القـدس في مواجهـة التهـويد

بقلم : رشاد إبراهيم محجوب - خبير في الدراسات الإستراتيجية والقومية

لا أدري إلى متى يستمر الصمت العربي والإسلامي على التخريب الذي يحدث في القدس الشريف، والتعديات المستمرة على المقدسات الإسلامية والمسيحية، والانتهاكات السافرة على المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، المؤامرة على القدس مستمرة دون ملل أو توقف، والتهويد ماض على قدم وساق، والمستعمرات تقام أو توسع لتضرب نطاقا وحزاما من القلاع الأسمنتية حول المدينة المقدسة، وفي كل يوم تفجر بالونات الاختبار للتمهيد لهدم المسجد الأقصى لبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، لا سيما بعد مؤامرة التوسع وضم المستوطنات، ومحاصرة السكان العرب من جميع الاتجاهات، فهناك اقتراح من الحاخام الأكبر بنسف قبة الصخرة، وخطة إسرائيلية خبيثة لإثارة الفتنة بإلقاء رأس خنزير ملفوف بصفحات من القرآن الكريم في الحرم القدسي الشريف.. ودعوة من عشرين منظمة متطرفة تسعى لهدم الأقصى.. ومخطط صهيوني مدروس لارتكاب مجزرة ضد المسلمين في المسجد الأقصى لتشكل الشرارة الأولى للفتنة، واستغلال الفوضى والأحداث الدامية المنتظرة من جراء ردود الفعل المشروع في المؤامرة الدنيئة على مدينة السلام، وإقامة مستعمرة جبل أبو غنيم، ورأس العمود، وأبو ديس وغيرها هي عناوين مختلفة لخطة خبيثة واحدة تحول القدس إلى قنبلة موقوتة لن تنسف مسيرة السلام فحسب، بل تهدد بإشاعة الفوضى في المنطقة ولن تكون إسرائيل بمنأى عنها أو تبعدها عن حممها وشررها المتطاير.
إن سياسة فرض الأمر الواقع لن تجدي نفعا حتى لو نفذت المشاريع الاستعمارية الأخرى في الشيخ جراح، وبوابة الشرق والحي الإسلامي، وجبل المكبر، وسلوان وتلة الطائرة، والأحياء العربية الأخرى .. فالعاصفة مقبلة، خاصة أن الصهاينة لا ينكرون أن هناك مخططات لتهويد القدس ويعلنون بكل جرأة وسفه وبجاحة أنهم سيبنون الهيكل ويطردون العرب بعد هدم المسجد الأقصى وإثارة الفتنة، وظهر هذا واضحا خلال الاحتفالات باليوبيل الذهبي لإسرائيل، وسيتكرر في الاحتفال بما يسمى مرور3 آلاف سنة على بناء القدس.
وآخرها ما تعرض له رئيس الوزراء الأردني ورفاقه من وقاحة واستفزاز من قبل رجال الأمن الإسرائيلي عندما هموا بدخول الحرم الإبراهيمي لتأدية فرائض الصلاة باسم الحفاظ على الأمن!! وكم من مصائب وعراقيل ترتكبها إسرائيل باسم الأمن غير المعروف أو المحدود! ولكن مهما يفعل الصهاينة فستبقى القدس من نظر التاريخ مهدا لليهودية والمسيحية والإسلام، وفي نظر القانون الدولي مدينة محتلة تنتظر تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 كما أن عواصم القرار الدولي ليست على استعداد للاختلاف مع العرب بشأن هوية القدس ومستقبلها، ولكن المؤسف أنها عاجزة في الضغط على إسرائيل لتنفيذه بحجة الانتظار، إلى ما سوف تسفر عنه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المتعددة الأطراف في اتفاقات الوضع النهائي!!
نقولها عالية مدوية إن القدس هي الخط الأحمر الذي يصعب اجتيازه بسهولة وأكبر من أي مساومة سياسية سيما أن هذه المدينة احتضنت الديانات السماوية الثلاث بالإضافة إلى هويتها العربية اللافتة المعروفة، كما نتوجه للعالم كله ولجميع المؤمنين بالأديان السماوية الثلاث من أجل الله تعالى والتاريخ أن تبقى أبواب القدس مفتوحة أمام جميع معتنقي الأديان الثلاثة وهذا ليس بجديد إذ أنه عندما كانت مدينة القدس تحت السلطة الأردنية الهاشمية لم تتخذ المملكة منها عاصمة لها .. وكانت تسمح لجميع المؤمنين بالتوجه إليها لأداء شعائرهم الدينية.
إن الأمر جد خطير وصعب للغاية، ويتوجب الأمر أن يقوم العرب والمسلمون والمسيحيون بتحرك إعلامي واسع مستمر لمحاصرة وإحباط المخططات والمؤامرات الصهيونية لأنه بدون زهرة المدائن لن يكون هناك سلام أو أمن بالمنطقة وهذا ما يجب أن يعرفه العالم كله وإسرائيل والولايات المتحدة بالذات.