتقل ضمن زعماء الإخوان في محاولة إغتيال جمال عبد الناصر عام 1954 – بعد الإستقالة - ، وتم الإفراج عنه بتدخل الرئيس العراقي / عبد السلام عارف / عام 1964 .
• له العديد من المقالات الأدبية والتربوية والإجتماعية والسياسية .
• كانت أكبر علاقاته المميزة مع / عباس محمود العقاد / أستاذ سيد قطب ،إضافه لأستاذه / أبو الأعلى المودودي / . وهوجم كثيرآ بسبب هذه العلاقة الأدبية والفكرية ، وخاصة من بعض الإسلامين ، ومن حزب الوفد الذي كان عضوآ فيه ، وعضوآ في حزب السعدين ، قبل إنضمامه لجماعة الإخوان المسلمين . قال في الأحزاب آنذاك : [ لم أعد أرى في حزب من هذه الأحزاب مايستحق عناء الحماسة له والعمل من أجله ] .
• تروي بعض المصادر : أن الضباط الأحرار قبيل الثورة كانوا يتشاورون مع سيد قطب حولها ، والذي يرجح ذلك : أنه تم تعيينه من قبل قيادة مجلس الثورة ، مستشارآ للثورة في أمور داخلية ، واوكلت إليه مهمة تغير المناهج التعليمية التي عُمل بها في مصر ، وكانت هرمة متخلفة .
• كان لمقالاته أهمية كبيرة والتي دعا فيها الشعب المصري للخروج على سياسة الإحتلال والرجعية المصرية وسياسة القهر قبل الثورة .
• حاول سيد قطب التوفيق بين جمال عبد الناصر وجماعة الإخوان المسلمين ، ولم يفلح . فإنضم إلى الجماعة وإنحاز إليها ، ورفض جميع المناصب التي عرضت عليه من الثورة ، مثل منصب وزير المعارف .
• كان إعدام / سيد قطب / من أخطاء نظام عبد الناصر ، إذ حولته إلى شهيد . رغم دعوته وعمله لقلب نظام الحكم وتحويله إلى دولة إسلامية صرفة .
• يعتبر / سيد قطب / ان المجتمع الإسلامي لايمكن تحقيقه ، إلا بقيام " عصبة " مؤمنة تُفاصل المجتمعات الجاهلية ، ثم تتحرك " لإزالة " هذه المجتمعات بالقوة . فمعركة الصراع بين المجتمعات الجاهلية ، والإسلام هي معركة لا تتوقف .
• يدعو / سيد قطب / إلى مواجهة النظم الداخلية التي يرى أنها جاهلية ، ثم يعتبر أن" دار الإسلام " هي الدار الوحيدة التي يمنحها المسلم ولاءه . وأن " العالم " كله هو " دار حرب" يقف المسلم منه موقف حرب .. حتى يدفعوا الجزية !!
• هاجم نظام الثورة ونظام عبد الناصر ، بإعتباره يستلهم " القيم الغربية " ذات الروح الصليبية اليهودية .
• وقفت جماعات عدة من الإخوان المسلمين ضده . إذ رأت أن الطرح الجديد لسيد قطب يسير في " الإتجاه المعاكس " لما كان قادة الجماعة الأوائل قد وصلوا إليه ، وخاصة في الأفكار التي أرساها كتاب ( دعاة لا قضاة ) من افكار مؤسس الجماعة المرحوم / حسن البنا / .
• مر سيد قطب في حياته بثلاثة مراحل : ماقبل الإلتزام – مرحلة التحول إلى الإسلام والعمل الإسلامي – مرحلة الإلتزام والإنطلاق في الدعوة إلى الدين والجهاد .
في المرحلة الأولى .. يؤخذ عليه كتابه المعروف ( التصوير الفني في القرآن ) وهو طامات كبرى في ميزان العقيدة والتوحيد ، كأحد المآخذ الكثيرة التي تؤخذ عليه من خلال كتاباته ومواقفه .
في المرحلة الثانية .. حتى عام 1950 تجرأ على الكتابة في مسائل قبل أن يتمكن من علوم الإسلام ، وبخاصة منها علوم الحديث والفقه ، مما أدى إلى وقوعه في أخطاء يبرزها المؤيدون والمعارضون له ، كما في كتابه ( العدالة الإجتماعية ) الذي صدر عام 1948 ، داعيآ إلى الإشتراكية ، وطاعنآ في الصحابة ، وعلى رأسهم / عثمان بن عفان / لما إعترى النظام – حسب قوله – من فساد وإنجراف وإنحراف بسببه . فكانت حقبة / مرحلة النقد الجارح لبعض صحابة رسول الله .
في المرحلة الثالثة .. مرحلة الدعوة للجهاد والتمرد من عام 1950 وحتى عام 1966 تاريخ إعدامه .
• إعتبره كثيرون ، مبدعآ أدبيآ وكاتبآ ناقدآ ، في الأدب وفنونه وفي الكتابة والقراءة والتدريس.
• وقع / سيد قطب / في أخطاء / خطايا كما يؤخذ عليه .. لايُقَر عليها ، ولا يُتابع فيها ، ويُحذر منها . مثل وقوعه في : التأويل المذموم ، وموافقته لمذاهب الأشاعرة في صفات الله ، ومنها قوله : بعدم حجية خبر الآحاد في "العقائد" وهذا بخلاف ماعليه معظم اهل السنة والجماعة .
• هوجم وانتقد كثيرآ على كتابه ( في ظلال القرآن ) وبأنه : ضلال وظلام ، وأوصاف كثيرة ، مع بعض الدعوات لإحراق هذا الكتاب وإتلافه – 4000 صفحة - .
• كان من المعتدلين الذين أخذوا منه موقف حيادي ، الشيخ المحدث / محمد ناصر الدين الألباني / فكان يصفه [ بالأستاذ الكبير ]وإن لم يؤيده فيما ذهب إليه . وكان ممن هاجموه بشدة / ربيع المدخلي / وأنصاره ومريديه ، ووصفوه بالضلال والجهل والكفر، وغير ذلك من الألفاظ ، وكذلك : الحلبي ، والهلالي ، وطائفة من الوهابيين .
وأخيرآ ... وكبداية لمدخل قادم عن فكر / سيد قطب / أُثبت مقولته التالية :
[ نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم . كل ماحولنا جاهلية .. تصورات الناس وعقائدهم ، عاداتهم وتقاليدهم ، موارد ثقافتهم ، فنونهم وآدابهم ، شرائعهم وقوانينهم ، حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية ، ومراجع إسلامية ، وفلسفة إسلامية ، وتفكيرآ إسلاميآ .. هو كذلك من صنع هذه الجاهلية .. فلا بد إذآ في منهج الحركة الإسلامية ، أن نتجرد في فترة الحضانة والتكوين ، من كل المؤثرات الجاهلية التي نعيش فيها ] .
إنه تكفير للناس وللمجتمعات كلها !!!
سيد قطب .. ومعالمه
============
كان كتاب ( معالم في الطريق ) للمرحوم / سيد قطب / خلاصة تفكيره وتوجهاته التي بدأت إرهاصاتها منذ عام 1950 . والكتاب يعبر تمامآ عن النهاية والقناعة التي توصل إليها ..
ومن مجمله وعمومه ، يمكن " تحديده " بالتالي :
[ تكفير – هجرة وإعتزال – قتال ]
وهو ماتبنته عدة فرق إسلامية متشددة كان أهمها في مقاربته وتبني أفكاره :
• جماعة التكفير والهجرة .. وما تناسل عنها .
• جماعة القاعدة / بن لادن .. وما تناسل عنها .
وكانت أهم و" أخطر " تلك الأفكار التي دعا إليها / سيد قطب / :
• تكفير جميع المجتمعات والنظم ووضعها في مرتبة " الجاهلية " .
• الدعوة إلى " إعتزال " هذه المجتمعات والهجرة لخارجها .
• نزع الإيمان الإسلامي عن المسلمين بأوضاعهم الحالية ، حتى يعملوا بقناعته وافكاره .
• تشكيل " العصبة " : الفكرية والفاعلة بتلازم متطابق بين الإيمان لديها ، مع " الفعل " للمواجهة .
• الجهاد و" محاربة " جميع المجتمعات والنظم الجاهلية : المدعية الإسلام ، والعالمية .. ليشمل ذلك العالم بأسره .
وسأحاول عرض المفاصل الرئيسية من كتابه ( معالم في الطريق ) الذي شكل " دعوة للفعل الصريح" ، وممارسة تبناها ، قادت في النهاية إلى إعدامه ، وإسالة دماء المسلمين وغيرهم من الأبرياء . فكانت معالمه دعوة على طريق : المغالاة ، والتجريم ، والتكفير ، والقتل .
---------------------
1- جاهلية المجتمعات وتكفيرها :
----------------------------
[ نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم . كل ماحولنا جاهلية .. تصورات الناس وعقائدهم ، عاداتهم وتقاليدهم ، موارد ثقافتهم ، فنونهم وآدابهم ، شرائعهم وقوانينهم
1965
الاعترافات التي أدلى بها محمد بديع في القضية حقيقية، ونشرت وقتها، والمحاكمات كانت علنية، والتنظيم
حقيقي، ومختار أول من يعلم ذلك، لأن من كانوا أعضاء فيه كتبوا ذلك بعد أن تم الإفراج عنهم عام 1974، في عهد أنور السادات في كتب ألفوها، وأحاديث أدلوا بها
يكفي اعتراف زينب الغزالي ويكفي أيضا كتاب جابر رزق وكان قد صدر ضده حكم بالسجن خمسة عشر عاما، وكان المستشار الصحفي للجماعة مع عمر التلمساني - المرشد الثالث - وعنوانه - مذابح الإخوان في سجون ناصر - حكى فيه بالتفصيل انضمامه للتنظيم، والمعسكر الذي كانوا يتدربون فيه على السلاح، وكيفية كشف التنظيم بالصدفة، وأن من الذين تم تجنيدهم كان إسماعيل الفيومي، أحد حراس خالد الذكر والذي كان مخصصا لاغتياله إذا صدرت له الأوامر بذلك
وأوضح جابر أن عمليات التعذيب حدثت في البداية، وبدأت تتوقف بعد التوصل الى التنظيم، وأن التعذيب لم يشمل الجميع، ولم يشر إلى تعرضه له
كتاب سيد قطب - معالم في الطريق - الذي اعتبره أعضاء التنظيم دستورا لهم، وكفر فيه المجتمع، وأباح الخروج على النظام، كتبه في السجن وأرسله الى مكتبة وهبة فصدر عنها، وتم طرحه في الأسواق، وتم عرضه في إذاعة القرآن الكريم بواسطة الكاتب الإخواني محمد عبدالله السمان كما نشرت عنه صحف أخرى، وأفرج عن قطب في نفس السنة1964
ولم تتم مصادرته إلا بعد كشف التنظيم، أي أن سيد قطب، فكر وكتب ونشر، وخرج من السجن، دون أن يتعرض للإعدام السياسي . حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية ، ومراجع إسلامية ، وفلسفة غسلامية ، وتفكيرآ إسلاميآ .. هو كذلك من صنع هذه الجاهلية ] . ص/21
[ لابد لنا من التخلص من ضغط المجتمع الجاهلي والتصورات الجاهلية والقيادة الجاهلية .. في خاصة نفوسنا .. ليست مهمتنا أن نصطلح مع واقع هذا المجتمع الجاهلي ولا أن ندين بالولاء له ، فهو بهذه الصفة .. صفة جاهلية .. غير قابل لأن نصطلح معه . إن مهمتنا أن نغيّر من انفسنا أولآ لنغيّر هذا المجتمع أخيرآ . إن مهمتنا الأولى هي تغيير واقع هذا المجتمع . مهمتنا هي تغيير هذا الواقع الجاهلي من أساسه . هذا الواقع الذي يصطدم إصطدامآ أساسيآ بالمنهج الإسلامي ، وبالتصور الإسلامي ، والذي يحرمنا بالقهر والضغط أن نعيش كما يريد لنا المنهج الإلهي أن نعيش] . ص/22
[ تدخل في إطار هذا المجتمع الجاهلي ، جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلآ . تدخل فيه:
المجتمعات الشيوعية .
المجتمعات الوثنية . المجتمعات اليهودية والنصرانية .
واخيرآ يدخل في إطار " المجتمع الجاهلي " تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها " مسلمة " ] . ص/98
[ الإسلام لايعترف إلا بنوعين من المجتمعات .. مجتمع إسلامي ، ومجتمع جاهلي .. وليس المجتمع الإسلامي هو الذي يضم ناسآ ممن يسمون أنفسهم " مسلمين " ، بينما شريعة الإسلام ليست هي قانون المجتمع ، وإن صلى وصام وحج البيت الحرام .. وبذلك يكون" مجتمعآ جاهليآ " ولو أقر بوجود الله سبحانه ، ولو ترك الناس يقدمون الشعائر لله ، في البيَع والكنائس والمساجد ..
و " المجتمع الإسلامي " هو وحده " المجتمع المتحضر " ، والمجتمعات الجاهلية بكل صورها المتعددة ، مجتمعات متخلفة .. ] . ص/116
-----------------------
** توضيح معاكس : - تعليق -
----------------
قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرآ منهم ، ولا نساء من نساء عسى أن يكّن خيرآ منهن ، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابذوا بالألقاب بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ) .. الحجرات 11 .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( انه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع . قالوا يارسول الله : ألا نقاتلهم . قال : لا ما أقاموا فيكم الصلاة ) .. رواه مسلم
--------------------------------
2- الهجرة والإعتزال :
------------------
[ إنه لابد من " طليعة " تعزم هذه العزمة ، وتمضي في الطريق . تمضي في خضم الجاهلية الضاربة الأطناب في أرجاء الأرض جميعآ . تمضي وهي تزاول نوعآ من " العزلة " من جانب ، ونوعآ من " الإتصال " من الجانب الآخر بالجاهلية المحيطة .. وعليها أن تعرف أين تلتقي ومع من، وكيف تلتقي .. ] . ص/11
[ لابد إذن في منهج الحركة الإسلامية ، أن نتجرد في فترة " الحضانة والتكوين " من كل مؤثرات الجاهلية التي نعيش فيها ونستمد منها . ] . ص/21
[ إن المجتمع المسلم إنما ينشأ من إنتقال أفراد ومجموعات من الناس من العبودية لغير الله – معه أو من دونه – إلى العبودية لله وحده بلا شريك ، ثم من تقرير هذه المجموعات أن تقيم نظام حياتها على أساس هذه العبودية .. وعندئذ يتم ميلاد لمجتمع جديد . ] . 97ص
[ في الطريق تكون " المعركة " قد قامت بين المجتمع الوليد الذي إنفصل بعقيدته وتصوره ، وإنفصل بقيمه وإعتباراته ، وإنفصل بوجوده وكينونته ، عن المجتمع الجاهلي – الذي أخذ منه أفراده – وتكون " الحركة " من نقطة الإنطلاق إلى نقطة الوجود البارز المستقل ، قد ميزت كل فرد من أفراد المجتمع ... " الحركة " هي طابع العقيدة الإسلامية وطابع هذا المجتمع الذي إنبثق منها .. إن كل فرد من أفراد هذا المجتمع لابد أن يتحرك .. الحركة في عقيدته ، في دمه ن في مجتمعه .] ص/130
----------------------
** توضيح معاكس : - تعليق -
--------------------
- قال تعالى : ( إنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين ) القصص 56
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لاهجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ، وإذا استُنفرتم فإنفروا ) رواه البخاري .
- قال الله تعالى : ( وقولوا للناس حسنآ ) . البقرة 83 .
- قال الله تعالى : ( وتعاونوا على البقر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) المائدة2 .
- قال الله تعالى : ( وإعتصموا بحبل الله جميعآ ولا تفرقوا ) النساء 175 .
-----------------------
3- العصبة والفعل :
-------------------
[ إن التصور الإسلامي للألوهية ، وللوجود الكوني ، وللحياة ، وللإنسان .. تصور شامل كامل . ولكنه كذلك تصور واقعي إيجابي . وهو يكره – بطبيعته – أن يتمثل في مجرد تصور ذهني معرفي .. ويجب أن يتمثل في اناسي ، وفي تنظيم حي ، وفي حركة واقعية .. وطريقته في التكون أن ينمو من خلال الأناسي والتنظيم الحي والحركة الواقعية ، حتى يكتمل نظريآ في " نفس الوقت " الذي يكتمل فيه واقعيآ ... وكل نمو نظري يسبق النمو الحركي الواقعي ، ولا يتمثل من خلاله ، هو خطأ وخطر كذلك .. ] . ص/46
[ نحن ، حين نريد من الإسلام أن لا يجعل من نفسه " نظرية " للدراسة ، نخرج به عن طبيعة منهج التكوين الرباني ، وعن طبيعة منهج التفكير الرباني كذلك ، ونخضع ألإسلام لمناهج التفكير البشرية ! كأنما المنهج الرباني أدنى من المناهج البشرية ! وكأنما نريد لنرتقي بمنهج الله في التصور والحركة ليوازي مناهج العبيد ! والأمر من هذه الناحية يكون خطيرآ ، والهزيمة قاتلة . ] .ص/48
[ ومرة أخرى أكرر أن التصور الإعتقادي يجب أن يتمثل من فوره في تجمع حركي ، وأن يكون التجمع الحركي في الوقت ذاته تمثيلآ صحيحآ وترجمة حقيقية للتصور الإعتقادي . ] ص/57
[ لايتحقق المجتمع المسلم بمجرد قيام القاعدة النظرية .. ولا يتمثلون في تجمع عضوي متناسق متعاون له وجود ذاتي مستقل ، يعمل أعضاؤه عملآ عضويآ على تأصيل وجوده وتعميقه وتوسيعه ، وفي الدفاع عن كيانه ضد العوامل التي تهاجم وجوده وكيانه ، ويعملون هذا تحت " قيادة " مستقلة عن قيادة المجتمع الجاهلي .. تجمع عضوي حركي ، مستقل منفصل عن المجتمع الجاهلي ومواجه لهذا المجتمع ] . ص/57
-----------------------------------
** توضيح معاكس : - تعليق -
-------------------
قال الله تعالى : ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا إن الله لايحب المعتدين ) البقرة 190 .
-------------------------
4- الحاكمية :
--------------
[ إن العالم يعيش اليوم في " جاهلية " من ناحية الأصل الذي تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتها . جاهلية لاتخفف منها شيئآ هذه التيسيرات المادية الهائلة ، وهذا الإبداع المادي الفائق . هذه الجاهلية تقوم على أساس الإعتداء على سلطان الله في الأرض وعلى أخص خصائص الألوهية .. وهي " الحاكمية " .. إنها تُسند الحاكمية إلى البشر – الجاهلية - ، فتجعل بعضهم لبعض أربابآ ، لافي الصورة البدائية الساذجة التي عرفتها الجاهلية الأولى ، ولكن في صورة إدعاء حق وضع التصورات والقيم ، والشرائع والقوانين ، والأنظمة والأوضاع ، بمعزل عن منهج الله للحياة ، وفيما لم يأذن به الله .. فينشأ عن هذا الإعتداء على سلطان الله إعتداء على عباده .. ومهانة " الإنسان " عامة في الأنظمة الجماعية ] . ص/10
[ يجب أن تكون السلطة التي تنظم حياتهم ، هي السلطة التي تنظم وجوده – الكون - . فلا يشذوا هم بمنهج وسلطان وتدبير غير المنهج والسلطان والتدبير الذي يصّرف الكون كله ، بل الذي يصرّف وجودهم هم أنفسهم .. ] . ص/53
[ والقاعدة النظرية التي يقوم عليها الإسلام – على مدار التاريخ البشري – هي قاعدة " شهادة أن لا إله إلا الله " ، أي إفراد الله سبحانه بالألوهية والربوبية والقوامة والسلطان والحاكمية .. ومعنى هذه القاعدة من الناحية النظرية .. ان تعود حياة البشر بجملتها إلى الله ، لايقضون هم في اي شأن من شؤونها ، ولا في اي جانب من جوانبها ، من عند أنفسهم ، بل لابد لهم أن يرجعوا إلى حكم الله فيها ليتبعوه .. ] . ص/54
[ والأصول المقررة للإجتهاد والإستنباط كذلك ومعروفة وليست غامضة ولا مائعة .. فليس لأحد أن يقول لشرع يشرعه : هذا شرع الله . إلا أن تكون الحاكمية لله معلنة . وأن يكون " مصدر السلطات" هو الله سبحانه ، لا " الشعب " ولا " الحزب " ولا أي من البشر . ] . ص/105
[ في هذا الفصل .. نوضح مدلول " الحاكمية " وعلاقته " بالثقافة " .. إن مدلول " الحاكمية " في التصور الإسلامي لا" ينحصر" في تلقي الشرائع القانونية من الله وحده ، والتحاكم إليها وحده ، والحكم بها دون سواها .. إن مدلول " الشريعة " في الإسلام لا"ينحصر" في التشريعات القانونية ، ولا حتى في أصول الحكم ونظامه وأوضاعه . إن هذا المدلول " الضيق " لايمثل مدلول " الشريعة " والتصور الإسلامي ! إن " شريعة الله " تعني كل ماشرعه الله لتنظيم الحياة البشرية .. وهذا يتمثل في أصول الإعتقاد ، واصول الحكم ، وأصول الأخلاق ، واصول السلوك ، وأصول الثقافة أيضآ . ص/135
------------------------------
** توضيح معاكس : - تعليق -
--------------------
قال الله تعالى : ( الله وحده هو الذي يحكم بين الناس يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون )
وقال تعالى : ( وقالت اليهود ليست النصارى على شيئ وقالت النصارى ليست اليهود على شيئ ، كذلك قال "الذين لايعلمون" مثل قولهم .. فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا يختلفون ) البقرة 113
---------------------------
5- الجهاد :
-----------
[ تتجلى سمات أصيلة وعميقة في "المنهج الحركي " لهذا الدين جديرة بالوقوف أمامها طويلآ ، ولكننا لانملك هنا إلا أن نشير إليها إشارات مجملة :
السمة الأولى : - تواجه الحركة ألإسلامية واقعآ بشريآ ، تواجه جاهلية إعتقادية وتصويرية تقوم عليها أنظمة واقعية عملية تسندها سلطات ذات قوة مادية .. فتواجه الحركة الإسلامية هذا الواقع كله بما يكافئه .. تواجهه بالدعوة والبيان لتصحيح المعتقدات والتصورات ، وتواجهه بالقوة والجهاد لإزالة الأنظمة والسلطات القائمة عليها ...
السمة الثانية : - في منهج هذا الدين : هي الواقعية الحركية .. والذين يسوقون النصوص القرآنية للإستشهاد بها على منهج هذا الدين في الجهاد ، ولا يراعون هذه السمة فيه .. الذين يصنعون هذا يخلطون خلطآ شديدآ ويلبسون منهج هذا الدين لبسآ مضللآ ، ويحمّلون النصوص مالا تحتمله من المبادئ والقواعد النهائية . ويقولون – وهم مهزومون روحيآ وعقليآ – تحت ضغط الواقع اليائس .. أن الإسلام لايجاهد إلا للدفاع ! إنهم لا يسدون إلى هذا الدين جميلآ بتخليه عن منهجه وهو إزالة الطواغيت كلها من الأرض جميعآ ... ويجب تحطيم الأنظمة السياسية الحاكمة ، أو قهرها حتى تدفع الجزية وتعلن إستسلامها ، والتخلية بين جماهيرها وهذه العقيدة ..
السمة الثالثة : - هي أن هذه الحركة الدائبة ، والوسائل المتجددة ، لاتخرج هذا الدين عن قواعده المحددة ، إنما يخاطبهم بقاعدة واحدة ، ويطلب منهم الإنتهاء إلى هدف واحد هو إخلاص العبودية لله ، لامساومة في هذه القاعدة ولا لين ..
السمة الرابعة : - هي ذلك الضبط التشريعي للعلاقات بين المجتمع المسلم ، وسائر المجتمعات الأخرى ، وقيام ذلك الضبط على أساس أن الإسلام لله هو الأصل العالمي الذي على البشرية كلها أن تفيئ إليه ، أو أن تسالمه بجملتها فلا تقف لدعوته بأي حائل من نظام سياسي ، أو قوة مادية ، وأن تخلي بينه وبين كل فرد يختاره أو لا يختاره بمطلق إرادته ، فلا تقاومه ولا تحاربه ! فإن فعل ذلك أحد كان على الإسلام أن يقاتله حتى يقتله أو يعلن إستسلامه ! ] . ص/64
[ وقيام مملكة الله في الأرض ، وإزالة مملكة البشر ، وإنتزاع السلطان من أيدي مغتصبيه من العباد ورده إلى الله وحده .. وسيادة الشريعة الإلهية وحدها وإلغاء القوانين البشرية .. كل أولئك لايتم بمجرد التبليغ والبيان ، لأن المتسلطين على رقاب العباد ، والمغتصبين لسلطان الله في الأرض ، لايسلمون في سلطانهم بمجرد التبليغ والبيان ] . ص/68
[ والذي يدرك طبيعة هذا الدين – على النحو المتقدم – يدرك معها حتمية الإنطلاق الحركي للإسلام في صورة الجهاد بالسيف – إلى جانب الجهاد بالبيان - .. ] . ص/72
[ إن الجهاد ضرورة للدعوة .. سواء كان الوطن الإسلامي – بالتعبير الإسلامي الصحيح : دار الإسلام – آمنآ أم مهددآ من جيرانه . فالإسلام حين يسعى إلى السلم لايقصد تلك السلم الرخيصة ،وهي مجرد أن يؤمّن الرقعة الخاصة التي يعتنق أهلها العقيدة الإسلامية .. إنما هو يريد السلم : التي يكون الدين فيها لله ] . 74
[ إن المعسكرات المعادية للإسلام قد يجيئ عليها زمان تؤثر فيه ألا تهاجم الإسلام .. ولكن الإسلام لايهادنها ، إلا أن تعلن إستسلامها لسلطانه في صورة " اداء الجزية " ، ضمانآ لفتح أبوابها لدعوته بلا عوائق .. ]ص/87
-----------------------------------
** توضيح معاكس : - تعليق -
--------------------
- قال الله تعالى : ( لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) الممتحنة 8 .
- قال تعالى : ( يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبآ وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، إن الله عليم خبير ) الحجرات 13 .
- قال تعالى : ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ) العنكبوت 46
--------------------------
6- الإستعلاء .. ونفي الأوطان :
------------------------------
[ الإستعلاء .. على قوى الأرض الحائدة عن منهج الإيمان . وعلى قيم الأرض التي لم تنبثق من أصل الإيمان . وعلى تقاليد الأرض التي لم يصغها الإيمان ، وعلى قوانين الأرض التي لم يشرعها الإيمان ، وعلى أوضاع الأرض التي لم ينشئها الإيمان ... الإستعلاء .. مع ضعف القوة ، وقلة العدد ، وفقر المال ، كالإستعلاء مع القوة والكثرة والغنى ، سواء .. ص/178
[ وطن المسلم .. الذي يحن إليه ويدفع عنه ليس قطعة أرض ، وجنسية المسلم التي يعرف بها ليست جنسية حكم ، وعشيرة المسلم التي يأوي إليها ويدفع عنها ليست قرابة دم ، وراية المسلم التي يعتز بها ويستشهد تحتها ليست راية قوم ، وإنتصار المسلم الذي يهفو إليه ويشكر الله عليه ليس غلبة جيش ] . ص/158
[ فلا وطن للمسلم إلا الذي تقام فيه شريعة الله ، فتقوم الروابط بينه وبين سكانه على أساس الإرتباط بالله ، ولا جنسية للمسلم إلا عقيدته التي تجعله عضوآ في " الأمة المسلمة " في " دار الإسلام " ، ولا قرابة للمسلم إلا تلك التي تنبثق من العقيدة في الله ، فتصل الوشيجة بينه وبين أهله في الله .. ليست قرابة المسلم : أباه وأمه وأخاه وزوجه وعشيرته ، مالم تنعقد الآصرة الأولى في الخالق .. ] ص/151
--------------------------------
** توضيح معاكس : - تعليق -
-------------------
- قال تعالى : ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) البقرة 195 .
- قال تعالى : ( ومالنا لانقاتل وقد أخرجنا من ديارنا .. ) البقرة 246 .
- ومما يؤكد عظم حب الأوطان في نفوس البشر .. قال تعالى حين ذكر الديار ، يخبر عن موقعها في قلوب الناس : ( ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ) النساء 66 .
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعد مغادرته مكة مهاجرآ إلى المدينة : ( والله إني لأخرج منك وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله ، وأكرمها على الله ، وإنك لأحب أرض الله إلي ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك قهرآ ما خرجت من بلادي ) .
- وفي المدينة يعاود الرسول – صلعم – وصحبه الكرام الحنين حينآ بعد حين والشوق مرة بعد مرة ، حتى يدعوا ربه قائلآ : ( اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة ) .
- وعن حب الأهل والقربى : قال تعالى : ( وآتى المال على حبه ذوي القربى .. ) البقرة 177 .
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أدلكم على أكبر الكبائر ؟ قالوا بلى يارسول الله ، قال : الشرك بالله وعقوق الوالدين ) .
- و .. الجنة تحت أقدام الأمهات ..
================
الإحتمالات من وجهة نظري :
• إما أنه يعتقد نفسه نبيآ .
• وإما أنه في مغالاته ، تحول إلى خارج تعاليم الإسلام وسماحته وما ورد في : القرآن الكريم ، والحديث الشريف والسنة المؤكدة ، وممارسات وأفكار الخلفاء الراشدين ، مضافآ إليهم / عمر بن عبد العزيز / ، وما قال به المفكرون الداعون والفقهاء المسلمون في جمعهم الأغلب .
• لايأتي تصريح الفتنة والقتل ، إلا من متشدد خرج حتى عن دينه وإنسانيته ..
هنيئآ لنا أيها المسلمون ( جهنم ) التي وعدنا وحكم علينا بها كدار إستقرار في الآخرة ، بعد أن أخرجنا عن ديننا وإيماننا .. فلا مكان في الجنة يتسع لنا .. إنها مأوى الأنبياء فقط .
=======================
فائز البرازي / كاتب سوري
12/2/2008
المفضلات