الجبهة العربية لإنقاذ إسرائيل

نشر بتاريخ : السبت 11-09-2010 02:09 صباحا
من يراقب الجو السياسي في إسرائيل منذ عدوانها الأخير على غزة مرورا بممارساتها غير المسؤولة مع أسطول الحرية التركي، يعلم أن إسرائيل تعاني من أخطاء في السياسة الخارجية وغياب الروح الدبلوماسية المعهودة، بسبب تلك الممارسات المذكورة آنفا، وبسبب طبيعة الحكومة الإئتلافية وبسبب شخص وزير الخارجية نفسه ثم تداعيات الأزمة الإيرانية النووية على إسرائيل.


والملاحظ أنه لا دور عربي رسمي في تأزيم الوضع الإسرائيلي، بل العكس تماما فقد حدث ما كان تتوقعه الغالبية الساحقة من المتتبعين، أن عصا موسى التي ستنقذ إسرائيل ستأتي من العرب. وها هم ينطلقون مجددا في


مفاوضاتهم العبثية رغم كل الإجحافات في حق القضية الفلسطينية، وكل الشروط المعجزة التي يفرضها الطرف الصهيوني. وما يلفت الانتباه في هذه المفاوضات أنها تأتي في جو مأزوم وفي سياقات إقليمية أقرب ما تكون إلى ريح حرب تهب على المنطقة قريبا، يقول المتتبعون إن مسرحها سيكون إيران بالتأكيد.
وإذا ربطنا هذه الفكرة بالتحرك العربي وإن جاء تحت ضغوط غربية، فإن الجبهة العربية هذه ذهبت إلى واشنطن لإنقاذ حليفها الإسرائيلي، حيث سيكتب له - ربما حليف إقليمي- أن ينقذ هذه الدول مستقبلا من الأخطار الداهمة مع تعاظم قوى جديدة قديمة، في ظل تهاوي الحليف والحامي الأمريكي. وليس هناك تفسير منطقي لهذا الحراك المتسارع من تلك الأطراف إلا هذا، فلا يعقل ان يتحول نتنياهو فجأة من متطرف إلى حمامة سلام، ولا يعقل أن يتكلم الأمريكيون بتلك الجدية وعهدنا بهم أنهم مع كل تليين للحديث في الشأن الفلسطيني يعدون طبخة مسمومة في شأن إسلامي عربي آخر.
من يشاهد ردود الفعل الشعبية في أوساط عامة العرب يلحظ أن هذه الشعوب لم تعد تولي القضية الفلسطينية أهمية تذكر بسبب ما يراه هؤلاء تنازلات أصحاب القضية عن القضية الإسلامية الأولى، ويلحظ تشاؤما اتجاه هذه المفاوضات وما ستحمله نتائجها على المنطقة من دمار على كافة الصعد. في المقابل من يلحظ ويقرأ تعليقات المتفاعلين في التقارير الاتية من أفغانستان يرى أن الشعوب العربية بشتى أطيافها مع طالبان والمقاومة المسلحة في مواجهة الاحتلال الأمريكي.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فمع بدء المفاوضات في واشنطن قرر كرزاي تشكيل لجنة محلية للتفاوض مع حركة طالبان، مع علمه أن الحركة لا ترضى بمفاوضات في ظل وجود الاحتلال الأجنبي. طالبان هي الطرف الأقوى في المعادلة الأفغانية على عكس حكومة كرزاي المتهمة محليا ودوليا بالفساد، والتي لا يتعدى نفوذها القصر الرئاسي في كابل، وبالتالي يستحيل أن تولي طالبان دعوة كرزاي هذه اهتماما وهي الزاحفة للسيطرة على أراض جديدة من أفغانستان.
والسؤال الذي نطرحه على المتفاوضين العرب، لم لا تتعلمون من هذا الشعب الفقير؟ ولم لا تتعلمون من تجارب الاخرين؟
القضية الفلسطينية تتعرض اليوم لإجهاض يشارك فيه الأقربون قبل الأبعدين، لسلبها التعاطف الشعبي العربي الإسلامي الذي حظيت به لسنين خلت، وللأسف قريبا سنشهد اخر صفقة لبيع ما تبقى من كرامة هذه الأمة لا سمح الله. إن نجحت هذه المفاوضات فلننتظر حربا جديدة وجبهة جديدة بل جبهات، وإن لم تنجح فإن البرك الراكدة لابد أن تتحرك، ولابد للفراغ أن يملأ من أحدهم، وما أكثر الأطراف المتصارعة لملئه في ظل الغياب العربي.
الحسين إدمبارك - المغرب