عن دار أوبرا بالقاهرة
صدرت الطبعة الأولى لسنة 2010 من كتاب تُوت عَنْخ آمُون - ظِلاَلٌ مِن المَاضي
للكاتب / خالد حامد العرفي

يتزامن صدور هذا الكتاب مع الاخبار المثيرة التى تتناقلها وسائل الإعلام كل يوم عن توت عنخ آمون فيعيد إلى الأذهان قصة إكتشاف هذا الفرعون المجهول بتناول الكاتب عبر فصول الكتاب رحلة إكتشاف مقبرة توت عنخ آمون بدءاً من الفصل الأول ( فرعون المجهول ) فيعرض فى أسلوب أدبى إلى الكشف الأثري الهام ودلائله على يد الأثرى هوارد كارتر وردود الفعل العالمية التى أثارها هذا الإكتشاف . كما يتناول وادي الموتى والكنوز بالإشارة إلى عقيدة الموت لدى قدماء المصريين و شهرة طيبة و مقابر الفراعنة و قصة وادي الملوك. أما باقى فصول الكتاب فيتناول لصوص المقابر الملكية واهتمام ملوك الفراعنة بمقابرهم وكتاب الموتى ودلائل النهب وسجل سرقة مقابر وادي الملوك وخبيئات المومياوات الملكية واكتشاف مخبأ الدير البحري وخبيئة المومياوات الثانية . ثم رحلة البحث " اختراق جدار الزمن " مع تناول تقنيات و أدوات البحث الأثري نفسها " مناهج / أساليب " وخطة التنقيب الأثري ولحظة الاكتشاف الرائعة ووصول اللورد كارنرفون وما كان من سبق صحفي عالمي . ويعرج الكاتب إلى كنوز المقبرة الدفينة ومغزى ومعنى كنوز الغرفة الخارجية ( الجنوبية ) وكنوز قاعة الذهب ( الغرفة الغربية ) و كنوز التوابيت الأربعة بالارتباط مع العقيدة " التطبيق العملي" . والموت والتحنيط وفكرة الموت عند القدماء المصريين والتحنيط الفرعوني . كما أشار إلى كنوز المومياء وحالة مومياء توت عنخ آمون و الكنوز ما بين الأربطة واللفائف والرأس والرقبة والترقوة والصدر وبين الترقوة والبطن والوسط والجانبان واليدين ثم سر مقتل توت عنخ آمون . وكنوز الخزانة والملحق والقرابين ونفائس الخزانة وكنوز الملحق المشحون . ويشير الكاتب إلى أهمية الاكتشاف العظيم من حيث ما كان للفراعنة من اعتقاد حول الموت والكنوز الجنائزية وأن مقبرة الملك توت عنخ آمون أول مقبرة سليمة والأهمية العلمية بالنسبة لعلم المصريات . ويشير الكتاب إلى سرقة المقبرة و دلائل النهب ثم نجاة المقبرة وقصة المسئول الوفي " مايا". ولم يخلُ الامر من إشارة إلى ما اثير فى بعض الكتابات حول المقبرة من سحر ولعنات و سحر الفراعنة وسحر ما بعد الموت و لغز وفاة توت عنخ آمون . وقد إستند الكاتب إلى قائمة كبيرة من المصادر والمراجع وزود الكتاب بملحق وأشكال ورسوم توضيحية .
جزء من مقدمـــــــة الكتاب
المكانُ :
طِيبَة .. البَّر الغربيّ ..
الزمانُ :
آلاف السنين مَضَتْ ..
بَدَأتْ الشَّمسُ رِحْلَتَهَا نَحْو الغَربِ في فَضَاءٍ لا محْدُود .. فِي مكَانَ ناءٍ تمَّ اختيارُه بدقةٍ، فِي بَطْنِ وادٍ مُنْعَزلٍ قَاحِلٍ .. أشبه بمجهولٍ، لِيظلَّ بَعْد ذلكَ مطوياً فِي غيابتِ الزمانِ والمكَانَ .. سَاَرَتْ جنازةُ الفرعون الشابّ، وبَعْد وصُولِ المّوْكبِ الملكيّ الجنائزيّ المهيبِ تَصْحَبُهُ الكهنةُ .. ورُّبَمَا كَانَ يفكرُ بعضُهم فِي حالِ الملكِ، فِي تَابُوتِه الذي حُمِلَ عَلَى سفينةٍ، اعتقَدْ المصريون القَدْماءُ أنَّها تعودُ به فِيما بَعْد إِلَى العالمِ السُفلي، بعثاً لِرُوحِهِ التي تُسرُّ لدموعِ الحدادِ مَعَ كلِّ زيارةٍ ، والتي تظلُّ باقيةً طالما كَانَ الجسدُ مُحنطاً وسليماً إلى الأبدَّ ..
وُضِعَت السفينةُ تُغطيها الأزهارُ النَّضرةُ، مغطاةٌ هي الأخرى بزهورٍ يظهرُ مِن خِلالَها بريقُ الذَّهبِ الجميلِ .. عَلَى مركبٍ محجوبةٍ بالأزهارِ .. ليجرَّ نبلاءُ القصرِ والحاشيةُ والبِطانَةُ المركبَ الثقيلَ، ومِن فوقه التابوتُ إلى المقرّ الأخيرِ بِمَقبرتهِ، التي تمَّ إِعدادُها بسريةٍ تامةٍ بِوادي الملوكِ المَهِيبِ، حيَثُ تمَّ دَفْنُ الأسلافِ مِن مُلوكِ مصرَ، فِي مقابرٍ صخريةٍ رمليةٍ جافةٍ ، وبتقاليد دَفْنٍ عجيبةٍ ، وِفْقَ اعتقادات تُحَتِمُ عليهم وضعَ كُلِّ ما سوف يحتاجُ إليه فِي المستقبلِ، وكُلِّ ما كَانَ يُستخدمُ فِي الحياةِ اليوميةِ فِي المقبرةِ .
وبالرغم مِن ذلك، فلعلّها كَانَت معروفةً للبعضِ، ولكنَّ رمال الصحراءِ الصامتةِ زحفت شيئاً فشيئاً، عبر مئاتٍ ثم آلافِ السنين، لِتسدَّ مدخلها، ثمَّ لِتحْجبَها كُليةً عَنْ الأنظارِ لتختفِيَ وتضيعَ مِن ذاكرةِ الزمِن والتاريخِ .. خلفِ بابٍ عجيبٍ .. مُوصدٍ .. ومُغلقٍ بالأختامِ .. كَانَ تنتظرُ مِن يَفُضُّها !
الزمان : الرابع من نوفمبر عام ألف وتسعمائة اثنان وعشرون ..
المكان : العَالَم ..
يتسابقُ الجميعُ فِي مُطالعةِ ما نشرتهُ الصحفُ العالميةُ إذْ عَثَرَ أحدُ علماءِ الآثارِ الإنجليز عَنْ مومياءِ فرعون مجهولٍ مِن فراعَنْةِ مصرَ القَدْماء .. سليمةً فِي تَابُوتِها الذهبيّ لم تَمسْسْهَا يدٌ أحدٍ .. ملكٌ حكمَ مصرَ حوالي عام 1350 قبلِ الميلادِ .. مع كُنوزٍ مِن أجملَ وأنفسَ الحليّ الثمينةِ .. وأثاثٍ مِن أَسِرَّة وكراسيّ مزيّنةٍ ومُحَلاةٍ بالذَّهبِ والجواهرِ والأحجارِ الكريمةِ .. وكرسيّ عرشٍ وعرباتٍ ملكيةٍ مُذَّهبّةٍ .. بنقوشٍ مِن الذَّهبِ المحفورِ حفراً بديعاً .. وملابسٍ وأسلحةٍ وآلاتٍ موسيقيةٍ .. ونَفائس وأَنْواعِ طعامٍ وقرابين .. وغير ذلك مِن نقوشٍ عَلَى جُدرانِ المقبرةِ بألوانٍ احتفظت بِرونقها الأخاذ ، وتمائم وتعاويذٍ لحمايةِ الملكِ فِي رحلته الطويلةِ فِي العالم الآخر ..
مِنذَ أكثر مِن ثلاثةِ آلاف سنة .. بَعْد رقادٍ طويلٍ كَانَ يُمكنُ أنَ يظلَّ إلى الأبدَّ .. فِي بَطْنِ وادي الملوكِ بخفاءٍ بعيداً عَنْ الأنظار .. وبعيداً عَنْ أيدي اللصوص الذين يغريهم الذَّهبُ والكُنوزُ ، فسَرِقةُ المقابرِ مِن أقَدْمِ الحرفِ التي مُورِسَتْ فِي التاريخِ .
هَذَا الفرعونُ هو تُوت عَنْخ آمُون ..الفرعونُ التائهُ .. أو الفرعونُ الذَّهبيّ كما أُطلقَ عليه .. الملكُ الشابُّ الذي أدركته مِنيتُه وهو فِي الثامِنةِ عشرة مِن عُمره بَعْد فترةِ حُكمٍ قصيرةٍ جداً لمْ تبلغْ عشرات السنين .. كَبَعْضِ أسلافهِ مِن المُلوك .
وبعد .. ،
فإن موضوع الآثار المصرية القديمة، موضوع واسع ومتشعّب، أكبر من أن يتضمنّه كتاب واحد بين دفتيه ..، فكل نقطة فيه تحتاج لدراسات ودراسات لتُحيط به أو تتناوله، ممَّا نراه في الموسوعات التي تجبَّ الحضارة المصرية القديمة، من جميع جوانبها، تاريخاً وموضوعاً، منذ عصور ما قبل التاريخ، وحتى زوال واندثار هذه الحضارة العظيمة.
وعبر فصول هذه الدراسة ، حاولنا أن نتناول مسألة واحدة مثيرة، وهي قصة اكتشاف مقبرة الفرعون توت عنخ آمون الذي طبقت شهرته الآفاق، وهي بحق ثمرة علم المصريات، العلم الذي يدرس الحضارة المصرية القديمة وتاريخها العريض الطويل.
ومن خلال العطف إلى الكشف الأثري العظيم لمقبرة توت عنخ آمون وكنوزه الجنازية، في وادي الملوك بطيبة – ألمحنا لموضوعات أخرى هامة متصلة بتاريخ قدماء المصريين وحضاراتهم وخاصة في عهد الأسرة الثامنة عشرة، التي ينتمي هذا الفرعون الصغير لها، ومنها، ديانتهم .. فكرة الموت والخلود لديهم .. التحنيط .. مقابرهم .. بسحرهم .. لعناتهم .. كنوزهم .. سرقة هذه الكنوز الملكية ... ، وغير ذلك ممّا جاء في ثنايا هذه الدراسة المتواضعة، التي صدَّرّناها بفكرة غير مقتضبة عن علم الآثار عامة، والمصريات خاصة، وما يدور في فلك هذه الموضوعات من نقاط أخرى