الشيخ محمد نمر الخطيب

عن أكثر من 100 عام ... مفتي حيفا وعالمها إلى رحمة الله

الشيخ كمال خطيب - نائب رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين


ولد في الكرمل ومات في المدينة المنورة:

إنه الشيخ محمد نمر الخطيب؛ المولود في مدينة حيفا عام 1918، وهو ابن لأسرة علمية رفيعة كانت تتولى منصب الإفتاء في حيفا خلال الحكم العثماني، ولما بلغ عهد الصبا حفظ القرآن وتعلم مبادئ الدين على يد عدة شيوخ أفاضل كان منهم الشيخ العكي، والشيخ توفيق العنبتاوي، والشيخ عز الدين القسام، والشيخ كامل القصاب. إنه إذن تلميذ الشيخ عز الدين القسام، بل ولعله من آخر تلاميذه وشركاء ثورته رحمه الله تعالى.

وبعد إنهاء دراسته الابتدائية في مدينة حيفا انتقل للدراسة في المعهد العلمي (المدرسة الأحمدية) في عكا حيث تتلمذ على يد كبار علماء المعهد؛ منهم الشيخ عبد الله الجزار والشيخ محمد اللبابيدي، والشيخ محمود القبلاوي وغيرهم، ثم ما لبث أن انتقل إلى مصر للدراسة في الأزهر الشريف، حيث مكث فيه سبع سنين حصل خلالها على الشهادة الأزهرية العالِمية، ثم رجع إلى مدينة حيفا.

وخلال وجوده في مصر انضم إلى جماعة الأخوان المسلمين التي أسسها الشيخ الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى، وما أن سمع باستشهاد الشيخ عز الدين القسام -رحمه الله تعالى- عشية أحداث ثورة عام 1936 حتى كان أحد المنضمين، بل أصبح ضمن قادة الثورة الفلسطينية حينها، وشارك في معارك 1939 حيث جرح فيها بعد أن كان اعتقل من قبل سلطة الانتداب البريطاني ثم أطلق سراحه.

وفي يوم 1948/2/19 وأثناء عودة الشيخ محمد نمر الخطيب من دمشق، وهو يجول ويصول لحشد إمكانات صد عدوان العصابات الصهيونية المدعومة من الإنجليز، وقعت محاولة اغتيال له قرب قرية الزرازير، نفذتها وحدة "شاحار" التابعة للـ"هجناه"، حيث تم إطلاق 32 رصاصة على السيارة التي كان يستقلها، وقد أصابته إحداها في رئته وثلاث أخرى في كتفه، ولكن الله كتب له السلامة، وقد نقل للعلاج حتى نهاية الحرب وسقوط فلسطين بيد العصابات الصهيونية.

ظل الشيخ محمد نمر الخطيب يتنقل بعد اللجوء والشتات بين العراق وسوريا ولبنان، حيث عُيّن خطيبًا لمسجد الشيخ عبد القادر الكيلاني في بغداد، ثم أستاذًا في كلية الشريعة فيها، وظل يتنقل في التدريس في الجامعات والمعاهد في تونس وليبيا، نظرًا لكفاءته العلمية وتقواه وورعه.

ومنذ العام 1400 هجرية 1979 ميلادية سكن المدينة المنورة رغبة منه في مجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلال إقامته هذه عُيّن أستاذًا، وبعد تركه الوظائف الرسمية فتح مكتبته العامرة، وكانت من أشهر المكتبات الشخصية لطلاب العلم ومحبي المعارف، حيث ربطته برجالات الدعوة الإسلامية العالمية علاقات حميمة.

أصدر الشيخ الخطيب اثني عشر كتابًا، كان من أشهرها "من أثر النكبة" و"الإيمان طريقنا إلى النصر"، وله تحت الطبع الآن سبعة عشر كتابًا كانت مخطوطة بخط يده رحمه الله تعالى.

ولعلّ من عظيم فضل الله سبحانه على الشيخ الخطيب وكرامته عنده سبحانه أنه توفاه مساء يوم عرفة الأخير، أي ليلة عيد الأضحى المبارك في المدينة المنورة، حيث صُلي عليه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفن في مقبرة البقيع بجانب الصحابة والتابعين وأمهات المؤمنين وبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عمر ناهز 92 سنة.

إنها ليلة العاشر من ذي الحجة 1431 هجرية الموافق 15/11/2010 ميلادية، فبوركت سنوات العطاء والجهاد والعلم للشيخ المجاهد محمد بن عز بن عبد الفتاح بن سعيد الخطيب، ابتدأت من حيفا من جبل الكرمل وانتهت هناك في المدينة المنورة قريبًا من الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.