في الكتابة عن المسالة العراقية, و عن العراق الجريح, يواجه الكاتب معضلة الكتابة عن الأسماء و الشخصيات العراقية.

أولا : لفقدان الكثير من الدراسات الحديثة المعتمدة والعلمية .



و ثانيا: لكثرة التشويه المتبادل بين الأحزاب و التيارات العراقية, و حروب التشويه و الإسقاط المتبادل بين هذا و ذاك.



و ثالثا : كم المقالات الاستخباراتية الكبير, و خاصة بعد الغزو الأمريكي الأخير للعراق الجريح, المستخدمة للتشويه و لقلب الحقائق.



و رابعا : لطول فترة بقاء حزب البعث علي سدة السلطة و تغلغل هذا النظام بين إفراد الشعب العراقي و تنظيماته السياسية و قيادات الأحزاب بمختلف أنواعها, باختصار :
بصمة صدام حسين موجودة علي الكثير من الشخصيات و الأحزاب .



نعم صدام كان هنا أستخباراتيا و هناك عن طريق التحالف و العلاقات الصداقة و الولاء القديمة , و هنالك عن طريق الانضمام ألاستخباراتي لصفوف النظام و كتابة التقارير.



صدام موجود ألي ألان , بعد أن بقي خمس و ثلاثين سنة و أستخلفه صداميون قدامي و جدد يعبدونه في اللاوعي , و يمارسون الرأي الواحد بأسم الديمقراطية , و إسكات و قتل الأخر بأسم محاربة الإرهاب و خدمة لمشروع العراق الجديد!!!؟؟.




في خضم هذه الصعوبات في البحث العلمي التاريخي , تبرز و تلمع أسماء عراقية رائعة في التضحية و الفداء , و في الحسينية الحركية, في مواقفها و في تحركاتها علي الساحة السياسية من أجل الحرية الحقيقية للإنسان العراقي المظلوم .





من هذه الأسماء, يبرز أسم , لإنسان عراقي مخلص ذو تاريخ نظيف و مشرف , إصر هذا الإنسان علي إن يكون أيضا حسيني الاسم و الحركة , أصر ابن ارض السواد هذا, علي أن يكون احد أبناء "لا" .



و إن كانت "لا" قومية و ناصرية , و لكن مواقف هذا الإنسان الحسيني أسما و حركة أقرب إلي الإسلام الثوري بالموقف و الحركة من الكثير ممن يحملون الإسلام شعارا , مع غياب الحركة المنفذة للشعار علي أرض الواقع.

أن هذا القومي الناصري الحسيني هو الدكتور موسي الحسيني و هو صاحب تاريخ معروف و يشهد له بذلك أعدائه قبل أصدقائه.



كم هو رائع إصرار هذا الإنسان و استماتته البطولية المشرفة علي البقاء ضمن أبناء"لا" .
تمر السنين و يبقي الإصرار علي التمسك بالمبدأ و الموقف النظيف و النزاهة.



ينكسر الكثيرون و يتنازل الآخرون , و يبقي الدكتور موسي الحسيني , باقيا علي صرخته ب"لا" بالموقف و الحركة .




أن الدكتور موسي الحسيني عاش واقع المفكر المسئول البعيد عن العاطفة الشخصية, في حين عاش الكثيرون العاطفة في التحليل والسطحية في اتخاذ المواقف , و استغلوا حالة اللاوعي و عدم التوازن في التحليل و الرؤية , التي عاشها الملايين من أبناء العراق الجريح نتيجة للقمع الوحشي لنظام صدام حسين , لتمرير مخططات الامبريالية و الاستكبار العالمي علي أرض العراق الجريح.



علي العكس و النقيض من الدكتور موسي الحسيني, الذي نظر إلي ما وراء اللعبة, و إلي ماذا سيحدث للعراق الجريح علي المدى البعيد و المتوسط ؟

هو حاول أن يقدم للشعب العراقي الحقيقة ضمن واجبه كمفكر واعي, عليه كمفكر ينشر الوعي الحقيقي الصادق, أن يبتعد عن انفعال التحليل و سطحية الموقف, هذا الانفعال و تلك السطحية اللذان لا ينظران إلي ما وراء الحدث و ما خلف الأكمة.



و هو إنسان من أوائل الثائرين علي حكم البعث منذ الستينات , و لا يحق لأحد أن يزايد عليه, فالآلاف الذين يدعون مناهضتهم للنظام الفاشي, كانوا في أحضان البعث , في حين كان أبن مدينة الناصرية في خط الثورة و الانقلاب , و من أوائل المعارضين بالكلمة و بالتخطيط للانقلاب و الثورة الفعلية علي النظام البعثي , كحركة فعلية منذ الستينات .



و موسي الحسيني أبن عائلة عراقية معروفة, قدمت الكثير من التضحيات ضمن نضال العراقيون الشرفاء ضد حكم البعث الديكتاتوري , و شارك هو شخصيا بالتخطيط للانقلاب علي النظام البعثي , و أشترك في التخطيط لمحاولة اغتيال الرئيس السابق أحمد حسن البكر, و حكمت عليه ما تسمي بمحكمة الثورة عليه بالإعدام مرتين !؟



و قضي الدكتور موسي الحسيني أكثر من ثلاثين سنة من عمره ملاحقا من أجهزة النظام البوليسية القمعية , و لم بثنيه و يبعده هذا الاستهداف ألاستخباراتي علي حياته بالقتل عن جبهة أخري ضمن نضاله الحركي و الثوري و هي حرب الكيان الصهيوني , باشتراكه بالمقاومة الفلسطينية و دخوله في نضال حربي مسلح ضد الكيان الغاصب علي مدي أكثر من عشرة سنوات.



أن الدكتور موسي الحسيني , هو إنسان صاحب ضمير حي و فكر مسئول, هذا الضمير و الفكر المسئول , الذي قد يجبره في أحيان كثيرة أن يتحرك ضد التيار, و أن يمسك بالمبدأ كالقابض علي الجمرة , و أن لا يتنازل عن تقديم الوعي المطلوب للجماهير عما يخطط لها و ينصب لها من أفخاخ ,و ما يحاك للعراق الجريح و للأمة من ألاعيب من خلف الستار.



علي الرغم من تشويه هنا و إشاعات سخيفة هناك , و تأمر استخباراتي لإسقاط شخصه من باب إسقاط الشخص من أجل إسقاط الفكرة.

و ليس بالضرورة أن أتفق معه مائة بالمائة في كل ما يقوله , و لكن للرجل تاريخ نضالي مشرف ناصع البياض , و في حين سقط الكثيرون في وحل الرواتب السرية لأجهزة الاستخبارات الدولية , أستمر هذا الرجل يعمل باستقلالية حقيقية من أجل العراق الجريح , و لا زال يصرخ ب "لا" ضد الظالمين العالميين و"لا" أخري ضد السقطة الداخليين من الصداميون القدامى و الجدد؟



و لا زال موسي الحسيني أبن مدينة الناصرية حسيني الاسم و الحركة.



و هذه شهادة أقولها لله ثم للتأريخ.





الدكتور عادل رضا