لا تدخل بهدوء في ذلك الليل اللذيذ
ديلان توماس*
ترجمة نزار سرطاوي

لا تدخل بهدوء في ذلك الليل اللذيذ،

فخليق بالشيخوخة أن تشتعل وتهيج لحظة انقضاء النهار؛

صبّ جام غضبك، صبّ جام غضبك على احتضار الضوء.


الحكماء حين تحين نهايتهم يعرفون أن الظلمة حق،

لكن لأن كلماتهم لم تفجر برقاً فإنهم

لا يدخلون بهدوء في ذلك الليل اللذيذ.


الرجال الصالحون، حين تمر الموجة الأخيرة، ويصرخون

كيف كانت أعمالهم الضعيفة سترقص ألقاً لو كانت في خليج أخضر،

يصبّون جام غضبهم، يصبّون جام غضبهم على احتضار الضوء.


الرجال الجامحون الذين أمسكوا بالشمس وأنشدوا لها في رحلتها،

ويتعلمون بعد فوات الأوان، أنهم حزنوا عليها وهي ماضية في طريقها،

لا يدخلون بهدوء في ذلك الليل اللذيذ.


الرجال الوقورون، المشارفون على الموت، الذين يرون بأبصار باهرة

أن العيون العمياء يمكن أن تتوهج كالشهب وتكون فَرِحة،

يصبّون جام غضبهم، يصبّون جام غضبهم على احتضار الضوء.


وأنت يا أبي، هناك على ذلك العلو الحزين،

تلعنني، تباركني الآن بدموعك الشرسة، على ما أرجو.

لا تدخل بهدوء في ذلك الليل اللذيذ.

صبّ جام غضبك، صبّ جام غضبك على احتضار الضوء.




Dylan Thomas
Do Not Go Gentle Into That Good Night

Do not go gentle into that good night,
Old age should burn and rave at close of day;
Rage, rage against the dying of the light.

Though wise men at their end know dark is right ,
Because their words had forked no lightning they
Do not go gentle into that good night.

Good men, the last wave by, crying how bright
Their frail deeds might have danced in a green bay,
Rage, rage against the dying of the light.

Wild men who caught and sang the sun in flight,
And learn, too late, they grieved it on its way,
Do not go gentle into that good night.

Grave men, near death, who see with blinding sight
Blind eyes could blaze like meteors and be gay,
Rage, rage against the dying of the light.

And you, my father, there on that sad height,
Curse, bless, me now with your fierce tears, I pray.
Do not go gentle into that good night.
Rage, rage against the dying of the light


*ولد ديلان توماس في سوانسي،في مقاطعة ويلز، في 27 أكتوبر 1914. بعد إكمال دراسته الثانوية انتقل إلى لندن، حيث تم في 1934 نشر مجموعته الشعرية الأولى بعنوان "18 قصيدة." وقد أظهر توماس في هذه السن المبكرة قدرةً غير عادية على استخدام المفردات والصور الشعرية لفتت أنظار النقاد. هذه القصائد وما تبعها بدت غامضة في موضوعاتها، وذلك لاحتوائها على عناصر سريالية وتخيلات شخصية. إلّا أنّ الجِدّة والحيوية اللتين اتسمت بهما لغة توماس تجذب القارئ الى القصائد وتكشف عن الطابع العالمي للتجارب التي تعنى بها.
هذا الاتجاه نحو الذات كان أقل وضوحا في مجموعتيه التاليتين: "الوفيات والمداخل" (1946) و"في نوم ريفي" (1951). وقد نشرت له لاحقاً كتب أخرى من بينها مجموعة شعرية بعنوان "خمس وعشرون قصيدة" (1936) وكتاب "خريطة الحب" (1939)، الذي احتوي على شعر ونثر. وخلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) كتب توماس مخطوطات لأفلام وثائقية.
بعد الحرب عمل توماس معلق أدبياً لهيئة الاذاعة البريطانية. وقد اشتهر فيما بعد بقراءته المؤثرة لأشعاره، حيث استقبله الجمهور في الولايات المتحدة بحماس شديدز فقام بالعديد من الجولات وألقى العديد من المحاضرات، واكتسب نتيجة لذلك شهرة واسعة.
تميز أسلوب توماس بالخروج على الأشكال الألوفة للشعر. فقد كانت صوره الشعرية مرتبة بعناية. وكانت الثيمه الرئيسية عنده هي وحدة الحياة متمثلة في استمرارية عملية الحياة والموت والحياة الجديدة بصورة تربط الأجيال معاً. وقد نظر توماس إلى البيولوجيا باعتبارها التحول السحري الذي يحقق الوحدة من خلال التعددية. وعبّر عن ذلك من خلال الطقوس الشعرية التي تحتفل بهذه الوحدة. فالرجال والنساء بحسب رؤية توماس يعيشون في دائرة من النماء والحب والتكاثر والموت والحياة الجديدة... وهكذا. لذا فإن كل صورة توَلّد عكسها. وقد استلهم توماس صوره المترابطة والتي كثيراً ما تكون متناقضة من الكتاب المقدس والفولكور الويلزي والمواعظ.
توفي توماس في مدينة نيويورك يوم 9 نوفمبر 1953. وقد حامت الشكوك حول سبب وفاته، وساد الاعتقاد أنها حدثت نتيجة إدمانه للكحول. إلّا أن الفحوصات أثبتت أن السبب المباشر للوفاة كان ورماً في الدماغ نتج عن فقر في الدم، أدى إلى حدوث نقص في الأكسجين. وقد أعيد جثمانه إلى ويلز ليدفن في مسقط رأسه.