من بيانات الفلسطينيين لمناهضة المشروع الصهيوني في فلسطين في أوائل القرن العشرين

مذكرة الشريف الحسين ـ 1915م

أوفد الشريف حسين ابنه فيصلا إلى دمشق أوائل سنة 1915م لاستطلاع آراء الجمعيات العربية القومية في المطالب التي يحسن أن تطلب من الإنكليز مقابل اشتراك العرب إلى جانبهم في الحرب العالمية الأولى ضد العثمانيين بقيادة الحسن. وقد اتفقت جمعية العربية الفتاة. مع من كان موجودا في دمشق من رجال جمعية العهد على نص مذكرة ـ عرفت ببروتوكول دمشق ـ حملها فيصل إلى والده في مكة. وقد ضمن الشريف حسين رسالته إلى مكماهون نائب ملك بريطانيا في مصر بتاريخ 14/7/1915 الشروط المقترحة للاشتراك في الحرب, كما رسمتها مذكرة رجال جمعيتي العربية الفتاة والعهد, بعد إضافة شرط الخلافة (ر : الحسين ـ مكماهون مراسلات).
ورد في هذه المذكرة أنه «لما كان العرب بأجمعهم دون استثناء قد قرروا في الأعوام الأخيرة أن يعيشوا وأن يفوزوا بحريتهم المطلقة وأن يتسلموا مقاليد الحكم نظريا وعمليا بأيديهم, ولما كان هؤلاء قد شعروا وتأكدوا أن مصلحة حكومة بريطانيا العظمى أن تساعدهم وتعاونهم للوصول إلى أمانيهم المشروعة وهي الأماني المؤسسة على بقاء شرفهم وكرامتهم وحياتهم, ولما كان من مصلحة العرب أن يفضلوا مساعدة حكومة بريطانيا على أية حكومة أخرى بالنظر لمركزها الجغرافي ومصالحهم الاقتصادية وموقفهم من حكومة بريطانيا, بالنظر لهذه الأسباب كلها يرى الشعب العربي أنه من المناسب أن يسأل الحكومة البريطانية إذا كانت ترى من المناسب أن تصادق بواسطة مندوبيها أو ممثليها على الاقتراحات الأساسية الآتية:
«أولا: أن تعترف بريطانيا باستقلال البلاد العربية من مرسين ـ أضنة حتى الخليج العربي شمالا, ومن بلاد فارس حتى خليج البصرة شرقا, ومن المحيط الهندي للجزيرة جنوبا».
ويستثنى من ذلك عدن التي تبقى كما هي. ومن البحر الأحمر والبحر المتوسط إلى سيناء غربا.
«ثانيا: تعترف حكومة الشريف حسن العربية بأفضلية بريطانيا في كل مشروع اقتصادي في البلاد العربية إذ كانت شروط تلك المشاريع متساوية.
«ثالثا: تتعاون الحكومتان البريطانية والعربية في مجابهة كل قوة تهاجم أحد الفريقين, وذلك حفظا لاستقلال البلاد العربية, وتأمينا لأفضلية بريطانيا الاقتصادية فيها, على أن يكون هذا التعاون في كل شيء, في القوة العسكرية والبحرية والجوية.
«رابعا: إذا تعدى أحد الفريقين على بلد ما ونشب بينه وبينها عراك وقتال فعلى الفريق الآخر أن يلزم الحياد. على أن هذا الفريق المعتدي إذا رغب في اشتراك الفريق الآخر معه ففي وسع الفريقين أن يجتمعا معا وأن يتفقا على الشروط.
«خامسا: مدة الاتفاق في المادتين الثالثة والرابعة من هذه المعاهدة خمس عشرة سنة. وإذا شاء أحد الفريقين تجديدها فعليه أن يطلع الفريق الآخر على رغبته قبل انتهاء فترة الاتفاقية بعام.
«هذا ولما كان الشعب العربي بأجمعه قد اتفق والحمد لله على بلوغ الغاية وتحقيق الفكرة مهما كلفه الأمر فهو يرجوا الحكومة البريطانية أن تجيبه سلبا أو إيجابا في خلال ثلاثين يوما من وصول هذا الاقتراح. وإذا انقضت هذه المدة ولم يتلق من الحكومة جوابا فإنه يحتفظ بحرية العمل كما يشاء».
وقد وردت هذه المذكرة في العديد من المصادر, وتفرد جورج أنطونيوس في كتابه «يقظة العرب» بصياغة المطالب العربية على نحو مختلف من غيره, قائلا إن نص هذه المطالب يعتمد على كتاب استعار أصله العربي من الملك فيصل. وقد ورد في كتابه أن العرب طالبوا «بإلغاء جميع الامتيازات الاستثنائية التي منحت للأجانب بمقتضى الامتيازات الأجنبية», وطالبوا كذلك «بعقد معاهدة دفاعية بين بريطانيا العظمى والدولة العربية المستقلة». ومهما يكن من أمر فقد أصبحت هذه المذكرة, بشكل أو بآخر دستور الثورة العربية (1916 ـ1918).
ولم تكذب الحكومة البريطانية بنص هذه المذكرة التي تطالب باستقلال البلاد العربية ضمن حدود ذكرت بالتفصيل, وصمتت فيما ضمت فلسطين كلها دون استثناء.

بلاغ حكومة فلسطين عن فشل المحادثات مع الوفد العربي وقد صدر في 30 مايو سنة 1930 م.

في يوم 24 يناير سنة 1930 تألف وفد عربي للسفر إلى لندن ومحادثة الحكومة البريطانية بشأن حقوق العرب السياسية والقومية والاقتصادية نصه: سافر إلى لندن وشرع في محادثاته بتاريخ 31 مارس 1930 وقد فشلت المحادثات وأذاعت حكومة فلسطين بلاغاً يوم 30 مايو سنة 1930 هذا نصه:
"إن المحادثات التي جرت في لندن بين بعض وزراء حكومة جلالته والوفد الفلسطيني العربي انتهت الآن. وقد أعرب الوفد عن آرائه بشأن عدد من المسائل ولا سيما مسائل الأراضي والمهاجرة ومنح دستور البلاد وأخذت حكومة جلالته علماً بآرائه في هذه المسائل وأوضحت له أن التغييرات الدستورية الواسعة النطاق التي طلبها غير مقبولة برمتها إذ أنها تجعل من المستحيل على حكومة جلالته القيام بجميع المسؤوليات الملقاة على عاتقها بصفتها الدولة المنتدبة على فلسطين وبما أن الوفد لم ير سبيلاً لتغيير موقفه رغم الإيضاحات والتأكيدات التي أبداها وزراء جلالته فقد ظهر جلياً أنه ليس من فائدة ترجى من متابعة البحث في هذه المسألة. وبناءً على ذلك انتهت المحادثات التي كانت في جميع أدوارها صريحة وودية إلا أنه قيل للوفد أن حكومة جلالته بعد أن أخذت علماً بوجهة نظر العرب ستلجأ في ضوء المعلومات التي نالتها مباشرة من هذه المحادثات إلى صيانة الطوائف غير اليهودية في فلسطين وستجد حلاً يتناسب من كل الوجوه مع الالتزامات والعهود المترتبة عليها بموجب صك الانتداب وهي مصممة على عدم السماح بإتباع سياسة في فلسطين من شأنها أن تعرض مستقبل تلك الطوائف للخطر ولهذا السبب ونظراً لمشورة لجنة شو أوفد السر جون هوب سمبسون للتحقيق في مسألتي المهاجرة والأراضي ورفع تقريره عنهما ورغبة في عدم إلحاق أي حيف بمصالح غير اليهود من جراء التأخير الذي لا مندوحة عنه قبل أن يكون في الاستطاعة اتخاذ قرار حاسم على ضوء تقرير السير جون هوب سمبسون ينعم النظر الآن في اتخاذ تدابير خصوصية لأجل اتخاذ الإجراءات المؤقتة التي تضمن تنظيم المهاجرة في خلال هذا التأخير بحيث لا يعرض مستقبل البلاد الاقتصادي للخطر.
أما المخاوف التي أعربت عنها بعض الدوائر من أن سياسة حكومة جلالة الملك قد تعرض كيان الشعب العربي في فلسطين للخطر فلا مسوغ لها ومن الأهمية أن يذاع – لمصلحة أهل فلسطين عموماً – إن كل محاولة يقوم بها أشخاص مخدوعون لإذاعة أخبار مضللة بشأن نيات حكومة جلالته مما يخل بالقانون والنظام في فلسطين عموماً سيعاقب عليها اشد العقاب وأن في نية حكومة جلالته كما أوضح رئيس وزراء بريطانيا العظمى في مجلس النواب يوم 3 ابريل أن تستعمل جميع الموارد التي تحت تصرفها للقيام بالواجبات المفروضة عليها بصك الانتداب.
رد اللجنة التنفيذية العربية على بيان السكرتير العام للحكومة حول انتخابات المجلس التشريعي

نشر سعادة السكرتير العام في الصحف المحلية بياناً ضمنه بعض الأسباب التي دعت اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني الخامس إلى مقاطعة الانتخابات وحمل الأهالي على النزول على مشيئتها. وأظهر أفكار الحكومة في ذلك. وحيث أن هذا البيان إنما جاء توطئة للانتخاب رأينا أن نبين النقاط التالية إظهاراً للحقيقة ورفعاً للالتباس.
1- تتجاهل الحكومة بأن اللجنة التنفيذية ليست هي التي قررت مقاطعة الانتخابات بل أن ذلك كان بقرار المؤتمر العربي الفلسطيني الخامس الممثل لعموم طوائف الشعب العربي الفلسطيني وأن اللجنة (كذا) آلة لتنفيذ قرارات المؤتمر وأن الأمة لا تعمل برأي اللجنة وتنزل على مشيئتها كما نوه سعادة السكرتير العام بل أن اللجنة هي التي تعمل برأي الأمة وبمقتضى رغائبها وهي النازلة على مشيئتها بطبيعة الحال وليست اللجنة كما وصفها سعادته تأبى الاشتراك في انتخابات أي مجلس كان ومهما كان نوعه لئلا يظن أن ذلك يدل على قبولها الانتداب والدستور، بل أن اللجنة التي تستمد مطالبها من رغائب الأمة وأمانيها طلبت أن يكون للبلاد مجلس نيابي ينتخب السكان جميع أعضائه ويكون له ما لغيره من المجالس النيابية من صلاحية التشريع والإشراف على السلطة التنفيذية لا أن يكون آلة صماء في يد رجل واحد وصفه المستر تشرشل فقال أنه "صهيوني صميم". وأما كون الاشتراك في المجلس التشريعي هذا إنما هو قبول الدستور والانتداب وما بني عليه من إنشاء وطن قومي لليهود فذلك مما لا ريب فيه لأن قبول الفرع يقتضي قبول الأصل فقبولنا بالمجلس التشريعي المبني على الدستور الجديد المشتق من الانتداب قبول للانتداب ولجميع توابعه بل أن دخولنا في الانتخابات في الآونة الحاضرة يفهم العالم بأن لا حاجة لعد قضيتنا التي تقضي حلاً عاجلاً في مؤتمر الصلح القادم. وكأننا بقبول المجلس نقول للوزارة البريطانية الجديدة التي وعدت بالتدقيق في هذه القضية مراعية مصالحنا قبل كل شيء "لقد رضينا بما قسمته لنا الوزارة التي تقدمتك" وللشعب البريطاني الذي يلح على حكومته بالخروج من فلسطين "لا ضرر من بقاء السياسة كما هي فاسكتوا أنتم".
2- ذكر سعادته بأن هذا الدستور يمنح حقوقاً واسعة لبلاد هي في أول أطوار حياتها السياسية وذلك القول غريب من سعادته وقد مكث زمناً في البلاد العثمانية قبل الحرب وعرف أن فلسطين كانت ترسل نواباً عنها إلى البرلمان العثماني وإن كل ولاية كانت تدار بمجلس عمومي وكل قضاء بمجلس إدارة ينتخب أعضاؤهما كلهم انتخاباً. فبلاد هذه حالتها ليست في أول أطوار حياتها السياسية ولا يمكن أن ترضى لنفسها بمجلس تشريعي مجرد من كل سلطة تتوقف مقرراته على مصادقة المندوب السامي وتجبر أكثرية أعضائه (وهم رسميون وصهيونيون) وتبقى السلطة التنفيذية بأيدي رجال غرباء عن البلاد ولغتها وعوائدها وطبائع سكانها وهم يجهلون ما ينفعها وما يضر بها. ولا نعلم كيف جاز لسعادته أن يقول أن البلاد في أول أطوار حياتها السياسية وأن هذا الدستور كاف لها وهو ينتسب إلى نفس الحكومة التي سلمت للعراقيين – وليسوا أرقى منا – بما نطلبه نحن ولا تسلم لنا به.

3- ذكر سعادته في بيانه بأن الحكومة تعلم باحتياجات البلاد وتقوم بها بقدر الإمكان ولا ندري كيف يتفق ذلك مع الواقع وحبل الأمن مضطرب بصورة لم يسبق لها مثيل ودخل البلاد لا يتجاوز خمس خرجها والامتيازات الضخمة تمنح للغرباء والمعارف تتخبط في الظلمات الخ الخ. وذكر سعادته بأن الحكومة عازمة على مراعاة الشق الثاني من تصريح بلفور فيما يتعلق بمصالح العرب كمراعاة الشق الأول وهو إنشاء وطن قومي لليهود والشقان متناقضان متنافيان لا يمكن التوفيق بينهما والحالة الحاضرة أعظم دليل على ذلك.

وأما قول سعادته بأن الذي حال دون منح حكومة جلالته دستوراً أسخى من الدستور الحالي هو موقف قادة العرب السياسيين الذين في أثناء وجودهم في انجلترا رفضوا أن يحيدوا عن نظريتهم بوجوب إلغاء وعد بلفور، فهو قول في غير محله. إذ أن الوفد بنى مطالب الأمة على أمرين :
(أ)- إلغاء تصريح بلفور.
(ب)- تشكيل حكومة وطنية.
ولو كان في نية الحكومة أن تمنح البلاد دستوراً أسخى لفعلت ذلك بدون أن تتعرض لمطلب الوفد الأول. ومما لا ريب فيه أن تصرف الوفد في لندن كان بمقتضى رغبة الأمة التي أوفدته. 4- ويحسن بالحكومة أن تعلم أن فلسطين لا تتغذى بالكلام وأنها غير ما كانت عليه بالأمس فهي اليوم كالشرق كله لا تؤمن إلا بالواقع ولا قيمة عندها للأقوال إذ أن الوعود والعهود الرسمية لم تجدها نفعاً فكيف بالأقوال المجردة. ولهذا فبعد أن تقرأ في دستور فلسطين أن قرار المجلس غير نافذ قبل تصديق المندوب السامي الذي يحق له أن يوقف أي قرار لا تصدق أحداً يقول : "ولكن المندوب السامي لن يستعمل هذا الحق" ولا تعتبر قول من يقول بأن حقوق عرب فلسطين تصان بهذا المجلس بعد أن ترى بأم عينها أن أكثرية هذا المجلس (الأعضاء الرسميين والصهيونيين) مضطرة أن تسير على نور تصريح بلفور القاضي بطبيعته على عموم مصالح العرب. ولا ترى كيف تأمن شر الهجرة اليهودية ولجنة المهاجرة إن هي إلا لجنة استشارية لا نفاذ لمقرراتها إلا بمشيئة المندوب السامي الخ الخ.
5- أما قول سعادته بأنه ينتظر من قادة الرأي العربي أن يعدلوا عن معارضتهم لأمر مقرر ويوحدوا مساعيهم في معاضدة الحكومة، فهو ما تدل جميع الظواهر على خلافه وإنا لم نفهم منه الأمر المقرر بعد أن صمت آذاننا من صراخ الشعب الإنجليزي بطلب الخروج من فلسطين وتصريح الحكومة الجديدة بوجوب إعادة النظر في هذه القضية وذلك الأمر المقرر وبعد أن رأينا معاهدة سيفر أصل ذلك الأمر المقرر تلغى وتصبح في خبر كان.
لذلك فإن اللجنة تعود فتؤكد للأمة قرار المؤتمر الخامس القاضي بمقاطعة الانتخابات للمجلس التشريعي وهي على ثقة بأن هذه الأمة ستقف بجانب قرارها متماسكة أمام الباطل كما وقفت من قبل مستمدة قوتها من حقها الذي تستند إليه. والله ولي التوفيق.

سكرتير اللجنة التنفيذية

الميثاق المقدس الذي أصدره المؤتمر الإسلامي العام بمدينة القدس

تاريخ الصدور: 12/ 1931 م


المادة الأولى:

إن البلاد العربية وحدة تامة لا تتجزأ وكل ما طرأ عليها من أنواع التجزئة لا تقره الأمة ولا تعترف به.

المادة الثانية:

توجه الجهود في كل قطر من الأقطار العربية إلى وجهة واحدة هي استقلالها التام كاملة وموحدة ومقاومة كل فكرة ترمي إلى الاقتصار على العمل للسياسات المحلية الإقليمية.

المادة الثالثة:

لما كان الاستعمار بجميع أشكاله وصيغه يتنافى كل التنافي مع كرامة الأمة العربية وغاياتها العظمى فإن الأمة العربية ترفضه وتقاومه بكل قواها.

وقد رأى المجتمعون ضرورة عقد مؤتمر عربي عام في إحدى العواصم العربية للبحث في الوسائل القومية إلى نشر الميثاق ورعايته والخطط التي ينبغي السير عليها لتحقيقه.


احتجاج اللجنة التنفيذية العربية على البيان التفسيري للكتاب الأبيض 21/2/1931 م


اطلع مكتب اللجنة التنفيذية العربية على الكتاب الذي أرسله النبيل ج. ماكدونالد رئيس الوزارة البريطانية إلى الدكتور حاييم وايزمن رئيس الوكالة اليهودية والذي يتضمن نسخاً تاماً لجميع ما جاء في "الكتاب الأبيض" الصادر في أكتوبر 1930 في مسائل الأراضي والمهاجرة ويزيد عليه حقوقاً سياسية واجتماعية جديدة لليهود لم تكن منحت لهم من قبل.
إن لجنتكم التنفيذية التي لم تكن راضية تماماً عن كل ما جاء في "الكتاب الأبيض" المشار إليه لم تخدع حينئذ بوعود الحكومة البريطانية فيما يتعلق بمسائل الأراضي والمهاجرة إذ أنها كانت لخصت الكتاب المذكور في البيان الذي وضعته رداً عليه بالصورة الآتية:
ليس في "الكتاب الأبيض" من جديد في حقوق العرب السياسية وإن النصوص والمبادئ الواردة فيه عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية لا تضمن للعرب حقوقهم القومية ومصالحهم الاقتصادية. فالمهم ليس بالنصوص والمبادئ ولكن بتنفيذها".
وفي الحق أنه ما كاد يمر شهر واحد على هذا حتى حقق المستر مكدونالد تنبؤ لجنتكم المشار إليها تماماً.
إننا واثقون أن العرب وجميع العالم المتمدن في سائر البلاد ينظرون إلى هذه الوثيقة الجديدة كخرق جديد للعهود التي قطعتها الحكومة البريطانية باسم الشعب البريطاني للعرب ولعصبة الأمم نفسها. وتجاه هذه الكارثة الفظيعة فإن كلمتنا للأمة العربية هي أنه علينا معاشر العرب أن نقوي أواصر اتحادنا ونوحد صفوفنا ونعمل بكل ما أوتينا من قوة بجميع الوسائل المشروعة لدفع الأخطار العظيمة التي ينزلها بنا هذا الكتاب. وعلينا قبل كل شيء أن ننزع من مخيلتنا الاعتماد على الحكومة البريطانية في الدفاع عن كياننا القومي والاقتصادي إذ أن هذه الحكومة ضعيفة تجاه القوى اليهودية العالمية. فلندع إذاً هذه الحكومة تتملق اليهود ما شاءت. ولنطلب النجدة من أنفسنا ومن العالم العربي والإسلامي لنتذرع بالوسائل الفعالة المشروعة التي توصلنا إلى حقوقنا المهضومة.
لا جرم أن الخصم شديد وعنيد وقوي ولكننا نحن معاشر العرب بالحق الصريح الذي لنا أكثر منه شدة وعناداً وأكبر قوة ومراساً. فهو يهاجمنا اليوم في عقر دارنا بلا رحمة ولا شفقة ويضع يده على منابع الثروة في البلاد فيحرمنا من قسم كبير منها بصورة مخالفة لجميع الحقوق الإنسانية ومبادئ الحقوق العامة وأنه يعمل اليوم بقوة أكثر من ذي قبل للاستيلاء على ما بقي من منابع الثروة التي بأيدينا.
فعلينا نحن العرب أن نفهم جيداً الخطر المحدق بنا وأن نقوم بالواجب الذي يترتب علينا نحو هذا الوطن المقدس وأن نفهم العالم العربي والإسلامي والعالم المتمدن ما يرتكبه الصهيونيون في هذه البلاد من جرائم وحشية تحت حماية ورعاية الحكومة البريطانية.
ففلسطين عربية وستبقى عربية وليس لأية حكومة في العالم أن تتصرف بمقدراتها على الرغم من أهلها.
قسمت الدول الأوروبية البلاد العربية إلى مناطق عديدة وطوقت أعناقها بسلاسل ثقيلة وقطعت لليهود في فلسطين عهد بلفور المشهور كأن فلسطين ملك من أملاكهم الخاصة. ولكن العالم العربي يقف اليوم في فلسطين وقفة الرجل الواحد الذي يدافع عن عرضه وشرفه ووطنه ودينه.
إن وثيقة المستر مكدونالد الجديدة قد قضت على البقية الباقية من الحرمة الرفيعة التي كان يحملها العربي في نفسه للحكومة البريطانية فلقد رأى العربي أن هذه الحكومة لا تبالي بالمتناقضات من الأمور، ولا تستحي أن تقول عن الأسود أبيض ولا عن الأبيض أسود.
فبينما تقول جازمة أنه لا توجد أراض إضافية يمكن حشد اليهود فيها وأنه ليس من الجائز أن يفتح باب المهاجرة ليهود بولونيا وروسيا وفي البلاد عاطلون من العرب إذا بها تتراجع اليوم عن هذا القول بلا خجل وتسمح لليهود بشراء الأراضي القليلة الباقية بيد العرب وتفتح لهم باب المهاجرة على مصراعيه كما كان في السابق.
وبينما تصرح بكون شراء الجمعيات الصهيونية أراضي العرب باسم جميع يهود العالم وحصر الأشغال بعمال اليهود دون العرب هي أعمال غير مشروعة ومخالفة للمادة السادسة من "صك الانتداب" إذا بها تقول اليوم بغير مشروعية هذه المبادئ الوحشية في حين أنها جعلت التحريض على مقاطعة العرب لليهود إنما يعاقب عليه جاعلة في ذلك الغرم على العربي وحده والغنم كل الغنم لليهودي وحده، وهي مع ذلك ما زالت تزعم أنها قابضة على قسطاس العدل بين الفريقين.
ومهما يكن من أمر الحكومة البريطانية وتقلبها الفظيع في سياستها العامة في فلسطين فعلينا نحن العرب أن ندافع عن حقوقنا المقدسة بكل ما أوتينا من قوة إيمان وثبات في الوطنية عظيم.
فيا أيها العرب من فلسطينيين وسوريين وعراقيين وغيرهم، إن الخصم يريد إرهاقنا بأنواع المظالم حتى يحرجنا فيخرجنا من ديارنا.
فيجب على كل عربي إلى أي قطر ينتمي وإلى أي عمل ينتسب أن يذكر فلسطين العربية وأن يعامل اليهود مثل ما يعاملون إخوانهم في فلسطين من ضروب المقاطعة والاضطهاد وأن يعمل بدون انقطاع للمحافظة على هذه البلاد المقدسة وعلى أهلها الذين يمتون إليهم بصلة الوطنية وأن لا يميل الكفاح حتى يقضي على السياسة الصهيونية قضاءً مبرماً ويعيد إلى فلسطين المقدسة عهد السلام الذي كانت تنعم فيه من قبل.

منشور حزب الاستقلال العربي سنة 1932م


"نداء إلى كل عربي كريم وكل هيئة عربية وكل صحيفة عربية في أنحاء الأرض".
يبعث حزب الاستقلال العربي في فلسطين نداءه هذا وحالة العرب في فلسطين قد انتهت إلى ما تهلع له القلوب وتضطرب النفوس وتهتز المشاعر إذ أخذ المستقبل المشؤوم يبدو كالحاً مظلماً والخطر الملاشي لكيان العرب يتجسم يوماً فيوماً، ويحدق بهم إحداقاً مفزعاً، منبعثاً من ناحيتين كبيرتين هما ناحية بيع الأراضي والهجرة اليهودية خاصة وناحية الحكم الاستعماري المباشر عامة. وكلتا الناحيتين تؤديان إلى تلاشي العرب وانهيار بنيانهم القومي وانسلاخهم عن أرض آبائهم وأجدادهم بفعل السياسة البريطانية الصهيونية.
ومشكلة الأرض بلغت حدها الأكبر من الخطر إذ نشط اليهود في المدة الأخيرة لابتياع الأراضي نشاطاً عظيماً وهي الأراضي العربية القليلة التي بقيت بأيدي العرب والتي إذا تسنى لليهود ابتياعها، وأكثرها واقع في السهول الساحلية ذات القيمة الزراعية الجيدة، أصبح اليهود يملكون معظم الجهات الساحلية الخصبة في البلاد، سلسلة متصلة الحلقات. وظاهر ما في هذا من خطر ينذر البلاد بسوء المصير. يضاف إلى هذا الخطر الآخر الذي – يماشيه جنباً إلى جنب – وهو الهجرة الصهيونية وإغراق فلسطين بسيل عرم من المهاجرين اليهود يدخلون بجوازات سفر وبطرق غير مشروعة كل هذا نتيجة استقتال اليهود لبناء المملكة اليهودية في فلسطين على أنقاض الكيان العربي المتداعي إلى السقوط والانهدام.
ولقد أصبح أكثر من ستة وثمانين عائلة عربية لا أرض لها وبدون مأوى ولا كسب، وثبت هذا بشهادات التقارير الرسمية التي وضعها الخبراء الانجليز الذين كلفوا درس الحالة درساً دقيقاً. وكانت النتيجة الواقعة حتى اليوم أن انتقلت أجود الأراضي إلى اليهود وانزوى العرب في المناطق الجبلية القاحلة وباتت فلسطين تشهد كل يوم مآسي انهدام كيانها بذهاب قرية بعد أخرى والأراضي قطعة بعد قطعة، وتشرد المزارعين وهيامهم على وجوههم إلى حيث الفناء والدمار، هم وعيالهم وأولادهم.
يجري كل هذا جرياً مطرداً سنة فسنة والسلطات الانجليزية في فلسطين ممعنة في حكم البلاد حكماً استعمارياً مباشراً، ثقيل الوطأة مسلحاً بأقصى ما عرفه البشر من ضروب التقنين والتشريع والأنظمة، مما تدأب السلطات البريطانية في وضعه وتكبيل البلاد به وتمهيدها لإنشاء الوطن القومي اليهودي، وقد بلغت الحال خلال الخمس عشرة سنة السابقة من الويل والإرهاب مبلغاً يعز وصفه ويصعب تصويره، فأصبح العرب وليس لهم من أمر بلادهم ووسائل حمايتهم شيء، ولم تلتفت السلطات البريطانية إلى شيء من أنين الشعب العربي وتظلمه وشكايته، طالباً وضع حد لهذه الغزوة الصهيونية المجتاحة وسن قانون عاجل يمنع بيع الأرض من العرب إلى اليهود منعاً باتاً ويغلق باب الهجرة الصهيونية، وطالباً أن يتسلم مقاليد حكم نفسه بنفسه، حفظاً لكيانه وهو العلاج الطبيعي الوحيد الذي بغيره تظل فلسطين تتردى في الهوة السحيقة حيث الفناء المنتظر، فتمثل فاجعة الأندلس ثانية دون أن يغنى فيها ندب أو عويل.
ويسار بالوطن القومي اليهودي في قلب البلاد العربية وعلى كنف الجزء الشمالي من جزيرة العرب والأقطار العربية المجاورة التي لم تقم بعمل بعد تشعر منه السياسة البريطانية بتضافر العرب على دفع الكارثة ودرء هذا الخطر الذي إذا استفحلت غزوته فسيشمل غير فلسطين لا محالة، كما أخذت الدلائل في شرق الأردن تدل عليه في هذه الفترة الأخيرة.
فحزب الاستقلال العربي في فلسطين وهو يرى كل هذا حافزاً ويقيس على الواقع المصير المتوقع مستقبلاً، يناشد كل عربي كريم وكل هيئة عربية وكل صحيفة عربية في أنحاء الأرض، ويناشد أهل البلاد العربية الشقيقة إلى التضافر والتآزر مع إخوانهم عرب فلسطين في رد هذه النكبة التي كادت تأتي عليهم، وإلى الوقوف في وجه السياسة الانجليزية موقف المدافع عن حياته وبقائه وكيانه، ابتغاء وضع حد لهذه الحال المروعة التي كادت تفتك بقطر عربي وتذهب به فريسة المطامع الاستعمارية والصهيونية.

بيان اللجنة العربية العليا حول مشروع اللجنة الملكية بتقسيم فلسطين


تاريخ الصدور: 8/7/1937 م


بحثت اللجنة العربية العليا فيما نشر من تقرير اللجنة الملكية وسياسة الحكومة البريطانية المتضمنين تقسيم البلاد وذلك بوضع الأماكن المقدسة تحت انتداب بريطاني دائم وإنشاء دولة يهودية في أخصب قسم من البلاد وأهمهما بما فيها قضية حيفا وعكا وصفد وطبريا وحشد العرب فيما تبقى من الأراضي الجبلية ومدينة يافا. ولما كانت هذه البلاد لا تخص عرب فلسطين فحسب بل العالمين العربي والإسلامي قاطبة وكانت تسير في الأزمات بإرشاد وتعضيد أصحاب الجلالة والسمو ملوك العرب وأمرائهم وزعماء الأمم الإسلامية وهيئاتها. ولما كانت هذه السياسة تناقض مطاليب العرب وحقوقهم فاللجنة ترى في هذا الموقف العصيب الذي تواجهه البلاد أن تبادر حالاً بالاتصال بهم كما ترى من واجبها التشاور مع أصحاب الرأي من هيئات البلاد ورجالاتها في السياسة التي يقتضي السير عليها.
واللجنة العربية العليا ترجو من الشعب العربي الكريم المؤمن بحقه الثابت على مطاليبه أن لا يؤخذ بالإغراء وزخرف القول وان يظل محافظاً على عهده وميثاقه الوطني وان يحتفظ برباطة جأشه ورزانته وسكينته واثقا كل الثقة من الفوز في النهاية بحقه وغايته.

بلاغ من القيادة العامة للثورة العربية في فلسطين إلى عموم المجاهدين حول وقف أعمال العنف تلبية لنداء الملوك والأمراء العرب ونزولاً على طلب اللجنة العربية العليا في القدس


تاريخ الصدور: 12/11/1936م


إلى عموم المجاهدين في المناطق والميادين في سوريا الجنوبية "فلسطين".

تلبية لنداءات ملوكنا وأمرائنا العرب ونزولاً على طلب اللجنة العربية في القدس نطلب توقيف أعمال العنف تماماً وعدم التحرش بأي شيء يفسد جو المفاوضات التي تأمل فيها الأمة العربية الخير ونيل حقوق البلاد كاملة. وأن تتجنب أي عمل من شأنه أن يعد حجة علينا في قطع المفاوضات كما أنني أطلب من إخواني كافة المحافظة على أسلحتهم ومناطقهم مع الحيطة والحذر التام وأن يكونوا على استعداد لتلبية النداء عند الضرورة فيما إذا لم تنجح المفاوضات. وكل من يخالف تعليماتنا هذه يعد خارجاً على الجماعة ويستحق العقاب وغضب الله.
وإنني أمجد أرواح الشهداء وأحيي البطولة والشجاعة النادرة التي أظهرتموها في جميع ميادين الشرف والتي كانت موضع إعجاب العالم أجمع في الدفاع عن الحق المقدس في البلد المقدس.

إننا نرحب بالسلم الشريف ولن نعتدي عليه ولكنا – عند اللزوم – ندافع عنه ولن نرمي السلاح.

القائد العام للثورة العربية في سوريا الجنوبية "فلسطين"

فوز ي الدين القاوقجي


قرار اللجنة العربية العليا بمقاطعة اللجنة الملكية احتجاجاً على عدم وقف الهجرة اليهودية

تاريخ الصدور: 6/11/1936م


إلى الشعب العربي الفلسطيني الكريم،

اجتمعت اللجنة العربية العليا ودرست بيان وزير المستعمرات الذي ألقاه في مجلس النواب بتاريخ 5/11/1936 حول قرار الحكومة البريطانية بعدم توقيف الهجرة اليهودية من الآن وبالموافقة على السماح بإصدار شهادات هجرة عمال جديدة واستمرار أنواع الهجرة الأخرى خلافاً لما كان ينتظره العرب من وقف الهجرة بجميع أصنافها. وقد رأت في السباب التي ذكرها وزير المستعمرات مغالطة صريحة.
وبما أن الإضراب الذي أعلنه العرب واستمر ستة أشهر إنما كان استنكاراً لسياسة الحكومة البريطانية في حرمانهم من حقوقهم السياسية وطلباً لتغيير السياسة تغييراً أساسياً تظهر بوادره في وقف الهجرة اليهودية ولما كان هذا القرار الذي أعلنه وزير المستعمرات تحدياً شديداً لعواطف العرب وعدواناً على حقوقهم ودليلاً على فقدان حسن النية في حل القضية العربية في فلسطين حلاً صحيحاً قائماً على تحقيق مطالبهم وحفظ كيانهم القومي.
فإن اللجنة تستنكر بكل شدة هذا الموقف وتقرر عدم التعاون مع اللجنة الملكية وتدعو الأمة الكريمة التي برهنت للعالم أجمع على نضوجها السياسي وقوة إيمانها الوطني أن تعمل بهذا القرار. والله ولي التوفيق.


بيان من القيادة العامة للثورة العربية في فلسطين حول ترك الميدان اعتماداً على ضمانة الملوك والأمراء العرب وحفظاً لسلامة المفاوضات

تاريخ الصدور: 22-11-1936م


إن قضية فلسطين المقدسة بعد نداء ملوكها وأمرائها العرب وتعهدهم وضمانهم في إنالة البلاد حقوقها أصبحت قضية عربية وقضية كرامة وشرف للملوك والأمراء وللأمة العربية كافة وأصبح كل فرد عربي مشتركاً في هذه القضية ومجبراً على الدفاع عن هذه الكرامة وهذا الشرف. وما كان الخصم ليصغي إلى النداءات أو يقبل المهادنة لولا الضحايا التي قدمت في انتصارات المعارك الأخيرة ولولا هذه الانتصارات لكان مصير التوسط الأخير كمصير التوسط الذي رده الخصم باستهتار معتمداً في ذلك على نجداته الكبيرة التي قرر إدخالها الميدان وأمل بوجودها القضاء على الثورة.
إن جيش الثورة لفخور جداً بان يكون قد قام بواجبه كما عاهد وأنهى مهمته بالفوز وأوصل البلاد إلى حدود أمانيها وحقوقها التي أصبحت في عهدة الملوك والأمراء والأمة العربية جمعاء.
لهذا ترى قيادة جيش الثورة اعتماداً على ضمانة الملوك والأمراء وحفظاً لسلامة المفاوضات ولعدم جعل أية ذريعة للخصم يتذرع بها للعبث في الحقوق المضمونة أن يترك الميدان مرابطاً بجميع قوات الجيش بعد أن لم ببق له أي عمل وإنها لتعاهد أن يكون جيش الثورة طلائع الجيوش العربية التي سوف تسرع لإنقاذ فلسطين وأنه سيعود إلى العمل على نفس النظام الذي أنهى به حركاته المجيدة فيما إذا تصلب الخصم ولم يعط البلاد حقها.

وإننا إذا عاهدنا وفينا وإن عدتم عدنا والسلام.

القائد العام

للثورة العربية في سوريا الجنوبية "فلسطين"

فوزي الدين القاوقجي

نداء من مسيحيي فلسطين إلى العالم المسيحي لإنقاذ الأماكن المقدسة من الخطر الصهيوني


تاريخ الصدور: 1936 م


نحن المسيحيون العرب سكان وأهالي فلسطين الأرض المقدسة نوجه هذا النداء إلى العالم المسيحي إلى أتقياء المسيحيين أينما وجدوا وإلى كل مسيحي يؤمن بتعاليم الإنجيل الطاهر لافتين أنظارهم إلى السياسة القائمة في البلاد المقدسة وإلى الأخطار التي تجرها وراءها بالجلاء عن بلادنا وتعرض الأماكن المقدسة للاحتقار والامتهان.
إن حكومة الانتداب البريطانية تنفيذاً لوعد جائر ظالم أعطي من اللورد بلفور باسم الحكومة البريطانية في ظروف شاذة ولأسباب أنانية مادية أخذت تعمل لتأسيس مملكة يهودية تحت اسم وطن قومي لليهود في فلسطين فسنت القوانين الشاذة وفرضت الرسوم والضرائب الباهظة وسهلت بيع الأراضي لليهود وفتحت أبواب البلاد لجموعهم المتدفقة فأموها من جميع أطراف المعمورة جالبين معهم المبادئ الهدامة من شيوعية وفوضوية وإباحية المغايرة لكل الأديان السماوية.
حصل في هذه البلاد التعسة عدة اضطرابات ومظاهرات احتجاجاً على الظلم الفادح النازل بها تخلل بعضها أعمال عنف وشدة قمعتها الحكومة بقوة السلاح ثم ظلت راكبة رأسها لا تلوي إلى تشكياتنا ولا تصغي إلى احتجاجاتنا التي لم تنقطع طيلة الثماني عشرة سنة الماضية. وقد نسيت نفسها أنها ليست إلا منتدبة من واجبها أن تخدم هذه البلاد وتثقف أهلها كي يصلوا إلى ما يصبون إليه من استقلال وحرية ووضعت نفسها في مقام المأجور لليهودية العالمية فلا هم لها إلا إرضاءها ولا تأتمر إلا بأوامر زعمائها ولا تنفذ إلا رغائبهم. والحكومة مع علمها الأكيد بالأخطار التي يستهدف لها شعبنا العربي من جراء السياسة المتبعة لم تقم للآن بعمل واحد حاسم يزيل مخاوفنا من الجلاء عن بلادنا أو يخفف من غلواء الصهيونيين وغرورهم.
نعم إنها عينت للآن عدة لجان زارت البلاد في ظروف مختلفة ودرست أحوالها وقدمت تقارير نزيهة وبالرغم من أن الحكومة كانت تعد دائماً بتسيير دفة السياسة في البلاد مستنيرة ومسترشدة بآراء هذه اللجان كنا نراها في كل مرة تراوغ وتتملص من وعودها وتضرب بهذه التقارير عرض الحائط. فكتاب باسفيلد "الأبيض" الذي صدر سنة 1930 حوله المستر ماكدونالد إلى "أسود" إرضاء لغريزة الدكتور وايزمن واستبقاءً لما يجلبه هذا الزعيم من خير على الإمبراطورية ورجالها.
فهل يعجب العالم إذا سمع أن شعباً آمناً مسالماً دخل برضاه وبدون أي تأثير خارجي في إضراب لم ير له التاريخ مثيلاً. نعم إن الإضراب الحالي عام شامل كل مرافق الحياة من صناعية وتجارية ونقليات برية وبحرية يشترك فيه كل السكان العرب سكان المدن والقرى والبدو مسلمهم ومسيحهم شيوخهم وشبابهم وأطفالهم ورجالهم ونساؤهم وتلامذة المدارس. ابتدأ هذا الإضراب في 19 نيسان سنة 1936 ولا يزال مستمراً ابتغينا به إظهار شعور السخط المستحوذ على نفوسنا من سياسة غاشمة تعمل على إجلائنا عن بلاد آبائنا وأجدادنا ورجونا أن يكون سبباً لتثوب الحكومة المنتدبة إلى رشدها. غير أنها ويا للأسف اتبعت أهواءها فأمعنت في إرهاقنا وتمادت في تحدينا واستفزاز شعورنا فانقلب الإضراب السلمي الذي كنا نتوخاه إلى ثورة دموية حولت البلاد المقدسة التي بشر فيها الملائكة بالسلام إلى بلاد تسودها الفوضى والاضطرابات وتعمها أعمال العنف والشدة من هدم وحرق وإتلاف وتقتيل نفوس بريئة. ونصدقكم القول أنه لو لم نشعر بأن الخطر الداهم الذي يهدد كياننا وينذر بجلائنا عن أوطاننا قد ابتدأ أن يتحقق لما كنا أقدمنا على إضراب كهذا ولما كنا وطدنا النفس على أن تجاب طلباتنا الحقة.

أيها المسيحيون:

إننا لم نطلب من الحكومة المنتدبة إلا أن تعطينا حقنا المهضوم وتعيد لنا حريتنا المسلوبة فتوقف الهجرة اليهودية وقفاً تاماً باتاً وتشكل في البلاد حكومة نيابية أسوة بإخواننا أبناء العراق وسوريا.

أيها المسيحيون:

إن احتقار وامتهان أماكنكم المقدسة قد ظهرت بوادره في السنة الماضية عندما دخل شباب اليهود وشاباتهم إلى كنيسة المهد في بيت لحم محل مولد المسيح له المجد ودنسوه بأعمال مغايرة للآداب الأمر الذي أدى إلى تدخل القوة لإخراجهم.

أيها المسيحيون:

إن مشروع روتنبرج قد غير مجرى نهر الأردن في بعض أقسامه وشوه جمال بحيرة طبريا الطبيعي أفلا يحق لنا أن نفسر هذا العمل بأنه محاولة لمحو أثر من الآثار التي تذكرنا بحياة السيد المسيح.

أيها المسيحيون:

إننا نرى من واجبنا أن ننبهكم إلى الأخطار المحدقة ببلادنا التي تحوي مقدساتكم من مغارة المهد التي ولد فيها المسيح على بستان الجثمانية حيث أدى صلاته الأخيرة قبل تسليمه إلى الصلب من قبل اليهود إلى طريق الآلام إلى مكان الجلجلة حيث صلب وقبر إلى كل بقعة وطأتها قدماه الطاهرتان في القدس وبيت لحم وأريحا والسامرة والناصرة وقانا الجليل وسائر مدن وقرى وبحيرات فلسطين ونتوسل إليكم أن تعملوا ما في وسعكم لمساعدتنا على حفظ هذه البلاد بيد أهلها الشرعيين خوف أن تطغى عليها الهجرة اليهودية فيؤسسون المملكة اليهودية التي طالما حلموا بها وعندها تتعرض للإهمال والتلف كل الآثار التي تذكركم بذلك الناصري الذي أتم كل النبوءات بارتفاعه على الصليب.

(التواقيع)

القدس – يعقوب فراج رئيس اللجنة التنفيذية العربية الأرثوذكسية وعضو اللجنة العربية العليا. الدكتور توفيق كنعان نائب رئيس جمعية اتحاد الشبان المسيحية. الدكتور فوتي فريج عضو في الهيئة الأرثوذكسية الوطنية. مغنم الياس مغنم سكرتير نقابة المحامين العرب وسكرتير حزب الدفاع الوطني. عبود هزو عضو الجمعية المرقصية للسريان الأرثوذكس. الدكتور حنا عطا الله دكتور طب. شكري ديب رئيس كنيسة مار يعقوب الأرثوذكسية. جورج شبر مهندس معماري. الياس توما جلاد من وجوه طائفة اللاتين. بولس سعيد من وجوه البروتستانت.

يافا – سليم بركات من وجوه الطائفة المارونية. رفول عبود عضو المجلس الملي لطائفة الروم الكاثوليك ووكيل الأوقاف. وديع انطوني الخوري أحد وكلاء كنيسة القديس جاورجيوس. الفرد روك عضو اللجنة العربية العليا. عيسى العيسى نائب رئيس اللجنة التنفيذية الأرثوذكسية. حنا صلاح عضو عمدة الطائفة البروتستانتية.

الرملة – جورج كته رئيس مؤتمر الشباب الأرثوذكس. توفيق ناصر عضو عمدة الطائفة البروتستانتية.

حيفا – فرج فرج الله سكرتير الجمعية المسيحية بحيفا.

بيت لحم – حنا ميلاد وجيه. عيسى البندك رئيس البلدية. عيسى سابا جحا عضو اللجنة التنفيذية الأرثوذكسية. سليمان قنواتي رئيس الجمعية الخيرية الأرثوذكسية.

بيت جالا – انريا منصور رئيس البلدية. جورج أيوب عضو المجلس البلدي .

بيت ساحور – نخلة عبد الله مختار طائفة الروم. حنا جريس نائب رئيس المجلس المحلي. باسيل شوملي رئيس المجلس المحلي.


رد اللجنة العربية العليا على تقرير لجنة وودهيد وبيان الحكومة البريطانية 15/11/1938 م

اطلعت اللجنة العربية العليا على الخلاصة الرسمية لتقرير لجنة التقسيم وعلى بيان الحكومة البريطانية الذي أذيع يوم 10 تشرين الثاني سنة 1938.

تقرير لجنة التقسيم:

1- وأما تقرير لجنة التقسيم فقد جاء أسوأ خاتمة لسياسة اللجان الفاشلة ومن دواعي الأسف الشديد والعبث بالإفهام أن ذلك التقرير يعتبر فلسطين وهي البلد المقدس والوطن العربي الصميم والرقعة الصغيرة من الأرض قابلة لكل ما اشتمل عليه من تمزيق وتقطيع ومسخ وتشويه ومنح وتوزيع. على أن هذه القابلية كانت عند لجنة التقسيم نفسها نظرية محضة فلما وصلت إلى تحديد الحدود وتعيين التخوم وقعت في حيرة وارتباك وحسبنا أن مشروع التقسيم هذا قد ولد ميتاً حتى أن الحكومة البريطانية نفسها انتهت بعد التدقيق وإنعام النظر إلى أن إنشاء دولتين في البلد الواحد هو حل غير عملي.
واللجنة العربية العليا تأسف أشد الأسف لتأخر الحكومة البريطانية في الاقتناع بهذه الحقيقة التي كانت واضحة منذ اليوم الأول ونتساءل بحرارة وألم من هو المسؤول عن هذه المصائب والويلات التي نزلت بالبلاد بسبب سياسة الحكومة التي أدت إلى مثل فكرة التقسيم ؟ ومن هو المسؤول عن سياسة النار والحديد وأعمال التخريب والتدمير التي نكبت بها البلاد في هذا السبيل ؟ وهل ستظل فلسطين بعد هذا كله عرضة لمثل تلك البرامج الخطرة التي تبتكرها المخيلات الصهيونية والاستعمارية فتندفع الحكومة البريطانية لتنفيذها ؟.
إن هذه النتيجة العقيمة الفاسدة لسياسة التقسيم إنما أدت إليها تلك المقدمات الباطلة وهي محاولة خلق حق لليهود في فلسطين العربية وإنشاء وطن قومي يهودي في صميم الوطن العربي. فإن كل ما يبنى على الباطل فهو باطل وكل محاولة أخرى لترويج باطل اليهود على حساب حق العرب لن يكون مصيرها في النهاية إلا مثل هذا المصير الفاشل .

بيان الحكومة البريطانية :

2- وأما بيان الحكومة البريطانية فإن الشعب العربي يقابل بارتياح عدول بريطانيا عن سياسة تقسيم فلسطين واقتناعها بأن هذا التقسيم غير عملي وهو يرجو أن تكون قد اقتنعت بأنه غير عادل أيضاً، وأقلعت نهائياً عن التفكير في أي شكل من أقسام التقسيم أو ما يماثل التقسيم مما كان موضوع البحث في وقت من الأوقات.
والشعب العربي يبدي ارتياحه أيضا إلى أخذ الحكومة البريطانية بخطة المفاوضة واقتناعها بأن قضية فلسطين يجب أن تحل سياسياً لا حربياً وإلى اشتراك الأقطار العربية لحل قضيته التي طال عليها الأمد ويعتبر ذلك إقراراً بالحقيقة الثابتة من أن قضية فلسطين هي قضية عربية عامة غير أن اللجنة العربية العليا تستغرب وتستنكر إقصاء الحكومة البريطانية لسوريا ولبنان من الدعوة إلى المفاوضات مع كونهما شديدتي الارتباط والاتصال بفلسطين وقضيتها متذرعة بحجة أنهما تحت الانتداب في حين أنها وجهت الدعوة إلى حكومة شرق الأردن التي هي تحت الانتداب البريطاني.
3- واللجنة العربية العليا لا تقر الحكومة البريطانية على قولها في بيانها "إنها تواجه مشكلة إيجاد وسائط لحل القضية تكون متفقة مع الالتزامات المترتبة عليها نحو العرب واليهود" لأن الشعب العربي لا يعترف بشرعية التزامات بريطانيا نحو اليهود لأنها قائمة على الغضب والعدوان ولأنها التزامات على حساب الغير.
إن اللجنة الملكية البريطانية أثبتت في تقريرها أن التزامات بريطانيا نحو العرب أو اليهود هي التزامات متناقضة ولا يمكن التوفيق بينها. وتابعتها الحكومة البريطانية على هذا القول في بيان خطتها السياسية التي صحبت إعلان التقرير وفي تصريحات ممثلها في "عصبة الأمم" فالعودة الآن على محاولة التوفيق بين تلك الالتزامات المتناقضة لا يمكن أن تؤدي إلى نتيجة وتعليق حل القضية على هذا التوفيق إنما هو تعليق على المحال وضرب جديد من التعقيد والإشكال. وإن الشعب العربي لا يمكن أن يوافق على اعتبار الالتزامات البريطانية لليهود القائمة على الغضب الباطل أساساً في قضيته ولا على اعتبارها أساساً في هذه المفاوضة.
4- وتقول الحكومة البريطانية أن الوصول إلى تفاهم بين العرب واليهود هو من أثبت الأسس لإقامة دعائم السلام والتقدم في فلسطين واللجنة العربية العليا ترى أن هذا التفاهم لا يمكن أن يتم ما دام اليهود متشبثين بأطماعهم الباطلة في فلسطين فإذا كان المقصود من التفاهم أن يعيش اليهود بين العرب براحة وسلام فإن ذلك ميسور لهم على أساس الميثاق القومي للشعب العربي الذي هو وحده صاحب الحق الشرعي في بلاده. أما دعوى اليهود في هذا الوطن فهي باطلة لا تستند إلى أساس صحيح ولا تقوم على غير الأوهام والخيالات ولا يؤيدها غير الحراب البريطانية وأن القول الفصل في قضية كهذه يجب أن يكون للحق والعدل فحسب.
5- تعلن الحكومة البريطانية في بيانها عزمها على دعوة ممثلين عن الشعب العربي الفلسطيني والدول العربية المجاورة إلى لندن للمفاوضة في سياسة فلسطين المقبلة دون أن تعين أساساً لتلك المفاوضة. فاللجنة العربية العليا تقول بهذه المناسبة أن للعرب ميثاقاً يتلخص في منع الهجرة اليهودية منعاً باتاً وأن يستبدل بالانتداب معاهدة تنشأ بموجبها حكومة وطنية مستقلة. وهذا الميثاق قد أيدته الهيئات والمؤتمرات والحكومات العربية ولا يمكن للعرب أن يتراجعوا عنه لأنه الضمان الوحيد لكيانهم وحقهم الشرعي في بلادهم ولأنه مستوحى من طبيعة ذلك الحق الشرعي فضلاً عن كونه يشتمل على أقصى ما يمكن من التسامح مع اليهود. وقد جرت العادة أن أية مباحثة لحل قضية ما يجب أن تعين أسسها قبل توجيه الدعوة ولا سيما في قضية كقضية فلسطين فيها دعوى باطلة ما يزال أصحابها اليهود يغذون أنفسهم بالأحلام والمطامع ويستندون فيها إلى القوة الغاشمة والدعاية المضللة. وتأسف اللجنة اشد الأسف أن لا ترى في بيان الحكومة البريطانية شيئاً من هذا يدعو إلى الطمأنينة والأمل وتخشى أن يكون هذا الإيهام عاملاً في عقم نتيجة الدعوة وفشل المفاوضات وأن يكون مقصودا منها الآن لتنفرد الحكومة البريطانية بفرض الحل الذي تريده هي والذي يخشى أن يكون سبباً في طول عهد الشقاء الذي يخيم على ربوع البلاد المقدسة.
وأما بشان دعوة الحكومة البريطانية الوكالة اليهودية للمفاوضة في السياسة المقبلة فإن الشعب العربي لا يوافق على اعتبار اليهود طرفاً في قضيته ولا يدخل وإياهم في مفاوضة على مصيره.
6- وقد أعلنت الحكومة البريطانية في بيانها احتفاظها لنفسها بحق رفض قبول زعماء العرب الذين تعتبرهم مسؤولين عن حملة الاغتيال والعنف فاللجنة العربية العليا تبادر على إعادة ما أشارت إليها مراراً من أن مسؤولية الاضطرابات أولاً وآخراً إنما تقع في الحقيقة على الحكومة البريطانية وسلطاتها في فلسطين.
فالشعب العربي لم يطلب إلا حقه الطبيعي في بلاده. والسلطات البريطانية هي التي كانت في كل موقف من مواقف مطالبته بهذا الحق تعتدي عليه وتحاول سحقه وتصم أذنيها عن سماع أنينه وصراخه وتستفزه بتصرفاتها الهوجاء وسياستها العوجاء فليس من المنطق والحق في شيء أن يتحمل هو أو يتحمل زعماؤه مسؤولية الاضطرابات التي دفع إليها دفعاً لأن الحكومة البريطانية لم تترك له وسيلة أخرى لإعلان استنكاره لتلك التصرفات والسياسة المنكرة التي أريد بها تسليط شذاذ الآفاق عليه وإذلاله في وطنه وإجلاؤه عنه في النهاية.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن اللجنة تتساءل عمن تقصد الحكومة البريطانية أن يكونوا ممثلين لعرب فلسطين من غير أعضائها ومفوضيها على حين تعلم الحكومة البريطانية حق العلم أن الشعب العربي أولى ثقته الغالية هذه اللجنة وحدها للدفاع عن حقه والعمل على تحقيق ميثاقه وأنه لا يوجد في فلسطين أية هيئة أخرى أو أفراد يستطيعون أن يدعوا تمثيل الشعب العربي في هذا الموقف كما أن اللجنة واثقة كل الثقة أن الحكومة البريطانية لن تجد من يتقدم على إجابة دعوتها مزودا بأية ثقة من الشعب. واللجنة ترى أن في إعلان الحكومة البريطانية ذلك تعقيدا آخر للقضية لأنها تريد أن تحول دون تمثيل عرب فلسطين تمثيلاً صحيحاً وصادقا في مفاوضات يتعلق بها مصيرهم. وقد أثبتت الحوادث والتجارب في فلسطين وغيرها عقم هذا الأسلوب وبعده عن الحقيقة والصواب دائماً.
فإذا كانت الحكومة البريطانية ترغب رغبة صادقة في حل هذه القضية وإنهاء عهد الشقاء والقلق في فلسطين فيجب عليها أن تنفض يدها عن الأساليب التي مارستها إلى الآن في معالجتها لهذه القضية وأن تواجه ما فيها من حقائق وأن تسلك سبيل الرشد والصواب وذلك بإعلانها قبول الميثاق العربي أساساً للحل المقبل ومنع الهجرة اليهودية منعاً باتاً تمهيداً للمباحثات وعدم استرسالها في الاتهامات وتحميل المسؤوليات جزافاً وعدم إصرارها على حرمان الشعب العربي من اختيار ممثليه الذين أولاهم ثقته وعهد إليهم بالدفاع عن حقوقه.
7- وأخيرا تصرح الحكومة البريطانية بأنها إذا لم تسفر مباحثات لندن عن الوصول إلى اتفاق فإن حكومة جلالته تتخذ قرارها الخاص. فاللجنة العربية العليا تلاحظ من الآن أن الحكومة البريطانية قد جعلت لهذه المباحثات مقدمات من شأنها تعقيد القضية فإذا تعذر الوصول إلى اتفاق فإن المسؤولية فيها تعود عليها وعلى اليهود واللجنة تعلن للعالم من الآن أنه في حالة كهذه لا يمكن للشعب العربي أن يقر أي حل يفرض عليه فرضاً بالقوة الغاشمة ولا يوصله إلى حقه الصريح. وسيظل في كل حال متمتعاً بالعطف والتأييد من العالمين العربي والإسلامي حتى يصل إلى حقه الكامل مؤيداً بتوفيق الله القوي العادل.
8- وبهذه المناسبة ترى اللجنة العربية العليا أن تعيد نشر الميثاق القومي العربي مرة أخرى فيما يلي :
أولاً: الاعتراف بحق العرب في الاستقلال التام في بلادهم.
ثانياً: العدول عن تجربة إنشاء الوطن القومي اليهودي.
ثالثاً: إنهاء الانتداب البريطاني وأن يستبدل بمعاهدة مماثلة للمعاهدة البريطانية العراقية والمعاهدة البريطانية المصرية والمعاهدة الفرنسية السورية بموجبها تنشأ في فلسطين دولة ذات سيادة.
رابعاً: وقف الهجرة اليهودية وبيع الأراضي لليهود وقفاً تاماً.
والعرب على استعداد لمفاوضة الحكومة البريطانية مفاوضة تقوم على أسس مقبولة للاتفاق على الشروط التي تحفظ بها المصالح البريطانية المعقولة والاتفاق على الضمانات الضرورية للمحافظة على جميع الأماكن المقدسة وتأمين حقوق زيارتها وحماية جميع الحقوق المشروعة للسكان اليهود أو غيرهم من الأقليات في فلسطين.

المصدر : المركز العربي للدراسات و البحوث