أزمة التعليم المغربي من أزمة الإدارة المغربية

الحلقة الأولى

***
(التسجيل الكامل والمفصل لوقائع جلسة الحوار المنعقدة داخل مكتب نائب وزير التعليم على إقليم العرائش بالمغرب يوم الأربعاء 16 يونيو 2010 والتي جمعت محمد سعيد الريحاني بممثلي نيابة وزارة التربية الوطنية بالإقليم على خلفية الحيف الإداري الذي يطاله منذ 2003 مع أول بيان من بياناته التي جمعت لاحقا في كتابه الصادر صيف 2009 تحت عنوان "تاريخ التـــلاعب بالامتحانات المهــنية بالمغرب")
***
نائب الوزير: توصلت بإصداراتك في وقت مضى واليوم (يقرأ خبرا منشورا على صفحة جريدة) أعلم بأنك أشرفت على ترجمة نصوص مغربية إلى اللغة الإنجليزية ضمن أنطولوجيا "صوت الأجيال: مختارات من القصة الإفريقية المعاصرة" الصادرة قبل أسبوع بالولايات المتحدة الأمريكية. هل بدأت الكتابة قبل ولوجك عالم التدريس؟
محمد سعيد الريحاني: نعم. بدأت الكتابة مبكرا.
نائب الوزير: هل بدأت الكتابة باللغة العربية أم باللغة الإنجليزية؟
محمد سعيد الريحاني: في المرحلة الثانوية، جربت الكتابة باللغة الفرنسية وفي المرحلة الجامعية جربت الكتابة باللغة الإنجليزية وبعد دخولي مجال التدريس تحولت للكتابة باللغة العربية.
نائب الوزير: هذا فخر لنا أن تكون هنا بيننا!
محمد سعيد الريحاني: لا فخر بما أنجزته أمام ما يحدث لي وما يحاك لي. لا فخر في ذلك ولا أحد يفكر في الأمر...
نائب الوزير: لماذا؟
محمد سعيد الريحاني: للأسباب التي دعوتموني للحوار بشأنها.
نائب الوزير: وما هي هذه الأسباب؟
محمد سعيد الريحاني: أود في البداية التأكيد على أن مشكلتي ليست مشكلة "مهنية" صرفة فلا أحد يشكك في كفاءاتي المهنية. لا الرؤساء ولا المؤطرين ولا التلاميذ ولا آباء التلاميذ...
إن مشكلتي "سياسية" بحتة تتحكم فيها "المصلحة" وينخرط فيها "المخزن" باسمه الواضح و"المجتمع السياسي" أحزابا ونقابات، ما دامت النقابات منذ ميلادها قبيل الاستقلال "توابع حزبية طيعة".
لقد بدأت مشكلتي مع "تفجيرات 16 ماي 2003 بالدار البيضاء" حيث نشرت مقالا في الموضوع عنوانه "من ثقافة الحياة إلى ثقافة الموت". ثلاثة أشهر بعد نشر المقال، تعرضت ل"أول اعتداء في حياتي" في أهم شوارع مدينتي وتحت الأنوار الساطعة، بل، حتى بعد مرور ست سنوات على الواقعة، لم أتوصل من الشرطة لحد الساعة بأي جواب في الموضوع، لا بالسلب ولا بالإيجاب. وبعد هذا الاعتداء، بدأت تنتهك حرمة بيتي في غيابي. لكن بعد قراري إخراج أزمتي للعموم عبر الإعلام الورقي والإلكتروني، اتخدت الامور سبيلا جديدا وهو "معاقبتي في مهنتي" وكانت أول أشكال العقاب مع "أول" مباراة مهنية شاركت فيها للترقي و"آخرها" في حياتي المهنية على الإطلاق يوم 18 دجنبر عام 2003.
مباشرة بعد إعلان نتائج هذه المباراة، بدأت أصدر بشكل سنوي "بيانات أكتوبر السنوية" الخاصة بالتلاعب بالامتحانات المهنية في المغرب والتي استمرت من أكتوبر 2004 إلى أكتوبر 2009، موعد صدور الكتاب الذي جُمّعَتْ بين دفتيه كل البيانات الصادرة بين الغايتين. لكن مع بداية إصداري لهذه "البيانات الأكتوبر السنوية"، انسحب "المخزن" للخلف وسلط علي "المخازنية" الذين يسمون تجاوزا ب"المجتمع السياسي" من أحزاب ونقابات وغيرها من التوابع. فقد كان التحول البارز عام 2004 هو قبول "المجتمع السياسي" النيابة عن "المخزن" في عقابي من خلال رسائل التهديد وصك الإشاعات وإفشاء الأسرار الشخصية والمهنية والمضايقات... لكن التحول الأبرز في الأزمة كان هو دخول "إدارات" القطاع الذي أشتغل فيه لتنوب عن "المجتمع السياسي" وعن "المخزن" في عقابي داخل مهنتي.
وقد تدرجت هذه الأزمة عبر ثلاث مستويات: على الصعيد الوزاري وعلى الصعيد النيابي وعلى الصعيد المؤسسي المحلي. فعلى الصعيد الوزاري، كنت "أُرَسّبُ" بشكل "تعسفي" في الامتحانات القليلة التي سُمِحَ لي بحضورها.
وعلى الصعيد النيابي، وصل الأمر إلى عرقلة "كل" ترشيحاتي لمباريات العمل بالخارج ومباريات التفتيش...
أما على الصعيد المؤسسي المحلي، فقد بلغ الأمر هذه السنة حد رفض مراسلاتي الإدارية وحرماني من الاطلاع على المذكرات الوزارية والنيابية وغيرها...
نائب الوزير: لنبدأ ب"المستوى الأول"، المستوى الوزاري. ما هو شكل العقاب الذي تمارسه عليك وزارة التربية الوطنية والبحث العلمي والتعليم العالي؟
محمد سعيد الريحاني: على المستوى الوزاري، أنا نادم ندما عظيما على عدم مطالبتي بالاطلاع على أوراق امتحاني في مباراة 2003 لتصديقي لأقوال القائلين بأن الأوراق اتلفت خاصة وأن النتائج ظهرت بعد حوالي سنة عن مرور الامتحان. ولكنني سأفعل شيئا في هذا الاتجاه وسأثبت لمن لا زال يشكك في الأمر بأن "الوزارة لا تصحح أوراق الامتحانات" وأن "المنجحين يتم انتدابهم" وان "النتائج تعلن ضدا على أنف المتبارين وضدا على أنف التنافسية والتباري" والدلالات الأخرى للامتحانات والمباريات في ثقافات شعوب العالم...
نائب الوزير (مبتسما): إذن ليست لديك الآن دلائل على أن أوراق الامتحانات لا تُصحح.
محمد سعيد الريحاني: الأدلة قاطعة لكن وثائق الإثبات سأعمل جاهدا على توفيرها "قريبا جدا".
نائب الوزير: في انتظار ذلك، لننتقل إلى "المستوى الثاني"، المستوى النيابي. ما هو شكل العقاب الذي تمارسه عليك نيابة وزارة التربية الوطنية والبحث العلمي والتعليم العالي بإقليم العرائش؟
محمد سعيد الريحاني: على المستوى النيابي، تعرضت لثلاثة أشكال من العقاب. الشكل الأول، أهم تجلياته هو حرماني لمدة سبع سنوات من التفتيش (2002-2009) لإضعاف حظوظي في الترقي. والشكل الثاني، أهم مظاهره إخفاء تقرير تفتيشي (الذي تحقق آخيرا في 2009) عني لمدة تناهز خمسة أشهر في رهان على تفويت فرصة الترشح للترقية بالاختيار. فلم أحصل على تقرير التفتيش إلا في آخر يوم لإيداع ملفات الترشيح الذي وافق يوم الجمعة 23 أكتوبر 2009 بعد رحلتين إلى نيابتكم ل"التفتيش" عن تقرير التفتيش بين المكاتب والأقسام. والشكل الثالث، يكمن في إقصاء ملف ترشحي لمباراة تدريس أبناء الجالية المغربية بالخارج حتى عندما أكون أنا "المرشح الوحيد"!...
نائب الوزير: لنبدأ بالتفتيش!
محمد سعيد الريحاني: لمدة سبع سنوات، 2002-2009، لم يزرني مفتش واحد!
نائب الوزير: هذا عندي مبرر له.
محمد سعيد الريحاني: وما هو هذا المبرر؟
نائب الوزير: لدينا في الإقليم خصاص كبير في هيأة التأطير التربوي.
محمد سعيد الريحاني: ولكن لمدة "سبع سنوات"؟
نائب الوزير: نعم وهنا قرب إدارتي في المؤسسة المجاورة أستاذ لم يزره مفتش منذ عشر سنوات؟
الحضور (يومئون برؤوسهم تأكيدا وتأييدا)
محمد سعيد الريحاني: كمسؤول، هل ترى الأمر عاديا؟
نائب الوزير: يكون الأمر غير عادي عندما تكون الظروف متوفرة لهيأة التأطير. أما عندما لا تتوفر الظروف المناسبة، فالأمر عادي. كما أنه كان بإمكانك أن تراسلني في الأمروآنذاك سأبعث لك بمفتش.
محمد سعيد الريحاني: ولكن جميع زملائي في المؤسسة يستفيدون من التفتيش في حينه دون طلب أو انتظار. أين مبرر الخصاص في هيأة التأطير التربوي في أزمتي الإدارية التي يبقى التفتيش مجرد جزء يسير منها؟ أم أن المقصود هو أن أتحمل لوحدي الخصاص؟
هناك أمور أخرى غير مبرر "الخصاص في هيأة التأطير" لعبت دورها في الضغط على المفتشين كي لا أستفيد من نقطة التفتيش التي لها دور في رفع الحظوظ في الترقي بالاختيار. وقد كان مفتش السنة الماضية "شجاعا" عندما "تحدى" الضغط الذي مورس على من سبقه من المفتشين المتعاقبين على دائرتي وقدم لزيارتي في مقر عملي بتاريخ 26 ماي 2009 وحرر تقريره الذي أودعه المكاتب النيابية بالإقليم بتاريخ 7 يونيو 2009 . ولكن مباشرة بعدما علمت "لوبيات الضغط" بالأمر، عمدت إلى "عرقلة" توصلي بالتقرير في التاريخ الذي يسمح بالترشح للترقي. وقد شاركت نيابتكم "مشاركة فعلية" في ذلك.
نائب الوزير: من قال لك بأن المفتش أرسل التقرير إلى النيابة بتاريخ 7 يونيو 2009؟
محمد سعيد الريحاني: لقد اعتقدت في البداية، بعد انتظار دام خمسة أشهر، بأن المفتش لم يرسل التقرير إلى النيابة وسألته في الموضوع فعبر لي عن دهشته من الأمر كونُه أرسل التقرير لكم بتاريخ 7 يونيو 2009!
رئيس قسم الحياة المدرسية (متدخلا لأول مرة): المُهِمّ، أن تقرير تفتيشك وصلك في حينه. أليس كذلك؟
محمد سعيد الريحاني: أبداُ. لم يصلني في حينه ولم أتوصل به بالطريقة التي يتوصل بها سائر الناس من الموظفين بالمغرب. لقد لجأنا، أنا والمدير، "مرتين" للبحث في أقسام هذه النيابة والتفتيش في دواليبها عن تقرير التفتيش تحت ضغط نهاية الآجال المحددة للمشاركة في الترقية. وكم كانت مفاجأة السيد مدير المؤسسة التي أشتغل بها عظيمة عندما وجد التقرير في "آخر يوم" من عمر إيذاع ملفات الترشيح، يوم الجمعة 23 أكتوبر 2009، ولكنه وجده ضمن "المرجوعات". والسيد مدير المؤسسة حاضر معنا الآن إذا أردت تأكيدا أو توضيحا في الأمر. إنه شاهد على صحة ما أقوله.
رئيس قسم الحياة المدرسية (لمدير المؤسسة): لقد أرسلته لك عبر البريد فلم تأخذه ف"رجع".
مدير المؤسسة (جازما): لا. لم أتوصل به قطعا ودفتر الواردات عندي خير شاهد على صحة ما أقوله.
رئيس قسم الحياة المدرسية (متعجبا): هذه صدفة غريبة!
محمد سعيد الريحاني (مقاطعا): مثل هذه "الصدف" لم تكن تحدث لي بهذه "الكثافة" قبل دخولي تجربة إعلان مواقفي من ضرورة إصلاح الإدارة في قطاع التربية الوطنية المغربية. مثل هذه "الصدف" لم تكن تحدث لي بهذه "الكثافة" قبل دخولي تجربة إصدار البيانات التي كانت السبب الأكبر في انطلاق هذه "الصدف" ووقوعها لي بشكل "حصري".
نائب الوزير: هي مجرد "صدفة".
محمد سعيد الريحاني: السيد نائب الوزير، "الصدفة" كانت قبل قليل مع حادثة أولى سقناها لتداولها وهي الآن تتكرر مع الحالة الراهنة وستتكرر مع الحالة التي سأطرحها بعد حين. ألا يوجد ثمة منهج للتفسير غير "الصدفة" و"الصدف"؟
هذه إدارة. والإدارة لا تترك مجالا ل"الصدفة" و"الصدف" في تدبيرها لسير الأمور بالقطاع. ولا ينبغي لها ذلك.
رئيس قسم الحياة المدرسية (مرة أخرى لمدير المؤسسة): هل كتبت لك تاريخ توصلك بالتقرير بينما أنت لم تتوصل به أصلا؟
مدير المؤسسة: نعم.
رئيس قسم الحياة المدرسية (يستأذن نائب الوزير ويخرج من القاعة)
نائب الوزير(للريحاني): أنا أعرف بأنك أيضا ستكتب تقريرا عن هذه الجلسة وتنشره ورقيا وإلكترونيا وهذا من حقك. أنا فقط أردت، من خلال هذه الجلسة، أن أثبت لك بأنني جاد في ما أقوله وإلا فما جدوى عقد لقاء معك بحضور رؤساء الأقسام بالنيابة الذين قد يصبحوا شهودا ضدي؟...
محمد سعيد الريحاني (لا يجيب)
نائب الوزير: ولكنني صادق في ما أقوله.
محمد سعيد الريحاني: أرى ذلك واضحا. وفوق ذلك، فأنت تشبهني على الأقل فيزيولوجيا.
نائب الوزير: أنا الذي أشبهك أم أنت الذي تشبهني؟
محمد سعيد الريحاني: لنقل بأننا نتشابه!
الحضور (يضحكون)
نائب الوزير: ما يحدث لك مجرد "صدف" ليس إلا.
محمد سعيد الريحاني: لا يمكن ان تكون "صدفا". فكلما أظهرت لكم "أزمة" من الأزمات التسع والتسعين، تقولون لي بأن هذا عادي وأنه حدث لشخص آخر وأن ذاك حدث أيضا لثان وأن ذلك حدث كذلك لثالث... ولكنك لا تقول بأن "كل ذلك حدث لشخص واحد". وحده "محمد سعيد الريحاني" حدث له "كل" ذلك. وحده!
الحضور (يصمت)
نائب الوزير: مجرد "ضربة حظ"...
محمد سعيد الريحاني: "الحظ" قد يكون هنا (واضعا أصبعه على مكتب النائب) وآنذاك يمكننا تقبله. ولكنه تكرر هنا وهناك وهنالك و"مع موظف واحد دون غيره"!
نائب الوزير: هذا حدث ويحدث...
محمد سعيد الريحاني: نعم، قد يحدث هذا لموظف واحد هنا وقد يحدث ذاك لموظف ثان هناك وقد يحدث ذلك لموظف ثالث هنالك... أما أن يحدث هذا وذلك وذاك ل"موظف واحد" في كل نيابات وزارة التعليم بالمغرب عبر كل العصورالتاريخية، فهذا ما ليس بالصدفة وما ليس بالعادي. وهذا الموظف الذي يحدث له كل هذا هو "محمد سعيد الريحاني".
الحضور (يضحكون)
رئيس قسم الحياة المدرسية (يعود إلى القاعة)
نائب الوزير (للريحاني): كم عمرك؟
محمد سعيد الريحاني: أعتقد بأن لنا نفس السن. انا من مواليد 23 دجنبر 1968
نائب الوزير: أنت إذن لست من عمري. أنت تكبرني بثلاث سنوات.
محمد سعيد الريحاني: ثلاث سنوات ليست عمرا يُبَاهى به ولا تجربة تظهر نُضْجا. الثلاث سنوات التي سبقتك بها قضيتها فقط "أحبو" على يدي ورجلي!
الحضور (يضحكون)
نائب الوزير (للريحاني): السي الريحاني، لقد اخترت طريقا صعْباً.
محمد سعيد الريحاني: أولا، هذا ليس "طريقي". وثانيا، أنا لم أختره. إنه مجرّد "حِمْلٌ" فُِرضَ عَلَيّ وصار يعيق طيراني. تماما كالطاوورس الذي يمنعه ذيله من الطيران.
نائب الوزير: مثالك ينطبق علىالطاووس الذكر فقط أما أنثى الطاووس فذيلها أقصر وبإمكانها الطيران.
الحضور (يضحكون)
نائب الوزير: لنعد إلى احتجاجك على نتائج الامتحانات المهنية. هل للامر علاقة ب"عدم نجاحك فيها"؟
مدير المؤسسة (موضّحا): هو لا يشارك في المباريات المهنية منذ 2003 تاريخ مشاركته الأولى والأخيرة.
نائب الوزير (متعجبا): ولم لا تشارك؟
محمد سعيد الريحاني: لقد كتبت جوابا على هذا السؤال كتابا كاملا عنوانه "تاريخ التلاعب بالامتحانات المهنية في المغرب". ورغم ذلك، جوابا على سؤالك، فأنا لا أرى في هذه المباريات والامتحانت المهنية لمرحلة "التناوب والتوافق"، "رسوبا" أو "نجاحا" وإنما "ترسيبا" و"تنجيحا". فليست التنافسية هي المقرر والمحدد والسيف الفصل في تحديد لائحة النجاح كما قد يعتقد البعيدون عن سير الأمور في مغرب ما بعد 1998. إنّ أسماء "المنجحين" تحدد "سلفا" ويتم "التمويه" عليها بإعلان المباراة "لعموم" المتبارين، "كما تقتضي ذلك الديموقراطية الإدارية".
"مباريات الترقية في قطاع التعليم بالمغرب" خط أحمر علي ولا يحق لي المشاركة في "تمثيلية لا يرضى بها كل ذي نفس كريمة". وقد قلت ما قلته خلال السبع سنوات الماضية وجمعته في الكتاب المذكور، كتاب "تاريخ التلاعب بالامتحانات المهنية في المغرب".
نائب الوزير: ولكنك تحرم نفسك من الترقية بهذه الطريقة!
محمد سعيد الريحاني: موقفي هو عدم المساهمة في تأثيث مسرحية إدارية من خلال لعب دور الكومبارس المجاني. هذا هو موقفي والباقي لا يهمني...
نائب الوزير (بعد صمت): سبق لك أن راسلتني في موضوع عدم توصلك باستدعاء اجتياز مباراة التدريس بالخارج وأذكر بأنني أجبتك. أليس كذلك؟
محمد سعيد الريحاني: نعم.
نائب الوزير: لقد كانت لي الشجاعة أن أجيبك موقّعاً الرسالة باسمي وخاتِماً إياها بطابعي.
محمد سعيد الريحاني: شجاعتك تسجل لك وأنا أحييك على ذلك ولو أن الإدارة مطالبة دائما بأن تكون "شجاعة" إلا أنني لم أجد جوابك المضمن في الرسالة مقنعاً على الإطلاق. فإذا كان ملفي ناقصا، كما ترى إدارتكم، فقد كان من الأجدى إرجاعه لي في حينه ما دام التراسل جار عن طريق البريد المحمول الذي هو "مدير المؤسسة" والذي كان حاضر داخل قسم شؤون الموظفين بالنيابة.
رئيس قسم الحياة المدرسية (مقاطعا): هناك مذكرة وزارية تنص على أن أي ملف ناقص يجب أن يلغى.
محمد سعيد الريحاني: هذا صحيح إذا قامت النيابة بواجبها وعممت "المذكرة الخاصة بالمباراة" التي لم أتوصل بها لحد الساعة بعد مرور ثمانية أشهر على خروجها من مكتب وزير التعليم بالرباط. فقد حملت المذكرة من الإنترنت بمجهود ذاتي وأعددت الوثائق وارسلتها لكم مُجَمّعةً في ملف وداخل الآجال المحددة فقط لتطبقوا فيها حكم "الإلغاء" بموجب المذكرة التي وجدتم صعوبة بالغة حتى في تذكر رقمها وتاريخها!
مقرر الجلسة: ألغينا ملفك لأنك لم توقع على بيان الخدمات ضمن مواد ملفك؟
محمد سعيد الريحاني: أنا ما أتعجب له هو أن المراسلات البريدية العادية حين تخطئ هدفها تعود إلى أصحابها، والمراسلات الإلكترونية حين تخطئ أهدافها ترسل فيدباك لإشعار المرسل بالأمر، والهاتف حين يصادف خطا مشغولا أو غير مشغل فهو يصدر رنينا إنذاريا ... بينما في إدارتكم التي يفترض فيها الصرامة والحزم، وعبْر أعلى درجات التراسل الذي هو البريد المحمول، تتسلم ملفات الترشيح وحين تراه ناقصا لا ترجعه للمدير "الواقف" امامها بل تلقي به في سلة النفايات!
وفي هذا الموضوع، لدي اعتراضان.
يتبع