تفاجأ رحيم سعدون الحارس الامني الذي يعمل في مكتب نائب رئيس الجمهورية في احدى ليالي الشتاء العراقي بدخول احد عناصر الشركات الامنية الخاصة الذي بدت عليه امارات السكر واضحة جلية فقد كان مخمور الى درجة الثمالة, ليطلب هذا الخمار الامريكي ويدعى أندرو مونن الدخول الى المكتب فما كان من رحيم سعدون إلا أن يمنعه كما تقتضي وظيفته التي يعمل فيها باعتباره احد المسئولين عن حياة نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي, إلا ان أندرو مونن وهو احد عناصر شركة بلاك ووتر لم يرق له الامر, كيف يروق له ان يمنعه عراقي من دخول مكان ما!؟, فقام باطلاق النار على رحيم سعدون وأرداه قتيلاً في مكتب عادل عبد المهدي شخصياً!؟ ليغادر مونن بعدها محل الحادث وهو سليم معافي لم يمسسه أي اذى.
لم تنتهي الواقعة عند هذا الحد, فقد طلب عادل عبد المهدي (بأعتباره احد الامناء على الدستور وحياة العراقيين) ان ترفع دعوى قضائية ضد مونن, طالباً ممن رأى الحادث ان يشهد بما جرى, الا ان ماحدث بعد ذلك يدلل بوضوح على مقدار الاستهتار الامريكي بحياة العراقيين, فقد توجهت قوة امريكية الى محل سكن الشاهد ليتم اعتقاله لسنيين حتى لايتسنى له ان يشهد بما جرى.
الآن وبعد مايقارب الاربع سنين على الحادث المذكور يقرر رمز العدالة الامركية "الإدعاء العام" عدم رفع دعوى ضد هذا القاتل من شركة "بلاكووتر" التي غيرت اسمها (بدلت جلدها) إلى شركة "زي،" بعد مجزرتها الشهيرة في وسط بغداد والتي اودت بحياة 17 مدني عراقي بينهم اطفال واكثر من 20 جريح.
وزعم الإدعاء الأمريكي إنه بعد ثلاثة أعوام من التحقيق مع أندرو مونن ثبت (لديه بالطبع) "عدم وجود أدلة كافية للتوصل إلى اتهام لا يمكن الشك فيه" حول دوره في مصرع العراقي رحيم سعدون، الذي تعرض لإطلاق النار ثلاث مرات خلال قيامه بمهامه الأمنية في المجمع الذي تتواجد فيه مكاتب رئاسة الحكومة العراقية.
وادعا المدعي الفيدرالي الأمريكي، جيني دوركن: "نحن لا نتخذ قرارات مماثلة بسهولة لأنه من المؤكد أن مصرع السيد سعدون كان حادثاً مؤسفاً."
وتابع دوركن، في رسالة إلى ستيوارت ريلي، محامي مونن: "كما تدركون، فإن موكلكم كان قد أقر في 25 ديسمبر/كانون الأول 2006 أنه أطلق النار على سعدون وهو بكامل وعيه، ولكنه أصر على أنه قام بذلك دفاعاً عن النفس."
وكانت مذكرة قضائية قد أشارت في وقت سابق إلى أن مونن كان (مخموراً) يحتسي الكحول في احتفال بمناسبة عيد الميلاد في العراق، ومن ثم غادر مكان الاحتفال في المنطقة الخضراء بعد حصول حادث إطلاق النار، ليزعم بعد ذلك ويخبر أحد الحراس أنه اشتبك مع عراقيين قاموا بمطاردته وإطلاق النار عليه.
وقد قامت بلاكووتر بطرد مونن بعد الحادث، ليتم توظيفه بعد شهرين من الحادث المذكور مع شركة أمنية أخرى في الكويت، بحجة أن السلطات المعنية في الحكومة الامريكية لم تدرج قضية مقتل الحارس العراقي في سجل خدمته (لأن الدم العراقي رخيص الثمن في الاوساط الامريكية وملحقاتها).
وكان وزارة الخارجية الأمريكية قد أعلنت في أغسطس/آب الماضي عن التوصل لاتفاق مع شركة "زي" الأمنية التي كانت تحمل في السابق اسم "بلاكووتر" وبدلته بعد ضلوع عناصر لديها بمجزرة "ساحة النسور" وسط بغداد عام 2007، تقوم بموجبه الشركة بدفع 42 مليون دولار كغرامة لخرقها قوانين تتعلق بالتسلح.
وتعتبر هذه القضية واحدة من عشرات القضايا التي تطارد الشركة، ففي أبريل/نيسان الماضي، اتهمت هيئة محلفين فيدرالية خمسة أشخاص بينهم غاري جاكسون، الرئيس السابق لـ"زي" بتقديم بيانات مزورة للحصول على أسلحة نارية للشركة.
وتشير وثائق القضية إلى أن المتهمين، وكلهم من موظفي "بلاكووتر" زعموا شراء أسلحة شخصية، في حين أنها كانت لصالح الشركة التي استخدمتها في مناسبات عديدة، بينها تقديمها كهدايا للعاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، طمعاً بالحصول على عقد أمني عام 2005.
يشار إلى أن الشركة التي جرى إسقاط تهم قتل 17 عراقيا عنها في "ساحة النسور" تواجه دعاوى أخرى، بينها اتهامات بالتزوير والتلاعب في الفواتير خلال تقديمها لخدمات في العراق وأفغانستان والولايات المتحدة، وتزوير فواتير لجعل الحكومة الأمريكية تدفع خدمات بائعات هوى في أفغانستان، وراقصات تعر في الولايات المتحدة.
وتواجه الشركة دعوى أخرى من عناصر سابقة بتهمة تهريب السلاح واستخدام العنف المفرط في العراق. كما تشير الدعوى إلى أن رئيس الشركة، إريك برنس" كان يعتبر نفسه "بطلاً في حملة صليبية مهمتها القضاء على المسلمين والدين الإسلامي في العالم،" وقد وعدت "زي" بالرد على هذه التهم.
المزيد