كسر الأقفال وفك الأغلال






كنت متوجها إلى بيتي
بعد يوم عمل شاق
أحلم بالساعة التي أصل فيها بيتي
لأريح جسدا قد تجاذبه التعب من كل جانب
وأخذ منه الجهد كل مأخذ
دخلت إلى بيتي
توجهت إلى غرفة نومي



ولكن ماذا أرى !!!!!!!!



من هذا الرجل ؟؟!!
من هؤلاء الجنود ؟؟!!
لقد وجدت رجلا واقفا على باب غرفتي التي آوي إليها
إنه رجل دميم الخلقة
ضخم الجثة
نتن الرائحة



قلت له : من أنت ؟؟؟
من هؤلاء ؟؟؟؟
كيف استحللتم حرمة بيتي



هممت بالدخول إلى غرفتي التي آوي إليها
وإذ بالغبار يغطي جدرانها
والأوساخ تحيط بها من كل جانب
قلت: ويلكم هذا ظاهر الغرفة كما أرى
فأي جرم فعلته أنت وجنودك في باطنها !!!
وإذ بقفل كبير قد أوصد به باب الغرفة



قلت له ما هذا القفل ؟؟؟



قال: دونك البيت تمتع به كما تشاء
أما هذه الغرفة فلي أنا وجنودي




قلت له: ويحك أنا لا آوي إلا إلى هذه الغرفة
خَلِّي بيني وبينها واخرجوا من بيتي



قال : هيهات هيهات
لا نترك بيتك حتى يهدم
رأيناك غفلت عن بيتك فاستحللناه
وأنزلنا به متاعنا



فما كان منه إلا أن أمر جنوده
فكبلوني بالسلاسل
حتى أثقلتني إلى الأرض
شَعرتُ عندها بذلِّ الأسر
ومرارة الظلم
وقهر الرجال







وليت هذا فحسب



قد انهالوا على جسدي الضعيف
ضربا بأيديهم
وركلاً بأرجلهم
حتى سالت مني الدماء
وخَرَّت قواي



وسقطت مغشياً عليّ




انتبهتُ من غيبوبتي بعد زمن طويل
وكأني أرى الموت أمامي رأي العين



عندها



تذكرتُ غَدَرَاتي و فَجَرَاتِي
تذكرتُ ذنوبي
تذكرتُ تفريطي في جنبِّ الله
عَلمتُ أنَّ هؤلاء تسلطوا على بيتي بسبب ذنوبي
توجهتُ إلى ربي ليكشف عني البلاء



وأدعوه خوفا وطمعا



اللهم إني استغفرك وأتوب إليك فَفَرِج عني ما أنا فيه
اللهم إني استغفرك وأتوب إليك فَفَرِج عني ما أنا فيه
اللهم إني استغفرك وأتوب إليك فَفَرِج عني ما أنا فيه



ماذا أرى !!!!
لقد تحطمت السلاسل التي أثقلتني !!!
أين الجنود الظلمة ؟؟
مالي لا أراهم !!!




أين الغبار والأوساخ التي كانت تلبد جدار غرفتي
إنها بيضاء كالثلج !!!!
نظرت إلى بابِ غرفتي





وإذ بقفل الباب قد كُسِر



فصحتُ بأعلى صوتي كالمجنون



كُسِر قفل الباب ... كُسِر قفل الباب... كُسِر قفل الباب



قمتُ وقدماي ترتعشان
والدموعُ تهطلُ من عيني
ودخلتُ غرفتي الحبيبة
دخلتها والشوق يمزق فؤادي
والله لكأني أدخلها أولَّ مرَّة
لقد تباعدت جدران غرفتي
فأصبحت فسيحة
أولم أكن أراها من قبل ضيقه ؟؟
ريحٌ طيبة غمرتني بمجرد أن دخلت




من أين أتت



إنها من تلك الشجرة التي في وسط الغرفة
ما أزكى رائحة الشجرة
وما ألذ ثمرها








هذه قصة رمزية كتبتها بمداد من قلبي لتصل إلى شغاف قلوبكم فتنبت شجرة إيمانية أصلها ثابت وفرعها في السماء ، تؤتي ثمرا طيب الرائحة لذيذ الطعم
لو يعلم الملوك وأبناء الملك بطعم هذا الثمر لجالدونا عليه ولو بالسيوف



إليكم بعض رموز القصة



البيت: هو الجسد ، وقد شُغِلنَا به كثيرا فلم نعد نفكر إلا في متعه وراحته .



غرفة نومي : هي قلبي الذي آوي إليه وأستريح فيه .



الرجل الذي يقف على باب الغرفة : هو إبليس أعاذنا الله وإياكم منه .



الجنود : هم ذرية إبليس وجنوده .



الغبار والأوساخ : الغبار هو غبار الغفلة والأوساخ هي الران الذي يجتمع على القلوب بسبب المعاصي .



هدم البيت : هو الموت .



السلاسل : هي المعوقات التي يضعها الشيطان أمامنا ليبعدنا عن الطاعات ويحول بيننا وبين ما يقربنا إلى ربنا سبحانه وتعالى .



قفل الباب : هو ذلك القفل الذي يجعله الشيطان على قلوبنا
فلا تنفعه آية ولا تدخل إليه موعظة.




{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } سورة محمد: آية 24



إن الشيطان يسعى ليستحل حرمة أجسادنا
فلا يترك لنا سمعا ولا بصرا ولا جارحة
إلا وضع عليها من حرسه وجنوده
لقد حال الشيطان بيننا وبين قلوبنا
فأصبحت كأضيق من ثُقب إبرة
وأصبحنا نشعر بالضنك



ألا فابتدر معول التوبة



لتكسر به قفل قلبك



والله لن تندم



ستجد قلباً غير القلب الذي عرفت
إن لأهل التوبة قلوبا أصفى من الزجاج
ستجد فسحة في صدرك لم تعهدها من قبل
ستشم بأنفك راحة شجرة الإيمان الزكية
وستأكل من ثمرها اللذيذ




{ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا } الفرقان: 68 - 71

منقووووول