كان بودي ألا نصل إلى هذه النقطة، التي نحتاج فيها إلى تبرير ما لا يبرر، وإلى تذنيب من لم يذنب.. كنت أتمنى أن نكون على جناح الشعر، فنكون به رهيفي الحرف، جميلي التخاطب، فلا ننزع إلى ما ينزع إليه غير الشعراء، الهجوم والدفاع، لأن الشعر لا علاقة له بالهجوم، ولا بالدفاع.
أنا أمام مشهد مسرحي درامي، أبطاله صنفان: الأول محب للشعر، غاو لنظمه، لا يهمه إن كتب،، في لحظة ما، ما يحس به، وما يحبه، حتى لو ألبسه قمصانًا لا يخيطها، وسراويل لا يهمه قياساتها.. هو يحب الشعر، ويحب كتابته، وتضمينه همومه، ومشاعره.. وهذا هو أخي المكرم كرم زعرور، الشاعر الذي يفيض علينا بأنهار من شعر، قد تسبح فيها أسماك كثيرة لم يربّها فيها.
أما الثاني، فهو صنف محب للشعر، ومقدس له، ولملكيته، تأبى شاعريته، وغيرته، أن يرى ثياب فلان، وقد أُسدلها علاّن على جسد ليست له في أصلها، لا لونًا، ولا قيمة. هذا أخي الكريم يحيى سليمان، الذي ينافح عن انتماء الكلمة، ومواطنتها، ولا يغويه خجل فيسكت، أو وجل فيرتدع.. هو هكذا: رجل شاعر يحترم الشعر، ويحترم الشعراء، وفي الوقت نفسه يرى أن بين التناص الممكن، والتلاص المستحيل برزخ، لا يبغيان في حضرته.
أنا مع كرم زعرور في أن يكتب ما يشاء من الشعر، وأن " يتكئ " على من يشاء من الشعراء، بشرط أن يقدم لقصيدته، ويقول: لقد قرأت قصيدة الشاعر فلان، وأعجبتني جدًّا، ووجدت لدي فكرة شعرية هائلة، استعرت إطار هذه القصيدة، لأضمنها ما أريد.. ويشير إلى اسم الشاعر، بل ويورد القصيدة.. وفي هذا أمانة، واعتراف بفضل.. لكنني لست معه في أن يأتي بقصيدة، ليكتشف أحد ما - ولو بالصدفة - أنها محوّرة، أو مزوقة بقصيدة شاعر آخر، ولا يهم إن جاء هذا الاكتشاف مبكرا، أو متأخرًا، وأرد بهذا على أخي الكريم المدهون، الذي شكك في هذا الجانب، ورأى أن العودة إلى القصيدة بعد ستة شهور يثير التساؤل!! بالعكس، أنا أعتقد أن اكتشاف مثل هذه السطوات قد يكون مبكّرًا، إذا جاء بعد سنوات، وحتى عقود.. المسألة ليست مسألة خوض في الزمن، بقدر ما هي مسألة غربلة للذمم.
ومع ذلك، فأنا مع أن يأخذ الأخ أكرم فرصته كاملة في الرد، والتداخل، لإبداء رأيه، فلعله يريد أن ينهي الأمر برأي يراه حصيفًا.. لذلك لا جدوى من إبعاده الآن عن هذا الحوار، إلى أن نرى رأيه فيما يجري، أو جرى.. فإن كان رأيه سديدًا في نتائجه، أُخذ به، وانتهى الأمر، وإن كان عكس ذلك، اتُّخذ الإجراء المناسب.
لذا أرى الآتي:
1- أن تتوقف الأخوات والإخوة عن التداخل في الرابط، أو في المسألة.
2- أن يعود الأخ كرم عضوا فاعلا، بحيث يمكنه الكتابة والرد، والتداخل، إلى أن نرى ما ينتج عنه الحال.
3- أن يُصار إلى وضع حل جذري لكل قصيدة يبتيها صاحبها على شاعرية غيره، دون أن يشير إلى ذلك صراحة. فإن لم يفعل، يتم إنذاره، ثم بعد ذلك يتم أخذ إجراء حاسم بحقه، بعد أن يعطى الفرصة لتبرير ما فعل.
4- أرجو من الجميع الابتعاد عن التحزّب، والاصطفاف، خاصة في أمور واضحة لا تحتاج إلى تأويل، ولا إلى براعة حجة، منعًا لنشر الفرقة بين أهل البيت الواحد.
5- أشكر الأخ الكريم يحيى على حرصه، وأبارك جهوده المخلصة لحفظ الحقوق، وأرفض أية مزايدات في هذا المجال.
للجميع التحية، والاحترام.
المفضلات