Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968

Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
قراءة في عشر قصص قصيرة جداً للقاصة المغربية مالكة عسال

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: قراءة في عشر قصص قصيرة جداً للقاصة المغربية مالكة عسال

  1. #1
    أديب وناقد
    عضو القيادة الجماعية
    الصورة الرمزية مسلك ميمون
    تاريخ التسجيل
    27/08/2007
    المشاركات
    796
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي قراءة في عشر قصص قصيرة جداً للقاصة المغربية مالكة عسال

    "قراءة في عشر قصص قصيرة جدً للقاصّةالمغربية
    مالكـــــــــــة عسّـــــــــــال''


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    القاصة مالكة عسال



    د مسلك ميمون



    مالكة عسال من مواليد13/6/54 بمدينة ابن أحمد إقليم سطات.
    قاصة وشاعرة لها مساهمات في أغنية ومسرح الطفل . وهاوية الرسم الكاريكاتوري
    كاتبة عامة لبيت الأدب المغربي ، عضوة بجمعية إيطو النسائية
    ومشرفة على ركن الشعر باتحاد كتاب الانترنيت .
    ومشرفة على ركن الشعر بمنتدى مجلة أقلام الأدبية .
    سفيرة منتديات "واتا الحضارية": الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين
    وعضوة بالعديد من المنتديات والمواقع والمجلات والصحف الإلكترونية

    ***
    عُمْر الكتابة وجيز جدا
    البداية كانت سنة 2003
    كل كتاباتها تنصب في البعد الإنساني، وهموم الشعوب ضحايا الحروب كتبت عن المرأة، والطفل، والشهيد، وإنسان الأرصفة والشوارع ، ممن طالهم الإقصاء الاجتماعي .
    لها تلاثة إصدارت
    1 ـ دمعــــــة :
    ديوان شعرفي مارس2005 عن دار القرويين للنشر بالدار البيضاء ..لقي ترحيبا واسعا من طرف النقاد على الصعيدين المغربي
    2 ـ فراد يس منفلتة :
    مجموعة قصصية في شتنبر2005 عن دار سعد الوارزازي بمدينة الرباط،
    3 ـ وشم الأمس على الأضرحة:
    ديوان شعر فبراير 2007 عن دار النشر تلال بمدينة المحمدية مازال بحوزة الشاعرة لم يوزع بعد

    ***
    حصلت على عدة جوائز:
    -جائزة أغنية الطفل يونيو 2002من نيابة وزارة التربية الوطنية والتعليم
    -جائزة لقاء شعري25مارس 2004
    -جائزة مسرح الطفل يونيو2005 من نفس النيابة السابقة
    -تكريم بمدينة المحمدية من طرف جمعية "شراع "بمشاركة جماعة المنصورية غشت 2006
    -تكريم من طرف إذاعة أف-أم مع المذيع البقالي محمد ،في مارس 2006
    - تكريم من طرف مدينة ابن أحمد في ماي 2008
    -تكريم من طرف الجمعية للمترجمين واللغويين والمبدعين العرب
    برسم سنة 2008
    -حاصلة على مايقرب من ثلاثين شهادة مشاركة وتقدير.



    ***

    الكتابة القصصية عند مالكة العسال تمتح من صور الواقع و خيال اللا واقع : الواقع و ما يفرضه من ثقل و عبء و معاناة ، و ممارسة و تجارب ، ورؤى و أفكار ، و طموح و رغبات ..و اللا واقع و ما يرسمه من أبعاد فكرية خيالية، و تجليات فلسفية طوباوية ، و مرام فنطاستيكية ، و آمال مغيبة ، و أحلام مترعة بالنّضال والحبّ و عشق الحياة ...فهي إذا تميل إلى المذهب السريالي Surréalisme في التّعبير القصصي .. في اعتمادها لغة الحلم و الأخيلة ، و الكتابة التلقائية الصّادرة عن اللاوعي.. إنّ المزاوجة بين الواقع و اللا واقع ميزت كتابة مالكة العسّال . ومنحتها بعداً فنيا مزدوج الرؤية ، عميق الدّلالة ...في تحديد تناقضات العصر الحاضر .

    ***

    (1) قنبلة فسفورية

    تجاوز الأجواء الشاهقة ،وسدد قنبلته الفسفورية نحو فراخ زغب ،
    يمدون كفوفهم لقطف عبير الحياة ...التفتَ ...فوجد ذات الفراخ تتناسل بلا حدود ..تُلَوح للطائرة وتبتسم ...فسقط جثة مفحمة ...


    ***

    ''قنبلة فسفورية '' تعكس الواقع و اللا واقع . الواقع بما هو كائن ،لقد تعمد الصهاينة على استعمال الأسلحة الفتاكة اللا قانونية و المحظورة دولياً, و ما حدث في حرب غزّة هاشم، منذ سنة يثبت أنّ المواطنين الأبرياء قصفوا بقنابلة فسفورية، و لم تنج من ذلك حتّى مدارس و منشآت الأمم المتحدة رغم علمها المرفرف . فقط لأنّ المواطنين احتموا بها فكان عدد الضّحايا يفوق الألف و أربعمائة ،عدا المعطوبين و الجرحى و أغلبهم من النّساء و الأطفال و الشيوخ . هذا هو الواقع المرير الذي ـ مع الأسف ـ باركته دول عربية بالصّمت تارة، وبالدعم تارة أخرى بغية القضاء على المقاومة الإسلامية( حماس) و ترك الزعامة للعلمانيين الذين يتفاوضون عن القضية لصالح مطامح إسرائيل.و الولايات المتحدة الأمريكية .
    أمّا التّعبير الفنّي القصصي، فجاء في صورة غرائبية exotique : من علو شاهق تسدّد الطائرة المغيرة قنبلتها الفسفورية نحو( فراخ ) أطفال صغار.يعانقون الحياة بشغف و آمال ..يعاود الطيار الكرة و قد آمن بالقضاء المبرم على ضحاياه الصغار . و لكن فوجئ بهم قد تكاثروا بشكل مريب و كأنّ لا أحد مات ولا أحد جرح ...وأكثر من هذا يلوحون له بأيديهم الصغيرة و وجوههم باسمة ....فما كان من الطيار إلا أن سقط جثة متفحمة .
    إذن نحن أمام صورة سريالية. لا يمكن فهمها بالمنطق العقلي المجرد . و لكن يمكن تأويلها إلى مظانها الأساسية ...و ذلك بالعودة إلى رموزها ، و الوقوف عند دلالتها :
    1 ـ ( القنبلة الفسفورية ) رمز للبطش الصهيوني الذي تحدى كلّ القوانين الدولية بل أصبح فوق القانون لإحساسه بالدّعم اللا مشروط و بخاصة من راعية الإرهاب الولايات المتحدة الأمريكية. و بريطانيا العظمى و من والاهما من الدول الغربية . التي لا يهمها من الإنسان إلا تحقيق مصالحها .
    2 ـ (فراخ زغب) و المراد بذك الأطفال الصغار و هي إحالة عن قول الحطيئة لعمر بن الخطاب و هو يستعطفه بعد أن سجنه:
    مـاذا تـقول لأفـراخ بـذي مـرح *** زغب الحواصل لا ماء و لا شجر
    غـادرت كاسبهم في قـعـر مظلمة *** فـارحم هداك مليك الناس يا عمر
    3 ـ ( يمدون كفوفهم لقطف عبير الحياة ) كناية عن ،و التكاثر لضمان الاستمرار.
    5 ـ ( تلوح للطائرة و تبتسم) تصوير لبراءة الطفولة الخالية من الحقد و الضغائن . في وجه المتغطرس بسلاحه و جبروته .. أو تحد طفولي لقاذفة الموت و الدمار ...
    6 ـ (...فسقط جثّة مفحمة ...) و ذاك وجه من وجوه رغبتهم في الحياة . و تفتقهم على الآمال و الأحلام ككل أطفال الدنيا ..
    4 ـ (ذات الفراخ تتناسل بلا حدود ) تلميح فني أن القهر والظلم لا يبيد الشعوب بل يكسبها رغبة في الحياة.و سعيا نحو التواجد و حب البقاء نهاية المستبدين و الطغاة .
    من هذا التّشكل _الذي سنلاحظه في الذي سيأتي أيضا _ نستطيع الوقوف أمام لوحة سردية سريالية . حقا فوق الواقع وترسيمته .ولكنّها تعمّق الإحساس بالواقع .

    ***

    (2) لعبة أرقام

    أخذ إسرائليان يضغطان على ثقل الوقت، بلعبة حك الأرقام المسلية ،
    قال الأول للثاني :
    - لقد انتصرنا ،حُكّ هذه البطاقة لتتأكد من رقم الحظ السعيد ،
    حك الثاني البطاقة ،فوجدَه رقم قبره ..


    ( لعبة أرقام ) قد تكون قصيرة ، و معدودة الكلمات ، و لكنها كالإبرة واخزة . و كالصفعة مؤلمة ..طالما يمضي جند الاحتلال وقت الحراسة في اللّهو و التّسلية في مرحلة اللا حرب و اللا سلم . و ما أطول وقت الانتظار ..لهذا انهمك جنديان اسرائيليان في تجزية الوقت بحك بطاقات تحمل أرقاماً . فقال الأول فارحاً : لقد انتصرنا ...و هذا لا ينكر فلقد خاضت إسرائيل حروباً و حقّقت انتصارات في زمن الخيبة العربية . حتى جعلت من جيشها الجيش الذي لا يقهر .
    فطلب الأول من الثاني ليحك بطاقته ليتأكد من استمرار النصر . و لكن بعد حك البطاقة وجد رقم قبره. كناية على أنّ زمن الانتصارات الإسرائيلية ولى وانتهى. و لم يعد أمامهم إلا الهزائم و هذا ما نراه منذ حرب أكتوبر 1973 ، إلى الجلاء من جنوب لبنان إلى الحرب ضد حزب الله إلى حرب غزة ..رغم كلّ البطش و الدّمار لم تستطع إسرائيل تحقيق الانتصار .. لهذا جاء رقم الحظ ، رقم قبر.
    قصة لطيفة و معبرة . فقط همسة :
    (أخذ إسرائيليان يضغطان على ثقل الوقت، ) يبدو أن كلمة يضغطان غير مناسبة . فماذا لو استبدلت ب ( يتحايلان ) من التحايل ، قصد تجزية الوقت ، الذي طال و استطال .

    ***


    (3) قتله ولم يمت

    قتل جندي إسرائيلي صبيا ،ثم وضع رجله على جمجمته وقال :
    - عليك اللعنة يا صعلوك ...
    حدّق الصبي في محياه ورد :
    - عليك اللعنة أنت ،وعلى أبيك وأمك معا ،
    زاد غيظ الجندي ،ففقأ عيني الصبي ،وأعاد نفس العبارة ،
    فرد الصبي بنفس الطريقة ،وهو يلقى عليه حجرا ،
    اشتد الحنق أكثر ،فكسر ساعديه مع الشتم ...
    أخذت جثة الصبي تتحلل ...قام من مكانه في اتجاه الجندي ،بزق على وجهه ورد عليه نفس الشتيمة ..فرمى الجندي السلاح وفر هاربا ..التقطه الصبي وتبعه راكضا ..



    (قتله و لم يمت ) قصة قصيرة جداً ،تعود بنا للصّبغة السّريالية ، التي تبدو لصيقة بتعبير القاصّة مالكة العسال . فهي لا تبتعد عنها إلا لتعود إليها. و كأنّها وجدت ـ في التّعبير الخيالي ، و نزعة الأحلام و ما يمت لما فوق الواقع ، أو ما بعده ـ متعة في التّعبير عن الواقع المعيش ...
    و يتجلى ذلك في هذا النص وإصرار الطفل (الرّمز) على البقاء و الاستمرار ، رغم كلّ ما فعلت الآلية العسكرية الصّهيونية : قتل وتشويه و إهانة و تكسير العظام و إهمال للجثث لدرجة التحلّل .. و مع ذلك تنتفض الجثّة المحلّلة و تطارد قاتلها (فرمى الجندي السّلاح وفر هارباً..التقطه الصّبي وتبعه راكضاً ..) أنّى لنا أن نرى هذا إلا في الأحلام . و كذلك السّريالية تستقي تعبيرها من الخيال ،و اللاوعي، والأحلام .. في سبيل التّعبير عن الواقع. واقع الظلم البشع المسكوت عنه من جهة . والمقاومة الباسلة لحد رفض الموت من جهة أخرى، أو النّضال ولو بعد الموت.الشيء الذي جعل الآخر يندهش لمقاومة لا يقضي عليها الموت و كأنّها تتناسل من الموت لنحيا !!
    همسة : النّص على قوته التّعبيرية و لكنلا يخلو من ملاحظات : فحبذا لو هذب قليلا، واستبدلت بعض كلماته مثلا:
    يا صعلوك : تبدو كلمة مقحمة . محياه : تعني وجهه ،و لكن غالبا ما تستعمل في المواقف الطيبة و الحميمية.و هنا موقف شدة وغلظة فلو استعمل ( وجهه أو سحنته) و أقترح ؛ مادام جثة الطفل تحللت فلماذا لا تستمر القصة مع الجثة فتكون الخاتمة كالتالي : (أخذت جثة الصبي تتحلل ...ثم انتفضت من مكانها في اتجاه الجندي ، بزقت على وجهه وردت عليه نفس الشتيمة ..فرمى الجندي السّلاح وفرّ هارباً ..التقطته الجثّة وتبعته راكضة ..)
    لا شك أنّ الجثّة في صورتها السّريالية ستعطي أبعاداً من التّأويل و الرّؤى ..و تجعل الوجه الدلالي Sémanique يمتح من الخيال صوره التي تعكس الواقع .


    ***

    (4) بستــــان

    مر صهيوني ببستان كان قد غرسه فلسطيني سابقا ،وتعهده بدمه إلى أن اخضر وازدان،أخذ الصهيوني يدهسه بقوة حتى أتى على البستان بأكمله ،ثم مضى ...عاد في الغد ليتفقده ،فوجده قد أزهر وأينع من جديد ...دهسه ثانية ثم مضى ...فأزهر ثالثة ...فأخذ يرفسه بحركة هستيرية ،وهو يصيح :
    - أممممممممم المسألة في الجذور
    بتاريخ 22/02/2008


    (البستان) قصة أخرى قصيرة جداً، تتكرر الصورة السّابقة في هيئة البستان الذي يأبى إلا العطاء، و الإخضرار و يزهر رغم أيادي البطش التي عثت فساداً في حقول الزيتون بالجرافات والآليات العسكرية ...و هذا يذكرنا بمئات الفلاحين الذين قضوا نحبهم دفاعاً عن حقولهم ،و آلاف الذين عذبوا، و جرحوا، واعتقلوا، و شردوا من أراضيهم ..بل يذكرنا برشيل، الفتاة الأمريكية ،التي جاءت للدّفاع عن الأراضي التي تجرف ظلماً فواجهت جرّافة ، و أبت أن تحد عن مكانها ،و هي تحمل مكبراً للصّوت، و تدعو للتّوقف ، عن جرف أشجار الزيتون. و لكن الجرافة الصهيونية جرفتها بكلّ قسوة .. فالقصّة هنا لا تخلو من سريالية .. بساتين تجرف فتقتلع أشجارها . فتعود فتخضوضر و تزهر من جديد . و قد نقرأ( البستان) قراءة تأويلية فيصبح البستان مصدر العطاء و الاخضرار، رمز المقاومة والإصرار. تلك المقاومة التي أدرك العدو، أنّها مجذرة في تربة الوطن،و لا سبيل لاقتلاعها .


    ***

    (5) مشاعـر

    تحركت مشاعر جندي إسرائيلي ، فهاتف رئيسه أن يوقف الحرب ،لأن أغلب ضحاياها أطفال ، فرد الرئيس بغضب :
    -المهم ليس من بينهم أطفالي ..
    بتاريخ 20/01/2008


    ( مشاعر) نص قصصي قصير جداً ، و رغم كونه بسيطاً: في لغته ،و نسقه ،وتراكيبه. و لكنّه مع ذلك استوقفني كثيراً . لأنّ تحرك مشاعر الجندي الإسرائيلي،الذي ربي على العنف ، و كره الآخر، و الحقد و الضّغينة و منذ الطفولة ... فكلّ هذا يجعل تحرك المشاعر احتمالا بعيداً.. فالجندي الإسرائيلي يرى حياته في قتل الأخر ، الذي يطالبه بحقّه . ذلك الحق الذي يرى الإسرائيلي أنّه حقّ له، اغتصب منذ القديم من أسلافه .و المسألة اختلط فيها ما هو وطني بما هو ديني، و ارتبط هذا بذاك في صورة من الغضب و القسوة التي لا تترك مجالا لتحرك المشاعر الطيبة . و حتّى مع الافتراض الحسن باعتبار أنّ الجيش الإسرائيلي مطعم بالدروز، و هؤلاء لهم تعاطف ما ، مع الفلسطينيين وإن كانوا يخفونه خوفاً من اتهامهم بالخيانة، و ضماناً لمصالحهم ، و بقائهم . فإنّ الصّورة الواضحة للعسكري الإسرائيلي يوضحها جواب الرئيس حين قال بكلّ عجرفة لا إنسانية:(المهم ليس من بينهم أطفالي ..)
    تلك هي الصّورة الحقيقية للعسكرية الإسرائيلية . التي تعلمت و تربت على الحقد منذ نعومة أظافرها.
    و مع ذلك فالنّص ، قصير، وعميق، و معبر ، و يفتح زاوية الرؤية على آفاق أرحب ، و تساؤلات شتى ...
    همسة : حبذا لو غيرت كلمة الحرب بكلمة ( معركة) أو ( هجوم) فالحرب أشمل و تضم مجموعة من المعارك و عمليات الهجوم .

    ***

    (6) رائحة عطنــــة

    تأبط جريدته ودخل إلى المقهى ،طلب كأس قهوة ،وشرع يتصفح المواضيع ،وفجأة شم رائحة عطنة زكمت
    أنفه ،قذف عينيه في كل أرجاء المقهى ،باحثا عن المصدر ،ولما بسطهما على الجريدة ،لمح عنوانا بالبنط العريض :سياستنا رمانة فاسدة .
    بتاريخ 14/06/2009



    ( رائحة عطنة ) قصة قصيرة جداً تنتقل بنا من الوجه السّريالي ، إلى التّهكم و روح السّخرية Ironie، و كم هو جميل أن يتنقل القاص بين أساليب مختلفة ، حسب ما يقتضيه الموضوع ، و ما تمليه ظروف الكتابة ، فالنّص مستملحة هادفة . نقرأ أربعة سطور ونحن و البطل في حيرة من مصدر هذه الرائحة العطنة التي باتت تزكم الأنوف . و في النّهاية ، و كقفلة للقصّة القصيرة جداً نفاجأ و بالبنط العريض كما تفاجأ البطل أنّ (سياستنا رمانة فاسدة) . و لك أن تسأل : ما جدوى رمانة فاسدة ؟ و لك أن تعجب أن تكون سياستنا وفي جميع المجالات و الأصعدة ، شبيهة هذه الرمانة الفاسدة.
    ـ همسة : في (قذف عينيه في كل أرجاء المقهى) يبدو فعل ( قذف ) غير مناسب . و الأحسن : جال . أو طاف ، أو تفحص .

    ***


    (7) تمزق عشقي

    تزوج بالثانية بعدما أنجب من من الأولى5 أبناء ..أخذت الأولى تطلق عليه نسور الحرب ليطلق الثانية ، و أخذت الثانية تملي عليه طقوس الحب لتنفرد به فيطلق الأولى.. فقام و طلق الاثنين .


    (تمزق عشقي) نص قصصي قصير جداً، اجتماعي ،بأسلوب ساخر,يتعرض لقضية تعدّد الزّوجات .فالزّوجة الأولى أمّ الأولاد ( تطلق عليه نسور الحرب ) و الثّانية (تملي عليه طقوس الحبّ لتنفرد به فيطلق الأولى ) و بين حرب الأولى و إملاءات الثّانية عاش صراعاً، وقلقاً، و اضطراباً ...فلم يعد أمامه إلا التّخلص من الزوجتين ، فطلقهما.
    النّص بصيغته و نسقه ، يطرح إشكالا فنياً ، فيما يخص توظيف السّخرية في الفنّ القصصي. إذ السّؤال الذي يثار في ذهن المتلقي : ترى لصالح من كانت مسحة السّخرية ؟ أو من كان مستهدفاً بذلك ؟
    علماً أنّ البطل كان مسؤولا عمّا انتهت إليه القصّة .و مع ذلك اختار أيسر الحلول و أسهلها بالنّسبة له (الطلاق). ولاذ بالفرار غير مبال بالزوجتين المطلقتين و مصيرهما ، و لا بمستقبل خمسة أبناء ، و كيف أصبح مآلهم الضياع والتّشرد .
    همسة : يستحسن كتابة الأعداد خطيا ( خمسة أبناء )

    ***

    (8) حلم مبدع

    ظل يحلم بفرصة الظهور ، على شاشة التلفاز في برنامج أدبي ، يقدم إلى عشاقه بعضا من إبداعاته...وبعد أسبوع ،كانت التلفزة تقدم صورته وسيرته الإبداعية مذيلة بعبارة :"إنا لله وإنا إليه راجعون "



    (حلم مبدع) قصة قصيرة جداً ،عبارة عن حلم لم يتحقق ،و لم يكن بالحلم الكبير، بل كان حلماً صغيراً. ككلّ الأحلام الصغيرة... التي تراود المبدعين و هم يشقون الطريق الصّعب ، فيجدون فيها أنفسهم و إبداعهم و آمالهم ....
    كان يحلم أن يظهر على الشّاشة الصغيرة ( التلفاز) في برنامج أدبي ، فيسمع المعجبين بعضاً من إبداعاته ، و لربّما يعبر عن بعض آرائه في فنّه وفنّ غيره مما هو في السّاحة الثقافية و الأدبية ... حلم صغير،و حلم مشروع، و في الإمكان تحقيقه ... و لكنه - مع ذلك - ظلّ حلماً ليس إلا .
    فلقد ظهر- بعد أسبوع - على الشاشة صورة مبدع،كان و انتهى . و ذُكر سرد لسيرته الإبداعية ، و اختتم كلّ شيء بالآية الكريمة : ( إنا لله و إنا إليه راجعون )
    و كذلك الكبار في الإبداع ، يعطون العطاء الأوفى و لا ينعمون بأحلامهم ، و كأنّ قدرهم يحرمهم سماع إطراء و ثناء هو من حقهم , فلا يحظون بمجد هم صانعوه و مبدعوه ... إلا وهم أموات .
    قصة معبرة مركزة ، تعكس وضع المبدع ، في مكان و زمان لا يحفلان بالإبداع ، و بين أناس يدّعون الأدب و الثقافة ، و يهملون المبدع : أسّ و أساس كلّ ذلك ...

    **

    (9) وهم قاتل

    قام من فراشه متأهبا لعمله ...غير ملابسه ،تناول فطوره ،ثم توجه إلى المرآة ليلقي على سحنته آخر نظرة ..فرأى على رأسه تاجا ،وحوله الخدم ...حين التفت خلفه ،وجد سبعة حلاقيم تنتظر الامتلاء ..
    بتاريخ 14/10/2009



    (وهم قاتل) قصّة تتطرق للقطة يومية من حياة موظف بسيط . يستيقظ متأهباً للعمل ، يغير ملابسه ،يتناول فطوره ، و قبل أن يغادر يتفحّص نفسه في المرآة، فيأخذه الخيال بعيداً....و ما أخصب خيال البسطاء ! وأكثر أمانيهم و أحلامهم ! بل هم لا يعيشون و لا يستمرون إلا بذلك ...فيرى في المرآة تاجاً فوق رأسه : رمز السّلطة و الجاه و الرفعة ....
    و حوله خدم : رمز بسطة العيش و هنائه ،و نعيم الحياة و رّخائه ...حتّى إذا ما عاد إلى نفسه وجد سبعة أطفال ، يتطلعون إليه ، ينتظرون منه كلّ شيء ...
    قصة قصيرة جداً،تعكس معاناة الموظف البسيط الذي فقد حتى متعة التّخيل و الحلم . و أصبح في قبضة واقع مرير لا يرحم ...دأبه السّعي المتواصل لضمان لقمة العيش ،له و لعياله . وكأنّ الحياة لديه مبرمجة على ذلك . و لا دخل لخصوصياته ،وذاته و متعه في الذي يعيشه . بل القصة على قصرها تلخص في عبارتي المقدمة و الخاتمة : ( قام من فراشه ... حلاقيم تنتظر الامتلاء ) و كأنّي بالنّص يهمس في أذني المتلقي قائلا:هذه ليست حياة . لابد من بديل أحسن ، يضمن للإنسان التّمتع بحياته و أحلامه و رؤاه ..


    ***

    (10) قصة قصيرة جداً

    أراد أن يلخص تجربته في أقصر قصة ،
    ولما انتهى منها ..وجدها فرخت دينصورات..
    بتاريخ 19/12/2009


    (قصّة قصيرة جداً) ومضة خاطفة ،بأسلوب ساخر : يريد أن يلخص تجربته، و يختار أقلّ و أصغر ما في وجوه التّعبير السّردي ( القصّة القصيرة جداً) ممعناً في الاختصار و الإيجاز..و لكن ما فعله لم ينته كما أراد بل تفاقم و تبلور، و جاء بشكل مسهب كبير. و في ذلك تلميح أنّ الاختصار ليس لعبة سهلة يمارسها كلّ من أراد ذلك. و بخاصة الاختصار الذي يتضمن تجربة إنسانية . هذا من جهة ، و من جهة أخرى قد يتأتى الاختصار و يأتي مدعماً بتجربة إنسانية، و في إطار قصّة قصيرة جداً. و لكن العمل بصيغته القابلة للتّأويل ، و فتح مجال قراءات متعدّدة ،سيصبح بحجم آخر ، أبعد من أن نتصور حجمه ، و كأنّ الأرنب وضعت فيلا !

    نخلص من كلّ هذا إلى النتائج التالية :


    1 السريالية كمذهب فني عرف في الرسم التشكيلي على يد أندريه بريتون ،و تورنتون ، و أيلور و سلفادور دالي .. ثم انتقل إلى الكتابة الأدبية فكان منه المسرح اللامعقول
    الذي يعتبر ابنه الشرعي، و لكن في
    القصة و القصة العربية بالضبط يبدو أن توظيفه قليل حتى لا يكاد يذكر ، فأن نجده في القصة القصيرة جداً، عند مالكة العسال ، فهذا فتح جديد في هذا المضمار .
    2 اعتماد التركيز ، و الإيجاز، و الحذف ..و هذا ظاهر في كل النصوص.
    3 توظيف اللغة المجازية و الايحائية .
    4 الميل إلى النزعة التجريبية empirique تفاديا للسرد الأفقي .
    5 شخصية السّارد القوية و المهيمنة dominante


    تلك كانت أهمّ خصائص الكتابة القصصية، لدى القاصّة مالكة العسّال, و ذلك من خلال هذه العشرية، التي تعكس نمط الكتابة المكثفة، السردية القصصية لديها . تلك الكتابة التي جاءت بعد ممارسة إبداعية في إطار كتابة الشّعر و القصّة القصيرة . و لعلّ هذين الجنسين الأخيرين، و ما يعتمدانه من أنساق تعبيرية، تعتمد التّكثيف ،و الإيجاز، و الإضمار ... هما اللذان ساعدا القاصة مالكة العسال، على تقوية أسباب الكتابة في القصة القصيرة جداً, و لقد جرت العادة، أنّ القادم من أجواء القصّة ،و القصّة القصيرة و ضروب السرديات الأخرى ... يستطيع الإبداع بيسر، في مجال القصّة القصيرة جداً.



    د مسلك ميمون

    التعديل الأخير تم بواسطة مسلك ميمون ; 08/09/2010 الساعة 08:18 PM
    [align=center]http://www.hor3en.com/vb/images/smilies/004111.gif[/align]

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •