الأساتذة الأفاضل والفضليات الذين توالو بالرد والتعقيب على مداخلاتي وردودي أشكركم بداية , وأودّ
أن أنوّه هنا بخصوص ماجاء في مداخلة كل من الأستاذ عمرو زكريا خليل والأستاذ سعد عبد السادة من حديث
عن الإختصاص وتبرّم من مشاركات الأعضاء الواتاويين بصفة عامة , ورغبتهم في إقتصار الردود على عينات
دون غيرهم من القراء , كون هذا الطرح ماهو الاّ تحجيم لدور القارئ والعضو الواتوي الذي يرى في واتا ومنتدياتها مجالا للمعرفة
والثقافة واكتساب المعلومة الحضارية الواضحة والخالية من كل خلط أو إلتباس أو تزييف , وأعتقد أنه من حق أي
قارئ هنا أن يطلع على ما تبثه المنتديات من معرفة , ومن حقه أيضا أن يساهم بالرأي والنقاش والإثراء , وأن
يكون متنبها فطنا لكل ما من شأنه أن يمس من مقوّمات وجوده وانتمائه وحضارته وأمنه المعرفي وحافظته التاريخية
ومن جهتي عندما أشرت الى بعض النقاط الواردة هنا بخصوص التعريفات التي تطرق اليها المقال لم أكن أتحدث من فراغ
بل لسابق إحتكاكي بمثل هذه المواضيع التي يبدأ أصحابها بالترويج لها تحت يافطات أكادمية وتخصصية لتنتهي بنا في الأخير
الى الوقوع في التطبيع والإعتراف بالعدوّ وعينا ذلك أو لم نعيه وللدلالة على صدقية ما أقول سوف أنقل لكم هنا عمل أكاديمي
ذو تخصص , أنجزه أكادميون متخصصون , المستهدف به الناشئة من أجيالنا وأبنائنا وناشئتنا , العمل إرتكز على اللعب بالمصطلحات
والسطو على الجغرافيا والتاريخ , ليصل بنا أصحابه في الأخير الى طرح تطبيعيّ فاضح مدان , وحتى لا نعمّم , نقول إنه لدينا من الأكادميين
والمختصين والواقفين حرّاسا على حقوقنا ومقوّمات وجودنا تاريخا وجغرافيا رجالا وعلماء ومعرفيين شرفاء باستطاعتهم رصد كل فعل أو حركة
من شأنها أن تشوه معرفتنا أو تغتصب عقولنا , أشكركم مجدّدا الأساتذة الكرام وأحّيي بصفة خاصة كل من الأخ جهاد الجيوسي والأخت شروق
على ماتفضّلا به من ردّ وشرح أكاديمي وافي , كفاني عناء الردّ على كثير من النقاط . المقال التالي يتعرض الى عمل " أكاديمي أشرف عليه أكادمييّن برتبة مطبّعين "
وتصدى له دكتور أكاديمي أيضا ولكن برتبة عالم مربّي حافظ على أمانة المعرفة والتعليم لدى الأجيال .
(المقال والحادثة التي تطرق اليها الكاتب أنقلها اليكم من بلدي تونس )
فلسطين من الماء إلى الماء...منذ الأزل كانت..كائنة الآن ..ويوم القارعة تكون :هوامش على سفر مدرسي صفر معرفيا وأخلاقيا
23/9/2010
بقلم / د - محمد الحبيب الغديري
1- في التوصيف :
- كتاب مدرسي تونسي في الجغرافيا مخصص لتلاميذ الثالثة آداب واقتصاد وتصرف أذنت بإصداره وزارة التربية والتكوين سنة2009 ...واشترك في تأليفه ، ما شاء الله ، أستاذان جامعيان ومتفقدان وأستاذة مبرزة.. وقيمه أستاذ جامعي ومتفقدان ...وأنجز خرائطه أستاذ جامعي..
- تضمن الكتاب ثلاثة محاور يعنينا منها ، في هذا المقام ، أولها الموسوم ب " المجال والتنمية في العالم العربي" ، والممتد من الصفحة الخامسة إلى الصفحة الواحدة والثلاثين بعد المائة ..ويحفزنا على الاهتمام بهذا المحور تحديدا أمر لافت سافر وهو طبيعة موقع فلسطين من المحور..ودونكم التفصيل :
حصرنا في المحور خمس عشرة خريطة (15 للوطن العربي ترسم فيها فلسطين بلون رمادي، وتسكت الخرائط جميعهاعن التصريح باسمها.. وهي موزعة على الصفحات التالية : 6،11 ،18 ، 24 ، 25، 25مكرر ،32، 37،46 ، 71، 99،100،111،115،116
على امتداد سبع وعشرين ومائة صفحة (127 يرد ذكر اسم " فلسطين أربع مرات في الصفحات : 44 ، 49 ، 55 ، 60...ويرد تعبير " الأراضي الفلسطينية المحتلة " في الصفحة 32 ... مع التنبيه إلى كون عبارة " فلسطين " في الصفحة 44 ، وقد وردت في ثنايا جدول النمو الديمغرافي ، أرفقت بنجيمة أحيل بمقتضاها في الهامش إلى كون المقصود ب" فلسطين " هو " الضفة الغربية وقطاع غزة " ... وحين يتعلق الأمر بذكر الكتاب المدرسي أسماء مدن عربية ..فلن تظفرباسم مدينة فلسطينية واحدة ... فالخرائط ، بقدر سكوتها عن التصريح باسم الكل ( فلسطين ) ، تلازم الصمت ، أيضا ، متى تعلق المقام بالأجزاء...
2 – في التعليق :
- مشاركة 4 جامعيين و4 متفقدين وأستاذة مبرزة في إعداد السفر المدرسي ..يعني، مبدئيا ، أننا إزاء أشخاص مميزين من ذوي الاختصاص في مادة الجغرافيا.. مما ينفي قطعيا حدوث ما ذكرناه آنفا بصفة عرضية، وعلى خلفية الجهل المعرفي بالمبحث في علاقته بفلسطين وموقعها من الوطن العربي...
- تغييب ذكر اسم فلسطين من خمس عشرة خريطة (15 يعني بصريح اللفظ وجود نية مبيتة... ويفصح ، دون مواربة ، عن سابقية الإضمار والترصد...لمحاولة صرف الأنظار عن مسمى منغرس في الجغرافيا والتاريخ منذ آلاف السنين ( فلسطين) ...والاحتفاء بمسميات عربية اصطنعت منذ عقود (السعودية نموذجا ) .....
- حين تلعلع المعرفة وتتمرد على أصحاب السفر ..وتحاصرهم جغرافيا المكان وتاريخه ... وينبسون ، في استحياء لافت وفي غمغمة ، بكلمة فلسطين... فإنهم يبحثون ، "مكره أخاك لا بطل " عن" ّ أخف الأضرار" فيذكرونها بالاسم...لكن يسارعون ، وهم الحريصون على المعرفة وسلامة تفكير ناشئتنا ، لتحصين فلذات أكبادهم من التلاميذ من لوثة التعصب القومي والديني...ومن الأطروحات المشبعة بالإرهاب والتطرف .. و ( أو) الطوباوية والرومانسية....وتوطينهم على قيم التسامح والحداثة والتعايش مع الآخر والتفكير العقلاني المتنور...لذلك ينبهون ، وهم النبهاء الألمعيون ، إلى أن المقصود بفلسطين هو الضفة والقطاع ( صفحة 44 ) ...أما بقية فلسطين التاريخية...فهي في قناعاتهم " دولة إسرائيل "...ولكنهم يدركون أن الظروف، في تونس ، لم تزل غير مواتية ، رغم محاولات طمس الذاكرة الجماعية وغسل الأدمغة منذ عقود ، للجهر بهذه العبارة السوقية ، النابية ، الفاحشة، الصفيقة ... فيصمتون إلى حين ...فهل ترى شعبنا يدعهم يجهرون...؟
- يزعم أصحاب السفر أن هاجسهم معرفي ...ويذكرون في التقديم ( الصفحة 3 ) أن الكتاب ينهض على ثلاثة محاور : مدخل " يحفز على التعلم " ... وأنشطة " تتناول الموضوع من جوانب متكاملة "..وتأليف" يعالج الإشكالية من مختلف جوانبها " ...وكل ذلك محض ادعاء وأراجيف ...فأي طلب للمعرفة هذا وحرص عليه في سفر يتهيب أصحابه ذكر اسم فلسطين ..ويرهبون تدوين أسم مدينة واحدة منها في خمس عشرة خارطة ...وأي مصداقية معرفية لسفر يتحدث عن المجال والتنمية في الوطن العربي ..وتحديدا عن الموارد الطبيعية ومزايا الموقع الجغرافي والسكان والمشكلات السكانية مثلا ...ولا يقول كلمة واحدة عن فلسطين موقعا جغرافيا مميزا ..وعن نهب أرضها واستعمارها الإحتلالي ..وعن التهجير القسري لملايين من أهلها ...وعن أعلى نسبة كثافة سكاينة عالميا في قطاع غزة المجوع المحاصر.....وعن ..وعن...ألا تبت يدا من رسم الخرائط ومن تواطؤوا ، في كامل المحور، محاولين طمس اسم فلسطين الجرح والخلاص ...وبعدا للمعرفة والتعلم إن كانا على هذا النحو...
ملاحظات ثلات :
- أحد مؤلفي السفر من أقطاب المطبعين في الجامعة أكاديميا.. ومن الناشطين في تنظيم مؤتمر الاتحاد الدولي للجغرافيين المنتظم بتونس صائفة 2008 ...وبمشاركة صهيونية سافرة.. أدانتها الأغلبية الساحقة من الجغرافيين الجامعيين الشرفاء....
- أخطر أشكال التطبيع ما كان ثقافيا يحاول تخريب العقول وإعادة صياغتها بما يتلاءم مع مخططات العدو الصهيوني والقوى الاستعمارية ...وأشدها فتكا وشرا ما استهدف الناشئة عدة المستقبل وصمام أمانه... فلتحزم جبهة الولاء للأمة وفلسطين أمرها ..دفاعا عن الذاكرة والوجود والمصير....
- التطبيع في تونس ليس حديثا أو بسيطا.. وجبهته تشمل الأفراد والجمعيات ويطال مجالات الاقتصاد والثقافة ونحوها ...ويحظى بغطاء سياسي .... كما أن التطبيع والاستبداد وجهان لعملة واحدة .......فمعركة الحرية : حرية المواطن والوطن لا تتجزأ ..
المفضلات