فقدت الحركة الثقافية العربية أحد أعمدتها الكبار وهو الكااتب والروائي الجزائري الطاهر وطار عن عمر يناهز 74 عاماً , وهو من القامات الأدبية الكبيرة التي حركت المشهد الثقافي العربي على إمتداد الساحات الثقافية حيث كان له نكهته الخاصة في فضاءات الرواية العربية .

ونحن هنا في فلسطين تعرفنا معشر الأدباء والمثقفين على نتاجات الطاهر وطار من خلال رواية اللاز حيث أعادت نشر الجزء الأول دار نشر صلاح الدين في القدس , وكم كانت فرحتنا غامرة ونحن نقرأ تلك الرواية ونتبادل النقاشات حولها فكان لها الاثر الكبير في تلمس عدد من مثقفينا وكتابنا اثر الطاهر وطار وخاصة بعد إعادة نشر الجزء الثاني منها وكان لي شرف إعادة نشر هذا الجزء من خلال منشورات الوحدة في نابلس وهذا كان قبل ثلاثون عاما واذكر ان سلطات الإحتلال لم يرقى لها ان ترى روايات الطاهر وطار متداولة في فلسطين فقامت بمداهمة دار النشر وصادرت نسخ تلك الرواية والقت القبض على والدي المرحوم إبن الخامسة والسبعين وعندما سأل المحقق الأسرائيلي والدي عن سبب بيعه تلك الكتب اجاب والدي بلغة بسيطة (هذه الكتب هي الماشية ) فقدم والدي إلى المحاكمة التي فرضت عليه غرامة كبيرة من المال .

إن الكتابة عن روائي مثل الطاهر وطار تصطدم بتقزيم مفردات اللغة العربية لأنه أكبر من الحروف والكلمات وأكبر من جميع المقالات إلى تبرز دوره المميز والطليعي في إشهار الرواية والأدب لأنه من ألمع كتاب الرواية الذي كتب باللغة العربية الفصحى وكان نفتخر بعروبته وبشرقيته وهو من قال ( أنا مشرقي وطقوسي في كل مجالات الحياة , وأن معتقدات المؤمنين ينبغي ان تُحترم ) لقد ولد الطاهر وطار عام 1936 بمدينة سدراتة الجزائرية فكان يوم مولده متساوقاً مع الأضراب الشهير الذي خاضته فلسطين لمدة 6 شهور وهذا ليس مصادفة لأن هناك تاريخ مشترك بين الجزائر وفلسطين فالجزائر لفلسطين بقدر ما هي فلسطين لفلسطين , وقد تلمس والده ميول إبنه المعرفية منذ صغره فأرسله للإلتحاق بمدرسة جمعية العلماء لكي يتفقه في علم الدين الا ان الطاهر وطار قد تعلق بالأدب

وقرر أن يتعمق في قراءة ميخائيل نعيمة وزكي مبارك وجبران خليل جبران وطه حسين وقرأ ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة وقد شكلت هذه المراجع خلفيته الثقافية .

وفي عام 1954 سافر على تونس ودرس في جامع الزيتونة وعاد إلى الجزائر لكي يُشارك في ثورتها , ولقد تأثر بالقصص والروايات والمسرحيات فأخذ بنشر إنتاجه الثقافي في الصحف التونسية وخاصة جريدة الصباح , وبعد إستقلال الجزائر عام 1962 أسس أول جريدة إسبوعية الشعب الثقافية عام 1973 , .

صدرت له عدة مؤلفات في القصة والرواية ونال عدة جوائز وترجمت أعماله إلى أكثر من لغة , ونال جائزة العويس الثقافية وجائزة الشارقة وفي عام 1989 أسس جمعية الجاحظية التي ضمت معشر الكتاب والأدباء والبسطاء والمغمورين

أهم أعماله الأدبية

· اللاز

· الزلازال

· الحوت والقصر

· الولي الطاهر يعود على مقامه الزكي

· الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء

· الشهداء يعودون هذا الأسبوع

بالإضافة إلى مئات المقالات الثقافية .

ويعتبر غياب الطاهر وطار خسارة جسيمة للحركة الثقافية ولكن عزائنا بما تركه لنا من موروث ثقافي يبقي إسمه خالداً في سماء الرواية العربية .