آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: نظريات الترجمة عند العرب - المشروع الحداثي انموذجا-

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية عبدالرحمان الزاوي
    تاريخ التسجيل
    15/05/2009
    المشاركات
    15
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي نظريات الترجمة عند العرب - المشروع الحداثي انموذجا-

    نظريات الترجمة عند العرب

    المشروع الحداثي انموذجا

    تقديم

    [ ولابد للترجمان أن يكون بيانه في نفس الترجمة في وزن علمه في نفس المعرفة وينبغي أن يكون أعلم الناس باللغة المنقولة والمنقول إليها حتى يكون فيهما سواء وغاية.] . لقد احتاجت جميع الحضارات القديمة والحديثة إلى الترجمة من بيت الحكمة في عهد المأمون إلى المدارس المعاصرة في أوربا، التي دأبت على تعليم الترجمة، مرورا ببيت الحكمة في القيروان ومدرسة طليطلة في الأندلس في القرن الثاني عشر الميلادي والباب العالي في القرن التاسع عشر، ومدرسة الجزائر في منتصف القرن العشرين، وغيرها من المحطات المضيئة للمنهج الترجمي الفني والعلمي.
    إن نشاط الترجمان ومختلف ما يقوم به من عمليات و إواليات‏ « Mécanismes » لم يحظ بما يستحقه من عناية واهتمام إلا منذ عهد غير بعيد ولم تفرد له دراسات نظرية منهجية إلا في النصف الثاني من القرن العشرين.

    إن الترجمة عملية تواصل من نوع خاص، لأن المترجم إنما يقصد ما يقصد إليه المفسر، إذ يشرح للسامع أو القارئ كلاما في لغة لا يفهمها، أي إلى الإبلاغ والبيان والإفهام. ولذلك فهي تخضع لما يخضع له التواصل اللغوي عامة من شروط وملابسات، وهي تتطلب مثله طرفين هما الترجمان والمترجم له، ونص البلاغ وهو الواسطة بينهما.

    ثم السنن أو القوانين codes التي يشترك فيها الطرفان مبدئيا كي تتم عملية التواصل أو الإبلاغ ومن بينها القانون اللغوي code linguistique. ، انطلاقا من هذه الرؤى، ولأن إشكالية التواصل هي نفسها في العملية الترجمية وفي العملية الإبداعية، سأحاول أن أخضع هذا البحث إلى دراسة المسائل التي تطرحها البنية النصية أو البنيات النصية وصولا إلى محاولة تلمس النظريات الترجمية التي تطرح إشكالية العلاقة بين لغات مختلفة و إشكالية العلاقة بين اللغة و الفكر و إشكالية العلاقة بين الفكر و العالم الخارج عن النص و إشكالية العلاقة بين اللغات و الواقع و التاريخ.
    فإذا كانت البنية « La structure » هي تلك الحيلة العقلية و النشاط الذهني اللذان يحيلان أو يهدفان إلى تسطير ورسم الآليات والأشياء في أنظمة « Dans des systèmes linguistiques et/ou phonétiques » لغوية لسانية و/أو صوتية، أو إخراجها من واقع الكمون و السكون و الركود إلى واقع الواقع الملموس، بطريق قد يكون مفهوما ومعقولا وواضح التركيب، وقد يكون زئبقيا ينفلت المعنى ويندس وراء المسكوت عنه « Le non dit » .

    هذا يعني أن البنية ترفض رفضا قاطعا النظر إلى الإنسان على أنه مقياس كل الأشياء، بما فيها النص الذي ينتجه ويتحكم فيه ، وتلغي كذلك مركزيته وإحاطته بالعالم، ولا تقر له إلا بامتيازه في وعي هذا العالم. أما دراسة هذه البنية، فتضرب صفحا عن المفاهيم القديمة، وتحاول أن تجدد نظرتها مع مرور الوقت واختلاف المكان.

    فهي لا تقر بما درسه الفلاسفة وعلماء النفس وعلماء الاجتماع والأدب، وما وظفوه من مواضيع في نصوصهم، حيث اهتمت هذه المواضيع عادة بالقلق والحرية و الأنا و الهو والدولة والمجتمع والجريمة والحرب، الخ.

    وحيث تعوض دراسة البنية هذه المواضيع كلها بمصطلحات تعتبرها ذات قيمة مفهومية حداثية، مثل النموذج، الدال، المدلول، الاعتباط، البنية، البنائية، البنيوية، الخلفية، المرجع، الأيقونة، الفهرس، الجدول، الرمز / الشارة.
    إذن واعتمادا على ما تقدم ترسخت لدينا فكرة العلاقة بين الإنسان والبنية المتمثلة في الصراع القائم بينهما، رغم أن الإنسان هو الذي يخلق هذه البنية، والتي تحاول جهدها من خلال المنهج أو المناهج التي تتبناها إقصاء الإنسان من طريقها وإلغائه، أو لنقل تعلن موته التام والنهائي، وذلك بإبعاده عن نتاجه الذي شغل فيه فكره وحواسه وعواطفه.

    إن النتاج الفكري بالنسبة إلى درس البنية النصية، محدود في إطار ما يصل إلى المتلقي عبر نظام معقد، يعتمد أساسا على المؤسسات التي تحضر في مخيلة الباث، أو في خلفيته المرجعية، هذه المؤسسات التي تحضر بالفعل في النص الأدبي المقروء، ومن خلالها تتم عملية القراءة أولا ثم عملية الترجمة ثانيا.
    إذن فعبر سلسلة معقدة، وفي إطار الحقول الدلالية للفظ الذي لا يتحدد معناه من شكله سواء في بنية النص الأصلي، أو بنية النص المترجم. إذا نظرنا إلى الترجمة على هذا النحو تغدو عملية مركبة، أو معقدة، إذ فيها ما هو لغوي، ولكن فيها أيضا ما قد يخرج عن حد اللغة ويتجاوزها إلى ما وراء الكلام.

    هو الموقف الذي يندرج فيه الإبلاغ والسياق الثقافي والحضاري الذي يترجم فيه أو الذي يخرج فيه النص المترجم من حيز إلى آخر. وقد تلتقي بعض مكونات الخلفية المرجعية للباث والمتلقي والمترجم، في مفهومها المجرد من المعنى، والمخطط التالي يوضح هذه العلاقات، في توظيف المدارس المؤسسة والمكونة للخلفيات المرجعية للعناصر الثلاثة.

    المؤسسة العائلية علاقة المؤسسة العائلية
    المدرسة علاقة المدرسة
    المؤسسة الدينية علاقة المؤسسة الدينية
    المؤسسة الإعلامية علاقة المؤسسة الإعلامية
    المؤسسة الاجتماعية علاقة المؤسسة الاجتماعية
    (...............) علاقة (...............)
    المتلقي / علاقة النص / علاقة الباث / علاقة /
    المترجم / علاقة
    تكون تكون
    المؤسسة السيكولوجية الخاصة علاقة المؤسسة السيكولوجية الخاصة
    المؤسسة الاجتماعية الخاصة علاقة المؤسسة الاجتماعية الخاصة

    نسجل الملاحظات التالية :

    إن الخلفية المرجعية بالنسبة للباث والتي تتمثل في (المؤسسة العائلية، المؤسسة الدينية، المؤسسة الإعلامية، المؤسسة السياسية أو (النظام السياسي)، المؤسسة الاجتماعية، المؤسسة التربوية "المدرسة"...) هي نفسها عند المتلقي الذي قد يكون مترجما، يعمل في إطار النص أو الرسالة الموجهة.

    لكن حين التمعن والتدقيق في العلاقات القائمة والتي تجمع الطرفين من خلال خلفيتهما المرجعية، والمتمثلة أساسا في العلاقة ع 2، وهي علاقة لا يمكن أن تكون انعكاسية (في لغة الرياضيات)، مثلا : المؤسسات المكونة للخلفية المرجعية للباث، رغم الصورة نفسها التي تأخذها - عند المتلقي (المترجم هنا)- إلا أنها تختلف في الدلالة والسمة وتصبح هذه العلاقة كالتالي :
    المؤسسات(متلقي- مترجم) ع2 المؤسسات(باث)
    وهي غير محققة بالشكل التالي:
    المؤسسات(متلقي- مترجم) ع2 (-1) المؤسسات(باث)
    وإلا أصبحت الدلالة في المؤسسات(باث) تساوي تماما المؤسسات(متلقي- مترجم)، وبالتالي يكون الباث هو نفسه المتلقي، أي ينطبق عليه، وهذا ما لا يمكن تحقيقه، وإن تحقق فالظروف المحيطة أو الموعزات تغيره بنسبة عالية.

    ولهذا نجد الذين اشتغلوا في ميدان ترجمة النصوص التي تتناول الترجمة كموضوع، إما تلك التي اختصت في النظرية الترجمية أو تلك التي تناولت إشكاليات الترجمة من جميع جوانبها اللغوية والموسوعية خاصة، فهذا الأستاذ لطيف زيتوني يقول عن تجربته عندما أقبل على ترجمة المسائل النظرية في الترجمة لجورج مونان : [ حين بدأت بترجمة كتاب –المسائل النظرية في الترجمة- هالني ما وجدت فيه من اصطلاحات. فقد عرض المؤلف لكل ما يتصل بالترجمة من مسائل ألسنية : ازدواجية اللغة، ونظريات الدلالة، والنظريات التي ترى في اللغات رؤى للعالم، واختلاف الحضارات، والوحدات الدلالية، والتضمين والتعيين، والاتصال، والكليات اللغوية، والعراقة (علم الأعراق، أو الإتنوغرافيا)، وفقه اللغة، وتركيب الجملة.]
    و إذ نقف عند رأي ميشونيك حيث يقول [ لكي نرسي قواعد نظرية لترجمة النصوص الأدبية وتطبيقاتها، يجب أن نتناول بالنقد المسلمات التي أعدها نيدا وكذلك تكنيكه، ولا يعني هذا العودة إلى الدفاع عن فن الترجمة... فالمقصود هو أن نبين أن التعارض الأساسي بين الشكل و الجواب عند نيدا غير عملي في الأدب وأن نيدا لم يتنبه إلى خواص الأدب وقضايا ترجمته، وإن نظريته ليست نظرية علمية، حيث أنها تستخدم أدوات حديثة للحديث عن أقدم الأيديولوجيات الخاصة بالترجمة.]

    ولذلك –أعتقد- رفض ميشونيك اعتبار نظرية الترجمة نوعا من اللسانيات التطبيقية، لأنها مجال جديد في نظرية الأدب وممارسته، بما يحمل من فعاليات تأسيسية للنص، وهي تشترك دون شك في اعتباطية الدال والمدلول، الذي تتميز به الحياة من جهة والكتابة من جهة أخرى، كون هذه الأخيرة تعتبر ممارسة اجتماعية، في نقيض الممارسة البنيوية.

    وإذن فثمة قضايا تتعلق بالمترجم وما ينبغي أن يتحلى به من دراية وأخرى تتعلق بالبلاغ المراد نقله أو ترجمته، وثالثة تتعلق بإشكالية نقله من لغة إلى أخرى وإلى أي حد تكون الترجمة ممكنة أو متعذرة أو بين هذا وذاك.
    بما أن الذات هي التي تعبر عن ذواتها في النص، وبما أن الذات المترجمة هي التي تعبر عن الذوات المبدعة، وعن ذاتها، فقد تقنع عند الاقتضاء بمضمون قد يكون غير ذي شأن. فالذات تعبر عن الذاتية بما هي كذلك، عن مضمونها الخاص، عن النفس وكوامنها و خوالجها وأحاسيسها، عن موضوع خارج عنها، مبلغا ما بلغ بعده عنها.
    إن هذه الفكرة تحيلنا إلى التعبير عن طريق الكتابة لإثبات الإشكالات المضمونية من جهة و الإشكالات اللغوية من جهة أخرى، و التي تفضي إلى المسألة الترجمية أو الظاهرة الترجمية بكل ما تحمله من دلالات إبستمولوجية لا يمكن أن تستنبط من النص بتلك السهولة المتصورة.
    من هنا يمكن أن نقول بأن الدلالة اللفظية بما تحمله من شحنة، لا تستطيع أن تعكس كل معناها في اللغة الواحدة فما بالنا إذا انتقلت إلى لغة أخرى. وعليه فللفظ خلفية تندس وراءها حضارة ومؤسسات.
    وباختصار فإن جميع أنواع العواطف في حركاتها اللحظية، حين تجيش بفعل أسباب شتى. فالأشياء والمواضيع والمضامين هي في النص عنصر عارض تماما، والمهم إنما هو التصميم والتعبير الفنيان اللذان يكمن سحرهما في نفح النفس المتضرع بالحب والحنو من جهة، والقبح من جهة أخرى، وجزئيا في نمط الحدس والتصور الذي يستدعي الانتباه بجدته و بلفتاته البارعة اللا متوقعة.

    من خلال ما تقدم يمكن أن نسجل هنا تلك النقلة النوعية التي خطاها المنهج البنيوي في شكله الفلسفي، المحيط الداخلي والخارجي لوعي الإنسان، أو الوعي الممكن، أو الخلفية المرجعية للإنسان، المرتكزة على واقع موضوعي غيبي تتلاقى في جانبه الأول مع الفلسفة والمنهج الاجتماعي، وفي شقه الثاني مع المؤسسة الدينية، وذلك باختلاف الديانات.
    إذن إن الأساسي في دراسة البنية قصد الفهم والتحليل والتفكيك وإعادة التفكيك ومن ثم الترجمة، سواء أكانت هذه البنية نصا، أو مجتمعا أو مجموعة عناصر تكون مجموعة نصوص، يتطلب العزل التام حتى عن مجالها الذي هو بالنسبة لها خارج.

    وهي أول خطوة تحدد البنية، وتجعلها نسقا مستقلا، ونظاما بعلاقات داخلية في شكل شبكات متقاطعة، على المشتغل عليها أن يعيها، دون أن يتدخل المؤثر الخارجي فيها. وهي لا تنحصر فقط في النص الأدبي الواحد، بل تتعداه إلى مجموعة نصوص لمجموعة كتاب في مدة زمنية معينة مثلا، أو إلى بنية اجتماعية لها خصائص ومميزات اجتماعية واقتصادية تقترب أو تتشابه فيما بينها، وهذا ما نجده في مفهوم البنية الاجتماعية الماركسية، حيث تتحدد بالطبقات انطلاقا من المصالح المشتركة للعناصر المكونة، مع مراعاة المكانية وإمكانية تحديد الفضاء الذي يمكن للبنية أن تتحرك في إطاره دون الانتقال إلى فضاء بنية أخرى.

    إن هذا الانتقال يعتبر حركة للتاريخ وانصهارا فيه، وهذا يتناقض مع مفهوم البنية على الرغم من أنه لا ينفي عزل العنصر الذي هو خارج عنها، وهو الشيء الذي لم يستطع المنهج البنيوي نفيه أو إلغاءه.
    وليكن هذا العنصر- النص الأدبي- الذي ينتمي إلى البنية الاجتماعية مثلا، وهذه الفكرة تحدد بالتدقيق مدى تداخل عناصر البنية الواحدة في إطارها العام أو ما يسمى بالبنية العامة.
    وعلى هذا الأساس و انطلاقا من المعطيات التاريخية و البنيوية بدأنا نفكر في موضوع بحثنا و كيف يمكننا أن نتعمق فيه. حيث حاولت أن أكون أمينا للفكرة و للثبت التاريخي و للموضوع، و تجنبت قدر المستطاع عامل الخيانة على الرغم من أن الموضوع الذي أتناوله يقر بهذا العامل.
    حاولت أن أترجم النصوص لا أن أخونها، و اعتمدت في تحليلي للظاهرة على جملة من المفاهيم و النظريات التي كونت سندا قويا لي للتصدي للصعوبات التي فرضها الموضوع.

    فلا ينبغي أن يستسلم المترجم لطغيان النص بكل معطياته الظاهرة و الخفية.

    إن دارسي اللسانيات، قصد الترجمة، يستفيدون أيضا من منظري الترجمة في حل الصعوبات التي قد تعترضهم حين تعاملهم مع لسانية النص.
    عندما يجري الحديث عن الترجمة الحرفية، أصبو إلى معرفة ما إذا كان المقصود هو نقل النص حرفا حرفا، أو كلمة كلمة، لأن "الحرف" بالفرنسية « Lettre » في حد ذاته استعارة، والحرفية في رأيي ليست مفهوما فعالا لأن موقعها النقطة التي يتعارض عندها الشكل والمعنى، الدال والمدلول، كما أنها لا تساعد الأدب على القيام بوظيفته.
    بالإضافة إلى ذلك نقول إن كل لغة تفتح مجالا مختلفا أمام الحقيقة، وإن الحقيقة التي تكشف عنها لغة النص في نطاق اللغة التي كتب بها تختلف عن الحقيقة التي تكشف عنها لغة أخرى.

    وإذا انطبق هذا على لغتين تنتميان إلى أسرة واحدة، كالفرنسية والإسبانية، فهو ينطبق بالأحرى على لغتين تنتميان إلى أسرتين مختلفتين كالعربية والفرنسية، فنحن لا نجد شيئا مشتركا بين هاتين اللغتين لكل منهما نظاما لغويا وجماليا خاصا بها.
    ولكل منهما طريقة خاصة للربط بين الكلمة والشيء، الدال والمدلول، ولكل منهما بناها الصوتية والإيقاعية والموسيقية، ومن ثم، تنظر كل منها إلى "الجمال" بعين مختلفة.

    بعد هذا التحليل والمقارنة بين اللغات وأشكالها وأصولها و جمالياتها، ألاحظ أن فكرة معنى الكلمة يجب أن يتحقق حسب موقعها السياقي، أي حسب البنية التي توضع في إطارها.

    لنقل إذن إن الترجمة لا يمكن أن تكون تطابقا أبدا، والذين يصرون على إيجاد هذا التطابق لا ينتهون إلا إلى عملية تشويه، في رأيي، و أعتقد جازما أن كل اللغات قادرة على التعبير على الموضوع، لكن الاختلاف يكمن في الكيف، فلكل لغة طريقة في التعبير.
    إن بحثي هذا يرتبط بسؤالين إثنين و هما كيف و لماذا، و يحاول قدر الاستطاعة الابتعاد عن الإجابة الكرونولوجية من و ماذا و متى. و ما كان له ان يرى النور و يكتمل بالصورة التي هو عليها لولا جهد هؤلاء الباحثين، و الذين أدين لهم في كل حرف و كلمة سطرت يمكن أن يتلمسها القارئ و يفيد منها و يستفيد.

    أذكر أشخاصا كان لهم فضل كبير في إتمام و جمع هذه المادة، و لا أنسى أبدا حديثا جرى بيني و بين بن مزيان بن شرقي و نحن نحتسي معا كأس شاي، و كنت على التو أنهيت البحث، و يعود هذا إلى حوالي ست أو سبع سنوات، حيث عندما بلغته بأنني أشرفت على نهاية البحث في كوضوعي هذا، ابتهج كثيرا و قال ما أحوجنا في الجزائر على الأقل إلى مثل هذا الموضوع.

    إذ ليس ثمة دراسة لنظريات الترجمة و ستكون هذه الدراسة تتمة للمسح البيوغرافي للترجمات.
    إنني مدين لمجموعة كبيرة من المؤلفين الذين طرحوا اشكالات معرفية جعلتني أعيد النظر في بعض المفاهيم. و قد استفدت منهم الكثير حاولت أن أثبته بكل أمانة بين ثنايا هذا البحث.

    لقد تعلمنا في المدارس أن الترجمة من اليونانية إلى العربية تمت في الفترة العباسية الأولى في عهد المأمون [197/218 هـ / 813/833 م]. إنها الرواية التي رسخت في أذهاننا و أسستها كتب التاريخ التي ألفت في العصر العباسي.
    كل هذا لم يكن إلا جزء صغيرا مما تم حقيقة في أيام حكم المأمون.

    لقد انصب حديثنا على حركة الترجمة من اليونانية القديمة الى العربية في عهد محمد علي، مؤسس النهضة المصرية الحديثة و رفاعة رافع الطهطاوي. و على ما آلت اليه حركة الترجمة في وقتنا الحاضر و الدور الذي تلعبه في تشكيل و تكوين الثقافة العربية الحديثة، أو على أقل تقدير، الثقافة التي تتخذ من الحداثة منهجا لها و نبراسا.

    إذ حينما سنحت لنا الفرصة للاطلاع على الثبت البيبليوغرافي القيم الذي أعدته كاميليا صبحي عن الكتب المترجمة من العربية الى الفرنسية منذ القرن السابع عشر و حتى وقتنا الحاضر ، وجدنا أنفسنا مضطرين لإقامة مقارنة تطبيقية بين ترجمتين تهم القارئ، ولإبراز الفرق الكبير بين النقل في العصر الحديث و النقل في القديم.

    لقد جمعت الباحثة كاميليا صبحي حوالي ألف و ثلاثمائة و تسعة عشر [1319] عملا من الأعمال العربية المترجمة الى الفرنسية، و حيث غطت فترة لا يستهان بها امتدت ن القرن السابع عشر الميلادي الى عام 2003.
    لقد جمع هذا الثبت بين الرواية و التراجم و الشعر و المسرح و القصص و الحكايات و بعض الكتب النقدية و الكتابات الدينية و الفقهية و الصوفية و التاريخية و علوم العرب.

    و لما كان عنوان بحثي يتقصى نظريات الترجمة عند العرب – المشروع الحداثي نموذجا - و لما كان المنهج المتبع يتطلب أرضية منهجية للإنطلاق في البحث، أعدت قراءة المناهج باختلاف أنواعها، و حاولت أن أتعرف على الخصوص على المنهج الإجتماعي و المنهج التاريخي و المنهج البنيوي التفكيكي لما لها من دور كبير في الدراسات النقدية من جهة و الدراسات التأريخية من جهة أخرى.

    و اقتناعا مني من ان البنيويين و المهتمين بالمنهج البنيوي، يرسمون خططا ناجحة للولوج إلى النصوص و يسلحون القارئ بأدوات فاعلة في النص. فإن النقد البنيوي و منه النقد الترجمي يعتمد على جملة من المصطلحات منها الخارج و الداخل و الإسقاط و الخرق و الإنزياح و الاحتواء و التعدي. هذه الأدوات التي تجعل القارئ أمام نص لم يتعود عليه، فأداة الخرق مثلا هي نابعة من اختيار المنهج كما يشير إلى ذلك رومان جاكوبسون و هي عملية مقصودة واعية في التعامل مع النص سواء فصد النقد أو الترجمة.

    [يتبع]

    ملاحظة . إعتمدت جملة من المراجع والمصادر لم تظهر الإحالة إليها.


  2. #2
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    10/12/2010
    المشاركات
    3
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: نظريات الترجمة عند العرب - المشروع الحداثي انموذجا-

    شكرا لك أستاذي الفاضل على هذه المعلومات القيمة


  3. #3
    شاعر
    نائب المدير العام
    الصورة الرمزية عبدالله بن بريك
    تاريخ التسجيل
    18/07/2010
    العمر
    62
    المشاركات
    3,040
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: نظريات الترجمة عند العرب - المشروع الحداثي انموذجا-

    رصين هذا الموضوع و ممنهج.

    تحياتي سيدي.

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    عـضــو الصورة الرمزية فهد علي
    تاريخ التسجيل
    20/04/2010
    المشاركات
    667
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: نظريات الترجمة عند العرب - المشروع الحداثي انموذجا-

    بما أن الذات هي التي تعبر عن ذواتها في النص، وبما أن الذات المترجمة هي التي تعبر عن الذوات المبدعة، وعن ذاتها، فقد تقنع عند الاقتضاء بمضمون قد يكون غير ذي شأن. فالذات تعبر عن الذاتية بما هي كذلك، عن مضمونها الخاص، عن النفس وكوامنها و خوالجها وأحاسيسها، عن موضوع خارج عنها، مبلغا ما بلغ بعده عنها.
    إن هذه الفكرة تحيلنا إلى التعبير عن طريق الكتابة لإثبات الإشكالات المضمونية من جهة و الإشكالات اللغوية من جهة أخرى، و التي تفضي إلى المسألة الترجمية أو الظاهرة الترجمية بكل ما تحمله من دلالات إبستمولوجية لا يمكن أن تستنبط من النص بتلك السهولة المتصورة.
    ================================================== ==========
    إذن فعبر سلسلة معقدة، وفي إطار الحقول الدلالية للفظ الذي لا يتحدد معناه من شكله سواء في بنية النص الأصلي، أو بنية النص المترجم. إذا نظرنا إلى الترجمة على هذا النحو تغدو عملية مركبة، أو معقدة، إذ فيها ما هو لغوي، ولكن فيها أيضا ما قد يخرج عن حد اللغة ويتجاوزها إلى ما وراء الكلام.
    هو الموقف الذي يندرج فيه الإبلاغ والسياق الثقافي والحضاري الذي يترجم فيه أو الذي يخرج فيه النص المترجم من حيز إلى آخر. وقد تلتقي بعض مكونات الخلفية المرجعية للباث والمتلقي والمترجم، في مفهومها المجرد من المعنى، والمخطط التالي يوضح هذه العلاقات، في توظيف المدارس المؤسسة والمكونة للخلفيات المرجعية للعناصر الثلاثة.
    ================================================== ===========================
    وحيث تعوض دراسة البنية هذه المواضيع كلها بمصطلحات تعتبرها ذات قيمة مفهومية حداثية، مثل النموذج، الدال، المدلول، الاعتباط، البنية، البنائية، البنيوية، الخلفية، المرجع، الأيقونة، الفهرس، الجدول، الرمز / الشارة
    ========================================
    جزاك الله خيرا كثيرا على ما قدمت من معلومات قيمة ومهمة للغاية وخاصة في عصرنا الحالي
    لو سمحت أرجو توضيح ما أقتبسته من كلامك
    أستاذي الكبير
    أنا تعبت من علم الترجمة وفيه صعوبة جمة
    أتمنى أن تعطيني ما يفيدوني فضلا لا أمرا
    سلملم ودمتم سالمين


  5. #5
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    07/04/2016
    المشاركات
    1
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: نظريات الترجمة عند العرب - المشروع الحداثي انموذجا-

    موضوع أكثر من رائع


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •