سياسة التهويد الإسرائيلية لمدينة القدس منذ عام 1967م حتى وقتنا الحاضر
(1/2)
دكتور / سليمان محيي الدين سليمان فتوح
مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بكلية التربية ببور سعيد جامعة قناة السويس
المحتويات
أولا: موقف الحكومة الإسرائيلية من المقدسات الإسلامية.
ثانيا: سياسة إسرائيل تجاه عرب القدس.
ثالثا: دور المستوطنات الإسرائيلية في القدس في سياسة التهويد.
رابعا: فرض القيود الاقتصادية والثقافية على السكان.
تمهيد:
تقع القدس في منتصف فلسطين فمنها تنتشر العديد من الطرق إلى رام الله ونابلس شرقا وبيت لحم والخليل وغربا والبحر المتوسط شمالا ومنطقة أريحا والأغوار جنوبا.
وبنيت على جبل يتراوح ارتفاعه من 720-780 مترا فوق سطح البحر ويبعد عن ساحل البحر بحوالي 25 كم على خط مستقيم و59 كم على الطرق الطبيعية كما تبعد عن البحر الميت حوالي 10 كم مع خط مستقيم و 37 كم على الطرق الطبيعية.
وتنقسم المدينة إلى قسمين قسم داخل السور وهو البلدة القديمة ومساحتها حوالي كيلو متر مربع وتقع فيها الأماكن المقدسة للإسلام والمسيحية أثار لليهودية وقسم خارج السور الذي يبلغ طوله 4200 مترا وارتفاعه حوالي 30 قدم وبه العديد من الأبواب :
(باب الأسباط – الباب الذهبي – باب المغاربة – باب النبي داود – باب الخليل – الباب الجديد – باب العمود – وباب الساحرة).
وربما أطلق اكثر من اسم على كل باب منها حيث تسود تلك الأسماء وتختفي حيث المرحلة التاريخية وكان بالسور ما يقرب من 30برجا وقلعة كبيرة في هذا القرن وداخل السور يقع مسجد قبة الصخرة الشرقية الذي بناه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (685-691م)ويقع المسجد الأقصى إلى الجنوب من مسجد قبة الصخرة وبدا الخليفة عبد الملك بن مروان في بنائه عام 693م.
وبلغ عدد سكان المدينة القديمة ذات الأغلبية المسلمة كما ورد في تعداد عام 1990 حوالي 27.800 آلف نسمة وقد أطلق على هذا القسم القدس الشرقية وهي التي بقيت خاضعة لسيادة العربية لوجود قوات الجيش العربي التابع للملكة الأردنية الهاشمية وأما الجزء الثاني فقد أطلق عليه القدس الغربية والتي خضعت للسلطات الإسرائيلية حيث قامت باحتلالها وضمها إلى إسرائيل واعتبرتها جزءا من دولة إسرائيل وعاصمة لها وقد بلغ عدد السكان بالقدس بقسميها الشرقي والغربي حسب تعداد عام 1990 حوالي 135.000 ألف نسمة.
وتحتوي القدس الغربية الجديدة على العديد من المستوطنات والتي أصبحت مساحتها 105كم وعدد سكانها 495.000 ألف نسمة طبقا لإحصاء عام 1990م.
تأتى مدينة القدس في المقام الأول في المخططات الصهيونية وهي قمة أطماعها الأولى ونقطة ارتكازها كما أخذت إسرائيل في سياسة التهويد لمدينة القدس الفعلية باتخاذها خطوات عملية جادة منها ما قام به الزعماء الإسرائيليون من تصريحات تبين ماهية الضم منذ إعلان الدولة اليهودية عام 1948م.
ومن ابرز تلك المخططات إعلان القدس المحتلة عام 1948م عاصمة لإسرائيل في 11/12/1948م ونقلت أليها مقر الحكومة الإسرائيلية كما أصدرت قانون الغائبين في 31/3/1950م والذي يبيح للمواطن الإسرائيلي حرية التصرف في الممتلكات والأراضي العربية باعتبار كل مواطن عربي غادر الأرض أو غاب عنها منذ 1/9/1948 لا يحق له العودة إلى مدينة القدس كما قامت باتباع المدينة إداريا إلى سلطات الحكم العسكري الإسرائيلي منذ يونيو 1967م حيث قامت بإلغاء القوانين الأردنية التي كان معمولا بها.
هذا إلى جانب العديد من الممارسات الإسرائيلية على السكان العرب لمصادرة الأراضي والأحياء و إعلان الضم من الناحية السياسية لإسرائيل يجعل القدس عاصمة أبدية لها منذ 30/7/1980م.
ومن خلال تلك الدراسة والبحث في ملف القدس بدء من بداية الاحتلال الإسرائيلي للمناطق العربية في 5 يونيو 1967م حتى وقتنا الحاضر وجدت ان الممارسات الإسرائيلية أخذت تزداد بوضوح في القدس الأمر الذي يؤكد الاستمرار في تلك السياسة العدوانية نحو الأرض والشعب على حد سواء وكذلك تركيز المؤسسات اليهودية على اختلاف أشكالها وأنواعها وألوانها على تصوير احتلال مدينة القدس على انه بداية مرحلة الخلاص للشعب اليهودي فعملوا منذ احتلالها على تهويدها وذلك بمزاحمة سكانها المسلمين بجلب وتوطين الآلاف من العائلات اليهودية داخلها و أحالتها بالعديد من المستعمرات اليهودية.
وهو ما حاولت في هذا البحث إن أبيته معتمدا على الوثائق التي قد حصلت عليها من المصادر المختلفة منها النشرات التي تصدر عن الإدارة المدنية للحاكم العسكري في القدس هذا إلى جانب المراجع العلمية التي كتبت عن القدس.
أولا: موقف الحكومة الإسرائيلية من المقدسات الإسلامية
تتمتع مدينة القد منذ نشأتها الأولى بمنزلة دينية مقدسة منذ باركها الله سبحانه وتعالي بقوله سبحان الذي اسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بركنا حوله.
وتزخر مدينة القدس بالمعالم الإسلامية التي تنتشر في أنحاء المدينة في القسم القديم منها تشتمل على مجموعة منها مسجد القدس الشريف ومسجده الصخرة الشرقية والمسجد الأقصى المبارك والجامع العمري وحائط البراق هذا إلى جانب الأماكن الوقفية الإسلامية المتعددة والمدارس الإسلامية التي تعني بتدريس العلوم الشرعية واللغوية في بيت المقدس كما يوجد العديد من الزوايا الإسلامية إلى جانب الآثار التي خلفها المسلمون والتي ما زالت من ابرز المعالم في تلك المدينة.
وقد أصبحت القدس مركزا للتطلعات الدينية والقومية اليهودية من خلال إنشاء بيت المقدس أو الهيكل كما يطلقون عليه وأخذوا يطالبون اليهود بالقيام برحلات إلى القدس ثلاث مرات في السنة لأداء الحج واعتبروا قبلة الصلاة اليهودية كما اتبعوا التقويم اليهودي.
ومنذ احتلال إسرائيل للقدس في عدوانها يوم 5 يونيو 1967م على الدول العربية أظهرت النوايا الخفية لها وأهدافها المرسومة منذ مئات السنين الرامية إلى تدمير المسجد الأقصى وبناء هيكل سليمان مكانه حيث كان حلمها أن تجد آثار لهذا الهيكل فتقوم ببنائه من جديد ويكون بمثابة كعبة اليهود في العالم.
فقد سعت منذ استيلائها على المدينة إلى تشويه وتدمير المعالم الإسلامية تطبيقا لمبدأ الحكمة القائلة إذا ما أريد قتل روح شعب فيجب تدمير حضارته وبنيانه الثقافي.
فاستولت على حي المغاربة وهدمته وهدمت إلى بجواره مسجدان كان يخدمان سكانه كما اصدر وزير المالية الإسرائيلي قرارا بمصادرة مساحة واسعة ملاصقة للمسجد الأقصى واعتبارها أملاكا إسرائيلية واشتملت على 5 مساجد و4 مدارس ومركزيين ثقافيين إسلاميين هما زاوية آبي مدين الغوث والزاوية الفخرية.
كما قامت بهدم 14 مبني تاريخيا وإسلاميا في 14 يونيو 1969 بواسطة الجرافات الإسرائيلية وفي العشرين من الشهر نفسه قامت بمصادرة 17 مبني منها المدرسة التنكرية في باب السلسلة والتي استعملتها مقرا للجيش الإسرائيلي وقد حرص رجال العرب اليهود على الاستمرار بالمطالبة بالكشف عن جانبين كاملين من الحرم الشريف ويشكلون المنصة الضخمة التي يقوم فوقها المسجدان من ناحية الركن الجنوبي الغربي بالقرب من حائط المبكى القائم ألان وحتى بوابة القبائل في الطرف الشمالي الشرقي حيث يوجد على امتداد تلك المسافة التي تبلغ ثلاثة أرباح كيلو متر الأوقاف الدينية والتي تضم المدارس ومساحات تكايا فضلا عن مئات العرب الذين يعيشون في تلك الأماكن.
ومع ذلك أخذت السلطات الإسرائيلية بالبدء في أعمال الحفر في مناطق متعددة منها:
أ- اسفل الجدار الغربي للمقدس ابتداء من الزاوية الجنوبية وتجاه الشمال حتى اصبح طول هذه الحفريات ألان حوالي 340 مترا على شكل نفق يبلغ عمقه تحت الأرض 9 أمتار الأمر الذي أحدث تصدع في بعض الأبنية منها ( المدرسة العثمانية – عقار الشهابي – المدرسة المنجكية التي تضم مقر الهيئة الإسلامية العليا للقدس ودائرة الأوقاف الإسلامية) كما أخذت في استخدام النفق للصلاة من قبل المتدينين اليهود.
ب- حفريات جنوب المسجد الأقصى وقد قام بهذه الحفريات البروفيسور مزار من الجامعة العبرية حيث اكتشف أثارا إسلامية وبيزنطية وتم حفر وإزالة التراب من جنوب جدار الأقصى لعمق كبير الأمر الذي دفعه إلى الحفر حيث الفارق بين المنسوبين.
ج- حفريات النبي داود والتي يشرف عليها إيجال شيلوح على ارض عائلة أبو السعود العربية.
د- حفريات قلعة القدس التي بناها السلطان العثماني سليمان القانوني.
وفي أغسطس عام 1969م تعرض المسجد الأقصى إلى عملية إحراق على يد صهيوني متطرف حيث تباطأت سلطات الاحتلال الإسرائيلية في عملية إطفاء الحريق مما سبب أضرارا بالغة الأهمية بالمسجد الأقصى والتهمت النار الجناح الجنوبي الشرقي وقضت تماما على المنبر المطعم بالعاج الذي أقيم في عهد صلاح الدين كما أن الأضرار أصابت سقف المسجد.
وقد أباحت السلطات الإسرائيلية بإقامة الصلوات الدينية داخل الحرم الشريف لليهود.
ويتضح لنا من خلال تلك الممارسات التي قامت بها السلطات الإسرائيلية والاعتداء الصارخ على المقدسات الإسلامية ما يلي:
1- تباطؤ سلطات الاحتلال الإسرائيلية في إنقاذ المسجد وترك النيران تسرى في الجناح الشرقي للمسجد و أعمدة الدخان ترتفع منه إلى عنان السماء موصين بالجريمة التي ارتكبت.
2- كان لنشوب الحريق أثره في جماهير القدس المسلمة حيث سارع عشرات الآلاف من كل صواب إلى المسجد واخذوا في اتقاء النار بكل وسيلة.
3- استنكار العالم الإسلامي لتلك الجريمة الشنعاء التي قامت بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
4- مخالفة السلطات الإسرائيلية لقانون الدولي بشان المناطق الأثرية والإسلامية.
في 30 أغسطس عام 1970م قامت السلطات الإسرائيلية بمصادر الأراضي التي تقع حول مدينة القدس وقراها كفري الرام وقلنديا وبيت حنينا في الشمال من القدس وقري النبي صموئيل وبيت أكما في الغرب وقرى بيت صفاتا وصور وباهر في الجنوب تحقيقا لأهدافها التوسعية الرامية لإقامة القدس الكبرى.
ورغم ذلك أخذت السلطات الإسرائيلية في زيادة أعمالها من خل عرض البروفيسور بنيامين مزار مدير الحفريات الإسرائيلية في 2/8/1971م على موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك شرحا تفصيليا عن الحفريات التي تتم بالقرب من الحائط الجنوبي للقدس وكان ديان قد أعطى توجيهاته وتوصياته بضرورة عدم التأخير في عمل الحفريات يجب العمل على كشف وإعادة ترميم كافة ما يتعلق بأيام الهيكل الثاني وافضل أن أري السور كما كان في عهد الهيكل الثاني.
في مايو عام 1972م أخذت المحاولات الصهيونية تزداد في عمليات الحفر بامتداد حائط المبكي حيث تم الكشف عن 180 م وتبقي 160 م للوصول إلى الركن الشمالي الغربي حيث حدثت تصدعات لمباني ترجع للعصر المملوكي وأصبحت مهددة بالانهيار كما استمرت السلطات الإسرائيلية في عمليات الحفر التي أحدثت فجوات صغيرة في جدار الحرم المكشوف ورغم الجهود المضنية لمحاولة وقف الحفر إلا أن الحكومة الإسرائيلية لم تستجب للنداءات بل زادت في تيار السيطرة والانتقام ووجهت نداءا إلى اليهود قالوا فيه أيها المقاولون بالمدينة أين جراراتكم وآلاتكم التي أدت عملها كما يجب في أول ليلة لتطهير الأرض أمام حائط المبكي أي إزالة حي المغاربة لقد قررت البلدية إزالة الأحياء الفقيرة والخرائب ولابد من تنفيذ هذا القرار بدون خوف او خجل ولابد من إصدار الأوامر لإخلاء المئات الذين يسكنونها.
وقد قامت دائرة الأوقاف العربية في القدس بالتصدي لتلك المحاولات الصهيونية من خلال البيانات للأهالي وتنبيه السكان للمحاولات الإسرائيلية عن طريق الجرافات التابعة لها بالاعتداء على منطقة أرض تابعة للدائرة رقم 5 من الحوض رقم 30125 والمعروفة بأرض اللورمة في منطقة سلوان بالقدس ومساحتها 36 دونم وتقع في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد الأقصى في منطقة باب الرحمة وامتداد المقبرة الإسلامية ورغم ذلك لم تكتف السلطات الإسرائيلية بذلك بل أخذت بوضع لافتات داخل الحرم القدسي تؤكد فيه بان المنطقة لمكان جبل الهيكل كما أخذت في تشجيع الرحلات المدرسية المنتظمة للحرم القدسي بحجة التواجد اليهودي.
وفي 12 أغسطس عام 1980م قام الكولونيل وارن بفتح النفق الواصل بين سور القدس الغربي وسبيل قايتباى وكانت نيتهم الاستمرار بحفر الخندق المتجه نحو الصخرة المشرقة ولولا أن دائرة الأوقاف الإسلامية أقفلته بجدار أسمنتي لكانت الحكومة الإسرائيلية قد تمكنت من الوصول لأهدافها حول هذا النفق ولم تقف تلك المحاولات بالتعديات على المسجد الأقصى من خلال الممارسات الإسرائيلية السابقة بل أخذت مجموعة إرهابية في يناير 1984م بالقيام بمحاولة تدمير الأقصى ولما افتضح أمر تلك المجموعة هرعت الشرطة الإسرائيلية إلى المكان واتهمت عضوين من رابطة الدفاع اليهودي المتطرفة التي يتزعمها الحاخام " مائير كاهانا " وألقت القبض عيهما وأطلقت سراحهما وسرعان ما برأت ساحتهما من التهمة التي وجهتها إليهما وإن دل ذلك على شئ فانه يدل على مدى التواطؤ مع المتطرفين اليهود للعمليات الإجرامية ضد المسلمين ومقدساتهم الدينية وليس أدل على ذلك التقرير الخاص بسؤال أحد أفراد تلك المجموعة ويدعي شمعون بردة الذين قاموا بالتخطيط لتدمير الحرم القدسي والشريف عام 1984م والذي يبين من خلال أقواله أن العملية ما هي إلا عملية منظمة ومدروسة ووفق مسار زمني كامل لها.
كما أخذت بالعودة إلى عمليات الحفر تارة أخرى بالاشتراك مع وزارة الآثار والأديان وبلدية القدس لشق نفق اسفل أبنية دائرة الأوقاف والمدرسة العمرية لتتصل بالبركة المزدوجة أسفل الأبنية وشمال اسفل طريق المجاهدين وبيت صهيون والمحلات التجارية.
ويتسع النفق في اتجاه الشرق وبشكل نفق آخر يمتد أسفل المدرسة العمرية والنفق عبارة عن رواق طويل يزيد عرضه في المتوسط على المتر بينما ارتفاعه متران على الأقل وهو محفور على طول الجدار الغربي للحرم الشريف واسفل ممتلكات عربية ويبلغ طوله 480 مترا.
كما أخذت السلطات الإسرائيلية في العمل لنفق على هيئة نصف دائرة يزيد ارتفاعه على المترين ويبلغ عرضه متر ونصف المتر وحفرت منصة تحت الأرض بهدف الفصل بين الخزانين اللذين كانت تربطهما قبل ذلك فتحتان كبيرتان على منسوب المياه والهدف من ذلك هو إيجاد نسخة استقبال تتيح لمجموعة من الزوار ان تلتقي بمجموعة أخرى وتساهم في مضاعفة القدرة الاستيعابية للنفق الذي اصبح معلما من معالم القدس لابد أن يحج إليه اليهود.
وقد ولدت عملية الحفر هذه استنكارا من العديد من الجهات وعلى رأسها إدارة الأوقاف الإسلامية في القدس حيث تم عقد اجتماع عاجل لبحث تلك المسالة في 11 يوليو 1994م حضره كلا من ممثلي الأوقاف وممثلين عن الجانب الإسرائيلي ومدير شركة تطوير القدس ومستشار الآثار في الحي اليهودي والمشرف على تنفيذ مشاريع التطوير والحفريات وقد ادعي الجانب الإسرائيلي بما يلي:
1- انه تم إنجاز النفق الدائري ويجرى العمل في المنطقة التي تتسع شرقا.
2- العمل الذي يجرى ببطء لتجنب اهتزازات أو تشققات في الصخر الطبيعي التي تستند عليها أساسات المباني الإسلامية أعلى المنطقة.
3- ذكر وان بهات المسؤول الإسرائيلي ان الهدف المباشر للنفق الدائري أو المنطقة المتسعة إلى الجانب الشرقي لتمكين مجموعة الزوار من الدخول والخروج عبر النفق في وضعه الحالي حيث ان الدخول والخروج من جانب واحد.
4- رغبته في الاستمرار في الحفر شرقا للتمكن من إيجاد مخرج للنفق وان أصحاب المحلات هم الذين يضغطون لفتح النفق في نقطة ما في شارع المجاهدين للاستفادة من دخول وخروج السياح.
5- طلب الجانب الإسرائيلي فتح منفذ في الشارع لنضح الطمم الناتج عن عملية الحفر على ان يكون مقاس خط الفتحة في حدود 40 سم.
إلا أن إدارة الأوقاف في المدينة قد ردت على تلك الآراء الإسرائيلية بأن الهدف من معمليات الحفر بما يلي:
1- إن النية تتجه إلى فتح مخرج للنفق وفي موقع بديل لشارع باب الغوانمة.
2- إن الحفريات تتم في الصخر الذي يشكل أساسا المباني الإسلامية والمدرسة العمرية وهو اعتداء صارخ على ممتلكات الأوقاف.
3- إن الحفر يتم دون اطلاع مسبق للأوقاف بل ادعاءات مستمرة بان أعمال الحفر قد توقفت.
4- إن الحفريات هي مقدمة لحفر في اتجاه الشرق أسفل المباني في الجهة الشمالية من الحرم الشريف.
5- إن الاستجابة للطلب الخاص بعمل فتحة لإخراج الطمي يعني في حد ذاته الموافقة الضمنية على الحفريات التي يتم تنفيذها.
6- المطلوب الكشف عن مكان الحفريات.
ويتضح لنا من خلال تلك الحفريات ما يلي:
أ- أن السلطات الإسرائيلية إنما تقوم بعمليات الحفر هذه من اجل طمس معالم الآثار الإسلامية الموجودة بالمنطقة.
ب- يتخيل الإسرائيليون بوجود آثار بالمدينة اسفل الآثار الإسلامية.
ت- محاولة السلطات الإسرائيلية الدائمة لطمس المعالم للعديد من المقابر والآثار في شارع المغاربة وكذلك المناطق التي تحيط بباب الأسباط وباب الرحمة في محاولة منها لطمس المعالم الإسلامية والتي يذكر منها على سبيل المثال عدد من الصحابة منهم عباده بن الصامت أول قاضي لمدينة القدس الذي عينه عمر بن الخطاب وقبر الصحابي الداد بن أوس.
ولكن المحاولات الإسرائيلية أخذت في استمرار حيث حاول مائة متطرف يهودي دخول حرم المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة في القدس بمناسبة يوم الحداد اليهودي المزعوم "تيشا بيان" وهو ذكرى تدمير هيكل سليمان الذي يعتقد اليهود أنه كان مبنيا في هذا المكان وأن الرومان هدموه عام 370م وهؤلاء اليهود يطمحون إلى هدم المسجد لإعادة بناء الهيكل المزعوم.
كما سمحت السلطات الإسرائيلية والمحكمة العليا للمتطرفين اليهود بالصلاة في المسجد مما شكل سابقة خطيرة تهدد بوجود مضاعفات مأساوية حيث وضح مدير أوقاف القدس عدنان غالب الحسيني بان الفلسطينيين منذ البداية اعترضوا على محاولات المحكمة الإسرائيلية للتدخل في الشئون الإسلامية بالقدس.
وقد كانت السلطات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة قد زادت تعسفاتها تجاه المسلمين ومشاعرهم حتى في إقامة صلواتهم بمنع آلاف المصليين من أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى حيث حول الجيش الإسرائيلي المدينة إلى ثكنة عسكرية وقام بنشر اكثر من 2000 جندي تساندهم طائرات الهليوكوبتر والعربات المدرعة على طرق الضفة المؤدية إلى القدس.
كما أخذت وبصورة مفاجئة بالتوسع في حفر النفق بطول 488م امتدادا من حائط المبكي ومرورا بالمسجد الأقصى المبارك للوصول إلى طريق الآلام الذي سار فيه السيد المسيح قرب باب الأسباط في الحي المسلم في القدس هذا في حد ذاته انتهاكا جديدا للمقدسات الإسلامية.
ومن خلال ما سبق نحو تلك الحفريات في المسجد الأقصى نجد الحقائق التالية:
أولا: أن الحفائر التي قامت بها السلطات الإسرائيلية في الجدار الغربي أساس حائط المبكي لم تسفر عن شئ لهم خاص بالسلطات الإسرائيلية فكل ما عثروا عليه هو فقرتان عن سفر النبي أشعيا محفورتان بخط يجعل نسبه تلك الحجارة لداود وسليمان مستحيلة.
ثانيا: أثبت الحفريات بان الهيكل الخاص باليهود اندثر تماما منذ آلاف السنين وقد ذكر ذلك صراحة في البداية من المراجع اليهودية نفسها حيث أوضحت الدكتورة " كاتلين كابنيوس " مديرة الحفائر في المدرسة البريطانية للآثار بالقدس عن عدم وجود آثار لهيكل سليمان.
ثالثا: أن المسجد الأقصى المبني حاليا في مدينة القدس ليس في الزاوية التي بني عليها هيكل سليمان فالمسجد الأقصى موجه إلى الكعبة الشريفة أما الهيكل فهو مستطيل الشكل ومتجه من الغرب إلى الشرق.
رابعا: لا يوجد دليل تاريخي على أن حائط البراق الذي يسميه اليهود حائط المبكي هو جزء من هيكل سليمان كما أن اسمه الحقيقي كما سماه المسلمون حائط البراق نسبة إلى البراق الذي ورد ذكره في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإسراء والمعراج.
خامسا: أن أسفار التوراة والكنب التاريخية ما هي إلا بمثابة تجميع خطي للتقاليد الشفهية التي جاء بها مؤرخو القرن التاسع عشر ونساخ سليمان الذين كان همهم الأكبر هو إضفاء الشرعية على غزوات داود ومملكته وتفخيمها.
يتبع باقي الموضوع
المفضلات