تحرير الفلسطيني قبل فلسطين!
عامر العظم
عندما تسمع الفلسطيني تعجب به لكن عندما تقترب إليه أكثر، تحتار! تراه إما متناقضا مع نفسه، أو خائفا أو صامتا أو وحيدا، أو تابعا كصنم لهذا لحزب أو ذاك، أو رهينة لهذا النظام أو ذاك، أو لا يريد إلا أن يكون رأسا، أو مستعدا لأن يلغيك أو يخونك إن عارضته.
ترى الفلسطينيين أكثر الناس حضورا على الإنترنت وفي كل المواقع، لكن كل واحد فيهم يعزف وحده، لا يعرف كيف يعمل ويتعاون مع الآخرين، لا يتقن اللعب مع الفريق، لا يملك القدرة على العمل الجماعي أو المنظم أو المؤسسي، خاصة عندما يتعلق الامر بالعمل السياسي، كلهم رؤوس وكلهم زعماء وكلهم متحدثون رسميون!
ترى كثيرا من الفلسطينيين مليونيرات ومليارديرات لكن من النادر أن تراهم يتبرعون لوطنهم أو يخدمونه بحق..يحمل الفلسطينيون الشعار تلو الشعار لكنهم دائما يتراجعون، لا يعرفون كيف يقاتلون عند القتال ولا يتفاوضون عند التفاوض.
وهنا، لا بد أن نذكر أن الأنظمة العربية مسئولة عما نعتنا به الشخصية الفلسطينية عاليه، فهم نتاج قمعهم، وتمييزهم، وعنصريتهم وربما ازدرائهم في كثير من الاحيان تحت مسمى "لاجئ" أو "نازح" أو "بدون" أو "مع" أو "ضد"!
أضاعت الأنظمة العربية فلسطين في حربي 1948 و 1967 ونفضت يديها من القضية برغبتها أو برغبة منظمة التحرير، واكتفت بحشر ما لديها من فلسطينيين في كنتونات، تارة تحرمهم من العمل أو الإقامة أو المرور أو السفر، وتارة من الجنسية ومن الحياة الطبيعية في أغلب الاحيان.
لا الأنظمة العربية أعادت فلسطين لأهلها ولا عاملت الفلسطيني باحترام على أراضيها..موظف صغير يستطيع أن يعقد حياة كل الفلسطينيين على أرضه وحدوده متناسيا كل ما قدمه هؤلاء لبناء وطنه قبل الاحتلال وبعده وعلى مدى أكثر من ستين عاما.. وإن اعترضت، فلا أسهل من أن يخاطبك موظف تافه درسه فلسطيني "لحم اكتافك من خير بلادي!"
الفلسطينيون يتعرضون للتمييز العرقي أو الديني أو المذهبي أو الاقتصادي في بعض البلدان العربية، فماذا فعل الفلسطينيون لإعادة الاعتبار لأنفسهم وقضيتهم!
الفلسطينيون هم نسيج الوطن العربي وهم المرآة والمزيج الحضاري والثقافي للعرب، فأصول أكثرهم تمتد أو تعود تاريخيا لمعظم عائلات وقبائل الدول العربية والإسلامية والكل ينسى أو يتعمد أن ينسى أن فلسطين بما يمثله المسجد الاقصى للأمة هي ملك لهم جميعا وبالتالي مسؤوليتهم جميعا "وهم في رباط إلى يوم الدين"، فلماذا المن والتكرم والاستجداء على ظهر الفلسطيني الذي لا ينوبه في النهاية من "الحب" جانب! لم يعد الفلسطينيون إلا مصدرا هاما للأخبار العاجلة والمباشرة ليتوج الحصاد الإخباري الدسم أفضل تتويج.. ومن ثم.. لا يصبحون على وطن!
الشعب الفلسطيني فقد الوطن وفقد القيادة..ففقد البوصلة! وهذا نتيجته الحتمية هذا التخبط واللانتماء السياسي وهذا الضياع المزمن.
عامر العظم
حزب فلسطين الحر
المفضلات