الخطوة التي قام بها عبد الواحد محمد نور باقدامه على فتح مكتب لحركته في اسرائيل خطوة غير مدروسة وبمثابة قفزة في الظلام بالنظر للخلفية التي ينطلق منها عبد الواحد في صراعه مع الحكومة السودانية، وطرح وجهة نظره للعالم. فلدارفور قضية حقيقية وواضحة وهنالك مشاكل عدة يعاني منها الاقليم ليس بفع نظام الرئيس البشير كما يطلق البعض ولكن بفعل التدخلات لقوى خارجية واذرعهافي الداخل وهذه المشكلة يجب ايجاد الحلول المناسبة لها، فالصراع في دارفور اصبح يتمتع بالزخم الدولي والاقليمي.
فدولياً يعلم القاصي والداني الدور الصهيوني في تحريك الاحداث وتفعيل الشارع الغربي للتعاطف مع قضية دارفور ، فهذا اللوبي يتمتع بالنفوذ والتأثير الكبيرين على مطبخ القرار الغربي وهيمنته وسيطرته على الشارع الاوربي لا تخطئها العين.
فصعود مشكلة دارفور وبالسرعة التي تمت بها ما كان لها أن تتم لولا تعاطف اللوبي الصهيوني معها، وسعيه الدءوب في جعلها عاراً يلحق بالضمير العربي والسوداني. والتصريحات الكثيرة التي تشبه ما يجري في دارفور بالإبادة الجماعية ووصفها بالمحرقة اليهودية (الهلوكوست) التي اصبح اللوبي الصهيوني يبتز بها العالم ويرفع الاتهام بمعادات السامية في وجه كل طرح موضوعي حول المحرقة اليهودية والتساؤل حول وضعيتها بين الحقيقة والوهم، كل هذه الأساليب ينجح اللوبي الصهيوني في استغلالها والتلاعب بها في جعل العالم يئن تحت وطأة الإحساس بالعار والاستعداد لتقديم الاعتذارات والتعويضات لما يسمى بالمحرقة اليهودية فالخيط الذي يربط بين ما يحدث في دارفور واللوبي الصهيوني موجود وكان ينتظر الفرصة السانحة ليسفر عن وجهه القبيح وتأتي الخطوة الاخيرة هذه وتضع العالم امام الامر الواقع. وقد كانت هذه الخطوة بمثابة الصدمة القوية للقاعدة التي ينطلق منها عبد الواحد محمد نور بفتح لكتب له في إسرائيل فقد قابل المجتمع الدارفوري هذه الخطوة فاغراً فاهه من الصدمة التي لم يفق منها حتى الآن !
فدارفور هي بلد القرآن ومن دارفور كانت تنطلق كسوة الكعبة الشريفة مرتين في العام وآبار علي الشهيرة هي الآبار التي حفرها السلطان علي دينار الذي يلتقي مع عبد الواحد في نفس العرق والقبيلة (قبيلة الفور) ورواق دارفور في الازهر الشريف الضارب في القدم، وانسان دارفور وارتباط شخصيته وكينونته بالاسلام مظهراً ومخبراً يجعل هذه الخطوة غيرمستساغة وعصية على الهضم فالتركيبة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية يشكل الاسلام ركنها الركين ومرتكزها الامين،فعبد الواحد الذي يتحدث عن ابادة يتعرض لها شعب دارفور ويطالب العالم باتخاذ الخطوات اللازمة لوقف نزيف الدم في دارفور ، فإن كان منطلق دعوة عبد الواحد هو ما يتعرض له مواطن دارفور من ابادة فإنه يعلم يقيناً بأن الشعب الفلسطيني يتعرض لاسوأ وأبشع انواع التقتيل وتكسير العظام وهدم المباني على رؤوس ساكنيها فمن أين لحركته بالبعد الانساني والاخلاقي بعد ان وضع يده على يد إسرائيل الملطخة بدماء الأبرياء والأطفال والعذل من النساء والشيوخ وهل تجد دعوته آذاناً صاغية بعد أن ارتضى للفلسطينيين مالا يرتضيه لاهله في دارفور فالعدالة لا تتجزأ والجاني لا يمكن ان يكون ضحية.
هذه الخطوة وكما اسلفنا بانها تقدح في مصداقية عبد الواحد وتهزم الذين وقفوا معه في تعنته وممانعته في التفاوض مع الحكومة اعتقاداً منهم بأن الرجل يتمتع بثاقب الرأى وبعد النظر والتأهيل الفكري إلا ان ما اقدم عليه عبد الواحد يشكل منعطفاً خطيراً في مسار حركته ويفقدها ثقلاً إقليمياً عربياً في امس الحاجة اليه فلايمكن لعبد الواحد ان يحرق كل سفنه ويخاصم واقعه الاقليمي ويرتمي في احضان اللوبي الصهيوني الذي يبحث عن موطئ قدم في الاراضي العربية والسودانية .ويأتي عبد الواحد ويمنحه هذه الفرصة في قالب من ذهب في خطوة لا يمكن تسميتها بالنضال الشريف وانما تمثل الخطيئة والخيانة في ابشع صورها