رجال المقاومة من سجون العدو إلى سجون الشقيق!!


[ 07/10/2010 - 05:58 ص ]
ياسر الزعاترة




فوجئت الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية بالأحكام العالية التي تلقاها اثنان من رموز المقاومة في الضفة الغربية من قبل المحاكم التابعة للسلطة، إذ حُكم على علاء هشام ذياب بالسجن لمدة عشرين عاماً، بينما حكم على عبد الفتاح شريم بالسجن 12 عاماً، فضلاً عن أحكام أقل بحق آخرين من بينهم أنس أنجاص ووجدي العاروري وضياء مصلح.


وعلاء هو أحد عناصر كتائب القسام، وكان مع الشهيدين اللذين قتلا على يد أجهزة السلطة العام الماضي في مدينة قلقيلية، وتسببت إصابته بفقد البصر في إحدى عينيه، وهو معتقل منذ حزيران من العام الماضي، وكان خلال اعتقاله قد تعرض لتعذيب شديد من قبل الأجهزة.

أما عبد الفتاح شريم، فجريمته أنه آوى عناصر القسام الثلاثة، فكان نصيبه الحكم العالي المشار إليه، فيما حكمت زوجته (ميرفت صبري) لمدة عام، وجرى الاكتفاء بشهور اعتقالها السابقة التي تعرضت خلالها للتعذيب من قبل الأجهزة. وشريم أسير محرر من سجون الاحتلال، شأنه شأن حوالي ثمانين من رجال المقاومة وعناصر حماس الذين صدرت بحقهم أحكام متفاوتة من قبل محاكم السلطة خلال الشهور الماضية، فضلاً عن باقي المعتقلين وهم بالمئات.

ما يجري لأولئك الرجال وكل المؤمنين ببرنامج المقاومة وعدد كبير من المنتمين لحركة حماس والجهاد الإسلامي، هو استمرار لنهج دايتون الذي سيطر على الضفة الغربية وأطلق يده دون هوادة منذ الحسم العسكري في منتصف العام 2007، وهو النهج الذي عسكر المجتمع الفلسطيني على نحو استثنائي، وأصاب الناس بحالة من الذهول بسبب ممارسات لم يعرفوا لها مثيلاً، بما في ذلك أيام أوسلو الأولى منتصف التسعينيات، وكل ذلك من أجل الحيلولة دون تفكير أي أحد بالمقاومة التي تعطل مشروع الدولة تحت الاحتلال (السلام الاقتصادي).

"الفلسطينيون الجدد" الذين صنعهم الجنرال دايتون على عينه يختلفون تمام الاختلاف عن عناصر الأجهزة في الحقبة السابقة، فقد جاء هؤلاء إلى عملهم وهم يعلمون طبيعة المهمة المناطة بهم، ولذا فهم يتصرفون بطريقة لا ترقب في فلسطيني (مقاوم أو يؤمن بالمقاومة) إلا ولا ذمة.

في سجون السلطة منذ ذلك الحين تعذيب وأي تعذيب رصدته منظمات حقوق الإنسان، وإن دأب بعضها في سياق من الموضوعية الكاذبة على وضع ما يجري في قطاع غزة على قدم المساواة مع ما يجري في الضفة، مع أن الاعتقال السياسي في القطاع نادر إلى حد كبير، بينما هو يومي في الضفة الغربية، وقد طال أهم الرموز، بما في ذلك عائلات النواب أنفسهم الذي لم يعودوا بمنأى عما يجري، كما حصل للنائب عبد الرحمن زيدان وعدد من إخوانه في الآونة الأخيرة.

لم تسلم المؤسسات، ولم يسلم البشر، ولا تسأل بعد ذلك عن الإقصاء الوظيفي واستهداف الجامعات بالعسكرة، وصولاً إلى المساجد. نعلم أننا تحدثنا عن ذلك مراراً خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ولكن ماذا بوسعنا أن نفعل غير ذلك، نحن الذين لا نملك غير الكلمة ندافع بها عن المستضعفين، وعن خيرة الرجال الذين يخرجون من سجون العدو لكي يجدوا سجون "الشقيق" بانتظارهم، في ممارسة لا تنم إلا عن غياب القيم والأخلاق الوطنية في وعي من يقترفونها.

ثم يأتي بعد ذلك من يحدثك عن المصالحة كما لو كان الأمر خلافاً عشائرياً على قطعة أرض، وليس على سياسة وبرنامج ونهج، وإلا فهل يعتقد عاقل أن برنامج دايتون في الضفة هو محض اختيار، أم أنه جزء لا يتجزأ من برنامج يدركه داعموه، وقد نظروا له أثناء حقبة ياسر عرفات، ثم آمنوا به أكثر وطبقوه بعد اغتياله.

هي مأساة تدمي القلب، فما يجري في الضفة الغربية لا يرضى به إلا من صدأ قلبه وخرب ضميره، فضلاً عن أن يدافع عنه أو ينظر له.

إنها مرحلة بائسة، فهذا الشعب العظيم لن يقبل بأن يتحول خيرة رجاله وأبطاله إلى سجناء في معتقلات الشقيق يسامون سوء العذاب كي يرضى الجنرال دايتون ومن أرسلوه، ويرضى نتنياهو وليبرمان.

صحيفة الدستور الأردنية




--