لغة الضاد

الدكتور عثمان قدري مكانسي



قل لي بربك : هل صادفتَ بستانـا *** يحوي من الأُكُل الفيّـاض ألوانـا

فيه الفواكه مما طـاب مغـرِسُهـا *** أو الثمـارُ تـدلّى فيـه أفنـانـا

أو الينـابيـعُ ، جـلّ الله باجسُهـا *** كدفقـة الروح تُزجي الخير ريّانا

يهوى النسيـم ظلالَ الأنس مائسةً *** فيه، يراقص غصنَ الحَور هيمانا

أو العصافيـرُ سكرى تنثني طربـاً *** بعطـر أنسامهـا ينساح نشوانـا

تبـارك الله ، هـذا الفضل ألهمني *** آيـاتِ درٍّ، بهـا قـد جدت فنانا

أسبّـح الله ، يحـدوني لحضرتـه *** قلبٌ تفجّـر حبّـا، فاض تحنانـا

قد شاره من لسـان الضّـاد مقخرةً *** لمّـا تشـرّف بالتنزيـل قرآنـا

لسانُنـا قد سرى سحـراً ، يؤلقـه *** معنى بديـعُ، ولفظ دقّ عِرفانـا

أما المعـاني فبحـرٌ زاخـرٌ عببٌ *** واللفظ فيه استوى قيعاً وشطآنـا

نسعى إليه نِهـالاً من مراشفـه *** ونصطفي من جميل الدر حصبانا

إن رمتَ معنىً جليلاً نلتَ أوفـره *** أو شِمتَ لحناً لطيفاً حزتَ ألحانـا

إن كانت الحَلْيُ قد صيغَتْ بعسجدها *** فهيّجتْ بوميـض المـال دنيانـا

فإن أنوار آي الضـاد من شـرفٍ *** قد تيّمَتْ قبل أهـل العين عميانـا

فهْي العرائس لا تبـلى على قِـدَمٍ *** في كل آن ترى من حسنها شانـا

تهديـك كلَّ جديد من ولائـدهـا *** كفلقة البـدر ، بل فاقتْـه إحسانـا

وصوغُها لصحيح الفكـر يكسبـه *** فوق الوضوح بيانـاً جـلّ تبيانـا

والشعر أغرودة اللهفـان يرسلهـا *** نفثـاً يحرك في الأعماق أشجانـا

يلقيـه نبضاً يهيـم السامعـون به *** ويلهـب القـوم إحساساً ووجدانـا

يثيـر فيهـم غراس الخيـر يانعة *** ويدفـع القـوم للميـدان شجعانـا

والنثر نسجٌ حوى من سندسٍ ألَقـاً *** فيه السنـاء، ومن إسـتبرق زانـا

يعلو به مَن سمت في قلبـه فِكَـرُ *** جُلّى تساوق في الأثمـان عِقيانـا

لله درُّ لسـان الضـاد منـزلـة *** فيهـا الهـدى والندى والعلم ماكانا