آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: هُبَل والمؤمنة الصامدة: قصة سترويها الأجيال، لاعنةً أشباه الرجال وفقهاء الأبوال!

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية إبراهيم عوض
    تاريخ التسجيل
    21/12/2007
    المشاركات
    828
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي هُبَل والمؤمنة الصامدة: قصة سترويها الأجيال، لاعنةً أشباه الرجال وفقهاء الأبوال!

    هُبَل والمؤمنة الصامدة
    قصة سترويها الأجيال، لاعنةً أشباه الرجال وفقهاء الأبوال!
    إبراهيم عوض


    منذ اندلاع أزمة تلك السيدة النبيلة التى ظُفْر قَدَمها برقاب الملايين من أشباه الرجال ممن خَرِسُوا وتركوها تقاسى وحدهابطش محكمة التفتيش العصرية المنصوبة فى واحدة من الديار الإسلامية بمباركة حكومتها الوطنية وتواطؤ مواخير ما يسمىَّ بـ"الحقوق الإنسانية"، منذ اندلاع تلك الأزمة وأنا لا أستطيع أن أهدأ. وكلما بدا أن أعصابى قد استرخت قليلا عادت صورة السيدة المؤمنة الشجاعة تتمثل فى خيالى وهى تقف فى مواجهة هُبَل الأكبر صُلْبةً تتلو آيات القرآن المجيد، بينما هو يعزّم عليها بتعزيماته الوثنية المتعفنة، مما أشعل غضبه الشيطانى فكلف بعض زبانيته بممارسة أعمال السحر عليها وإعطائها بالقوة والكَرْه أدويةً تؤدى إلى الجنون، إحساسا منه بالقهر والعجز والحقارة أمام ذلك الصمود الأسطورى الذى صمدته تلك السيدة العظيمة فى وجهه ووجه كل قوى الظلام والإجرام والخفافيش، ذلك الصمود الذى لم يضعه أبو اللات والعُزَّى فى حسابه قط ولم يَجْرِ له فى خاطر، وبخاصة وهو يرى كبار من ينتسبون زورا وكذبا إلى جنس الرجال يخرّون أمامه على حذائه يلعقونه لعقا لعله يرضى، وهو لا يرضى أبدا ولن يرضى، بل يكلف صبيانه خارج الديار الموكوسة أن ينتظروا المسؤول الأكبر ويُقِلّوا أدبهم عليه ويهددوه بالويل والثبور وعظائم الأمور وينادوا بالتدخل الأعجمى كى يتحقق لهم حلمهم القديم بإخراج أهل البلد منها على بَكْرَة أبيهم فيعيشوا دون منغصات، إذ يظنون أن أحدا لن يجرؤ ساعتئذ على كشف ما فى فكرهم وسلوكهم وأخلاقهم من عورات ومصائب متلتلة تنهد منها الجبال وتميد الأرض مَيْدًا. والغريب أن هذه التصرفات الهُبَلِيّة تقع على قلب الدولة مثل العسل، على حين لا تطيق أن يفتح مسلم فمه مجرد فتح، إذ تغلقه له بالشمع الأحمر، بل تخيطه له بالمسلة والدوبارة فى الحال، وتزجّ به فى غَيَابة السجن إلى أبد الآبدين، فلا يخرج إلا مع الموتى حين ينهضون من قبورهم يوم الدين، وتريه النجوم فى عز الظهر، وتحيل حياته وحياة الذين خلّفوه إلى جحيم، وأى جحيم، وتجعله يلعن اليوم الأسود الذى فتح فيه فمه. نعم، كلما ظننت أن أعصابى قد استرختْ بعض الشىء عُدْتُ فتمثلتُ صورت هذه السيدة العجيبة وهى تعتصم بربها وكتابه الكريم فى مواجهة هُبَل العصر المسعور، فعندئذ يعود الألم طاغيا من جديد بعدما ظننتُ أنه قد شرع فى الهدوء، ولكن هيهات، فقد فضحتنا جميعا بطولة تلك السيدة وصلابتها وأرتنا هواننا واستخذاءنا وارتكاسنا فى المذلة والخنوع.
    والواقع أن ما صنعته السيدة المؤمنة إنما هو الإعجاز بعينه. ولكى نعرف قيمة هذا الذى صنعته تلك البطلة الحرة الشريفة فلْنَقِسْه بما صنعه من يُسَمَّوْن بـ"العلماء" مثلا، إذ سكتوا سكوت الحيطان، بل أسوأ من الحيطان، لأن الحيطان لها آذان، أما هؤلاء فلا عيون ولا آذان ولا قلوب ولا لسان، فهم صُمُّ بُكْمٌ عُمْىٌ، وهم لا يعقلون ولا يحسّون، ومن الرجولة والشجاعة محرومون، وبكل لغة ملعونون. لقد ضاعت من أفواههم ألسنتهم وكأن الله قد انتزعها انتزاعا، وانخلعت أفئدتهم من صدورهم انخلاعا، مع أن أحدا لا يستطيع أن يلمس جبة أى منهم. إلا أن الجبن المتأصل عند بعض البشر وانطباعهم على الخنوع والذلة يخرس ألسنتهم ويملأ قلوبهم بالرعب المُشِلّ فلا ينطقون ببنت شفة. ألا لعنة الله على كل جبان خسيس لا نرى خلقته الكريهة ولا نسمع صوته المنكر القبيح إلا حين يتكلم فى حكم شرب البول (بالله هل رأيتم أحدا يشرب البول أو يفكر فى شرب البول؟)، وإلا حين يموت صبى لا تربطه به آصرة ولم يره فى حياته قط ولا يعرف عنه شيئا، فيظهر من التوجع والتضعضع ما لو أن جبلا أناخ عليه بكلكله ما توجع ولا تضعضع مثله، ولم يبق له إلا أن ينهنه كالثكلى التى حُرِمَتْ وحيدها، كما يتألَّى على الله سبحانه، مفتيا بأنه من أهل الجنة، تلك الجنة التى لن يَرِيح رائحتَها أىُّ جبان منافق بمشيئة الجبار القهار جراء ذلته وخذلانه لتلك السيدة التى تَرْجَح الآلافَ بل الملايين من أمثاله وتقول: هل من مزيد؟
    لقد ذكَّرنى ما حدث لهذه السيدة العظيمة بما كان يقع للمسلمين الأوائل فى مكة، مما يصور ابنُ إسحاق شيئا منه فى السطور التالية إذ يقول عن المشركين فى مكة فى بدايات الدعوة: "إنهم عَدَوْا على من أسلم واتبع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه، فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين، فجعلوا يحبسونهم ويعذبون، بالضرب والجوع والعطش وبِرَمْضَاء مكة إذا اشتد الحر، من استُضْعِفوا منهم يفتنونهم عن دينهم: فمنهم من يُفْتَن من شدة البلاء الذي يصيبه، ومنهم من يَصْلُب لهم ويعصمه الله منهم. وكان بلال صادق الإسلام طاهر القلب، وكان أمية بن وهب بن حُذَافة بن جُمَح يخرجه إذا حَمِيَتِ الظهيرة في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول له: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعُزَّى. فيقول وهو في ذلك البلاء: أَحَدٌ أَحَد. وكان ورقة بن نوفل يمر به وهو يعذَّب بذلك، وهو يقول: أَحَدٌ أَحَد، فيقول: أَحَدٌ أَحَدٌ والله يا بلال. ثم يُقْبِل على أمية بن خلف ومن يصنع ذلك به من بني جُمَح فيقول: أحلف بالله لئن قتلتموه على هذا لأتخذنَّه حنانا. حتى مر به أبو بكر الصديق بن أبي قحافة رضي الله عنه يوما، وهم يصنعون ذلك به، وكانت دار أبي بكر في بني جُمَح، فقال لأمية بن خلف: ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ حتى متى؟ قال: أنت الذي أفسدته، فأَنْقِذْه مما ترى. فقال أبو بكر: أفعل. عندي غلام أسود أَجْلَد منه وأقوى على دينك، أعطيكه به. قال: قد قبلت. فقال: هو لك. فأعطاه أبو بكر الصديق رضي الله عنه غلامه ذلك، وأخذه فأعتقه.
    وكانت بنو مخزوم يخرجون بعمار بن ياسر وبأبيه وأمه، وكانوا أهل بيت إسلام، إذا حميت الظهيرة، يعذبونهم برمضاء مكة، فيمرّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: "صَبْرًا آل ياسر. موعدكم الجنة". فأما أمه فقتلوها وهي تأبى إلا الإسلام. وكان أبو جهل الفاسق، الذي يغري بهم في رجال من قريش، إذا سمع بالرجل قد أسلم، له شرف ومنعة، أَنَّبه وأخزاه، وقال: تركتَ دين أبيك، وهو خير منك. لنُسَفِّهَنّ حِلْمَك، ولَنُفَيِّلّنّ رأيك، ولنَضَعَنّ شرفك. وإن كان تاجرًا قال: والله لنُكَسِّدَنّ تجارتك، ولنهلكنّ مالك. وإن كان ضعيفًا ضربه وأغرى به".
    وفى "الاستيعاب" لابن عبد البر أن أبا جهل طعن سمية أم عمار بن ياسر بالحربة فى فرجها فقتلها، لعنه الله ولعن هُبَل العصر الذى يقتل كل حرة أبية تؤثر دين التوحيد: يقتلها بيده النجسة التى تستحق قطعها والتى سوف تُشْوَى ويُشْوى بدنه كله ووجهه القبيح المنفر كسَحْنة إبليس الرجيم فى نار جهنم كلما نضج جلده بُدِّل جلدا غيره ليظل يذوق العذاب خالدا فيها أبدا حتى بعد العفو الربانى الشامل عن كل البشر فى نهاية المطاف. لقد حطم الموحّدون الكرام هُبَلَ القديم، فجاءت بعض الحكومات فى عصرنا وجمعت شظاياه وألزقت بعضها إلى بعض ورممته ووضعته على النُّصُب ليفتن المسلمين عن دينهم، وهى تضحك من المسلمين البُلْه فى عُبّها. والله غالب على أمره، ولكن عُبّاد هُبَل وسَدَنته وخُدّام معبده لا يعلمون.
    والآن ننظر ونقارن: لقد أخذت ورقةَ بنَ نوفل الحَمِيّةُ، ولم يكن ذا منصب أو سلطان ولا كان قريبا لبلال، فنَهَر من يعذبون بلالا وصرخ فيهم قائلا بكل شجاعة وإيمان إنهم إذا مات فى أيديهم فسوف يتخذ قبره مزارا يترحم عنده على صاحبه ورمزا للصمود والإيمان. أما الشيخ الذى كان ينبغى أن يهب لنجدة أمثال السيدة الكريمة فقد أفتى بأن تعاد الزميلة السابقة لها إلى هُبَل كى يسحقها ويقتلها، فسحقها هُبَل وقتلها دون أن يرمش فى جفنه ولا فى جفن الشيخ الجبان، لعنهما الله، رمش واحد. ولقد نفق الشيخ بعدها بقليل، فإلى حيث ألقت. يا للضلال ويا للخزى أيها الشيخ الذى كان يدرّس القرآن والحديث والتوحيد والسيرة ويلعن هُبَل وعُبّاد هُبَل، فإذا به واحد ممن يرتعبون من هُبَل فِعْل الجاهليين أيام الوثنية الأولى. عليك من الله الخزى، وصيَّر قبرك نارا وعارا وشنارا، وأذاقك عذابا جبارا.
    ويوجد الآن شيوخ آخرون، لكننا لم نسمع لأىٍّ منهم حِسًّا ولو من باب بَرْى العَتَب كما يقال فى الديار الموكوسة، على حين يصول هُبَل ويجول ويصرخ ويأمر وينهى، وأحدهم يقول له فى ذلة واتضاع: إنك تذكّرنى بالنبى فلان فى سماحتك وطيبة قلبك وإنسانيتك. لا يا شيخ! اسم الله عليك وعلى هُبَل فى وقت واحد، وحَشَرك الله مع هُبَل، الذى يذكّرك بالنبى الفلانى فى سماحته وطيبته وإنسانيته. بالله يا شيخ، أهازل أنت أم جاد؟ وبالله يا شيخ، ماذا تقول لربك غدا إذا قَدِمْتَ عليه وسألك: أأنت قلت للناس اتخذوا هذا الهبل مثالا للسماحة وطيبة القلب والإنسانية؟ ألا خيب الله كل خسيس بئيس يرمى بالكلمة الجبانة الخزيانة فتهوى به فى النار سبعين خريفا. من قال إن هبل يشبه النبى فلانا، أو إنه يعرف السماحة والطيبة والإنسانية أصلا؟ إن هذا لمن كلام الأباليس المرجومين، وليس من كلام الناس الطيبين. من قال إن هبل يمكن أن يكون مثال الطيبة والسماحة؟ قل: مثال الإجرام والقباحة! قل: مثال الشيطنة والتناحة! قل: نطّاحٌ ابن نطّاحة! أما الطيبة والسماحة فأنت، والحق يقال، منافق كذاب! والمصيبة بل الكارثة أنك تعلم أنك منافق كذاب. وإنّ غَدًا لِنَاظِرِه قريب! وهل تظن أنك سوف تفلت من غضب الله يا مادح هُبَل؟ هل تظن أن هُبَل نافعك بشىء؟ لسوف يُجَرّ العُتُلّ ويُطْرَح فى الزفت المغلى والقطران الفائر الثائر ويقال له: ذق، إنك أنت الشيطان الرجيم. ولسوف يُؤْتَى بكل من نافقه وأعانه على ما يصنع بالحرائر المسلمات الكريمات ويُسْقَى من الزفت والقطران معه حتى تسيل أمعاؤه من دبره ويستغيث فلا يغيثه أحد.
    لقد كان فى الجاهلية رجال شرفاء يَعِزّ عليهم أن يُؤْذَى بينهم ضعيف. أما الآن، وفى المجتمعات التى تسمى نفسها: مسلمة، فلا يوجد رجل. نعم لا يوجد رجل ملء هدومه، بل كلهم لبس الطَّرْحة ودخل الجحر كالفأر الذليل وأغلق فمه بالضبة والمفتاح، وكتب عليه: أستحلفكم، لا تزعجونى، فإنى جبان! فلْيطمئنّ الفَأْرُ الفارُّ الجبان، فلن نزعجه لأننا نعرف أن الجِرْذان لا تستطيع لنفسها شيئا، فكيف لغيرها تستطيع؟ واصبرى أيتها السيدة العظيمة، فقد خلت الموكوسة من الرجال، ولا تنتظرى عونا من أحد، فليس فى الموكوسة إلا جرذان. لقد تخلى الجميع عنك يا سيدتى العظيمة، بل شاركوا فى الحقيقة فى نحر حريتك، فارتكسوا فى مجارى العطانة والنتانة والنجاسة والرجاسة، وازددتِ أنت كرامة وإنسانية ونبلا وشرفا وحَلَّقْتِ عاليا فى أجواز الفضاء حتى بَلَغْتِ ذروة السماء، ولم أكن أتصور أن يبلغ أحد فى الديار الموكوسة هذا العلوّ الشاهق الذى يدوخ العقل ولا يستطيع أن يدرك مداه. امرأة صغيرة لا حول لها ولا طول، اللهم إلا إيمانها بالله، تقف هذا الموقف البطولى الرائع الذى لا يستطيعه معظم الرجال؟ ألا إن هذا لعجيب.
    يكفيك ربك وإيمانك أيتها السيدة العظيمة، فلا تنتظرى أن يهبّ لنجدتك أحد، فقد أصبح الكل خصيانا عاجزين. نعم لقد تركك الجميع، بل أسلموك للوحش الذى فرّغ الله قلبه من المشاعر الإنسانية وكتب عليه أن يعيش على الدماء والأشلاء. نعم تخلى عنك الجميع: رؤساء ووزراء وجيشا وشرطة وأحزابا وصحفيين ومدرسين وأساتذة ومشايخ ورجال قانون وفلاحين وعمالا وتجارا وحوذية وصيادين وتجّارا وصُنّاعا وفلاحين ودُعّارًا وعفيفين وجادّين ولاعبين ونوابا عن الشعب حقيقيين ومدلّسين وحكومة ومعارضين ولصوصا وشحاتين وخواصّ وعامّيين، تركوك لهذا البلاء الذى أثبتِّ أنك قادرة على تحمله، واستنجدت بالقرآن فى محنتك حين واجهتِ، وحدك عزلاء، هُبَل الخَرِف الذى مَرَدَ على أكل لحوم البشر، ومن حوله شياطينه المتوحشون من كل دراكولا مصاص للدماء أَسْوَد الشعار والسَّحْنة والقلب والعقل والضمير، تبرز أنيابه السامة خارج فمه بشعة شنيعة مضرجة بدماء الضحايا وقد نَشِبَتْ فيها بقايا لحومهم، فأنجدك القرآن حيث لم ينجدك أحد من الخصيان، لعنة الله عليهم إلى يوم الالتقاء برب السماء.
    وجُنَّ جنون هُبَل فاتخذ قراره بتعذيبك حتى الموت، معيدا بذلك تاريخا ظن العالم أنه مضى وانقضى، فإذا بهذا الإبليس ينفخ فيه ثانية من فمه النتن القبيح فينتفض من أكفانه ويقوم من رقدته ويعود إلى الدنيا كالوحش الكاسر كَرّةً أخرى على يدى إبليس النجستين، قطعهما الله من جذورهما قطعا. بالله كيف يستطيع أى واحد ممن خذلوك وأسلموك لذلك الشيطان اللعين، خذلهم الله فى الدنيا والآخرة وأسلمهم إلى زبانية جهنم، أن ينام مع زوجته أو أن ينظر فى وجه أولاده أو يستريح له ضمير أو يخرج إلى خلق الله ويريهم وجهه المنافق الذليل أو يلجأ إلى المرحاض ليملأ بطنه النَّجِس الطَّفِس مما فيه من خراء؟ ألا شاهت الوجوه!
    ولقد كنتُ منذ وقت قريب فى لقاء مع بعض من المنافقين الذين يريدون أن يوحوا إلى الناس أن الحكمة هى التى حجزتهم عن مناصرة السيدة الكريمة وشبيهاتها من كل مظلومة استجارت بمن ينتسبون إلى الإسلام فخذلوها وأسلموها إلى الشرك ينكّل بها وينزل عليها ضروب العذاب، فقالوا: إن رسول الله قد كان يردّ من يأتيه من أهل مكة مُسْلِمًا بعد صلح الحيبية. فإذا نحن فعلنا ذلك فإنما نفعله تأسيا برسول الله. قالوا ذلك، وكل منهم يُشِيح بوجهه بعيدا عنا وترمش عيناه وتتلفتان يمينا ويسارا كما يصنع المريبون الذين فى قلوبهم غش ومرض. فقلت لهم: تعالَوْا نقرأ ما كتبه ابن هشام عن هذا الموضوع فى "السيرة النبوية" لنرى معا إلى أى مدى تقولون أنتم وأمثالكم الصدق، وأنتم تعرفون قبل أى إنسان آخر أن بينكم وبين الصدق ما بين المشرق والمغرب.
    ثم أخرجتُ كتاب ابن هشام وقرأت منه عن صلح الحديبية ما يلى: "بعثتْ قريش سُهَيْل بن عمرو أخا بني عامر بن لُؤَيّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا له: ائْتِ محمدًا فصَالـِحْه، ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عَامَهُ هذا. فوالله لا تحدّث العرب عنا أنه دخلها علينا عَنْوَةً أبدا. فأتاه سهيل بن عمرو. فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً قال: قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل. فلما انتهى سهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم فأطال الكلام، وتراجعا ثم جرى بينهما الصلح. فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر، أليس برسول الله؟ قال: بلى. قال: أولسنا بالمسلمين؟ قال: بلى. قال: أوليسوا بالمشركين؟ قال: بلى. قال: فعَلاَمَ نُعْطِي الدَّنِيّة في ديننا؟ قال أبو بكر: يا عمر، الزم غرْزه، فإني أشهد أنه رسول الله. قال عمر: وأنا أشهد أنه رسول الله. ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ألستَ برسول الله؟ قال: بلى. قال: أولسنا بالمسلمين؟ قال: بلى. قال: أوليسوا بالمشركين؟ قال: بلى. قال: فعلام نُعْطِي الدَّنِيّة في ديننا؟ قال: أنا عبد الله ورسوله، لن أخالف أمره ولن يضيعني! قال: فكان عمر يقول: ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق مِنَ الذي صنعتُ يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به حتى رجوت أن يكون خيرا.
    ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال: اكتب "بسم الله الرحمن الرحيم". فقال سهيل: لا أعرف هذا، ولكن اكتب "باسمك اللهم". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتب "باسمك اللهم"، فكتبها. ثم قال: اكتب: هذا ما صالح عليه محمدُ رسول الله سهيلَ بن عمرو. فقال سهيل: لو شهدتُ أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو. اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهن الناس ويكف بعضهم عن بعض، على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليّه رَدّه عليهم، ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه، وأن بيننا عيبة مكفوفة وأنه لا إسلال ولا إغلال، وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه. فتواثبت خزاعة فقالوا: نحن في عقد محمد وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم، وأنك ترجع عنا عامَك هذا فلا تدخل علينا مكة، وأنه إذا كان عام قابِلٍ خرجنا عنك فدخلتَها بأصحابك فأقمتَ بها ثلاثًا معك سلاح الراكب: السيوف في القُرُب، لا تدخلها بغيرها.
    فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يَرْسُف في الحديد قد انفلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا وهم لا يشكّون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رَأَوْا ما رَأَوْا من الصلح والرجوع وما تحمَّل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه دخل على الناس من ذلك أمر عظيم حتى كادوا يهلكون. فلما رأى سهيلٌ أبا جندل قام إليه فضرب وجهه وأخذ بتلبيبه ثم قال: يا محمد، قد لـَجَّتِ القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا. قال: صَدَقْتَ. فجعل ينتره بتلبيبه ويجره ليرده إلى قريش، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته: يا معشر المسلمين، أَأُرَدّ إلى المشركين يفتنونني في ديني؟ فزاد ذلك الناسَ إلى ما بهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعَفين فرجًا ومخرجًا. إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحًا، وأعطيناهم على ذلك وأعطَوْنا عهد الله، وإنا لا نغدر بهم. قال: فوثب عمر بن الخطاب مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول: "اصبر يا أبا جندل، فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب"، ويُدْنِي قائمَ السيف منه. يقول عمر: رجوتُ أن يأخذ السيف فيضرب به أباه. فضَنَّ الرجل بأبيه ونفذت القضية".
    هذا ما جاء فى "سيرة ابن هشام" مما يتخذه بعض المنافقين متكأ لتسويغ جبنهم وفتاواهم المستخذية، وهم يعلمون قبل غيرهم أنهم منافقون. فلننظر الآن فى الرواية لنرى كيف لواها منافقونا لكى يخرجوا منها بما يستر سوآتهم القبيحة: لقد كانت هناك دولتان يفصل بينهما مئات الكيلات تم إبرام معاهدة بينهما. فهل عندنا الآن دولتان؟ وهل هُبَل وكهان معبده يمثلون دولة؟ فما اسمها؟ وأين حدودها وعَلَمها؟ وما نظامها السياسى؟ ومن رئيسها؟ ومن وزراؤها؟ أفتونا بصدق أيها المنافقون. ثم هل هناك معاهدة بين الديار الموكوسة وبين هُبَل؟ أَرُونا هذه المعاهدة إن كان لتلك المعاهدة وجود. وهل قام النبى بتسليم أبى جندل للمشركين كما يفعلون فى الديار الموكوسة؟ إن كل ما فعله هو أنه تركه ولم يقبله عنده، لكنه لم يأخذه من يده ويعطيه لهم، فضلا عن أن يخدعه ليوقعه فى الخيّة ويطارده فى الشوارع ويقبض عليه ويضربه ويسبه ويسب أباه وأمه ويشجّ رأسه حتى ليحتاج إلى عملية جراحية. كما أن الذى أخذه هو أبوه، الذى كان يمثل الطرف الثانى فى المعاهدة، وليس شخصا آخر. ولقد حاول عمر أن يمد له يد المساعدة فاقترب منه وأسرّ إليه بكلام وهو يقرّب سيفه منه لعله يأخذه فيجهز على أبيه فى الحال ويستريح من العناء والفتنة دون أن تخرج الدولة عن التزاماتها. فهل اعتقل النبى عمر وعذبه حتى يكف عن ذلك مستقبلا؟ ثم لا ننس أن أبا سهيل رجل، أما فى حالتنا فهناك سيّدة كريمة لا يمكنها الدفاع عن نفسها لا بسيف ولا برمح ولا حتى بيد مقشة. ثم ألم يقرأ المنافقون العليمون، والمنافق العليم هو أخبث وأفحش ضروب المنافقين، ما قاله القرآن عن السيدات والآنسات إذا جئن المسلمين مهاجرات من الشرك إلى التوحيد؟ ألا يعرفون آية سورة "الممتحنة" التى تصكهم فى وجوههم اللئيمة وتكذّبهم وتفضح نفاقهم وتدليسهم وتزييفهم إذ تقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ..."؟
    وفى تفسير البغوى لقوله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن" يقول ذلك المفسر الكبير: "لما كاتب سهيل بن عمرو يومئذ (أى يوم الحديبية) كان فيما اشترط سهيل بن عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لا يأتيك منا أحد، وإن كان على دينك، إلا رددته إلينا، وخليت بيننا وبينه. فكره المؤمنون ذلك، وأبى سهيل إلا ذلك، فكاتبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك. فرد النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ أبا جندل إلى أبيه سهيل بن عمرو، ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلمًا. وجاءت المؤمنات مهاجرات، وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ مهاجرة وهي عاتق، فجاء أهلها يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن: "إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن" إلى "ولا هم يحلون لهن". قال عروة: فأخبرتني عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحنهن بهذه الآية: "يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات"، إلى قوله: "غفور رحيم". قال عروة: قالت عائشة رضي الله عنها: فمَنْ أقرت بهذا الشرط منهن قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بايعتك... قال ابن عباس: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرا، حتى إذا كان بالحديبية صالحه مشركو مكة على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم، ومن أتى أهل مكة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يردوه إليه، وكتبوا بذلك كتابا وختموا عليه. فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمةً بعد الفراغ من الكتاب، فأقبل زوجها... في طلبها، وكان كافرا، فقال: يا محمد، رُدَّ عليَّ امرأتي، فإنك قد شرطت أن ترد علينا من أتاك منا، وهذه طيّة الكتاب لم تجف بعد. فأنزل الله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات" من دار الكفر إلى دار الإسلام، "فامتحنوهن". قال ابن عباس: امتحانها: أن تُسْتَحْلَف ما خرجتْ لبغض زوجها ولا عشقًا لرجل من المسلمين، ولا رغبة عن أرض إلى أرض، ولا لحدث أحدثتْه ولا لالتماس دنيا، وما خرجتْ إلا رغبةً في الإسلام وحبًّا لله ولرسوله. قال: فاستحلفها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، فحلفت فلم يردها، وأعطى زوجها مهرها وما أنفق عليها، فتزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وكان يرد من جاءه من الرجال، ويحبس من جاءه من النساء بعد الامتحان ويعطي أزواجهن مهورهن. "الله أعلم بإيمانهن"، أي هذا الامتحان لكم، والله أعلم بهن، "فإن علمتموهن مؤمناتٍ فلا تَرْجِعوهنّ إلى الكفار لا هُنّ حِلٌّ لهم ولا هم يَحِلّون لهنّ": ما أحل الله مؤمنة لكافر. "وآتُوهم"، يعني أزواجَهن الكفار، "ما أنفقوا" عليهن: يعني المهر الذي دفعوا إليهن. "ولا جُنَاح عليكم أن تَنْكِحوهن إذا آتيتموهن أجورهن"، أي مهورهن. أباح الله نكاحهن للمسلمين، وإن كان لهن أزواج في دار الكفر، لأن الإسلام فرق بينهن وبين أزواجهن الكفار".
    وثَمَّ حكاية أخرى من نفس الوادى هى حكاية أبى بَصِير، رضى الله عنه وأرضاه. ولنقرأ معا أيضا ما قاله ابن هشام فى "السيرة" عن صلح الحديبية وثمراته: "يقول الزّهْرِىّ: "ما فُتِح في الإسلام فتحٌ قبله كان أعظم منه. إنما كان القتال حيث التقى الناس. فلما كانت الهدنة ووضعت الحرب وأَمِن الناس بعضهم بعضا والتقَوْا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة فلم يكلَّم أحد بالإسلام يعقل شيئًا إلا دخل فيه. ولقد دخل تَيْنِكَ السنتين مثلُ من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر". والدليل على قول الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الحديبية في ألف وأربعمائة في قول جابر بن عبد الله، ثم خرج عام فتح مكة بعد ذلك بسنتين في عشرة آلاف.
    فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه أبو بصير عُتْبَةُ بن أُسَيْد بن جارية، وكان ممن حُبِس بمكة. فلما قَدِم على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب فيه أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعثا رجلاً من بني عامر بن لؤي، ومعه مولى لهم، فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب الأزهر والأخنس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بصير، إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، ولا يصلح لنا في ديننا الغدر. وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا. انطلق إلى قومك. قال: يا رسول الله، أتردّني إلى المشركين يفتنونني في ديني؟ قال: يا أبا بصير، انطلق فإن الله تعالى سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا. فانطلق معهما، حتى إذا كان بذي الـحُلَيْفة جلس إلى جدار، وجلس معه صاحباه، فقال أبو بصير: أصارمٌ سيفُك هذا يا أخا بني عامر؟ فقال: نعم. قال: أَنْظُرً إليه؟ قال: انظر إن شئت. فاستلَّه أبو بصير ثم علاه به حتى قتله. وخرج المولى سريعا حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس في المسجد. فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم طالعًا قال: إن هذا الرجل قد رأى فزعا. فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويحك! ما لك؟ قال: "قتل صاحبكم صاحبي". فوالله ما برح حتى طلع أبو بصير متوشِّحًا بالسيف حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله وَفَّتْ ذمتك، وأدى الله عنك. أسلمتَني بيد القوم، وقد امتنعتُ بديني أن أُفْتَن فيه أو يُعْبَث بي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويْلُ أمه مِحَشّ حَرْب لو كان معه رجال! ثم خرج أبو بصير حتى نزل العيص من ناحية ذي المروة على ساحل البحر بطريق قريش التي كانوا يأخذون عليها إلى الشام. وبَلَغ المسلمين الذين كانوا احتبسوا بمكة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بصير: "ويل أمه مِحَشّ حربٍ لو كان معه رجال"، فخرجوا إلى أبي بصير بالعيص، فاجتمع إليه منهم قريب من سبعين رجلاً. وكانوا قد ضيقوا على قريش: لا يظفرون بأحد منهم إلا قتلوه، ولا تمر بهم عِيرٌ إلا اقتطعوها، حتى كتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله بأرحامها إلا آواهم، فلا حاجة لهم بهم. فآواهم رسول الله صلى الله عليه، فقدموا عليه المدينة".
    والآن أين الفرج والمخرج اللذان يضمنهما أولئك المنافقون للمفتونات عن دينهن؟ لقد كان الرسول يتحدث عن وحى أوحاه الله إليه، فهو مطمئن إلى ما يقول، وهو ما صدّقته الأحداث، بينما تأتينا الأحداث كل يوم بالبلايا والرزايا حتى لقد طمعت الكلاب فى إخراجنا من بلادنا، وتعمل جاهدة من أجل ذلك على مسمع منا ومرأى. ثم إن السيدات والآنسات الكريمات اللاتى يخترن التوحيد فتسلمهن الحكومة السنية إلى هُبَل يدخلن مغارة "على بابا والأربعين دراكولا" فلا يَرَيْنَ نور الحياة بعد ذلك أبدا. وها نحن أولاء نسمع، ولم يمرَّ على تسليم السيدة العظيمة إلى هُبَل وزبانيته إلا عدة أسابيع، أنها قد جُنَّتْ من السحر الأسود الذى يمارسونه عليها والأدوية السامة التى يجرّعونها إياها بالقوة والإكراه. فهل حدث شىء من هذا لأبى بصير؟ ثم إن أبا بصير وزملاءه قد استطاعوا أن يُفْلِتوا من أيدى المشركين ويحيلوا حياة معذبيهم إلى جحيم، فهل أرسل إليهم المسلمون فرقة من مباحث أمن دولتهم تعتقلهم وتسبهم وتضربهم وتعيدهم إلى المعتقلات الهُبَلِيّة؟ وهل كان عندهم جنرال للأوقاف يأمره الرسول بإفتائهم بفتاوى الشيطان وتشويه صورتهم فى أعين الجماهير التافهة المغيبة العقل والادعاء عليهم بأنهم إنما فعلوا ذلك لأنهم يعشقون نساء المسلمين؟ يا أيها المنافقون، لقد قيل فى الأمثال: إذا كنتَ كَذُوبًا فكن ذّكُورا. وأنتم بكل يقين كذابون، لكنكم ليس لديكم ذكر ولا عقل ولا فهم ولا إنسانية ولا رجولة. فتُفٍّ عليكم وأُفّ، يا من ينبغى أن يكون لهم بدل القَدَم خُفّ!
    وبعد، أما لهذا الليل الحالك من آخر؟ الحق أن الأمر دائما رهن إرادة الشعوب: إن شاءت عاشت عزيزة حرة، فهَبَّتْ تطالب بحقوقها وتناضل من دونها حتى تفوز بها خالصة لا شائبة فيها مهما كلفها ذلك من تضحيات، وإن شاءت عاشت كشعوبنا خانعة ذليلة تُضْرَب بالنعال فتهتف بحياة ضاربيها. وهيا يا شعراء الحرية والإسلام أَرُونا كيف ستبدعون ملحمة نضالية تصور بطولة هذه السيدة التى تستحق التمجيد والتخليد بدلا من اللصوص وقطاع الطرق الذين يجعل منهم الشيوعيون الخونةُ ربائبُ الصهيونيين أبطالا صناديد، ويؤلفون فيهم الأفلام والتمثيليات والأشعار ويشغلون بهم الجماهير المغيبة العقل. لقد سكت الآن أولئك "المتأمركون" الأنجاس الأرجاس (وإن تظاهروا بأنهم لا يزالون شيوعيين يكرهون أمريكا) عن قضية السيدة المؤمنة مع سائر الساكتين من خُرْس الشياطين، فأَرُونا أنتم كيف تُبْدِعون، وماذا سوف تصنعون!
    ملاحظة: وصلنى صباح اليوم بريد مشباكى يقترح صاحبه تغيير اسم "ميدان العباسية" إلى "ميدان الأسيرة كاميليا شحاتة"، فجزى الله خيرا ذلك العبقرى الذى فكر فى هذه التسمية الميمونة الجديدة. إلا أننى أقترح أن تغيَّر كلمة "الأسيرة" إلى "الأميرة" (أميرة القلوب)، ويُكْتَفَى بـ"كاميليا" دون "شحاتة"، فتكون التسمية: "ميدان الأميرة كاميليا". لقد أصبح اسم "كاميليا" أشهر من نار على عَلَمٍ! ويكفى أن يذكر أى منا كلمة "كاميليا" وحدها حتى تعرف الدنيا كلها أية كاميليا يقصد. وهل هناك إلا كاميليا واحدة؟ وعلى بركة الله المعزّ المذلّ: يُعِزّ الأبطال المؤمنين، ويُذِلّ الجبناء الخانعين!


  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية نجيب بنشريفة
    تاريخ التسجيل
    05/06/2010
    المشاركات
    1,324
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: هُبَل والمؤمنة الصامدة: قصة سترويها الأجيال، لاعنةً أشباه الرجال وفقهاء الأبوال!


    .
    .
    .
    .
    صبرا آل ياسر ان موعدكم الجنة

    هنيئا لهم ولكل مسلم غيور على دينه لا يخشى في الله لومة لائم

    يقول الصديق ابن قحافة رضي الله عنهما

    كنا في الضراء فصبرنا وحين السراء لم نصبر

    كم من امرأة تساوي آلاف الرجال ان لم نقل ملايين

    اللهم اجعلنا من الحامدين الشاكرين

    سيدي ابرهيم عوض جزاكم الله عنا خيرا

    وجعلكم دخرا لهذه الأمة

    عيد مبارك سعيد

    كل عام وانتم بألف خير

    تقبل الله منا ومنكم

    وأسعدكم الله في الدارين

    دمتم في حفظ المولى

    .
    .

    .
    .


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •