الـقـدس.. الـيـوم وغــداً
لواء د. / وجيه عفيفي حسن - مدير المركز القومي للدراسات الاستراتيجية
يخطئ الكثيرون حينما ينظرون إلى القدس على أنها محض موقع وعاصمة فهي ليست برلين يمكن أن تحل محلها بون في الضمير الألماني أو استنبول يمكن أن تحل محلها أنقرة في التوجهات والأيديولوجية التركية ولكنها القدس الشريفة بلا منازع أو بديل التي وطأتها أقدام الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم في رحلته المقدسة( الإسراء والمعراج).
إن القدس هي مركز التقاء العروبة والإسلام وهي قبلة المسلمين والمسيحيين يجمعهم رباط المحبة والوحدة الوطنية الصادقة ولقد سعت إسرائيل فور احتلالها في عام 1967م إلى تهويدها وطمس هويتها الإسلامية والعربية أصدرت قرارها الشهير في 7/6/1967م بفصل القدس نهائيا عن الضفة الغربية وسعت إلى تقليص الوجود الإسلامي داخل المدينة وتدمير منطقة اللطرون والاستيلاء على جميع الأراضي المجابهة وأجبرت السكان الفلسطينيين على الفرار والهجرة منها وإقامة سلسلة من المستوطنات الدفاعية أهمها بني يعقوب ورمات اشكول.. وغيرهم حتى يتم فصل القدس نهائيا عن الضفة، وإحكام السيطرة عليها ثم أصدرت قرارها الشهير من الكنيست عام 30/7/1980 بضم القدس واعتبر هذا القانون أن القدس الموحدة هي العاصمة الأبدية لإسرائيل مع إبقاء الأماكن المقدسة محفوظة من إلحاق أي ضرر بها وذلك لتخدير المسلمين وضمان حرية وصول أبناء الديانات السماوية إلى أماكنهم المقدسة مع الحرص التام على إنعاش وتطوير القدس عن طريق( منحة العاصمة) التي تقدم سنويا لبلدية القدس للعمل على إنعاشها اقتصاديا/... الخ وتحت أوهام الاستفزاز والمغالطات السياسية ناشدت الحكومة الإسرائيلية دول العالم أجمع إلى نقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس ولم يحظ هذا القرار بالاستجابة لهذا النداء رحمة بنا وإشفاقا علينا.
ولم تجب الولايات المتحدة إلى هذا النداء وأبقت على سفاراتها بتل أبيب بالرغم من محاولة إسرائيل المتكررة لإقناع الإدارة الأمريكية للعدول عن هذا القرار وجاء العدو الإسرائيلي بخطة محكمة ومدبرة لتهويد القدس وطمس عروبتها إلى الأبد من خلال الاستيطان اليهودي والحفريات المتكررة ومصادرتها للأراضي العربية وإقامة العديد من الأحياء السكنية الكاملة في القدس وإزالة الطابع العمراني والديموجرافي وقد سعت بلدية القدس منذ عام 1972 إلى وضع مخططات توسعية وإنشاء أكثر من180 ألف وحدة سكنية وتوالت الحكومات المتعاقبة اسحق رابين (74:1977) ثم (92:1995) ومناحم بيجين (77:1983) وإسحاق شامير (83:1985) ثم (87:1992) وشيمون بيريز (85:1987) ثم (1985:1987) ثم جاء نيتانياهو ( الصقر الأسود) وتم ربط المدينة بمجموعة من الأحياء والأحزمة الاستيطانية لتعزل المدينة تماما عن الضفة الغربية وتم إقامة مجموعة من الأطواق الأمنية لمحاصرة القدس شمالا، شرقا، وغربا، جنوبا والعمل على فصلها عن الأحياء العربية وتحقيق التحام المدينة بالقدس الغربية وتشمل مجموعة الأحياء السكنية التي تمت إقامتها حتى عام 1982 م تضم أكثر من 6319 وحدة سكنية وتسعي إسرائيل إلى توسيع حدود المدينة وتكريسها عاصمة موحدة لإسرائيل بإقامة سلسلة من المستوطنات وتحددت الفترة الزمنية حتى عام 2002 م ثم قدمت خطة أخري لتطوير القدس حتى (2010 م) وقـد أحيطت بالغموض التام والسرية وتضارب المعلومات وتكثيف الاستيطان وإقامة شبكة في الطرق ومضاعفة أعداد السكان إلى ما يقرب من 750.000 نسمة وتتمثل أهم أهداف المشروع في ضم جزء كبير من أراضي الضفة يبلغ أكثر من 30% إلى إسرائيل وفي النهاية عزل منطقة القدس الغربية وتجزئة الضفة جغرافيا وتفتيت التجمعات السكانية العربية وفي النهاية تغيير الحقائق الديموجرافية عما كان سائدا في1967 م ولقد صرح أريل شارون في نوفمبر1990 م أن هدفه الرئيسي هو استيطان مليون يهودي في القدس الكبرى إضافة إلى أن السلطات الإسرائيلية لم تكتف بتهويد المدينة بل قامت بمجموعة من الحفريات حول حرم بيت المقدس كان الغرض الرئيسي منها هو السعي إلى إقامة العديد من المشروعات الاستيطانية واستكمال تهويد المدينة وهكذا فقد عرضنا ما فعلته إسرائيل بالقدس الشريف حتى أصبحت تعج بالمستعمرات والمجتمعات وباتت غريبة تائهة في وسط أحزاننا ودموعنا ولقد أثبتت الأيام أن اليهود لا أخلاق لهم وليس لديهم أمانة أو شرف في احترام المعاهدات والمواثيق الدولية وأثبتت الأيام أن نيتانياهو ذلك الصقر الأسود قد جاء ليحكم قبضته على الضفة ويسعى لبناء إسرائيل الكبرى ويبث سما قاتلا بتحويل المشكلة إلى نظام. إداري يجيز للأردن إدارة الأماكن المقدسة الإسلامية مع رفضه التام لتقسيم المدينة تقسيما إداريا.
إن الأمة العربية اليوم مطالبة بعقد قمة عاجلة لبحث هذه الموضوعات والعمل على تخليص القدس من قبضة المحتل الغادر و السعي إلى السلام العادل مع تبني النقاط التالية:
1ـ ضرورة السعي إلى تعبئة الرأي العام العالمي بشأن القدس وفضح كافة المخططات والانتهاكات الإسرائيلية الرامية إلى السيطرة على المدينة المقدسة ويكمن ذلك في إصدار كتاب تحليلي توثيقي مدعم بالوثائق مع ضرورة البعد عن التشنجات والآهات واستخدام اللغة السهلة التي تخاطب عقل ووجدان المتلقي الأجنبي.
2ـ الوقوف بصلابة وشراسة أمام تقسيم القدس مع انتزاع القرارات الدورية على مستوي المحافل والمنظمات الدولية والرد الواضح على المزاعم اليهودية والخاصة بنظريات الأمن الإسرائيلي ولا شك أن سياسة المراوغة تتحطم أمام الحقائق والثوابت المؤكدة.
3ـ الوصول إلى اتفاق جماعي بشأن القدس والتي تسعي إسرائيل إلى ابتلاعها مع حث المنظمات الإسلامية على تكاتف جهودها لمقاومة المصلف والغرور الإسرائيلي ومؤازرة المفاوض الفلسطيني بإيجابية وفاعلية.
4ـ العمل على وضع خطة إيجابية لمقاومة نقل السفارات الأجنبية إلى القدس المحتلة ومخاطبة الشعوب المحبة للسلام العادل للامتناع عن ضم واغتصاب الأراضي المحتلة بالقوة مع المحافظة على المقدسات الإسلامية الموجودة بالمناطق المحتلة والعمل على إعادة ترميمها وصيانتها وتكثيف الجهود الدولية لتلقي الدعم المادي الكامل لمباشرة هذه الإجراءات العادلة.
5ـ تبني جامعة ا لدول العربية استراتيجية محددة لدعم المفاوض الفلسطيني والعمل على تقديم كافة المساعدات المادية والخبرات الفنية والمعاونة الاستشارية لأعمال التفاوض وحث المفاوض الفلسطيني على عدم تقديم أية تنازلات تضعف من موقفه التفاوضي وتغري المفاوض الإسرائيلي على المراوغة والتسويف مع ضرورة إنشاء صندوق دائم لشراء الأراضي الفلسطينية لمنع العدو الإسرائيلي من تقديم إغراءاته المادية لشراء المزيد من الأراضي الفلسطينية.
6ـ التعاون الدولي والضغط على إسرائيل لإزالة المعوقات التي تضعها أمام حقوق الفلسطينيين في مدينة القدس في الحصول على مسكن من أجل المحافظة على الهوية العربية للقدس وعلى ملامحها وآثارها العربية والتاريخية كما يؤكد الإعلام العربي أن التهجير القسري والاستيطان إسرائيل في الأراضي المحتلة هو عمل أقر المجتمع الدولي عدم شرعيته لكونه انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان ويهدد السلام الإقليمي.
7ـ ضرورة العمل على إجهاض أية محاولة إسرائيلية لعقد أي مؤتمر دولي في القدس المحتلة مع ممارسة الاتحادات المهنية والنقابية دورها الوطني والبناء في إجهاض أية محاولة لعقد مثل هذه المؤتمرات الدولية!!
8ـ المحافظة على التراث الثقافي والحضاري للمدينة المقدسة وعلى هويتها العربية والإسلامية من خلال التعاون الوثيق مع الهيئات العربية والإسلامية والدولية مع وضع خطة شاملة لمسح وتوثيق آثار القدس وتراثها الحضاري وصيانة وترميم آثارها مع توفير مصادر التمويل والدعم اللازم.
9ـ الوقوف بحزم أمام الإعلام الصهيوني وتوجيه الرسائل الإعلامية الذكية إلى دول العالم المختلفة وشرح وفضح كافة المخططات الإسرائيلية الرامية إلى ابتلاع القدس وأعمال التسويف والمراوغة في التفاوض مع المفاوض الفلسطيني وعدم احترام المواثيق والمعاهدات.
10ـ السعي من خلال منظمة الوحدة الإفريقية على شرح أبعاد الموقف للدول الافريقية وكسب تضامن الدول الإفريقية في مواجهة المخططات الإسرائيلية الرامية إلى استقطاب ونقل سفارات الدول الأجنبية إلى القدس الموحدة!!
11ـ اتخاذ موقف موحد تجاه رفض أي محاولة لتعديل القدس وجعلها مدينة مفتوحة ومواصلة الجهاد المقدس في سبيل تحريرها وصيانة مقدساتها والعمل على تحريرها مع مقاومة إجراءات التهويد الإسرائيلي على الصعيد الإسلامي والدولي.
12ـ صياغة وثيقة الدفاع عن القدس ومقدساتها بمختلف اللغات عن طريق اتحاد المحامين العرب مع توجيه الدعوة لفقهاء القانون العربي للمشاركة بجهودهم وحتى ينجلي الحق العربي لقضيتنا العادلة في القدس الشريفة.
13ـ يجب أن ينتهي مؤتمر القمة بعودة التضامن العربي المفقود مع إنهاء كافة المشاكل القائمة بين الدول العربية والبدء فورا في إنشاء السوق العربية المشتركة.
14ـ وضع خطة عربية لتحقيق الأمن القومي العربي ضد أية نوايا توسعية إسرائيلية والسعي إلى تطوير القدرات العسكرية العربية، ودعم الصناعات العسكرية عن طريق مشروعات الهيئة العربية للتصنيع مع تقديم الدعم المادي الكامل لتحديث وتطوير الأسلحة والصناعات العسكرية إيجاد قاعدة صناعية عسكرية قوية تعتمد عليها الدول العربية مستقبلا في أبحاث الفضاء ونظم إدارة الصواريخ إن قمة عربية لها مثل هذه القرارات الإيجابية سوف تكون مناصرة للمفاوض الفلسطيني في أصعب مفاوضات أمام الطرف الإسرائيلي المحتل.
(1) القدس قبل الاجتياح العسكري الإسرائيلي في 5/6/1967
كان العرب الفلسطينيون قبل الانتداب البريطاني عام 1917 يملكون اكثر من 90% بينما كانت ملكية اليهود لا تكاد تذكر.
وكانت مساحة مدينة القدس عام 1945 في عهد الانتداب البريطاني:
868 دونم داخل السور
18463 دونم خارج السور
الجملة 19331دونم – موزعة ملكيتها كالآتي:
11191 دونم يملكها العرب – النسبة 58%
4835 دونم يملكها اليهود – النسبة 25%
3305 دونم طرق، ميادين، أغراض أخرى 17%
في 3/4/1949 – حسب اتفاقية الهدنة:
حدود القدس العربية كما جاء في اتفاق الهدنة العامة بين المملكة الأردنية الهاشمية في رودس بتاريخ 3/4/1949- المادة الخامسة – فقرة ب:
[في قطاع القدس تنطبق خطوط حدود الهدنة على الحدود المخططة في اتفاق وقف إطلاق النار بتاريخ 30 نوفمبر 1948 الخاص بمنطقة القدس].
وبالتالي أصبحت القدس قسمين:
القدس العربية ( الشرقية ) مساحتها 2220 دونم
مناطق محرمة ( أمم متحدة ) مساحتها 850 دونم
إسرائيل ( القدس الغربية ) مساحتها 16261 دونم
بعد عام 1967 وبعد إعلان ضم القدس استولت إسرائيل على مساحات شاسعة فأصبحت 108000 دونم ثم توسعت مرة أخرى على حساب أراضي الضفة الغربية أيضاً فأصبحت في عام 1994 123000 دونم.
تهويد القدس:
شرعت السلطات الإسرائيلية بتنفيذ مخططات تهويد القدس العربية منذ بداية اجتياح قواتها العسكرية للضفة الغربية في 5/6/67 حيث بدأت بإزالة بوابة مندلبوم وأصدر الكنيست الإسرائيلي أمراً بضم القدس إلي إسرائيل في 27/6/1967.
وفي 28/6/67 قامت السلطات بتجريف حي المغاربة في البلدة القديمة حيث صادرت 116 دونماً أقامت عليها الحي اليهودي ثم نسفت 24 منزلاً مجاوراً ومصنعاً للبلاستيك.
وفي 29/6/67 صدر أمر من جيش الدفاع الإسرائيلي بحل مجلس القدس البلدي العربي وطرد رئيسه وأعضائه ودمجت السلطة محاكم البلدية والصلح العربية في المحاكم الإسرائيلية في القسم الغربي المحتل منذ عم 1948.
وقد أثارت المجموعة العربية في الأمم المتحدة هذه القضية وصدر بتاريخ 4/7/1967 قرار الجمعية العامة رقم 2253 التي اعتبرت التدابير الإسرائيلية غير صحيحة وطلبت إلغاءها والامتناع عن إجراء أي عمل يغير من وضع القدس ويسبب عدم امتثال إسرائيل هذا القرار صدر بعد عشرة أيام في 14/7/1967 القرار رقم 2254 لنفس الشأن ولم تستجب إسرائيل وفي 13/9/1967 صدر قرار مجلس جامعة الدول العربية رقم 2355 بشأن تغيير وضع مدينة القدس.
بينما واصلت إسرائيل تعدياتها وصادرت عقارات أربعة أحياء عربية داخل السور تضم 595 شقة سكنية و437 محلاً تجارياً ومدرسة بنات ومجدين وهدم 720 عقاراً عربياً من ضنها مدرسة ومسجدين.
إمعاناً في سياسة التوسع فقد قامت السلطات بنقل نشاطها الاستيطاني خارج أسوار البلدة القديمة وحول بلدية القدس قبل عادم 1967 حيث قامت منذ عام 68 بمصادرة أراضي من حي الشيخ جراح وأرض السمار ووادي الجوز وبدأت تقيم عليها المستوطنات والتي أصبحت خط طوقي حول القدس وقد تشكل هذا الطوق من مستوطنة معالوت دفنا ورامات أشكول وجنعات همفتار والتلة الفرنسية وربطت هذه المستوطنات بما فيها الجامعة العبرية بالمستوطنات الغربية.
وتواصل خط الطوق الثاني بدءاً من المنطقة الشمالية الرقية من القدس حيث أنشأت نيفي يعقوب وعطردت مروراً بالمنطقة الغربية ( راموت ) وانتهاء المنطقة الجنوبية الشرقية ( تلبيوت الشرقية والجنوبية الغربية جيلو ).
رغم القرارات المتلاحقة للجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن واليونسكو والمؤسسات الإنسانية وجامعة الدول العربية واستنكار الهيئات الدولية والعالم أجمع نحو المطالبة بعدم تغيير وضع القدس الجغرافي والديموغرافي والتراثي إلاً أن إسرائيل لم تمتثل لهذه الصرخات العالمية واستمرت في سياسة التوسع الاستيطاني غير ملتفتة لشيء سوى التوجه لالتهام الأرض وإقامة المستوطنات لتكمل تنفيذ خطة التهويد.
وقد أصدر الكنيست الإسرائيلي في 30 يوليو 1980 القانون الأساسي يشأن القدس والذي يعتبر القدس الموحدة عاصمة إسرائيل الأبدية.
وفي 5/3/1981 قرر وزير الطاقة الإسرائيلي تجزئة امتياز شركة كهرباء القدس وربطه بالشبكة الإسرائيلية.
في 8 أغسطس بدأت حكومة بيجن في تنفيذ إجراءات ضم مدينة القدس وبالتالي بدأت بعض الوزارات تنقل مكاتبها.
والآن وبإلقاء نظرة شمولية علي ما قامت به إسرائيل خلال الفترة من 67-1995 نجد إحكام الأطباق على القدس العربية بتكتلات استيطانية محيطة بها من جميع الجهات وقد باتت المدينة العربية المقدسة مجرد جيتو أو بقعة صغيرة وسط غابة من المباني المتشابكة:
ففي الشمال والشمال الغربي والشرقي حشد من المستوطنات مثل:
[كفيرا – جبعوت حداث – جبعات ئيف- محانية جبعوت – ليزمان – بسجات – نيفي يعقوب – شرفة شعفاط – ادام – عناتوت].
وفي الجنوب يقع تكتل غوش عتسيون مثل:
[إفرات – تكواع – كيدار – نيئوت – أدوميم – بيثارعيليت – تكواع ب – (معاليه عاموس) – تكواع ج (كوخفا) – نفي دانيل – رامات كدرون – روش تسوريم].
وفي الشرق يع تكتل أدوميم مثل:
معاليه أدوميم – ميشور أدوميم – معاليه أدوميم ب – كفار أدوميم – عين شمش – نفي يهودا -.. الخ].
ولم يبقى إلا سد الثغرات بين هذه المستوطنات وإقامة شبكة الطرق الجاري إنشائها.
إن إسرائيل تعتبر هذه الأحزمة من المستوطنات ضمن نطاق القدس الكبرى الموحدة.
إن المنطقة الواقعة بين رام الله شمالاً وبيت لحم جنوباً ومعاليه أدوميم شرقاً وميفسيريت غرباً هي منطقة بلدية واحدة.
أساليب التهجير ومصادرة الأرض:
حرصت إسرائيل منذ اليوم الأول الذي احتلت فيه القدس الشرقية على الشروع في إحداث التغيير الديموغرافي واتبعت عدة أساليب لتحقيق ذلك منها:
1– سياسة هدم المنازل العربية.
2– الطوق السياسي على مدينة القدس (له مردود سيئ علي جميع أنشطة الحياة).
3– تقليص مساحات أراضي البناء في القسم الشرقي بالنسبة للعرب.
4– عدم إعطاء تراخيص بناء للمواطنين العرب إلا في أضيق ا لحدود.
5– عدم السماح بارتفاع المباني العربية بأكثر من طابقين.
6– فرض ضرائب خيالية لا تتناسب مع تقديم الخدمات.
7– تمكين اليهود من أملاكهم في القدس الشرقية وعد إتاحة ذلك للعرب الذين لهم أملاك في القدس الغربية.
8– مصادرة الأرض:
وقد اتخذت إسرائيل أساليب متنوعة في مصادرة أراضى القدس نذكر منها:
أ– أسلوب الاستملاك بدعوى المصلحة العامة وبموجب هذا الأسلوب تمت مصادرة 33% من مساحة القدس الموسعة.
ب– المصادرة بطرق غير مباشرة ( أسلوب الخرائط الهيكلية ) المعلوم أن الخرائط الهيكلية توضع لتطوير القرى والمدن في المستقبل حسب الحاجة ولما كانت السلطة القائمة حالياً سلطة احتلال فقد جبرت فائدة هذا الأسلوب لمصلحتها فأصبحت المساحات لملونة باللون الخضر والمحظور على العرب إقامة مساكن عليها احتياطي لمستقبل عمليات التوسع الاستيطاني الإسرائيلي يستقطع منها كيفما يحلو له.
ومثال ذلك:
فقد استقطعت السلطات الإسرائيلية عام 1970 من أراضي غرب قرية شعفاط 1398 دونما وزرعتها بأشجار الغاب وأطلقت عليها غابة راموت وفي عام 1991 قطعت أشجار هذه الغابة الخضراء وأقامت بدلاً منها مستوطنة ريخسر شعفاط.
وهذا ما يحدث اليوم على جبل أو غنيم الواقع في الجنوب الشرقي من القدس وهو من أراضي صور باهر وبيت ساحور وقد سبق تشجيره واعتباره محمية طبيعية محظور إقامة المباني عليه ولكننا نجد اليوم مشروع لإقامة مستوطنة جبل هارحوماه التي ستتسع لبناء 7500 وحدة سكنية.
بيان بعدد الوحدات السكنية الإسرائيلية وتعطيل إقامة مباني للفلسطينيين:
قامت السلطات الإسرائيلية منذ تشرين ثاني 1967 إلي شباط 1995 ببناء 65450 وحدة سكنية لليهود ضمن حدود بلدية القدس منها 38500 وحدة سكنية في القدس الشرقية أُقيمت على أرض عربية.
بينا لم تصدر السلطات الإسرائيلية للمواطنين الفلسطينيين في القدس الشركة إلا 8000 تصريح بناء فقط مع العلم بأن عدد الفلسطينيين قد تضاعف في الفترة المذكورة.
وتقوم السلطات تجاه العرب في القدس الشرقية بالآتي:
1– منع العرب من إقامة مباني في المجالات المفتوحة الواقعة بين الأحياء اليهودية.
2– تقليص إنشاءات البنية التحتية في المناطق التي يسكنها العرب الفلسطينيون.
فإن قسماً كبيراً من الأراضي المخصصة للبناء لصالح العرب في شرق القدس لا يوجد فيها بنى تحتية كالمياه والطرق ولكهرباء والمجاري وإن غياب هذه البنى يمنع إمكانية البناء.
3– أزالت السلطات البيوت التي تم بنائها دون الحصول على تصاريح بناء.
ونطرح الآن خطة 2000 ب المقدمة سنة 1983 من الجانب العربي كمثل لتعطيل ثم إجهاض مشروعات البناء العربية في القدس. فقد قدمت [ خطة 2000 ب] سنة 1983 وهى خطة بناء وحيدة للعرب في شرقي القدس في شمال المدينة (منطقة بيت حنينا – شعفاط) وقد وضعت هذه الخطة لإقامة 1800 وحدة سكنية.
وبسبب معارضة من وزارة الإسكان تقلصت الخطة إلى 7500 وحدة سكنية.
وبعد 12 سنة من تعطيل اللجان المحلية للتخطيط والبناء في منطقة القدس تصدق على إقامة الـ 7500 وحدة والآن يعارض رئيس البلدية إيهود أولمرت لتسويغ البناء غير المرخص في أرض خضراء.
وحتى لو تم التغلب علي هذه المعارضة فلن يجر البناء لأن هناك مبررات تعطيل كثيرة مثل: ضرورة تقديم ا لخطط التفصيلية إلي لجان التخطيط ثم إتباع نظام الفرز للإغراض العامة بمعدل 40% من مساحة الأرض التي تصدر لها خطة مفصلة.. الخ.
بهذا الأسلوب أصبح تحت سيطرة السلطات الإسرائيلية 40% من مساحة القدس العربية الموسعة.
ج– أسلوب شق الطرق:
تم باستخدام هذا الأسلوب استقطاع 6% من أراضي القدس العربية وبذلك تصبح جملة الأراضي الواقعة الآن تحت السيطرة الإسرائيلية 79% ولم يبقي من جملة أراضي القدس العربية (الشرقية) سوى 21% فقط وبيانها كما يلي:
10% مقام عليها مباني ومساكن وأملاك المواطنين الفلسطينيين.
7% أراضي غير داخلة في التنظيم.
4% أراضي واقعة في التنظيم.
وأن هذه الأراضي المتبقية مهددة الآن بالمصادرة إذا لم يتمكن الفلسطينيون من إقامة مباني أو أسوار أو ملاعب أو غير ذلك عليها لأن الأطماع اليهودية تتطلع إليها وهناك مشروع شارون القاضي ببناء 26 بوابة في المناطق الخالية حول القدس وهو الحاصل الآن في كرم المفتى، رأس العمود، جبل الزيتون، جبل المكبر.
محصلة هذا الإجراء أن أجبر 50 ألف مقدسي على نقل مكان سكنهم خارج حدود بلدية القدس و21 ألف عائلة تعاني الآن من عدم توفر مأوي مناسب وأصبح سكان القدس الشرقية:
155 ألف عربي – يقيمون على 10% من أراضى القدس الشرقية.
166 ألف يهودي – يسيطرون على 79% من أراضي القدس الشرقية.
الطرق: لقد أنشأت إسرائيل الطرق الواسعة لتصل بين المستوطنات على حساب الأرض العربية.
ومنها:
الطريق رقم 1:
يمتد من حي المصرارة في اتجاهين، أحدهما باتجاه الشمال يصل للنبي يعقوب، والأخر يصل إلي طريق بيت لحم.
وهو يربط المستوطنات الغربية بالشمالية الشرقية دون المرور بالأحياء العربية، كما يتقاطع مع الطريق الذي يصل إلي معاليه أدوميم والطريق رقم 9 الذي يصل إلي راموت.
الطريق رقم 9:
تم الانتهاء من إنشاء هذا الطريق وهو جزء من الطريق الدائري حول القدس الذي يصل المستوطنات بعضها ببعض.
الطريق رقم 4:
هو جزء من الطريق الذي يربط بين المستوطنات الشمالية الغربية بالمستوطنات الجنوبية حتى منطقة كريات أربع.
الطريق رقم 21:
يصل بين مستوطنة زئيف وريخس شعفاط وراموت ويستمر بشكل دائري حتى يصل شارع رقم 1.
الطريق الدائري:
يحيط بمدينة القدس بحيث يربط جميع المستوطنات.
الطرق العرضية ومنها:
1 – طريق معلوت دفنا – جبل المشارف (فندق الأمبسادور).
2 – طريق مئة شعاريم – الأمريكان كولوني (عند محطة الديسي).
3 – طريق جامع سعد وسعيد (القنصلية الأمريكية).
خرق الاتفاق:
نص إعلان المبادئ في أوسلو في المادة رقم 5 (الفترة الانتقالية ومفاوضات الوضع الدائم) – وجاء في (ثالثاً) من هذه المادة:[من المفهوم أن هذه المفاوضات سوف تغطي القضايا المتبقية بما فيها القدس واللاجئين والمستوطنات].
وجاء في (رابعاً) من هذه المادة [يتفق الطرفان علي أن لا تجحف أو تحل اتفاقيات المرحلة الانتقالية نتيجة مفاوضات الوضع الدائم].
فهذه المادة تقرر عد جواز الخروقات الإسرائيلية خلال المفاوضات في فرض إجراءات من جانب واحد.
وأن إسرائيل بعد التوقيع على اتفاق المبادئ في أوسلو قامت بإجراءات مصادرة الأرض وإقامة المستوطنات.
وبينما أوقف مؤتمر مدريد بناء مستوطنات جديدة إلا أننا نجد السياسة الإسرائيلية اليوم تقوم بإتباع أسلوب المحميات الطبيعية.
فقد صادرت إسرائيل 3500 دونم عام 1993 في منطقة النبي صموئيل وإعلانها محمية طبيعية وهي تقع في حدود القدس الكبرى واليوم تقام مستوطنة نيفي صموئيل قرب هذه المحمية.
كما يتم إنشاء مستوطنات جديدة بدعوى أنها مستوطنات قديمة جاري توسيعها فقط كما حدث لمستوطنات جنعات زئيف، نيغفي حاييم، ومعاليه أدوميم، والحي الجديد، خربة الصوانة.
إن هذا الفعل الإسرائيلي هو خرق للاتفاق وهو تعبير عن سوء النية وهو إجحاف بنتائج مفاوضات المرحلة النهائية خاصة فيما يتعلق بقضية القدس والاستيطان.
إن ما تم الاتفاق عليه في أوسلو شئ وما يجرى على ارض الواقع شئ آخر.
وعليه فإن الشعب الفلسطيني يرفض كل هذه الإجراءات ويصر على حقه الطبيعي والشرعي في القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.
يتبع باقي الموضوع
المفضلات