الشباب بين الأزمة النفسية و الفراغ

بقلم:محمدأبوالكرام

منح الشباب فرصة الإقتراح..الحوار والإقناع

أصبح شبابنا يتخبط في أزمات مأساوية،غالبا ما تسيطر على حالته وتصبح معالجتها مستعصية أو شبه مستحيلة.هناك عدة مظاهر وأسباب هذه الأزمة، ونتائجها على الشباب.

من خلال ملاحظاتنا وبحثنا لاحظنا أن بعض شبابنا حائر، وتائه،شاك في قدراته وكفاءاته، تنعكس على حياته، وتزعزع تقته في قراراته ومواقفه. من واجب الآباء والمربين الإصغاء إليه ومنحه فرصة الاقتراح والمبادرة دون أن إقماعه والتقليل من شأنه، مع اعتماد أسلوب الحوار والإقناع. ومن واجبه (الشاب) الإصغاء لتوجيهاتهم. وقد تسببت هذه الأزمة في إشكاليات عقائدية، اجتماعية…و اقتصادية.

جعل الشباب يقتنع بوضعه ويبررها بحجة الانفتاح والخروج من عالم التخلف إلى الرفاهية والتقدم. ثقافة الغرب الغازية جعلته شاكا في توجيهات غيره رافضا للمناقشة والجدال.

ومن أسبابها الرئيسية: أولها مادية الألفية الثالثة، التنكر للقيم الدينية والأخلاقية،وتقدم التكنولوجية مع غياب الضمير وأساليب الإصلاح والتكوين لا التدمير والانحراف. وثانيها المربون والآباء الذين لم يخططوا لتربية شمولية ناجعة، والماديون الذين يتنافسون عن الاغتناء على حساب جيل طائش وسط عالم أفسدته المادة. وقد تمخض عنه دمار جيل كامل. فقد موازنة نفسه، وفقد وضوح الواقع.و فقد التوازن بين العقل والفن وفلسفة الحياة.و بالتالي فقد كل أسس الاستقرار العقلي والنفسي والاجتماعي والإنساني.

قتل الوقت كقتل الحياة

وفي تاريخ البشر قديما،كان يشتغل اكبر وقت ممكن في اليوم ولا يتوقف إلا لضرورة ملحة كالأكل والنوم، ومع تقدم الزمن وتطور البشرية علميا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا، قلت أوقات العمل وعوضت بالفراغ، مع الأسف فهم البعض أنها قتل للوقت تمضي فيما لا يفيد الفرد والمجتمع.

ليس معنى استغلال الزمن أن يملا كله عمل، وتكون الحياة كلها جد لا هزل ولا ضحك.فقد كان في القرون الوسطى احسن الناس وأخيرهم ذلك الجاد المنغمس في عمله، العابس المهموم دائما.على العكس من ذلك رأى دعاة العصر الحديث أن السرور والضحك واللعب في حدود المعقول، ينفع اكثر من الجد الدائم. وكشفت الدراسات النفسية على أن هؤلاء المتزمتين، كانوا اكثر قسوة على الناس في معاملاتهم، عكس ذلك كان يتعامل الذين يلعبون ويمرحون..بالإحسان والعفو والرحمة. وهذا الكلام لا يعني طغيان أوقات الفراغ على أوقات العمل، فالفرد يعمل لغاية، فمن الواجب إخضاع أوقات الفراغ لمنطق العقل واصرافها لغاية كذلك، إما استغلالها صحيا (الرياضة) أو فكريا (المطالعة…).

أما أن يكون الهدف هو قتل الوقت،يعتبر خطا كبيرا، فقتل الوقت كقتل الحياة، فالذين يضيعون وقتهم على طاولة الشطرنج، وأصحاب الأوراق،و كذا المبتلون الجلوس في المقاهي أكثر من بيوتهم،ابتغاؤهم قتل الوقت كأنه اكبر عدو لهم.

والحل لهذه المشكلة حسب رأيي أن للإنسان قدرة على تغيير سلوكاته، يستطيع حب وكره ما يشاء، يقدر على تحسين وتمرين ذوقه على أشياء لم يتذوقها من قبل.فتقوية الإرادة لها دور هام في تقسيم أوقات الفراغ في ما ينفع.فبالمطالعة الهادفة والإرادة القوية في البحث والتكوين يستطيع المثقف أن يخلق في نفسه حب مجال من مجالات المعرفة يدرسه ويتعمق فيه ينفع به نفسه ومجتمعه.