آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: اللغة العربية .. وتحديات الفرنكوفونية : د . لطفي زغلول

  1. #1
    شاعر وكاتب / أستاذ بارز الصورة الرمزية لطفي زغلول
    تاريخ التسجيل
    22/12/2006
    العمر
    85
    المشاركات
    515
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي اللغة العربية .. وتحديات الفرنكوفونية : د . لطفي زغلول



    اللغة العربية
    وتحديات الفرانكوفونية

    د . لطفي زغلول
    www.lutfi-zaghlul.com

    في كل عام ومنذ العام 1997، وهذه السنة الثالثة عشر له على التوالي ، ينعقد مؤتمر الفرانكوفونية في سويسرا بمشاركة سبعين دولة، شاركت في اعماله بعض من الدول العربية التي كانت تحكمها فرنسا، الى جانب الدول الأخرى الناطقة بالفرنسية.
    ونحن هنا لسنا بصدد الحديث عن جدول اعمال المؤتمر، ولا القضايا التي تناولها وامعن في بحثها. ان ما يهمنا منظور واحد يخص اللغة العربية التي تتعرض لتحديات اللغات الأجنبية ، ومنها الفرنسية لغة الفرانكوفونية.
    بداية، فان الفرنكوفونية مصطلح فرنسي يعني مجموعة الدول والشعوب الناطقة باللغة الفرنسية وتشمل الشعوب الناطقة اصلا باللغة الفرنسية على امتداد الرقعة الجغرافية التي تشغلها من الكرة الارضية بقاراتها الست، مضافا اليها المستعمرات الفرنسية السابقة. وقد سبق وان عقدت الفرنكفونية مؤتمر قمتها التاسع، في العام 2004، في عاصمة عربية هي بيروت.
    ويمكن قراءة الدوافع لتأسيس هذه المنظمة من خلال حرص فرنسا على لغتها الفرنسية في الدرجة الاولى، وعلى ثقافتها كون اللغة هي مفتاح اية ثقافة انسانية. ولا يخفى ان هناك دوافع اخرى تجسدها الرغبة في الانتشار والتوسع والتواجد على اكبر مساحة جغرافية، وفي ذات الوقت فان عنصر التنافس بينها وبين اللغة الانجليزية الاكثر هيمنة وانتشارا أحد هذه الدوافع، ولا ينبغي اغفاله لأسباب كثيرة.
    وعلى ما يبدو فان الانجليز لم يفكروا بايجاد مؤسسة "أنجلوفونية" لغوية ثقافية، فلغتهم أصبحت على مدار الازمنة الحديثة اللغة الرسمية الثانية لمعظم دول العالم وفي أحيان اخرى اللغة الرسمية الاولى. وفي المقابل فقد اوجدوا بدلا منها"الكومون ولث" الذي يضم كل المستعمرات البريطانية السابقة ما عدا العربية، وهي منظمة اشتق اسمها من الثروة المشتركة.
    ما يهمنا هنا هو منظومة الدلال والحظوة والاولوية والمكانة التي تحظى بها هاتان اللغتان في العالم العربي على حساب اللغة العربية التي يفترض وفقا للدساتير العربية انها اللغة الرسمية الى جانب كونها لغة القرآن الكريم، والتي اصبحت مساحة تراجعها تزداد مع الايام شيئا فشيئا جراء عدم وجود قوانين او انظمة عربية تهدف الى حمايتها من الغزوين اللغوي والابجدي الفرنسي والانجليزي.
    ومما لا شك فيه ان اللغة العربية تعاني هذه الايام جراء اهمالها من قبل ابنائها سواء كان ذلك بقصد او بدونه. وهنا لا بد من الاشارة الى التقصير الذي تتصف به المجامع اللغوية العربية والتي على ما يبدو انها منشغلة بقضايا لغوية مجردة نظرية لم تصل الى سقف خطورة ما تتعرض له اللغة العربية.
    وكم يتحسر الانسان العربي الغيور على لغته وثقافته كون العالم العربي يفتقر الى مؤسسة قومية على نمط الفرنكوفونية. ان مثل هذه المؤسسة لو كتب لها ان ترى النور ذات يوم فسوف تكون متعددة الاهداف. فهي من ناحية ستعمل على حماية اللغة العربية وتطويرها وايلائها المكانة التي تستحقها، ومن ناحية اخرى توسيع الرقعة الجغرافية التي تغطيها، وكذلك تسهيل انتشارها وبخاصة بين الشعوب الاسلامية، كون العربية هي لغة القرآن الكريم والصلاة والأذان والعلوم الدينية الاخرى.
    ولا تقف مثل هذه المؤسسة عند هذه الحدود المذكورة فحسب، بل ثمة اهداف قومية اخرى يفترض ان تصل الى تحقيقها. فالعالم العربي بحاجة الى توحيد مشروعاته ورؤاه ومشاهده الثقافية في اطار يؤمن بالانفتاح على الثقافات واللغات الاخرى دون المساس بالجذور تحت مظلة قومية تكون قادرة على اثبات وجودها والتصدي للتحديات الثقافية الواردة من خارج حدود العالم العربي، سواء تلك الآتية غزوا أو جراء تطور تقنيات الاتصال بين الشعوب. وقد يكون من اهم اهدافها-والعولمة الثقافية آخذة في الاجتياح- ان تساهم وتشارك كيلا تذوب فيها وتمحي شخصيتها وتفردها وتميزها وخصوصيتها.
    ان العالم العربي يتعرض لموجة غزو لغوي ثقافي لا انقطاع لها. ولعل أخطر ما في الامر وجود شرائح مجتمعية عربية قد أخذت على عاتقها عملية التسويق الثقافي واللغوي غير العربي متحمسة للتبشير به على انه سمة العصر والعصرنة والرقي والانطلاق الى العالمية.
    وفي هذا الصدد ليس ثمة عربي غيور على عروبته ولغته من يرفض التطور الثقافي واللغوي الايجابي للعالم العربي، ومن المؤكد ان ازدهار سوق اللغات والثقافات الاجنبية فيه لا يشكل ادنى مشكلة لو ان هناك جهاز حماية للغة والثقافة العربيتين اللتين تتعرضان للتقلص والانكماش والتراجع والشعور بالنقص والدونية.
    ان ما تتعرض له اللغة العربية تحديدا– وهي من أسس الكيان القومي– باعتبارها احدى اعمدة الثقافة العربية الرئيسة خطير للغاية. والخطورة هنا تنبع من كونها تتآكل في اكثر من موقع بدءا بمناهج تدريس اللغة العربية العقيمة غير المتطورة في المؤسسات التعليمية التي تفرز اجيالا لا تتقن لغتها، ومرورا بطبقة المثقفين العرب الذين على ما يبدو ان غالبيتهم في حالة خصام مع قواعد هذه اللغة نحوها وصرفها ، ووقوفا عند العاملين في حقل الاعلام الفضائي الذين ينتهكون حرمات قواعدها عشرات المرات في مراسلاتهم ونشراتهم وبرامجهم، وانتهاء بالاسواق التجارية التي غزتها اللافتات والتسميات والعلامات التجارية غير العربية.
    ومثالا لا حصرا فثمة اسواق تجارية في عواصم ومدن عربية لا يوجد ادنى اثر فيها للغة العربية وكأنها متواجدة في عواصم ومدن اوروبية. الا ان الأخطر من هذا كله هذا الكم من الاعلانات التجارية والدعائية الاخرى باللغة العامية الركيكة، سواء كانت شاخصات او لافتات، او منشورة في الصحف والمجلات، او المطبوعات الأخرى.
    ويكتمل مشهد مأساة اللغة العربية اذا ما اضيف اليه ما يدور في ساحة الاعلام الفضائي العربي الاوثق التصاقا بالجماهير العربية والاعمق تأثيرا فيها. فمن بين ما يقارب المائة وخمسين فضائية عربية تحمل اكثر من سبعين منها اسماء ورموزا بلغات اجنبية نصا وابجدية.
    ومن هذه الفضائيات ما يستخدم الفرنسية او الانجليزية في واجهات برامجها وفواصلها وشاراتها الخاصة. والأنكى من ذلك كله، تقديم موجات متلاحقة من الاغاني المصورة العربية " الفيديوكليب " مذيلة باسماء الشركات المنتجة والاغنيات والفنانين والفنانات وبقية الكوادر والعناصر الفنية الاخرى باللغة الانجليزيـة.
    في العالم العربي هناك الكثيرون الذين يغارون على لغتهم ومنظمومة ثقافتهم ويستشعرون المخاطر التي تحيق بهما. وهم يعلمون يقينا الدوافع الكامنة وراء هذا التراجع الذي منيت به اللغة العربية والتي يمكن تصنيفها بالغزو الثقافي الذي يعمل على الاقتلاع من الجذور والخروج من الجلد، والارتماء في احضان العولمة التي لا تعترف بالتعددية الثقافية، ساعية الى نشر ثقافة الأقوى.
    لقد ادرك الاستعمار ان الثقافة هي العصب الذي يمكن مهاجمته وتخديره واماتته بهدف وضع"حشوة ثقافية بديلة" تحمل في تركيبتها عناصر ضعف الانتماء والتقليد الاعمى والشعور بالنقص والدونية والعجز في مقابل فوقية حضارة الآخر- وبمعنى اصح الحضارة الغربية- ولغاته وثقافته.
    كلمة أخيرة، اننا اذا كنا غيورين حقا على لغتنا العربية ومنظومة ثقافتنا بالتالي ونخشى عليهما من التراجع والذوبان في الآخر، واذا كنا نريد ان نكون حضاريين وعالميين فالانطلاق يكون من الجذور والأصالة والمحلية والخصوصية والتميز والفرادة. وباستطاعتنا ان تكون لنا مؤسستنا الثقافية الخاصة على نمط الفرنكوفونية على طريق تجسيد الهوية العربية وتعميق الانتماء لها، وايجاد المكانة اللائقة للأمة العربية الناطقة بالعربية بين أمم العالم وشعوبه الاخرى.
    ويكفي اللغة العربية شرفا وكرامة انها لغة القرآن الكريم، وان مليارا وثلاثمائة مليون مسلم يشكلون احتياطيا استراتيجيا لنشرها بينهم. لكن المطلوب اولا ارادة جماهيرية نابعة من حس قومي عقائدي انتمائي تجاه اللغة العربية بصفتها مفتاح الشخصية الثقافية العربية، وعنصرا هاما من عناصر وجودها وكرامتها.
    ان قرار المستوى السيـاسي في تقديمها، والعمل الجاد لكي تأخذ المكانة التي تستحقها، والدفاع عنها وحمايتها يأتي في المقام الأول دون أدنى شك، وينبغي تفعيله على الصعد القومية. ان اللغة العربية، وهي مفتاح الثقافة اصيلها وحديثها، وهي مدخلها ومستقرها، تستحق من ابنائها مؤسسة على نمط الفرانكوفونية.

    [align=center]
    الشاعر والكاتب الفلسطيني
    لطفي زغلول
    نابلس / فلسطين
    عضو الهيئة الإستشارية لاتحاد كتاب فلسطين
    www.lutfi-zaghlul.com
    lutfizaghlul8838.ektob.com
    www.maktoobblog.com/lutfi-zaghlul

    lutfi_zag@hotmail.com
    lutfi_zag@yahoo.com
    [/align]

  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية محمد باوزير
    تاريخ التسجيل
    07/08/2010
    المشاركات
    83
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: اللغة العربية .. وتحديات الفرنكوفونية : د . لطفي زغلول

    الدكتور الاديب و الشاعر لطفي زغلول
    شكرا لك على هذه المساهمة الرائعة التي كتبتها بمداد حبك للغة القرآن وسطرتها بحبر غيرتك على ثقافتها و تخوفك على مستقبلها ، و هي خاطرة تعكس تفكيرك ببعديه الاسلامي و العربي (او العروبي) . و موضوع اللغة العربية حديث ذو شجون و هي شجون دائما ما تثار وتستثار عندما يتم مقارنتها –بطريقة مباشرة او غير مباشرة - باللغات الأخرى و خاصة الأوروبية و بالاخص الانجليزية و الفرنسية اللتان تحتلان موقع الصدارة كوسيلة تفاهم واتصال بين شعوب العالم و في المحافل الدولية . و هذه المقارنة –غير الواقعية ، بل و الظالمة- تظهر بواقعية اليمة و مرة مكانة اللغة العربية و المستوى المتدني – والحضيضي اذا جاز التعبير-الذي و صلت اليه حتى بين الناطقين بها و المنتمين اليها كلاما و ثقافة . هذه الواقعية –وللاسف- يرفضها بل و ينكرها كثير من العرب –خاصة المسلمين- و حتى عندما يعترفون بها- على استحياء ومضض- يلجأون الى الطرح العاطفي لتفنيد و معرفة اسبابها ، كما انهم يتخذون موقفا تحمسيا يتجاهل المقومات العلمية و الأسس التاريخية التي افرزت هذا الوضع .
    و الطرح العاطفي و الموقف التحمسي الصفيحي يظهر واضحا في اللجوء الى التعميم و الاتهام و اقحام عقلية المؤامرة و مفهموم الكيد في هذه القضية الهامة . ان استخدام عبارات مثل "غزو ثقافي لغوي" ، "الذوبان في الآخر" ، الدفاع و الحماية " الخ يفرغ القضية من اهم ما تحتاج اليه و هو النقاش الهادئ والتعامل العلمي و المنطقي و المنصف مع حثياتها واسبابها و نتائجها وطرق علاجها .
    الموضوع شائك و طويل و لكن يمكن ايجاز الرأي فيه في النقاط الثلاث التالية :
    1 . اللغة كوسيلة اتصال و تعبير عن ثقافة و حضارة شعب ، ترتبط ارتباطا جدليا بسير هذه الحضارة و مسيرة هذا الشعب . فهي تنمو و تنتشر بنمو و انتشار حضارتها و العكس صحيح ، و هذا ما حصل لكثير من لغات الشعوب القديمة و الحديثة الميتة منها و الحية ؛ بل حدث هذا للغة العربية ذاتها . فعندما كانت الحضارة العربية الاسلامية في اوجها كانت العربية تحتل ذات المكانة التي تحتلها الانجليزية في الوقت الحاضر . ولكن عندما افلت شمس هذه الحضارة انكسف معها قمر لغتها العربية ، و لم يكن هناك سبب لذلك الا سنة الله في خلقه . و انتماء اللغة العربية للاسلام عموما و للقرآن خاصة لم يكن له شأن كبير في تمددها الجغرافي او انكماشها . و الدليل على ذلك انها مازالت -و لن تزل مدى الدهر- لغة القران و لسان الاسلام ، الا انها آخذه في التراجع و الانكماش امام لغات شعوب ذات حضارات و ثقافات قوية ، وليس بسبب مؤامرات و مكائد لا توجد الا في رؤوس مردديها وخيالاتهم .
    2 . اللغة العربية لغة ككل لغات العالم تسيرطبقا لسنن الله و قوانين الطبيعة ، فكما أن اللغة العربية –كما هي محنطة في المعاجم و المعلقات السبع- كانت لها بداية و سيكون لها نهاية و اجل ، و هذا سنة الله و النهاية والاجل لا يعني العدم النوعي ، و انما التباين النوعي والاختلاف التدريجي - أو كما يقال في علم الطبيعة – "التطور" أو "النشوء و الارتقاء" ، فاللغة التي كتب بها دكتورنا الفاضل مقاله هذا هذا – رغم التزامه بقواعدها و نحوها وصرفها – الا انها ستكون عصية الفهم على الجاحظ او المعري ؛ فهذه البديهية لم تغب عن دكتور الفاضل لذلك فضل ان لا يكتب بلغة الجاحظ أو المعري لأنه حريص على افهامنا مما جعله يكتبها بلغة نفهما نحن. كما لا يجب ان تغيب عن اذهاننا بديهية تاريخية اخرى وهي أن لغة القرآن الكريم ذاتها لم تكن لغة بالمعنى العلمي اللغوي الحديث ، بل كانت لهجة من لهجات لغة عامة يتفاهم بها شعب الجزيرة العربية . هذه الخلفية التاريخية و العلمية للغة العربية تتناقض تناقضا صارخا مع من يريد ان يوقف مسيرة الحضارة و يعطل سنن الله و قوانين الطبيعة ، وهذا واضح في وصف الدكتور الفاضل "ان تكون لنا مؤسستنا الثقافية الخاصة على نمط الفرنكوفونية على طريق تجسيد الهوية العربية".
    ذلك لأن هذه المؤسسات الثقافية -على نمط الفرنكفورية- لن تقدر على "حماية" اللغة العربية كما يفهمها و يريد لها الاستاذ الفاضل ، لسبب بسيط وهو ان اللغة وسيلة و ليست غاية بذاتها ، و هي وسيلة للتفاهم والتعبير ومن يقوم بالتفاهم و التعبير هو الشعب الذي يتحدث بها و بذلك يكون هو الوحيد الذي يستطيع تحديد مسار هذه اللغة و كيفية و ارتقائها . و ليس من الصعب الوصول الى هذه النتيجة المنطقية و الواقعية .فاللغة الفرنسية لا تدين في انتشارها و عالميتها الى المجامع (او الاكاديميات) اللغوية أو حتى المنظمة الفرانكفوريتية نفسها ، بل تدين بذلك الى قوة الحضارة و المدنية الفرنسية بكل مستوياتها السياسية و الاقتصادية و الفنية وغيرها التي تنتمي اليها هذه اللغة : ففرنساء أقوى دولة بين الدول –ربما بعد المانيا - الناطقة بغير الانجليزية . أن موقعها السياسي و الاقتصادي و العسكري انعكس –ايجابيا- على اللغة الفرنسية . و انا لا اتردد في القول - و التاريخ على ما اقول شهيد- لو ان فرنسا كانت في مستوى اي دولة عربية او حتى غير عربية من دول العالم الثالث ككوريا او كوبا ، لما وصلت لغتها لما وصلت اليه . هذه نتيجة لا تحتاج الى شهادات للوصول اليها . ورغم وجود هذه المنظمة و المجامع اللغوية و خاصة (اكاديمي فرانسيس) الا ان اللغة الفرنسية أو بالأدق متكلموها ومستعملوها ياخذون من اللغة الانجليزية الكثير و تأثير هذه الاخيرة واضح على الفرنسية ، وهو امر طبيعي يفسره و يؤيده موقع المدنية الانجلوسكسونية في الاعراب الانساني مقارنة بالمدنية الفرنكفوريتية .
    3 .بالطبع لا ضير في كل ما اقترحة الدكتور العزيز – وزيادة الخير خيرين كما يقول المثل الشعبي – ولكن هذا يجب ان لا يحل محل التفسير العلمي و الاستقراء التاريخي لمسيرة نشوء وتطور و فناء اللغات . و اللغة العربية يمكن ان تلعب ذلك الدور الحضاري و الريادي الذي لعبته ذات يوم فقط اذا كان الشعب الذي يتحدث بها مؤهل ان يلعب ذات الدور الذي لعبه اسلافه من فبله ، هذا من ناحية التعاطي الواسع لقضية اللغة العربية ، أما من ناحية التعاطي الضيق أو المجهري فإن اللغة العربية ستواصل عملية التطور النوعي التدريجي بحيث ان اللغة التي نتكلمها – او حتى التي نكتب بها- ستختلف عن اللغة التي سيتحدث بها –او يكتب بها- بعد مئات السنين بغض النظر عن موقع متكلميها في السلم الحضاري او الخريطة السياسية او العسكرية في المسيرة البشرية .
    وختاما ، علينا ان نحاول التخلص من عقيدتي الاستعلاء و الدونية التي نلجأ اليهما كلما استعصت علينا مسألة و انصدمنا بواقع نرفضه . ان اللغة العربية لغة حية متجددة قادرة على الخلق و التطور و التغيير كما كانت في الماضي هي كذلك في الحاضر و ستكون ايضا في المستقبل ، و لا يقلل من قدرها ان تكون هناك لهجات تتعايش معها في امن و سلام و ليس في حرب مزعومة و مختلقة ، كما لا يقلل من شأنها كذلك كونها لسان وحي ان تتطور و تتغير ، و هي حقيقة أقرها رب القرآن عندما انزله في لهجات متعدده مختلفة نطقا و مفردات ويشهد عليها التاريخ . و عربيتنا الفصحى كما نتكلمها – او بدقة –كما نكتبها اليوم ليست هي اللغة التي كتب بها القرآن ، و رغم هذا الا ان الله سوف يفي بوعده عندما قال (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ، ولكنه حفظ واقعي وعملي يتماشى مع السنن الالهية و مع القوانين الطبعية .
    وهل هناك وسيلة اسهل و اسرع في البدء بتنفيذ مشروع الدكتور لحماية الفصحى المعاصرة من أن يقوم الخائفون عليها من التحدث بها في كل وقت ومكان بدلا عن اللهجة؟ هل يستطيعون ابدال العامية بالفصحى في محادثاتهم ومعاملاتهم: في موقع العمل أو الدراسة او حتى في البيت مع افراد العائلة والاصدقاء و الاقارب ؟ لماذا لا يشكلون نواد اجتماعية تكون اللغة الفصحى لغة التخاطب؟ أنا أتسأل فقط و لا اقترح لأنني اؤمن باستحالة ذلك -لأنه اجراء اصطناعي ويتعارض مع القوانين الطبيعية كما وضحت اعلاه-- والدليل اانه حتى أكبر المتحمسين للفصحى و المؤمنين بعقيدة المؤامرة الذين اعرفهم شخصيا اعترفوا باستحالة ذلك ولم يستطيعوا تنفيذ اقتراحاتهم ومشروعاتهم في نطاق ضيق و شخصي رغم ذلك يصرون على وضع اقتراحات تحتاج الى موارد دولة بل دول لتنفيذها -ولا اقول لنجاحها . وانا استغرب من هذا التناقض بين الطرح و التطبيق ، و المحك الحقيقي لواقعية و جدوى هذه الدعوات هو تطبيقها على المستوى الشخصي والاجتماعي الضيق اسوة بالامر النبوي الكريم "اابدا بنفسك" . اليس هذا خيرا من البكاء على الاطلال و اتهمام الغير بما هم بريئين منه و اقتراح مشاريع ستبقى حبر على ورق؟
    و في الاخير اشكر الدكتور على اثارة هذه القضية و اتاح لنا بذلك فرصة نبدي فيها رأينا الذي لابد وان هناك من سيدينه و يهاجم قائله .

    التعديل الأخير تم بواسطة محمد باوزير ; 30/10/2010 الساعة 09:46 AM
    Patriotism is your conviction that [your] country is superior to all other countries because you were born in it

  3. #3
    مـشـرف الصورة الرمزية محرز شلبي
    تاريخ التسجيل
    12/06/2009
    المشاركات
    7,171
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: اللغة العربية .. وتحديات الفرنكوفونية : د . لطفي زغلول

    سؤال لابد أن يطرح ..متى وكيف للغة العربية أن تتحدى الفرنكوفونية ؟؟؟
    تحيتي ومودتي


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •