دعوة لإعادة الاعتبار لتاريخ الأندلس

08/10/1431 الموافق 16/09/2010


دعا باحث مصري إلى إعادة دراسة تاريخ الحضارة الإسلامية في الأندلس، ورد الاعتبار لفترة مهمة من تاريخ المسلمين امتدت نحو خمسة قرون وقدمت الكثير من المعارف والفنون والآداب.
وأكد محمد الرزاز المتخصص في دراسة الحضارة الأندلسية أن أعلام الأندلس الذين انتقلوا إلى الشرق الإسلامي كانت لهم بصمات إبداعية عميقة في العلم واللغة والعمارة والأدب.
وأضاف في ندوة أقامها مساء أمس مركز ساقية الصاوي الثقافي بعنوان "الأندلسيون في الشرق: من غرناطة الحمراء إلى القاهرة الزهراء"، أن الهجرات من الأندلس إلى الشرق في القرنين الثاني والثالث عشر من الميلاد، ازدادت بعدما اشتدت المواجهات بين الجيوش الإسلامية والفرنجة، وبدأت تتقلص حدود الأندلس.

مكتبة قرطبة

وأشار الرزاز إلى أن مدينة قرطبة، التي كانت إحدى حواضر المسلمين في الأندلس، كانت تزخر بمكتبة ضخمة تضم نحو خمسمائة ألف مجلد في مختلف العلوم والمعارف.
وقال الرزاز للجزيرة نت إن طلب العلم من مراكزه المشعة كان من أهم الأسباب التي أدت إلى تزايد هجرات الأندلسيين إلى الشرق، إضافة إلى الجهاد والمرابطة في ثغور المسلمين.
كما أن من هؤلاء من هاجر للسفر والترحال، أو فرارا من الاضطهاد الديني بعد سقوط مدنهم، بسبب حركة الإكراه المسيحي للمسلمين بعد هزيمتهم، وصولا إلى أماكن أكثر استقرارا.

ابن البيطار وابن ميمون

وتحدث الباحث عن نماذج من أعلام الأندلس منهم رائد طب الأعشاب ابن البيطار الذي ولد في مالقة في عصر الموحدين، ويعد من أعظم علماء عصره في علم النبات، حيث استخدم المنهج العلمي التجريبي في تخصصه، وسبق به علماء عصر النهضة.
كما قدم كتابا موسوعيا بالعربية واللاتينية واليونانية، يضم وصف النباتات وخصائصها وما تعالجه من أمراض، وظل كتابه يدرس بجامعات أوروبا حتى القرن الثامن عشر، وقد انتقل من دمشق إلى القاهرة.

ومن هؤلاء موسى بن ميمون الذي ولد في قرطبة في عصر الموحدين، ومن كتبه الشهيرة "دلالة الحائرين"، وهو يهودي الديانة لكن هويته تجمع المسيحية والإسلام، وهو شاعر وفيلسوف وقاض وطبيب، درس بجامعة القرويين، وعكف على دراسة وتحليل أعمال ابن رشد فترك بصمة واضحة، ثم هاجر إلى مصر، وأصبح الطبيب الخاص لأسرة القائد صلاح الدين الأيوبي، وكان منزله بمدينة الفسطاط.

أما "ناصح الأمراء" أبو بكر الطرطوشي فهو من طرطوشة، وقد ولد في عصر الطوائف وتوفي في مدينة الإسكندرية، ويعد من أهم فقهاء القرنين الحادي عشر والثاني عشر، وسافر إلى العراق، وعاش هناك في ظل سطوة الوزراء، وقاوم الاستبداد والفساد وجاء إلى القاهرة لنصح الحاكم، ولم يتوقف عن الدعوة إلى مقاومة الظلم.

بعثات إلى الشرق

من جهته أشار أستاذ الأدب والنقد بجامعة الأزهر الدكتور حامد أبو أحمد إلى أننا حاليا "نشهد توجه البعثات التعليمية إلى أوروبا وأميركا، ولكن في عصر ازدهار الأندلس كانت تتوجه إلى الشرق الذي كان الأكثر حضارة ورقيا وتقدما واستقرارا وأمنا".
ولفت أبو أحمد المتخصص في الأدب الأندلسي في حديثه للجزيرة نت إلى أن كثيرا من الأندلسيين كتبوا أعظم كتبهم في المشرق وخاصة بالقاهرة، كما تأثروا بتيارات المشرق الإسلامي في كل المجالات، إضافة إلى ما جاؤوا به من علم وفن وأدب.

وأضاف أن "كل أندلسي جاء إلى الشرق تشرب بثقافة جديدة حيث كان يطوف بأكثر من مدينة، وينهل من حضارة العالم الإسلامي المترامية وإمبراطوريته الضخمة، خاصة عواصمه الكبرى التي كانت مراكز للإبداع والنهضة، مثل دمشق ومكة والقاهرة والإسكندرية".

الجزيرة نت