أيقنت بعدها أنه لا رجعة إليه ، ذهب الألم وعدت أدراج الرياح أتابع شعوري الجديد الذي لا أعلم منتهاه ، سرت في الأفق وبدأت أحدث نفسي كيف مضى وانتهى ، هذه لحظات ذكرتني بتلك الأيام التي أرهقتني لشدتها .
جئت راجيا ً ما العمل ؟ أين الخلاص من هذا الألم ؟ فقد رافقني دون إستحياء أو خجل ، لازمني سنين طويلة قضيناها وهو حريص ألا يتركني ، متمسك بهمومي متشبث بجسدي متعلق به ، قاسمني حياتي ، عكر مزاجي ، ظننته وريثي ، من يخلصني مما وقعت به ؟ كل المحاولات باءت بالفشل لكثرة الهموم التي عايشها معي ، ذاق ألوان الحياة حلوها ومرها ، رأى النعيم وجحيمها ، إلا أنه ظل صامدا متحملا ً عواقبها .
ذهبت أبحث عن الخلاص ، حسبته سهل المنال خفيف المزاج رقيق القلب ذو عقلية واسعة وتفكير حاد ، رأيته دنوت منه سلمت عليه شكوت له عن صديقي الحميم الوفي الذي أبى أن يتخلى عني لعلني أسمع وأرى وأجد ضالتي النائية ، أعرف رسمها وشكلها وموطنها لكنني أجهل قلبها ،أجهل سرها وما تحويه في جوفها .
طمأنني كثيرا ً ، لقد وصلت الهدف ، ظالتك النائية أمامك ، هيا لأريحك مما تشكوا ، فالسفر طويل ويحتاج إلى النشاط والصبر ، فكلها أيام تمضي وتعود المياه التى تعكرت إلى مجاريها وتتخلص منها .
همتي عالية ، وصبري بدأ بالزوال ، لم الإنتظار ؟ هيا أسرع ولا تحدق بي ! فإنني مرهف بذلك ، وبدأت الرحلة التي إنتظرتها طويلا ً ، سيتحقق حلمي من جديد ، أطلقت العنان في التفكير ، إنها سويعات تمضي وساتحمل عناء السفر لأن الفرج آت ٍ أنظر إليه في باطني ، وأدعوا الله أن يثبتني ، إنتهت الرحلة وعدت اقف على أطلالها متذكرا ً تلك الوصايا التي همست في اذني ، تابعت المسير لأريح جسدي من التعب ، ويحني أرهقته كثيرا ً .
ومضت الأيام وقد سعدت كثيرا ً فالإبتسامة التي سرقت من وجنتي عادت من جديد تلوح في محياي ترفرف ، وكأن شيئا ً لم يكن ، الحمد لله ، هدأ روعي ولاح قلبي يخفق من شدة الفرح ، أين صديقي الوفي الذي عاهد نفسه ألا يتخلى عني ؟ خلعت رداء الماضي ولبست الثوب الذي انتظرته طويلاً ، حدثت نفسي بارتياح ، وتسامرنا الإثنين نتذكر ذاك الرداء القديم ، وأخيراً تخلصنا منه........
يتبع...