آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الحرب الإلكترونية

  1. #1
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    Icon15f الحرب الإلكترونية

    الحرب الإلكترونية

    الحرب الإلكترونية -الجزء الأول

    مقدمة

    يُعد ظهور ثورة تكنولوجيا الإلكترونيات واستخدامها في الأغراض العسكرية، نقطة تحول كبيرة؛ سواء في فن الحرب، أوفي إدارة الصراع المسلح، فقد أخذت أسلحة القتال الحديثة ومعداته مكان الصدارة في حسم أي صراع مسلح، وخاصة أسلحة الهجوم الجوي الحديثة؛ لاعتمادها على نظم السيطرة والتوجيه الإلكتروني، التي تمكنها من تنفيذ المهام المطلوبة منها بكفاءة وإصابة أهدافها بدقة عالية؛ نظراً لاستخدامها نظم ووسائل الكشف، والتوجيه، والتحكم، وقيادة النيران وتصحيحها لاسلكياً، ورادارياً، وحرارياً، وليزرياً، وتليفزيونياً، وهي النظم التي يستوي تشغيلها واستخدامها ليلاً ونهاراً. هذا إضافة إلى النظم الحديثة والمتقدمة للتصوير التليفزيوني باستخدام آلات التصوير ذات الحساسية العالية، التي يمكنها العمل في مستوى الضوء المنخفض بكفاءة ودقة عاليتين.

    ومع دخول المعدات الإلكترونية الحديثة، واستخدامها بتوسع في الجيوش الحديثة بصفة عامة، وفي القوات الجوية بصفة خاصة؛ سواء في أسلحة الهجوم الحديثة، أو في نظم السيطرة الآلية على القوات ووسائلها من أجهزة وحاسبات آلية. وانطلاقاً من اعتماد أسلحة القتال الحديثة على النظم والوسائل الإلكترونية، فقد أظهرت العمليات الحديثة في حرب فيتنام، وحرب أكتوبر 1973، وحرب فوكلاند، وحرب الخليج الثانية، وحرب البلقان، الدور الذي يمكن أن تؤديه الحرب الإلكترونية؛ بوصفها سلاحاً مضاداً يمكنه التأثير بفاعلية على الحد من إمكانات هذه الأسلحة والمعدات في ساحة القتال؛ لما تتميز به الحرب الإلكترونية من القدرة على تنفيذ أعمال الاستطلاع، والإعاقة الإلكترونية بأنواعها المتعددة، ضد نظم السيطرة ووسائلها، والكشف والتوجيه الإلكترونية لهذه الأسلحة.

    ولما كانت إستراتيجية القوات المسلحة، في كل دول العالم، قد تأسست على إمكانية تحقيق النصر على العدو بكل الوسائل المتيسرة لديها، وبما أن الحرب الإلكترونية عُدّت إحدى صور الصراع التكنولوجي، التي تؤدي أعمالها القتالية إلى إيجاد الظروف المناسبة للقوات المسلحة لتحقيق هذا النصر، لذا فإن الحرب الإلكترونية أصبحت في مقدمة تلك الوسائل؛ بل أصبحت في مقدمة الموضوعات التي يعكف العسكريون على دراستها، كما تعكف مراكز البحوث العلمية والفنية على تطويرها، وتحديثها، باستمرار؛ لمواجهة التهديدات الإلكترونية لأسلحة القتال الحالية والمستقبلية.

    وانطلاقاً من هذا المفهوم، فقد تعاظم دور الحرب الإلكترونية لتشكل البعد الرابع بين أسلحة القتال البرية، والبحرية، والجوية والدفاع الجوى، في التأثير بفاعلية على كفاءة هذه النظم الإلكترونية. لذلك سارعت دول العالم إلى تسليح مختلف أنواع قواتها بوسائل الحرب الإلكترونية.


    المبحث الأول: الحرب الإلكترونية: نشأتها، وتطورها، ومفهومها


    عند تتبع تاريخ نشأة الحرب الإلكترونية في العالم، نجد أن جذورها تعود لما قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، فقد بدأت الاتصالات بين أرجاء العالم المختلفة باستخدام المواصلات السلكية مـن طريق المورس "جهاز البرق الصوتي" عام 1837؛ ولم يتحقق أي اتصال آخر في ذلك الوقت إلا من طريق تبادل المراسلات؛ باستخدام السفن في نقل الرسائل بين الموانئ البحرية.

    منذ اندلاع الحرب الأهلية في الولايات المتحدة الأمريكية، في أبريل 1861، كانت خطوط التلغراف هدفاً مهماً للقوات المتحاربة؛ إذ كان عمال الإشارة يتداخلون على خطوط المواصلات السلكية، من طريق توصيل هاتف على التوازي مع كل خط من هذه الخطوط؛ للتنصت على المحادثات؛ ولهذا السبب، كان كل جانب يقطع المواصلات الخطية عند عدم الحاجة إليها، حتى لا يتداخل عليها الطرف الآخر.

    ثم كانت بداية استخدام الاتصال اللاسلكي في عام 1888 مع الألماني هرتز Hertz. وفي منتصف عام 1897 استطاع "ماركوني" Guglielmo Marconi المهندس والمخترع الإيطالي من تطوير جهاز لاسلكي يناسب الاستخدام في البحر. ثم استخدم اللاسلكي في أعمال الاتصالات بالمسرح البحري الأوروبي في عام 1901.

    ونتيجة لتزايد الاستخدام اللاسلكي، كان طبيعياً أن تظهر الشوشرة على الاتصالات اللاسلكية، وكانت في البداية شوشرة طبيعية، نتيجة لكثرة استخدام الأجهزة اللاسلكية، وهو ما يعرف بالتداخل البيني للموجات الكهرومغناطيسية عند إشعاعها بكثافة عالية في مساحة محددة، أو في مناطق مغلقة، مثل المضايق والممرات الجبلية.

    ومن هنا بدأ التدريب على العمل في ظل الشوشرة نتيجة الاستخدام اللاسلكي المكثف، ثم بدأ الاستخدام المتعمد للشوشرة؛ لإعاقة الاتصالات اللاسلكية بين الوحدات العسكرية المعادية؛ لإرباكها وشل سيطرتها على قواتها وأسلحتها.

    وفي عام 1904 قصفت السفينتان اليابانيتان الحربيتان "كاسوجا ونيشين" القاعدة البحرية الروسية في ميناء "آرثر" Arthur، وكانت معهما سفينة صغيرة تصحح النيران باستخدام الراديو "اللاسلكي"، وسمع أحد عمال "الإشارة" الروس، بالمصادفة، تعليمات تصحيح النيران، فاستخدم جهاز إرساله اللاسلكي في إعاقة الاتصال الياباني بالضغط على مفتاح الإرسال على تردد الشبكة اليابانية نفسها، مما عطل بلاغات تصحيح النيران من أن تُبّلغ لمدفعية السفينتين؛ وهكذا، لم ينتج عن هذا القصف البحري سوى إصابات طفيفة، لعدم دقة النيران في إصابة أهدافها.

    وحتى عام 1905، وخلال المعارك بين السفن اليابانية والروسية، استخدمت السفن الروسية الأسلوب نفسه ضد الشبكات اللاسلكية اليابانية، وانعكس ذلك في أن السفن الروسية استطاعت إخفاء اتصالاتها، قدر الإمكان، من طريق تقليل فترات استخدام اللاسلكي لأقل فترة ممكنة، وبأقل قدرة إشعاع لاسلكي تحقق الاتصال المطلوب، وكانت السفن الروسية تتنصت وتراقب الإرسال اللاسلكي الياباني، ثم تشوّش عليه أثناء القصف بهذا الأسلوب نفسه.

    وفي عام 1906 استطاع مكتب معدات البحرية الأمريكية من استحداث جهاز تحديد اتجاه لاسلكي؛ لخدمة الملاحة البحرية في البحر، وهو ما يعرف باسم "المنارة اللاسلكية" لإرشاد السفن، وتحديد مواقعها، وخطوط سيرها، مما كان له أثر كبير في مجالات الحرب الإلكترونية فيما بعد.

    1. الحرب الإلكترونية في الحرب العالمية الأولى:

    في بداية الحرب العالمية الأولى، في أغسطس 1914، قبل أن تدخل بريطانيا الحرب إلى جانب بلجيكا وفرنسا، ضد ألمانيا، والنمسا، مرت سفينتان حربيتان بريطانيتان، بجوار السفن الألمانية في بحر المانش، ولم تحاولا الاشتباك مع السفن الألمانية. إلا أن أدميرال الأسطول الألماني "إرنست كينج"، أوضح أن هاتين السفينتين البريطانيتين، نفذتا عمليات التنصت اللاسلكي على الاتصالات اللاسلكية للسفن الألمانية، وذلك عندما حاولتا التشويش على الاتصالات اللاسلكية الألمانية، بهدف اختبار كفاءة أعمال الحرب الإلكترونية لديها في التداخل والشوشرة اللاسلكية على الشبكات اللاسلكية الألمانية.

    وأثناء العمليات البحرية التالية في الحرب العالمية الأولى، كان التشويش على الاتصالات اللاسلكية يستخدم من حين إلى آخر، ولكن وُجد أنه، لكي تنفذ الشوشرة على أي اتصال لاسلكي، كان لا بد أن تسبق عملية التنصت هذا الاتصال، الأمر الذي تبين منه في أحيان كثيرة، أهمية المعلومات التي يتبادلها الجانب المعادي، والتي يمكن الحصول عليها، معرفة نواياه المستقبلية.

    ومن هنا ظهرت أهمية أعمال الاستطلاع اللاسلكي على شبكات العدو اللاسلكية، بهدف الحصول على المعلومات، كما أصبحت الوحدات البحرية على دراية بأن استخدام اللاسلكي أكثر مما ينبغي، يمكن أن يفصح عن حجم كبير من المعلومات المفيدة للعدو، حتى مع استخدام الكود والشفرة في الاتصالات اللاسلكية.

    ولهذا السبب، أكد القادة على أهمية بقاء الراديو "اللاسلكي" صامتاً كلما أمكن ذلك، وتقليل تبادل الإشارات إلى الحد الأدنى عندما لا يكون آمناً، أي بمجرد أن تكون السفن الحربية في مرمى بصر العدو، فكان لا يسمح للقادة باستخدام الراديو "اللاسلكي" بِحُرية حتى لا يلتقطه الجانب المعادي، وكان يستعاض عنه، في تحقيق الاتصال، باستخدام الإشارات المرئية "التأشير المنظور".

    بعد ذلك ظهرت أهمية تحديد مواقع المحطات اللاسلكية المعادية، التي تدل على أماكن تمركز القوات المعادية، وبالتالي يمكن التنبؤ المبكر بالتهديد، وكذلك لتوجيه أعمال الشوشرة ضدها بدرجة تركيز مناسبة في التوقيت المناسب، ففي عام 1915، استغلّت البحرية البريطانية الفكرة الأمريكية في إنشاء جهاز تحديد اتجاه الإشعاع اللاسلكي الصادر من جهاز إرسال أي سفينة تستخدم الاتصال اللاسلكي وهي في عرض البحر، والذي يمكن باستقباله تحديد موقع هذه السفينة "نظام المنارة اللاسلكية"، وعلى ضوء ذلك، بدأت البحرية الملكية البريطانية، بتركيب سلسلة من محطات تحديد الاتجاه اللاسلكي بطول الساحل الشرقي لإنجلترا، حيث أمكنها تحديد موقع أي سفينة أو طائرة منطلقة في بحر الشمال. وعندما دخلت أمريكا الصراع في أبريل 1917، انضم الأسطول الحربي الأمريكي مع الأسطول البريطاني، الذي كان يمتلك أجهزة لاسلكية متقدمة، وكانت بعض قطع الأسطول تحمل أجهزة تحديد اتجاه من نوع 995، أثبتت كفاءة كبيرة في تحديد مواقع السفن المعادية التي كانت تتنصت على اتصالاتها اللاسلكية، وتحدد مواقعها، وتتتبعها، ثم تدمرها.

    ومع تزايد الاهتمام بالاتصالات اللاسلكية من الجو إلى الأرض من خلال إرسال تقارير الاستطلاع التكتيكي عن أرض المعركة، أو لتصحيح نيران المدفعية في إصابة أهدافها، ولأهمية المعلومات المتبادلة على هذه الشبكات؛ كان غالباً، ما يشوش عليها، لحرمان الجانب المعادى من الحصول على معلومات عن الأهداف المطلوب تدميرها، وكذلك حرمانه من أن يصحح نيران مدفعيته، وإصابة الأهداف بدقة.

    2. الحرب الإلكترونية بين الحرب العالمية الأولى والثانية:

    أجرت عدة دول تجارب على قيام الطائرات بتوجيه القنابل لاسلكياً. وفي الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي تطورت أجهزة الإرسال بدرجة كبيرة، وأُنتجت أجهزة استقبال ذات حساسية عالية، وهوائيات دقيقة التوجيه، وهو ما أدى إلى التفكير في التداخل اللاسلكي لإفشال أعمال التوجيه.

    وفي هذا الوقت، بدأت التطبيقات العملية للظواهر المكتشفة عام 1900، صدى الصوت؛ إذ كان عندما يرفع الصوت، ويسمع صدى في الإجابة، يعرف أن الصوت وصل حائطاً بعيداً، أو حاجزاً، ولا بد أنه انعكس من المكان نفسه. وهكذا، بدأ تطبيق تحديد المكان لأي جسم متحرك، مثل سفينة في البحر، إذ يمكن من تحديد مسافة تحركها في زمن محدد، وحساب سرعتها؛ ففي البداية، يحدد مكان الهدف المتحرك وتوقيته في موقع ما، ثم بعد فترة زمنية محددة، يعاد تحديد مكان الهدف وتوقيته في موقع آخر، وبحساب المسافة التي تحركها الهدف، بين الموقعين الأول والثاني، والزمن الذي استغرقه في قطع هذه المسافة، تحدد سرعة الهدف من المعادلة الآتية:

    السرعة = المسافة / الزمن

    وقد طبق العاملون في معمل أبحاث البحرية الأمريكية ذلك، خلال تجارب اكتشاف الرادار عام 1922. وفي عام 1934، كان جهاز الرادار الأمريكي، قادراً على اكتشاف الطائرات على مسافة 50 ميلاً؛ وفي هذه الفترة، كان هناك عمل مشابه، ينفذ في بريطانيا وألمانيا. وبحلول شهر يونيه 1935، أُنتج أول رادار نبضي للبحرية البريطانية، يمكنه كشف الأهداف حتى مدى 17 ميلاً. وفي مارس 1936، أُنتج جهاز مماثل معّدل بمدى كشف 75 ميلاً. وهكذا، تطور تصنيع الرادارات على المسرح الأوروبي، وفي الولايات المتحدة الأمريكية .
    3. الحرب الإلكترونية في الحرب العالمية الثانية

    وحتى ديسمبر 1938، تمكنت الدول الأوروبية من إنتاج رادارات، ذات مدى كشف راداري 100 ميل عن الطائرات المعادية توفر زمن إنذار لأكثر من نصف ساعة، عن هجوم قاذفات القنابل المعادية، فضلاً عن إنتاج رادار بحري، يوفر مدى كشف راداري 15 ميلاً عن القطع البحرية المعادية.

    ومنذ أكتوبر 1935، كلف مسؤول البرنامج البريطاني لتطوير الرادار بدارسة إمكانية التشويش على أجهزة الكشف الراداري؛ إذ بدأت التجارب، وأمكن تحقيق نتائج إيجابية في عام 1938، وفي عام 1939. كما بدأت في إنجلترا دراسة إمكانية تشغيل عمال الرادار على أجهزتهم، في ظل قيام العدو بأعمال الإعاقة والتشويش، على الرادارات الإنجليزية.

    ومع تزايد الانتصارات الألمانية في فرنسا وهولندا وبلجيكا، في صيف 1940، والإجلاء السريع للقوات البريطانية من الجزء الرئيسي من أوروبا، وتزايد إمكان دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب إلى جانب الحلفاء؛ بدأت واشنطن، في سرية تامة، بتعبئة الهيئات العسكرية الصناعية والعلمية وتنظيمها، لخدمة الحرب الإلكترونية.

    أما الإنجاز الكبير الذي حدث بعد ذلك، هو أنه، بعد سقوط فرنسا، هرب العالم "موريس دولورين" إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومعه ثلاثة من زملائه الذين كانوا يعملون في نوع جديد من أجهزة تحديد الاتجاه ذات التردد العالي للبحرية الفرنسية، وبدءوا العمل في مختبر الاتصالات اللاسلكية الفيدرالي في "أماجا نسيت" بولاية "لونـج أيلاند" Long Island، وسرعان ما قاموا بتشغيل نموذج متطور لتحديد الاتجاه اللاسلكي يعمل على الشواطئ، ثم طوروا جهازاً آخر للعمل بالسفن الحربية، دخل الخدمة في القوات البحرية بعد ذلك.

    ومنذ أوائل ديسمبر 1941، وقبل دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب مباشرة، أنتجت رادارات متقدمة منها SCR-270، ثم SCR-271، وذلك بزيادة حيز تردداتها، ركبت فيما بعد، بالسفن الحربية، وحاملات الطائرات، والطرادات، بما أدى إلى التغلب على أعمال الاستطلاع والإعاقة الرادارية.

    وفي الوقت نفسه، كانت الإجراءات المضادة للرادارات تسير سيراً حسناً، مثل مستقبل التحذير الرادار( جهاز استقبال راداري، يركب في الطائرة أو في القطعة البحرية، يمكنه استقبال نبضات الرادار المعادي، فيعطي إنذاراً لقائد الطائرة/ القطعة البحرية أنه أصبح مكَتَشفاً رادارياً، وعليه تنفيذ التدابير الإلكترونية لتجنب هذا الكشف.) من الرادارات المعادية Radar Warning Receiver: RWR من نوع P-540، والذي تطوّر، بعد ذلك، إلى ما أطلق عليه P-587، والذي أقر في مختبر الطاقة الإشعاعية.

    وهكذا، زاد التنافس بين القوات المتحاربة في المحيط الأطلسي والمحيط الهادي، مما ساعد على التطوير المستمر في معدات الحرب الإلكترونية وأعمالها، حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، في ظل التطور الهائل لتكنولوجيا الإلكترونيات.

    وهكذا استمر الصراع الدائر للحصول على التكنولوجيا المتقدمة لإنشاء أحدث النظم الإلكترونية اللازمة للسيطرة وإدارة النيران، وللمعاونة في إدارة أعمال القتال. وكان يتبعها دائماً العمل الدائم في مراكز الأبحاث للوصول إلى أكثر المعدات الخاصة بالحرب الإلكترونية تعقيداً من وسائل للاستطلاع والإعاقة على هذه المعدات المتقدمة، التي يتم إنشاؤها. ثم يأتي دور اختبار هذه المعدات الجديدة في مجال الحرب الإلكترونية ليتم إنزالها إلى ساحة القتال، لمعرفة تأثيرها، ثم تجري أعمال التطوير مرة أخرى على ضوء ما يدرس من مزاياها وعيوبها. ظهر ذلك واضحاً في حروب ما بعد الحرب العالمية الثانية: "كوريا ـ فيتنام ـ حرب 1967 ـ حرب 1973 ـ فوكلاند ـ سهل البقاع ـ خليج سرت ـ حرب تحرير الكويت ـ ثم حرب البلقان.

    أولاً: تعريف الحرب الإلكترونية ومفهومها

    للحرب الإلكترونية العديد من التعريفات العلمية، إلا أنها بالدرجة الأولى تتوقف على طبيعة الاستخدام القتالي ومفهومه المطلوب تحقيقهما في العمليات الحربية الحديثة التي تتنوع فيها النظم والوسائل الإلكترونية المتطورة لأسلحة القتال؛ تلك الأهداف المطلوب من الحرب الإلكترونية أن تتعامل معها، وتؤثر على فاعليتها، بهدف حرمانها من أداء مهامها الوظيفية بكفاءة، وبالتالي تهيئة الظروف المناسبة للقوات الصديقة من العمل في بيئة إلكترونية مناسبة تسمح بتنفيذ المهام المطلوبة بكفاءة ودقة عاليتين، وفي الزمان والمكان المناسبين.

    1. تعريف الحرب الإلكترونية

    هي مجموعة الإجراءات الإلكترونية المتضمنة استخدام بعض النظم والوسائل الإلكترونية الصديقة في استطلاع الإشعاع الكهرومغناطيسي الصادر من نظم، العدو ووسائله ومعداته الإلكترونية المختلفة مع الاستخدام المتعمد للطاقة الكهرومغناطيسية في التأثير على هذه النظم والوسائل؛ لمنع العدو، أو حرمانه، أو تقليل استغلاله للمجال الكهرومغناطيسي، فضلاً عن حماية الموجات الكهرومغناطيسية الصادرة من النظم والوسائل الإلكترونية الصديقة من استطلاع العدو لها، أو التأثير عليها.

    2. مفهوم الحرب الإلكترونية

    انطلاقاً من هذا الفكر في تعريف الحرب الإلكترونية، فإن مفهوم الحرب الإلكترونية هو: مجموعة الإجراءات التي تنفذ بهدف الاستطلاع الإلكتروني للنظم والوسائل الإلكترونية المعادية، وإخلال عمل هذه النظم والوسائل الإلكترونية، ومقاومة الاستطلاع الإلكتروني المعادي، وتحقيق استقرار عمل النظم الإلكترونية الصديقة تحت ظروف استخدام العدو أعمال الاستطلاع، والإعاقة الإلكترونية.

    ثانياً: الأهداف الإلكترونية المعادية للحرب الإلكترونية

    هي‎ الأهداف المطلوب أن تتعامل معها الحرب الإلكترونية بأعمال الاستطلاع، والإعاقة الإلكترونية، ويمكن أن نوجز أهم هذه الأهداف فيما يلي:

    1. محطات الاتصال اللاسلكي، واللاسلكي متعدد القنوات، والميكروويف.

    2. أنظمة الرادار العسكرية

    أ. للإنذار وتوجيه النيران.

    ب. للإنذار والمراقبة الساحلية.

    ج. للتوجيه لمراكز السيطرة الجوية.

    د. لقيادة نيران المدفعية وتصحيحها.

    هـ. لمراقبة التحركات الأرضية.

    3. نظم الكشف والتوجيه الكهروبصرية "تليفزيوني، وحراري، وليزري، وبصري".
    ثالثاً: مسارح الحرب الإلكترونية

    إذا كان البر، والبحر، والجو، والفضاء الخارجي، هي المسارح التقليدية للحرب، فيُعَدّ حيز المجال الكهرومغناطيسي ـ مجال انتقال الموجات الترددية بأنواعها، وأطوالها الموجية المختلفة ـ هو المسرح الحقيقي للحرب الإلكترونية؛ إذ تتنازع الأطراف المتحاربة على استغلال هذا المجال لمصلحته.

    تمتد مسارح الحرب الإلكترونية من قاع المحيطات حتى الطبقات العليا للفضاء الخارجي؛ إذ يستخدم فيها مختلف النُظُم الإلكترونية: "المراقبة والكشف، والقيادة والسيطرة، والإعاقة والخداع، ورصد الأهداف، وتوجيه الأسلحة"، وجميع هذه النظم تستخدم نُظُم تحليل الإشارات Signal Processing في تحليل الموجات المنعكسة من نبضات التردد الموجي للمجال الكهرومغناطيسي.

    1. مسرح العمليات البحرية

    بمقدور السفن الحربية، والغواصات إصابة أهدافها خلف الأفق Over The Horizon: OTH بمعاونة نُظُم الاستطلاع الإلكتروني المتطوِّرة المحمولة جواً، وفي الفضاء الخارجي، والمتصلة بوحدات الأسطول، كما أنه بمقدور وحدات مكافحة الغواصات من طائرات، وسفن، وغواصات مسح قاع البحار والمحيطات باستخدام الأجهزة الإلكترونية "السونار"؛ للكشف عن الغواصات، والألغام البحرية المعادية في الأعماق.

    2. مسرح العمليات الجوية

    طائرات الإنذار المبكر، والتوجيه المحمولة جواً "أواكس" (طائرة الأواكس: هي طائرة ذات أربعة محركات نفاثة، جُهزت بقبة دوارة تشبه قرصاً ضخماً يبلغ قطره تسعة أمتار، ويضم هوائي الرادار والمراقبة، مما يسمح لها بالكشف في أفق 360 درجة. وتحلق الطائرة على ارتفاع 9 كم، وتراقب كل ما يجري حولها حتى مدى 370 كم في كل الاتجاهات. وتزيد قدرتها على المراقبة حتى 650 كم لاكتشاف الطائرات المحلقة على الارتفاع المتوسط أو العالي، بحيث يصعب على أي طائرة معادية الإفلات من مراقبتها.) Airborne Warning and Control System: AWACS تبلغ فوراً عن أي اختراق معادٍ، وتوجه المقاتلات لإصابة أهدافها في الجو بدقة. كما تراقب نُظُم الاستطلاع الإلكتروني المحمولة جواً، الأوضاع والتحركات المعادية في مسرح العمليات الإستراتيجي، وتخطر غرف العمليات المركزية بها أولاً بأول، وهذا المسرح تعمل فيه الحرب الإلكترونية بكل عناصرها.

    3. مسرح العمليات البرية

    تتركز حالياً أعمال الحرب الإلكترونية المضادة؛ لإرباك عمل مراكز العمليات الرئيسية المعادية التي تضم نُظُم القيادة، والسيطرة، والاتصالات من طريق تعرّف ترددات الإرسال الخاصة بها، والتداخل عليها بأعمال الإعاقة اللاسلكية، الإيجابية، والخداعية، الأمر الذي قد يصعب تحقيقه في حالة استخدام هذه المراكز لنُظُم اتصالات إلكترونية متطورة، وُمؤمنة، ونظام شفرة يجري تغييره باستمرار، فيصعب التداخل عليها، فضلاً عن استخدام مواقع تبادلية يجري التنقل بينها، وفي هذه الحالة يكون من المفضل التعامل معها بأعمال التدمير.

    رابعاً: أهمية الحرب الإلكترونية

    تحتل أعمال الحرب الإلكترونية، في الوقت الحاضر، مكاناً بارزاً بين الأنشطة العسكرية الأخرى. ويولي كافة الأطراف، من الشرق أو الغرب، الكثير من الاهتمام لتطوير وسائلها وأساليب استخدامها بعد أن أثبتت خبرات الحروب المحدودة التي تلت الحرب العالمية الثانية أهميتها، سواء في الدفاع أو الهجوم. وقد أحدث استخدام معدات الحرب الإلكترونية في الحروب الحديثة تطوراً هائلاً في مجالات هذه الحروب ومراحلها، وأصبح الحسم في المعارك الحديثة لصالح الجيوش والقوات التي تستخدم الحديث منها، وبقدر ما يمتلكه كل طرف من الأطراف المتصارعة، بعد أن كانت تحسم لمصلحة الطرف الذي يمتلك التفوق العددي، أو النوعي، أو يمتلك الأسلحة البعيدة المدى، والدليل على ذلك أن معدات الحرب الإلكترونية المستخدمة في الطائرات المقاتلة يقترب ثمنها من نصف قيمة الطائرة.في مجال أعمال الحرب الإلكترونية الدفاعية Defensive Measur. EW يوفر الاستطلاع الإلكتروني رصيداً من المعلومات عن الأوضاع والتحركات في مسرح العمليات المنتظر، وكذلك خصائص معدات العدو الإلكترونية، لاتخاذ الإجراءات الإلكترونية المضادة؛ لمواجهتها. كما يتيح التعرف على نُظُم المواصلات، وشبكات المعلومات التي تربط مراكز قيادة العدو بتشكيلاته ووحداته، مما يسمح بالتداخل عليها بالشوشرة والإعاقة لإرباكها، وفي الوقت نفسه، اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق أمن السيطرة على المواصلات الصديقة، وعدم تمكين العدو من التداخل عليها. في مجال أعمال الحرب الإلكترونية الهجومية Offensive Measures . EW يركز في بداية العمليات على تدمير مراكز الحرب الإلكترونية المعادية؛ بما يتيح حرية عمل الأسلحة الصديقة الموجهة، وتحقيق الدقة في إصابتها لأهدافها. كما تستخدم نُظُم المعلومات الميدانية المتطورة التي تضم المستشعرات السلبية، والحاسبات الآلية، ونظم التحكم الآلي، لتحديد الأهداف المعادية بدقة، واستخدام نُظُم الذخيرة الدقيقة التوجيه لتدميرها. ويُعَدّ إبطال فاعلية مواصلات مراكز القيادة والسيطرة الآلية المعادية عن طريق الإجراءات الإلكترونية المضادة الصديقة، في مقدمة أولويات الحرب الإلكترونية؛ لذلك يجري التخطيط لذلك مسبقاً قبل بدء العمليات، فإخماد أو إبطال عمل مراكز القيادة والسيطرة المعادية مبكراً يعني النهاية للحرب، وهو ما أثبتته عمليات الحرب الإلكترونية التمهيدية الناجحة للطائرات الحليفة في عملية "عاصفة الصحراء" في حرب الخليج الثانية.
    خامساً: أهمية تكامل أنظمة الحرب الإلكترونية

    أضاف تخصيص طائرات خاصة لأعمال الحرب الإلكترونية بعداً جديداً تمثل في استخدام أنظمة متكاملة للحرب الإلكترونية INEWS Integrated Electronic Warfare System، اشتملت على جانب من عالم الحرب الكهروبصرية؛ إذ يستخدم الليزر، والأشعة تحت الحمراء، والتليفزيونية في النظام "ترام"
    Target Recognition Attack Multi-Sensors TRAM أي نظام تمييز الأهداف متعدد المستشعرات؛ لأغراض الهجوم. يستخدم النظام ترام المحمول جواً أجهزة للرؤية الأمامية بالأشعة تحت الحمراء Forward Looking Infrared: FLIR؛ لتظهر الصورة على شاشة تليفزيونية بكابينة الطيار في تكامل مع أنظمة تحديد المدى بأشعة الليزر من طريق إضاءة الهدف ليزرياً، كما يوجد في مقدمة الصاروخ آلة تصوير تليفزيونية تعمل في مستوى الضوء المنخفض Low Light Level TV: LLLTV ترسل صوراً واضحة إلى الطائرة، لتستخدم في أغراض التوجيه التليفزيوني، وذلك مع وجود جهاز تسجيل خاص، تسجل عليه صور الأهداف بالفيديو لاستعادتها فورياً؛ لأغراض المقارنة والتطابق مع الأهداف الحقيقية المطلوب تدميرها، وكذلك لتقدير كفاءة الضرب، وهو ما يسمى"نظام دمج المعلومات" Data Fusion.
    هكذا، يسمح النظام "ترام" الموجود في الطائرة EA-6B بتمييز الأهداف التي تظهر بالرادار مع إمكانية توجيه ضربة بالأسلحة الموجهة ـ بأشعة الليزر، بالتليفزيون، بالأشعة تحت الحمراء ـ بدقة متناهية، في الوقت الذي تنفذ فيه الطائرة مناورات عالية فوق الهدف، ويؤدي استخدام الأسلحة الذكية Smart Weapons إلى الإصابة الدقيقة من الطلقة الأولى؛ إذ إن الطائرة لا تستطيع، في ظروف الدفاع الجوي بأنظمته الحديثة، أن تتمهل في منطقة الهدف، أو أن تعاود الكرة مرة أخرى؛ إذ يغدو الثمن غالياً.

    ولا شك في أن حمل الطائرة للأسلحة الذكية باستخدام أسلوب "أطلق وانسَ"Fire and Forget يحميها ويساعدها على تفادي الأسلحة المعادية. وهكذا، يساعد النظام "ترام" على تحسين الأداء، وزيادة القدرة على العمل بكفاءة في ظل وجود التهديدات الكثيفة والمعقدة.

    من أشكال الدعم بالحرب الإلكترونية في الحروب الحديثة، أنه يمكن لطائرات القتال المجهّزة بمعدات الحرب الإلكترونية، أن تعمل مصاحبة للطائرات المقاتلة القاذفة أثناء قيامها بالاختراق العميق؛ لستر تقدمها بأعمال الإعاقة الإلكترونية المصاحبة Escort Jamming ضد رادارات الدفاع الجوي المعادي، وهي ما تعرف بالمساندة الإلكترونية القريبة، أو من خلال المساندة بالإعاقة الإلكترونية البعيدة باستخدام طائرات الحرب الإلكترونية من مظلات بعيدة عن مرمى الدفاع الجوي المعادى، يطلق عليها Stand-Off Jamming، ويتوقف ذلك على متطلبات تحقيق المهمة، ففي الوقت الذي تفضل فيه القوات البحرية النوع الثاني Stand-Off Jamming فإن القوات الجوية تفضل النوع الأول من أعمال المساندة الإلكترونية Escort Jamming، وهي مهمة الحراسة، والمرافقة بأعمال الدعم الإلكتروني.

    سادساً: أقسام الحرب الإلكترونية

    تعتمد تكتيكات الحرب الإلكترونية على استخدام وسائل ونظم إلكترونية تتيح استغلال الحيز الكهرومغناطيسي لصالح طرف وحرمان الطرف الآخر أو خداعه عن استغلال هذا الحيز، وهو ما أدى إلى تقسيم الحرب الإلكترونية إلى الأقسام التالية:

    1. الإجراءات الإلكترونية المضادة Electronic Counter Measures ECM:

    وهي تعني تنفيذ الأعمال الآتية:

    أ. أعمال الإعاقة الإلكترونية الإيجابية والسلبية.

    ب. أعمال التدمير للنظم، والوسائل، والمعدات الإلكترونية المعادية.

    2. أعمال الاستطلاع الإلكتروني Electronic Reconnaissance

    وهو ما يطلق عليه اسم "المساندة الإلكترونية" Electronic Support Measures ESM.

    ويُطلق عليه الاستطلاع الإلكتروني للنظم الإلكترونية المعادية أو أعمال المساندة الإلكترونية، إذ يؤدي الاستطلاع الإلكتروني دوراً إستراتيجياً في تحديد تكتيكات العدو، وإمكاناته، وأهدافه، وينفذ خلال السلم والحرب، وقبل العمليات وأثناءها من خلال النظم والمعدات الإلكترونية ذات التقنية العالية التي تزود بها الطائرات، والسفن، والأقمار الصناعية. ويكشف الاستطلاع الإلكتروني، على المستوى التكتيكي، نوع دفاعات العدو، وإمكاناته، وقدراته من الأسلحة، ومعدات القتال، فضلاً عن تقويم النظم، والوسائل، والمعدات الإلكترونية؛ بما يساعد على تطوير معدات الحرب الإلكترونية الصديقة وإعادة برمجتها؛ لمواجهة النشاط الإلكتروني المعادي.

    لا شك أن الاستطلاع الإلكتروني، يُعد حالياً، من أهم مصادر الحصول على المعلومات وأحدثها في معظم جيوش العالم، وقد تطور بشكل كبير جداً؛ نتيجة للتطور الهائل في تكنولوجيا الإلكترونيات، واعتماده على الخصائص الفنية للموجات الكهرومغناطيسية، التي يسهل متابعتها، فضلاً عن أن المعدّات الإلكترونية أصبحت إحدى السمات المميزة للحروب الحديثة، كما أن الاستطلاع الإلكتروني يُعد كذلك إحدى سمات هذه الحروب في مجال الحصول على المعلومات.

    3. الأعمال الإلكترونية المضادة لإجراءات الحرب الإلكترونية المعادية

    Electronic Counter Counter Measures ECCM

    تعني التأمين الإلكتروني للنظم، والوسائل الإلكترونية الصديقة من أعمال الحرب الإلكترونية المعادية، وتشتمل على ما يلي:

    أ. إجراءات مقاومة الاستطلاع الإلكتروني المعادي.

    ب. وقاية النظم، والوسائل، والمعدات الإلكترونية الصديقة من الإعاقة الإلكترونية المعادية.

    ج. وقاية النظم، والوسائل، والمعدات الإلكترونية الصديقة من وسائل التدمير المعادية الموجهة إلكترونياً، أو المضادة لمصادر الإشعاع الكهرومغناطيسي.

    د. المراقبة الإلكترونية للإشعاعات الكهرومغناطيسية الصديقة، وهي تعني الآتي:

    (1) منع التعارض الكهرومغناطيسي للنظم، والوسائل الإلكترونية الصديقة من التداخل الصديق الذي يحدث نتيجة لسببين رئيسيين:

    (أ) أن عددا كبيراً من النظم والوسائل الإلكترونية الصديقة يعمل في مساحات محددة في وقت واحد، وبكثافة عالية.

    (ب) عدم التزام بعض القوات، بتعليمات التأمين الإلكتروني في تشغيل النظم والوسائل الإلكترونية، مثل استخدام إحدى الوحدات ترددات لاسلكية مخصصة لوحدة أخرى؛ فيحدث التداخل الكهرومغناطيسي.

    (2) أدى ذلك إلى إضافة مهمة جديدة للقادة والقيادات على مختلف المستويات، هي:

    (أ) التنظيم الفني والتكتيكي للنظم والوسائل الإلكترونية، لضمان منع هذا التعارض الكهرومغناطيسي أثناء تشغيل الوسائل الإلكترونية الصديقة.

    (ب) تشكيل عناصر مراقبة إلكترونية مهمتها التأكد الدائم من التزام القوات بتعليمات التشغيل الفني والتكتيكي من خلال استخدام معدات إلكترونية؛ لقياس النشاط الإشعاعي الصديق ومراقبته، في منطقة عمل القوات، إضافة إلى اكتشاف أي إشعاع أجنبي يبث داخل المنطقة.

    المبحث الثاني : الأعمال الإلكترونية المضادة ECM

    الأعمال أو الإجراءات الإلكترونية المضادة ECM Electronic Counter Measures تعني اكتشاف النظم الإلكترونية؛ لسيطرة العدو على قواته، وأسلحته، ومعداته؛ لتحديد حجم، قواته وأوضاعها، ووسائل إنتاج النيران، بهدف شلّه، أو إفقاده سيطرته على قواته، وأسلحته، بأعمال الإعاقة الإلكترونية، أو بأعمال التدمير لهذه النظم، وذلك لتقليل فاعلية الاستخدام القتالي لقواته، وتقليل كفاءة أسلحته التدميرية في إصابة أهدافها من خلال الأعمال أو الإجراءات الإلكترونية الآتية:
    الإعاقة الإلكترونية للنظم الإلكترونية اللاسلكية/ الرادارية/ والكهروبصرية/ والصوتية/ والحاسبات الآلية المعادية.
    تدمير النظم الإلكترونية المعادية باستخدام النبضة الكهرومغناطيسية EMP، أو أسلحة الطاقة الموجهة DEW.

    أولاً: مفهوم الإعاقة الإلكترونية

    تُعد إعاقة نظم العدو ووسائله الإلكترونية، أحد الإجراءات الإلكترونية المضادة Electronic Counter-Measures: ECM المهمة التي تقوم على فكرة إعاقة تشغيل النظم، والوسائل الإلكترونية المعادية بأنواعها المختلفة من خلال التأثير على كفاءتها في أداء مهامها الوظيفية بأساليب الإعاقة الإلكترونية الآتية:

    الإعاقة الإلكترونية الإيجابية: وتعتمد في إعاقة تشغيل النظم والوسائل الإلكترونية المعادية المختلفة (لاسلكية، رادارية، كهروبصرية... إلخ) على خاصية التقاط أجهزة الاستقبال للإشارات المرغوبة، والإشارات الأخرى غير المرغوبة التي تكون على التردد نفسه.

    الإعاقة الإلكترونية السلبية: تعتمد الإعاقة السلبية في إعاقة تشغيل النظم والوسائل الإلكترونية المعادية المختلفة على خاصية انعكاس الإشعاعات الكهرومغناطيسية؛ سواء من الأجسام المرغوبة، أو غير المرغوبة التي تصطدم بها لترتد مرة أخرى إلى أجهزة استقبال هذه النظم والوسائل.

    1. الإعاقة الإلكترونية الإيجابية

    أ. تعريف الإعاقة الإلكترونية الإيجابية

    هي عملية توجيه حزمة من الأشعة الكهرومغناطيسية المتعمدة إلى مستقبلات النظم والوسائل الإلكترونية المعادية؛ للتأثير على أدائها بتعميتها، أو خداعها بهدف شل، عملها وإرباكه.
    وببساطة شديدة، يمكن القول، بأن الإعاقة الإلكترونية الإيجابية هي عملية إرسال إشعاع متعمد لموجات كهرومغناطيسية يتم إصداره من جهاز ما ـ لاسلكي، راداري،... الخ ـ وتوجيهه في اتجاه جهاز استقبال معين؛ بغرض فرض هذا الشعاع دون سواه على هذا المستقبل.

    ب. العوامل المؤثرة على مدى فاعلية الإعاقة الإلكترونية الإيجابية

    (1) العلاقة بين قدرة محطة الإعاقة، وقدرة جهاز الإرسال المعادي.
    (2) العلاقة بين مسافة محطة الإعاقة، ومسافة جهاز الإرسال المعادي، بالنسبة لجهاز الاستقبال المعادي.
    (3) العلاقة بين قوة الإشارة المستقبلة من محطة الإعاقة، وقوة الإشارة المستقبلة من جهاز الإرسال المعادي عند نقطة التقاط هوائي جهاز الاستقبال المعادي.
    (4) نوع الهوائيات المستخدمة في كل من محطة الإعاقة، وجهاز الاستقبال المعادي ـ استخدام هوائيات موجهة/ غير موجهة.
    وهذه العوامل تعني أنه كلما زادت قدرة الإعاقة بالنسبة لقدرة إشارة جهاز الإرسال المعادي الواصلة لجهاز الاستقبال، ازداد تشويه هذه الإشارة، وعندما تصل قدرة الإعاقة إلى حد معين، تضيع الإشارة نهائياً، ولا يمكن تمييزها بجهاز الاستقبال، والإعاقة التي يمكنها إخماد الإشارات بأقل نسبة قدرة، تُسمى "بالإعاقة القصوى".

    ج. مراحل الإعاقة الإلكترونية الإيجابية

    (1) مرحلة البحث: وفيها تستخدم محطة بحث إلكتروني تكون مهمتها مسح الحيز الكهرومغناطيسي المتوقع أن تعمل فيه الأهداف الإلكترونية المعادية؛ لالتقاط الإشعاع الكهرومغناطيسي الصادر من هذه الأهداف، ثم تقدر أهميتها، وتبعيتها، وترسل بياناتها إلى عناصر التحديد؛ لتعيين أماكنها.

    (2) مرحلة تحديد موقع الهدف: وفيها تستخدم محطات تحديد الاتجاه لرصد زوايا الهدف وتبلغها إلى مركز التحديد؛ لتحديد مكان الهدف على الخريطة، وتبليغ إحداثياته إلى جهات البحث والتوجيه الإلكتروني.

    (3) مرحلة توجيه الإعاقة: وفيها توجه محطة البحث والتوجيه محطات الإعاقة الإلكترونية على الهدف المراد إعاقته، بإعطائها البيانات الفنية الدقيقة للهدف، وكذلك اتجاهه، ومكانه من موقع محطة الإعاقة، والتأكد من تمام تمييزها لهذا الهدف، والقبض عليه.

    (4) مرحلة تنفيذ الإعاقة: وتبدأ بعد تمييز الهدف، طبقاً لبيانات محطة البحث والتوجيه، تنفذ محطة الإعاقة أعمال الإعاقة ضد الهدف.

    (5) مرحلة مراقبة مفعول الإعاقة: وفيها تراقب محطة البحث، والتوجيه مدى تأثير الإعاقة على الهدف المعادي، واكتشاف أي تغيير في بياناته الفنية (تردد، نداءات،... الخ)، للهروب من الإعاقة، وبالتالي تبلغ هذه البيانات أولاً بأول لمحطات الإعاقة؛ لإعادة دورة الاشتباك بالإعاقة، طبقاً للبيانات الجديدة.

    2. الإعاقة الإلكترونية السلبية

    أ. تعريف الإعاقة الإلكترونية السلبية

    هي عملية انعكاس متعمد للإشعاع الكهرومغناطيسي الصادر من أجهزة إرسال النظم والوسائل الإلكترونية المعادية، وخاصة الرادارية، نتيجة لإجبارها على الاصطدام بأجسام معينة دون سواها، فيرتد هذا الشعاع مرة أخرى نحو مستقبلات هذه النظم، والوسائل المعادية، مسبباً إرباكها، وتقليل كفاءتها، في تنفيذ مهامها.

    ب. مزايا أعمال الإعاقة الإلكترونية السلبية

    (1) يمكن تنفيذها دون الحاجة إلى المعرفة الدقيقة لأماكن وسائل العدو الإلكترونية.
    (2) يجري عملها مع بدء قيام النظم والوسائل الإلكترونية المعادية في العمل.
    (3) تحتاج أعمال الإعاقة الإلكترونية فقط إلى معرفة الاتجاه.

    ثانياً: أعمال الإعاقة اللاسلكية والرّادارية:

    1. أعمال الإعاقة اللاسلكية :

    تستخدم الإعاقة اللاسلكية في الإخلال بمواصلات العدو اللاسلكية، واللاسلكية متعددة القنوات، وتنقسم إلى:

    أ. الإعاقة اللاسلكية الإيجابية

    يُقصد بالإعاقة اللاسلكية الإيجابية، ذلك الإشعاع الكهرومغناطيسي المتعمد الذي يوجه ضد مستقبلات الأجهزة والمحطات اللاسلكية المعادية، والتي بالتأثير عليها، تُفقد العدو سيطرته على قواته.
    ولضمان تنفيذ إعاقة لاسلكية مؤثرة، لا بد أن تتطابق الإعاقة على الإشارة اللاسلكية المستقبلة.
    وتنقسم الإعاقة اللاسلكية طبقاً للتطابق بين الإشارة والإعاقة إلى:

    (1) الإعاقة الموضوعية Spot Jamming: هي التداخل اللاسلكي الذي يهدف إلى إخماد مواصلة لاسلكية واحدة، ولا يزيد حيز ترددات الإعاقة الموضوعية عن عرض النطاق الترددي، للإشارة المراد إعاقتها.

    (2) الإعاقة بالغلالة Barrage Jamming: هي الإشعاع اللاسلكي في حيز ترددات واسع، قد تعمل فيه عدة محطات لاسلكية معادية يراد إعاقتها.

    (3) الإعاقة الزاحفة نقطة متحركة في حيز Sweep Jamming: وتكون بإشعاع طاقه كهرومغناطيسية مركزة في حيز تردد ضيق في زمن معين، ثم الانتقال إلى تردد آخر مجاور.
    وتنقسم الإعاقة اللاسلكية الإيجابية، طبقاً لطريقة التحكم ـ توجيه الإشعاع ـ إلى :

    (1) إعاقة موجهة: وتكون بتركيز الطاقة المشعة في اتجاه الهدف المراد إعاقته.
    (2) إعاقة غير موجهة: وتكون بإنتاج الطاقة المشعة في جميع الاتجاهات بالتساوي.

    وتنقسم الإعاقة اللاسلكية الإيجابية طبقاً لدرجة التأثير إلى:

    (1) إعاقة كاملة "إخماد": تشوه فيها 50% من المعلومات المستقبلة، ويصبح الاستقبال مستحيلاً، حيث تقلل كفاءة الاستقبال، بدرجة تصل إلى 90% من الإشارة الأصلية.
    (2) إعاقة قوية: تسبب فقد 30% من المعلومات.
    (3) إعاقة ضعيفة: تسبب فقد 15% من المعلومات.

    ب. الإعاقة اللاسلكية الإيجابية الخداعية

    وتجري باستخدام إشارات لاسلكية مدبرة تحمل معلومات خداعية.
    2. أعمال الإعاقة الرادارية

    تستخدم نظم الإعاقة الرادارية في شل، وسائل السيطرة الرادارية المعادية وإرباكها وخداعها، سواء الأرضية، أو المحمولة بحراً/ جواً، والمستخدمة في أعمال الكشف، والتتبع، والتوجيه، والتحكم لأسلحة القتال الحديثة، وخاصة أثناء العمليات الليلية؛ لتقليل نسب إصابتها لأهدافها.

    وتنقسم نظم الإعاقة الرادارية، طبقاً لنوع وسائل الإعاقة المستخدمة، إلى:

    أ. نظم الإعاقة الإيجابية

    تصمم الإعاقة الرادارية الإيجابية؛ لتكون قادرة على التعامل مع معظم أنواع الرادارات المعادية الحديثة، بما يمكنها من استطلاع هذه الرادارات وتمييزها، مع السرعة في رد الفعل، طبقاً لأسبقيات التهديد.

    (1) متطلبات الإعاقة الرادارية الإيجابية

    (أ) يجب أن تشتمل على عناصر استطلاع راداري.

    (ب) توجيه إعاقة مؤثرة مطابقة لمواصفات الأهداف المعادية مع استمرار تتبع تلك الأهداف.

    (ج) توفير اتصالات مباشرة للتعاون مع نظم الإعاقة الأخرى؛ لإمكان تبادل المعلومات عن الأهداف المعادية.

    (د) إمكانية المناورة بالإعاقة من هدف مُعادٍ لآخر.

    (2) الشروط الواجب توافرها في مرسل الإعاقة الرادارية الإيجابية

    (أ) يجب أن يتواءم التردد المستخدم في مرسل الإعاقة مع تردد في المستقبل ـ الرادار المعادي ـ المراد إعاقته.

    (ب) التداخل بصفة مستمرة على مستقبل الرادار المعادي.

    (ج) يجب الوضع في الحسبان، عند تصميم مرسل الإعاقة، أن هناك عوامل خارجية تؤثر على مفعول الإعاقة، مثل اضمحلال الإشارة في الغلاف الجوي، وتشتيتها من طبقة التربوسفير، وظاهرة الحرارة والطقس، هذا بالإضافة إلى بعض العوامل الأخرى الواضحة، مثل:

    - ما يعرف باسم Burn Through Range، وهو أقصى مدى كشف راداري تحت تأثير الإعاقة الضوضائية المعادية.

    - صفات الرادار المعادي.

    ب. طرق الإعاقة الرادارية الإيجابية وأنواعها:

    تنقسم طرق الإعاقة الإيجابية إلى ثلاثة أنواع:

    (1) الإعاقة الضوضائية: Noise Jamming

    وهي تعني الإعاقة بالشوشرة، التي تنتج بتعديل التردد التكراري Repetition Frequency: RF بالشوشرة ـ تغييراً عشوائياً في القيمة، وترسل هذه الشوشرة على تردد الرادار المعادي. وتبنى فكرة عمل الرادار لتمييز الأهداف على إرسال نبضة تصطدم بالهدف، ثم ترتد هذه النبضة من الهدف، ويستقبلها مستقبل الرادار، ولكنها تكون ضعيفة جداً؛ لهذا فإن مستقبل الرادار يصمم بحيث يكون ذا حساسية كبيرة؛ ليمكنه استقبال هذه النبضة الضعيفة، وتمييز الهدف. وهذه الحساسية لمستقبل الرادار المعادي، في الواقع، هي التي تجعل إشارة الإعاقة بالشوشرة لها قدرة كبيرة على اقتحام هذا المستقبل؛ إذ إن إشارة الإعاقة تكون كبيرة في قيمتها عن إشارة الرادار المرتدة من الهدف، وهذا النوع من الإعاقة هو ما يعرف بالإعاقة الضوضائية، والذي ينفذ بالطرق الآتية:

    (أ) الإعاقة الغلالية Barrage Jamming

    وهي تعني تنفيذ الإعاقة على حيز عريض من الترددات، في وقت واحد.

    (ب) الإعاقة الموضعية المركزة Spot Jamming

    وهي تعني تنفيذ الإعاقة على حيز ضيق نسبيا، يساوي تقريباً حيز تردد إشارة الرادار المعادي المراد إعاقته.

    (ج) الإعاقة الزاحفة Sweep Jamming

    وهي تعني تركيز قدرة عالية لإشارة الإعاقة خلال حيز واسع من الترددات،‏ ويتم تنفيذ ذلك بإشعاع طاقة كهرومغناطيسية مركزة في حيز ترددي ضيق.

    (د) الإعاقة الزاحفة القافلة Sweep Lock Jamming

    وتعني هذه الطريقة إمكانية قيام جهاز الإعاقة بإرسال إشارة إعاقة ضيقة جداً، تولف على حيز ترددي واسع، مع قفل هذه الإشارة "الإعاقة" داخل حيز التردد الخاص بجهاز الاستقبال لرادار المعادي؛ بمعنى أن مرسل جهاز الإعاقة يزحف داخل حيز تردد جهاز الاستقبال للرادار المعادي، وفي الوقت نفسه فإن مرسل جهاز الإعاقة هو جهاز إعاقة مركزة على تردد معين.

    (هـ) الإعاقة بالنبضة المغطاة Cover Pulse Jamming

    تعرف أجهزة الإعاقة التي تعمل بنظام النبضة المغطاة بأجهزة الشوشرة الضيقة، وهذا النوع يستخدم بكثرة، بصفته إحدى وسائل الإعاقة الإيجابية في الإعاقة على الرادارات المعادية القريبة.

    (و) الإعاقة بالفص الجانبي Side Lobe Jamming

    هذا النوع يستخدم في إعاقة رادارات التتبع بإدخال طاقة كبيرة من طاقة جهاز الإعاقة داخل بوابة تتبع زاوية واحدة.

    أما في حالة استخدام هذا النوع في إعاقة رادارات البحث، فتؤدي الإعاقة إلى تعمية قطاع كبير على شاشة الرادار المعادي.

    (2) الإعاقة الخداعية النبضية Pulse Jamming

    هي أجهزة تستقبل نبضة الرادار المعادي، ثم تعيد إرسالها إليه مرة أخرى، لتظهر على شاشته هدفاً خداعياً كاذباً.

    (3) الإعاقة المعدلة "الضوضائية/ النبضية" Modulated Jamming

    وهذا النوع من الإعاقة، هو مزيج من الإعاقة الضوضائية "الإعاقة بالشوشرة"، والإعاقة النبضية (الخداعية). ويستخدم ضد رادارات التتبع المعادية، وضد رادارات البحث المخروطي.

    ج. نظم الإعاقة السلبية Passive Jamming

    وسائل الإعاقة السلبية: هي رقائق معدنية، وعواكس ركنية، وشباك معدنية، ومواد ماصة للإشعاع، تُعّد من الأساليب الفعالة، لإرباك، النظم الرادارية الحديثة، وخداعها.

    (1) الرقائق المعدنية CHAFFS :

    تستخدم الرقائق المعدنية في إنتاج إعاقة سلبية مُنَشَّنة Spot Chaff، أو إعاقة سلبية غلالية Barrage Chaff، طبقاً لأطوال الموجة المستخدمة في الرقائق المعدنية، فإذا كانت أطوال هذه الموجة في العبوة الواحدة متساوية، تعرف بالإعاقة السلبية المنشنة Spot Passive Jamming، أما إذا كانت الأطوال غير متساوية، فتعرف بالإعاقة السلبية الغلالية Barrage Passive Jamming، أي أنه، يمكن استخدام عبوة واحدة، بداخلها عدة خراطيش، من الرقائق المعدنية المختلفة الأطوال؛ لتغطي أكثر من نطاق ترددي.

    وتتوقف فاعلية الإعاقة باستخدام الرقائق المعدنية على: طبيعة الهدف المراد حمايته، ومساحة المقطع الراداري للهدف المطلوب حمايته Radar Cross Section RCS، والتردد الحامل للرادار Frequency Of Carrier FC المعادي المطلوب خداعه، وكثافة الرقائق المعدنية المستخدمة.

    (2) العواكس الركنية Corner Reflectors :


    هي مجموعة من الأسطح المتماثلة، أو المربعة، أو الدائرية المتعامدة، وتأخذ أشكالاً مختلفة، منها الهرمية، والمخروطية الشكل؛ لتعطي التأثير المتساوي من جميع الاتجاهات.

    وتُعد العواكس الركنية إحدى وسائل الإعاقة السلبية الفعالة، لخداع النظم الرادارية المعادية، وخاصة المحمولة جواً، لاستخدامها في التمثيل الخداعي، لمواقع الأهداف الأرضية، مع إمكانية استخدامها في تشويه المقطع الراداري للأهداف الحيوية.

    وتستخدم العواكس الركنية؛ لتمثيل مواقع وأهداف حيوية، ويجب توفر معلومات عن الرادار المعادي، ومعلومات عن الهدف الحيوي؛ لتحديد مواصفات العواكس الركنية المطلوبة.

    واستخدام العواكس الركنية يحقق على شاشة الرادار المعادي ما يلي:

    (أ) موازنة الإضاءة بين الأجزاء المعتمة والأجزاء المضيئة على الشاشة؛ لإخفاء الهدف، فيما يعرف بالإخفاء الراداري.

    (ب) إيجاد أهداف هيكلية في شكل نقط مضيئة كاذبة على شاشة جهاز الرادار المعادي، مع النقطة المضيئة للهدف الحقيقي، فيما يعرف بالخداع الراداري السلبي.

    (ج) تغيير معالم الأهداف والأغراض الحيوية، بمعنى تشويه المقطع الراداري للهدف/ الغرض الحيوي، فيما يعرف بالتمويه الراداري.

    (3) الستائر المعدنية:

    وهي ستائر من المعدن ذات تصميم خاص، ويتم تثبيتها على الأرض على مسافات محددة محسوبة، وذلك بهدف إخفاء الأهداف والتحركات الأرضية من أعمال الكشف الراداري المعادي.

    (4) المواد الماصة للأشعة الرادارية:

    أدى التطور التكنولوجي الهائل، في مجال البتروكيماويات إلى التوصل لمواد تقلل كثيراً من المقطع الراداري للأهداف؛ إذ تمثل المواد الماصة للأشعة الرادارية أحدث ما على الساحة لأغراض الإعاقة السلبية، بغرض الإخفاء الراداري للأهداف، فبتغطية الهدف بطبقة من هذه المواد، يمكن امتصاص شبه تام للطاقة الكهرومغناطيسية، فلا يرتد منها سوى جزء بسيط.

    وأمكن كذلك إنتاج بعض المواد الماصة للموجات الصوتية "السوناريه"؛ لتغطية جسم الغواصات، بصورة تؤثر كثيراً على استخدام أنظمة الكشف الصوتي "السونار" المعادية.

    3. أعمال الإعاقة الكهروبصرية:

    نتيجة للتطور التكنولوجي السريع والهائل الذي أدى إلى استخدام النظم والوسائل الحرارية، والليزرية، والتليفزيونية في العديد من التطبيقات العسكرية باستخدامها في مجال الكشف، والتتبع، والتحكم، والقصف لأسلحة القتال الحديثة، برية/ وبحرية/ وجوية/ ودفاع جوي، وخاصة في العمليات الليلية؛ الأمر الذي استوجب ضرورة البحث عن وسائل وأساليب غير تقليدية ذات فاعلية؛ لتنفيذ أعمال الإعاقة الإلكترونية ضد هذه النظم والوسائل، التي من المنتظر استخدامها في العمليات المقبلة من خلال نظام متكامل لأعمال الإعاقة الحرارية، والليزرية، والتليفزيونية.

    4. أعمال الإعاقة الحرارية:

    من الضروري الاهتمام بالأعمال المضادة للأشعة تحت الحمراء، وذلك لتقليل مفعول نظم المستشعرات والأسلحة، والصواريخ الموجهة بالأشعة تحت الحمراء؛ إذ تعتمد معظم الأعمال المضادة للأشعة تحت الحمراء على الآتي:

    أ. تقليل الإشعاع الحراري المنبعث من الهدف ذاتياً، أو من انعكاس الشمس عليه باستخدام وسائل التبريد، لمصادر الإشعاع Shielding، أو باستخدام مولدات الدخان الحراري؛ لتشتيت جزء كبير من الإشعاع الحراري، أو باستخدام الطلاءات الماصة للحرارة.

    ب. إيجاد مصدر إشعاع حراري آخر بجانب الهدف باستخدام المشاعل الحرارية "مستودعات"، كرات نيران، وأهداف مقطورة، والمرماش Blinker، والعواكس الحرارية.

    أ. المشاعل الحرارية :

    عملية استخدام المشاعل الحرارية، ليست كما يتصورها البعض، بأنها عملية إطلاق المشاعل الحرارية من القواذف بطريقة عشوائية، ولكن يراعى فيها قياس البصمة الحرارية.

    ب. خواص المشاعل الحرارية:

    (1) وقود من بودرة الماغنسيوم، أو الألومنيوم، أو جسم يسمح للمشعل بالبقاء في الجو، أو بالهبوط البطيء.

    (2) تعطي احتراقاً متجانساً ومنتظماً طوال فترة الإشعال.

    ولضمان نجاح استخدام المشاعل الحرارية، يجب أن يوضع في الحسبان الآتي:

    (1) الحيز الترددي للأشعة تحت الحمراء.

    (2) مستوى طاقة حرارية مناسبة خلال زمن الاشتعال.

    (3) تأخير زمن الاشتعال.

    5. أعمال الإعاقة التليفزيونية:

    تستخدم مولدات وعبوات الدخان؛ لإنتاج سحابات الدخان.

    6. أعمال الإعاقة الليزرية:

    تنفذ أعمال الإعاقة الليزرية، ويمكن استخدام الدخان ـ نوعية خاصة ـ لتنفيذ أعمال الإخفاء الليزري، حيث إن حبيبات الدخان يمكنها تشتيت أشعة الليزر وامتصاصها.

    7. أعمال الإعاقة للنظم الإلكترونية الأخرى:

    أ. أعمال الإعاقة الصوتية Sonar Jamming

    تشتمل أعمال الإعاقة الصوتية على الأقسام التالية:

    (1) أجهزة الإعاقة الصوتية ذاتية الحركة/ مقطورة :

    هي وسائل لتنفيذ الإجراءات الإيجابية المضادة لأجهزة الكشف الصوتي السلبي "السونار".

    (2) مولدات الإعاقة الصوتية ذاتية الحركة:

    هي وسائل إجراءات الإخفاء/ الخداع المضادة لأجهزة الكشف الصوتي السلبي، وتستخدم في تنفيذ أعمال الإعاقة الصوتية، وتُعد هذه المعدات ذات فاعلية كبيرة؛ إذ يؤدي الاستخدام السليم لها إلى إضعاف النظم والوسائل الصوتية المعادية المستخدمة في أعمال الكشف، والتوجيه، والتحكم، وخاصة لأسلحة القتال البحري ضد الغواصات.

    ب. أعمال الإعاقة الإلكترونية للحاسبات الآلية:

    أثبتت الأحداث خلال السنوات القليلة الماضية، بما لا يدع مجالاً للشك، أن فيروس الحاسب الآلي قد أصبح حقيقة واقعة ذات تأثير بالغ الخطورة؛ سواء على أنظمة الحاسبات، أو شبكات الحاسبات؛ إذ إن الأنظمة العسكرية الحديثة تعتمد اعتماداً كبيراً في أدائها لمهامها على النظم الإلكترونية القائمة، أساساً، على نظم وشبكات الحاسبات الآلية؛ لذلك أصبحت هذه النظم العسكرية أكثر تعرضاً للاختراق والهجوم عن مثيلتها من الأنظمة العسكرية التقليدية.

    (1) فيروس الحاسب الآلي:

    فيروس الحاسب الآلي، هو برنامج دخيل على برامج الحاسب المعروفة، له القدرة على التداخل في نظام التشغيل للحاسبات، وهو من هذه الناحية لا علاقة بالفيروس البيولوجي "فيروس الأمراض"، ولكنه سُمي بالفيروس؛ لأنه لا يستطيع أن يعمل بمفرده، ولكنه في حاجة إلى برنامج وسيط آخر يستضيفه، حتى يكون له مفعول، تماماً مثل الفيروس البيولوجي الذي لا بد له من وسيط كي يبدأ نشاطه الفعال.

    وهذا البرنامج الفيروس عند تداخله مع نظام تشغيل الحاسب الآلي، يصبح هو المهيمن على الجهاز، وبالتالي يعطي أوامر مختلفة عن البرنامج الأصلي، فيستطيع، مثلاً، أن يعطي أمراً بمسح جميع البيانات الخاصة بموضوع ما ذي نوعية خاصة، ويمكنه كذلك أن يضيف برنامجاً كبيراً لا يهم مستخدم الحاسب، بحيث يشغل الجهاز بلا فائدة نوعاً من الإرباك.

    خصائص فيروس الحاسب الآلي:

    (أ) له القدرة على إخفاء نفسه.

    (ب) يستطيع أن يعيد نفسه عشرات المرات، بمعنى، أن له خاصية التكاثر السرطاني.

    (ج) له القدرة على تنشيط نفسه ذاتياً دون تدخل من الخارج.

    (د) له هدف محدد، أو مجموعة من الأهداف؛ مثل التدمير، والتخريب، ويمكنه كذلك إظهار أخطاء خداعية، بمعنى، أنه ينبه مستخدم الحاسب الآلي إلى أن هناك خطأ في البرنامج، بينما لا يكون هناك أي خطأ، وذلك بهدف إحداث البلبلة والإرباك.

    (2) الدودة المدمرة:

    هناك وسائل أخرى غير الفيروس المعروف، تُعرّض أمن الحاسبات للخطر، فعلى سبيل المثال هناك برنامج يُسمى Worm أو الدودة، وهذا البرنامج لا يحتاج إلى وسيط حتى يعمل، ولكنه يخترق نظام تشغيل الحاسبات بمفرده، من خلال ثغرة معينة في نظام التشغيل الأصلي، وإذا كان هذا الحاسب مربوطاً بشبكة مع الحاسبات الأخرى، فإن البرنامج "الدودة" ينفذ العمل التخريبي نفسه لكل حاسبات الشبكة، مستغلاً نفس الثغرة نفسها، وذلك؛ لأن نظام التشغيل عادة ما يكون، هو نفسه في كافة الحاسبات الأخرى.

    (3) فيروس الحاسب الآلي سلاح جديد في العمليات الحربية

    بالرغم من أنه لم يثبت حتى الآن استخدام فيروس الحاسب الآلي في الأعمال العسكرية المضادة، إلا أنه ليس من المستبعد استغلال هذا السلاح الجديد في الأعمال العدائية بين الدول خلال مراحل الصراع المسلح.

    ليس من الضروري أن يكون الفيروس على شكل برنامج دخيل، ولكن يمكن أن يكون جزءاً من نظام التشغيل المصاحب للحاسب، وهذا مكمن الخطورة، خاصة للدول التي تعتمد على استيراد هذه الحاسبات ضمن أنظمة متكاملة تامة التصنيع بالدول الأجنبية، التي قد تكون حليف اليوم وعدواً مباشراً أو غير مباشر غداً.

    يمكن تقسيم وسائل إدخال الفيروس، إلى أي نظام إلكتروني معين، إلى قسمين رئيسيين:

    (أ) الإدخال اليدوي:

    يجري بالطريقة اليدوية مباشرة، بغرض التخريب، أو الإفساد باستخدام الجواسيس أو العملاء. ومع أنها تحقق الهدف المطلوب منها، إلا أن الصعوبة قد تصل إلى درجة الاستحالة في بعض الأنظمة المؤمنة تأميناً مثالياً.

    (ب) البث عن بعد:

    وهي الوسيلة الأكثر احتمالاً في الاستخدام، ويبث فيها الفيروس من طريق إرساله عن بعد؛ خطياً أو لاسلكياً من خلال الشبكة المستخدمة في نظام الضحية، والصعوبة في هذه الوسيلة تكمن، في تصميم الفيروس الملائم لهذا النظام، ثم طريقة تحميله على الوسط الإشاري المناسب، لكي يتم استقباله في النظام المستهدف وقبوله.
    ثالثاً: تأثير النبضة الكهرومغناطيسية Electromagnetic Pulse


    1. طرق اختراق النبضة للمعدات الإلكترونية

    تخترق النبضة الكهرومغناطيسية الأنظمة الإلكترونية، بطرق متعددة مباشرة أو غير مباشرة:

    أ. تُعد الهوائيات من أخطر وسائل التقاط التيار الكهربي الناتج عن تأثير النبضة وتمريره إلى الأجهزة والأنظمة الإلكترونية المتصلة بها.

    ب. خطوط التوصيل الطويلة.

    ج. كابلات التليفونات، والكابلات المدفونة تحت الأرض.

    د. كابلات التغذية.

    هـ. الاختراق المباشر لجسم المعدة.

    و. الفتحات والشبابيك في الأنظمة، والمعدات، والمنشآت.

    2. تأثير النبضة الكهرومغناطيسية على الدوائر الإلكترونية

    نظراً لارتفاع مستويات الطاقة الناتجة عن النبضة الكهرومغناطيسية، عن مستويات طاقة إتلاف الوصلات Junctions، تسبب طاقة النبضة الكهرومغناطيسية تأثيرات ضارة عديدة للأنظمة الإلكترونية المعرضة، منها:

    أ. عدم انتظام، دائم أو لحظي، للدوائر الإلكترونية.

    ب. انخفاض مستوى الأداء، أو إحراق للمكونات الإلكترونية للدوائر، مما يسبب عطلاً مباشراً للنظم والمعدات.

    ج. يحدث ذلك؛ إما بالانهيار Break Down، أو بالانصهار، أو بفتح الروابط الداخلية لدوائر الأنظمة.

    التأثير التدميري للنبضة الكهرومغناطيسية، هو تأثير حراري الأصل؛ إذ يسبب انصهار الأجزاء الضعيفة في هذه المكونات.

    تتأثر جميع مكونات الدوائر، والأجهزة الإلكترونية: مقاومات، ترانزستورات، مكثفات، ملفات، دوائر متكاملة، موحدات، دوائر الميكروويف، صمامات القدرة.... إلخ.

    تكون المعدات التي تعمل بالصمامات المفرغة Vacuum Tubes أقل المعدات الإلكترونية تأثراً، بينما تكون التي تعمل بالدوائر الرقمية والحاسبات الآلية أكثرها تعرضاً؛ نظراً لسرعة استجابتها لأي جهود طفيفة. ويؤثر ذلك على أداء الدوائر، أو ثباتها، وذلك بانتقالها إلى ظروف تشغيل أخرى، مثل التوقف التام Cut-Off، أو التشبع Saturation.

    ظهرت حديثاً أسلحة الطاقة الموجهة Directed Energy Weapons ولها التأثير المدمر نفسه.

    3. تأثير النبضة الكهرومغناطيسية على انتشار الموجات اللاسلكية

    أ. تسبب تشتت في المجال الكهرومغناطيسي للأرض، مما يؤدي إلى إنتاج نوع آخر من النبضات الكهرومغناطيسية.

    ب. تنتج أحزمة إلكترونية صناعية تبقى لعدة شهور، حيث تؤثر جرعتها الأيونية على كفاءة انتشار الموجات اللاسلكية.

    ج. تغيير مستويات الامتصاص، والشوشرة.

    د. ظهور تداخلات مختلفة ناتجة عن انتشار الموجات اللاسلكية في مسارات متعددة، وهو ما يعرف بظاهرة "الخفوت" Fading.

    هـ. ظهور طبقة متأينة داخل طبقات الجو العليا تبقى لعدة ساعات، أو أيام، تكون مصدراً للشوشرة، ولامتصاص الترددات اللاسلكية.

    و. حدوث تداخلات على الترددات العالية جداً، وفوق العالية، فضلاً عن إضعاف الترددات المتوسطة، والعالية.

    4. تأثير النبضة الكهرومغناطيسية على انتشار موجات الميكروويف

    أجمعت المصادر العلمية المتاحة على أن هناك تأثيراً على الترددات الأقل من واحد جيجاهيرتز. ويحتمل أن يكون هناك تأثير محدود على حيز الترددات الأعلى من واحد جيجاهيرتز، ويضمحل التأثير كلما ازداد التردد في الحيز.

    ويشترط للتأثير على الموجات الكهرومغناطيسية من النبضة الكهرومغناطيسية أن يكون التفجير النووي من ارتفاعات عالية.

    رابعاً: أعمال التدمير للأهداف الإلكترونية المعادية

    المقصود بتدمير المعدات الإلكترونية، هو: "القضاء، أو الاستيلاء، أو التعطيل الجزئي للنظم والوسائل الإلكترونية؛ سواء المستخدمة في نظم القيادة والسيطرة على القوات، أو المستخدمة في الكشف، والتوجيه، والتحكم لأسلحة القتال في حالة عدم جدوى فاعلية الإعاقة الإلكترونية في التأثير عليها، وعندئذ يكون التدمير هو الوسيلة الرئيسية ضد نظم القيادة والسيطرة الإلكترونية المعادية".

    يستخدم في أعمال التدمير، أو الاستيلاء على مراكز سيطرة العدو، ووسائله الإلكترونية، كل من: "المدفعية، والطيران، وقوات الإبرار الجوي والبحري التكتيكي، والوحدات الخاصة، وجماعات الاستطلاع، فضلاً عن ذلك يمكن تخصيص هذه المهمة للمفارز بأنواعها المختلفة.

    لا يمكن تنفيذ مهام تدمير أهداف العدو الإلكترونية بنجاح إلا في حالة معرفة إحداثيات تمركزها بدقة عالية، التي يمكن الحصول عليها من معلومات مختلف أنواع الاستطلاع.

    تحدد الوسائل الإلكترونية المطلوب تدميرها، تبعاً لمكانها، ودورها في النظام الإلكتروني لسيطرة العدو على قواته، وأسلحته، ومهماته، التي تشتمل على أهم الأهداف والوسائل الإلكترونية المعادية الآتية:

    1. مراكز القيادة للسيطرة والإنذار، ورادارات إدارة النيران.

    2. أهم مراكز الإشارة، مراكز الإرسال اللاسلكي، المحطات اللاسلكية ومحطات اللاسلكي متعدد القنوات المنفصلة.

    3. وحدات ومراكز الإعاقة الإلكترونية

    المبحث الثالث


    أعمال المساندة الإلكترونية
    وأعمال مقاومة الحرب الإلكترونية المعادية ESM/ ECCM


    أولاً: أعمال المساندة الإلكترونية ESM "الاستطلاع الإلكتروني"

    1. تعريف الاستطلاع الإلكتروني

    مراقبة النظم والوسائل الإلكترونية المعادية، وتحليل مدلولاتها الفنية؛ لصالح أعمال الإعاقة الإلكترونية خلال العمليات، وتحليل مدلولاتها التكتيكية؛ لصالح أعمال قتال القوات الصديقة، وهو العمل الذي تتحقق من خلاله المراقبة المستمرة للقوات المعادية.

    2. مزايا الاستطلاع الإلكتروني

    أ. يحقق عمقاً استطلاعياً كبيراً، بصرف النظر عن الوقت من السنة، واليوم، وحالة الجو.

    ب. يحقق السرية، والسرعة في الحصول على المعلومات، والاستمرار بالمقارنة بأنواع الاستطلاع الأخرى.

    ج. أقل أنواع الاستطلاع تعرضاً لتهديدات العدو؛ إذ إنه يعمل من داخل أراضي القوات الصديقة.

    د. يحقق المراقبة المستمرة لأي تغييرات تحدث في نظم السيطرة الإلكترونية المعادية، وبالتالي، لنشاط قواته، الأمر الذي يمَكِّن من جمع المعلومات عن العدو بطريقة منتظمة ومتتالية.

    3. عيوب الاستطلاع الإلكتروني

    أ. تتوقف فاعليته على مدى كثافة تشغيل العدو لوسائله الإلكترونية.

    ب. تعرض وسائل الاستطلاع الإلكتروني للتداخل، والشوشرة الطبيعية، وكذلك المدبرة.

    ج. صعوبة التمييز بين المعلومات الإشعاعات الحقيقية، والخداعية.

    د. تقليل فترة تشغيل الوسائل الإلكترونية المعادية، يجعل من الصعب قياس الخواص الفنية للإشعاعات الكهرومغناطيسية الصادرة منها، وبالتالي يصعب تحديد أماكن تلك الوسائل.

    4. أنواع الاستطلاع الإلكتروني

    أصبح الاستطلاع الإلكتروني أحد المعالم الرئيسية في الحرب الحديثة، ويمكن تقسيمه إلى خمسة أنواع رئيسية كما يلي:

    أ. الاستطلاع اللاسلكي.

    ب. الاستطلاع الراداري.

    ج. الاستطلاع الكهروبصري "تليفزيوني/ حراري/ ليزري/ بصري".

    د. الاستطلاع الصوتي.

    هـ. استطلاع الحاسبات الإلكترونية.

    في أغلب الدول يقتصر الاستطلاع الإلكتروني على نوعين رئيسيين هما: الاستطلاع اللاسلكي، والاستطلاع الراداري. وينفذ؛ سواء من وسائل أرضية، أو محمولة بحراً/ جواً.

    أ. الاستطلاع اللاسلكي


    تزايد الاهتمام بالاستطلاع اللاسلكي في الوقت الحاضر؛ ويرجع ذلك إلى المعلومات التي يسهل الحصول عليها؛ نتيجة للتطور التكنولوجي في مجال الإلكترونيات، وتزايد الاستخدام للمعدات الإلكترونية في الجيوش الحديثة، ويرجع ذلك للمزايا المهمة التي يحققها هذا النظام، فبمقدور معدات الاستطلاع اللاسلكي الحديثة الأرضية، أو المحمولة جواً/ بحراً/ براً، كشف مواقع القوات المعادية وتحركاتها من خلال تحليل البصمات الإلكترونية Electronic Signatures المختلفة.
    يحقق التحليل الفني للإشعاع الكهرومغناطيسي المعادي ـ متابعة مسار الموجات اللاسلكية في الفضاء ـ رصيداً من المعلومات عن إمكانات العدو، وأوضاعه القتالية، يطلق عليه استخبارات الاتصالات Communication Intelligence: COMINT، التي في مقدورها مراقبة النشاط الكهرومغناطيسي المعادي، واعتراضه.

    (1) أهم الأهداف الرئيسية للاستطلاع اللاسلكي:

    هي الشبكات، والاتجاهات اللاسلكية، واللاسلكي المتعدد القنوات المعادية والمستخدمة في السيطرة.

    (2) عناصر الاستطلاع اللاسلكي تتكون من:



    الّتنصّت اللاسلكي

    هو الطريقة التي تُراقب بها الاتصالات اللاسلكية المعادية، للحصول منها على المعلومات التكتيكية، والفنية، ويتكون من:

    (أ) البحث اللاسلكي

    البحث عن الترددات في الحيز الذي يحتمل أن يستخدم في تشغيل وسائل الاتصال اللاسلكية المعادية، المطلوب اكتشافها، والحصول على معلوماتها.
    يتم البحث إما دائريا، باستخدام هوائيات غير موجهة، أو بالاتجاهات، باستخدام هوائيات موجهة في قطاع معين، يحتمل أن توجد به وسائل الاتصال اللاسلكية المعادية المراد استطلاعها.

    (ب) المتابعة اللاسلكية

    المتابعة المستمرة: بالنسبة للأهداف اللاسلكية المعادية المهمة.

    المتابعة على فترات: بالنسبة للأهداف اللاسلكية المعادية الأقل أهمية.

    المتابعة للاختبار: بالنسبة للأهداف اللاسلكية المعادية الثانوية، للتأكد من عدم تغيير هذه الشبكات، أو الاتجاهات، لمدلولاتها الفنية، أو أماكن وجودها.

    (ج) مركز تحديد الاتجاه اللاسلكي وتعيين المكان

    يُحدد اتجاه الشبكات، والاتجاهات اللاسلكية المعادية بهدف تحديد أماكن وجودها، وذلك من خلال استخدام أجهزة تحديد الاتجاه اللاسلكي، والاتجاه، يعني الزاوية المحصورة بين الشمال الجغرافي، أو المغناطيسي، الذي يمر بموقع جهاز تحديد الاتجاه اللاسلكي، والخط الواصل إلى المحطة اللاسلكية المعادية العاملة، وتحسب الزاوية في اتجاه عقارب الساعة.
    لتحديد الاتجاه اللاسلكي، يستخدم أكثر من جهاز تحديد اتجاه "جهازان فأكثر"، وتحتل الأجهزة مواقعها على مسافات محددة فيما بينها، وتُسمى هذه المسافة "قاعدة تحديد الاتجاه اللاسلكي".
    هنالك أنواع حديثة من وسائل تحديد المكان تعمل بواسطة جهاز واحد من مكان واحد باستخدام تكنولوجيا متقدمة.

    (د) تحليل المعلومات اللاسلكية

    تصنف المعلومات المتحصل عليها من أعمال البحث، والتحديد، والتنصت اللاسلكي، إلى معلومات خاصة بالقوات البرية، وأخرى خاصة بالقوات البحرية، وكذلك بالنسبة للقوات الجوية، وقوات الدفاع الجوي. وبتحليل هذه المعلومات، يتم الحصول على نوعين من المعلومات، أحدهما فني، والآخر تكتيكي.

    (3) التطور المنتظر في نظم ووسائل الاستطلاع اللاسلكي

    (أ) تجهيز هوائي مناسب شديد الحساسية.

    (ب) استخدام هوائي موجه يستخدم مع المواقع الثابتة.

    (ج) توافر نظام فرعي للمسح والاختبار آلياً، مثل التحليل الفني، باستخدام الحاسبات الآلية.

    (د) مراقبة للإشارات المتبادلة آلياً "متابعة للإشارات المتبادلة"، باستخدام الحاسبات الآلية.

    ب. الاستطلاع الراداري، ويعرف باسم "الاستخبارات الإلكترونية" Electronic Intelligence: ELINT

    نظرا لأهمية أعمال الكشف الراداري في الوحدات، والتشكيلات، سواء في القوات البرية، أو البحرية، أو الجوية، أو الدفاع الجوي، ظهرت، أهمية عنصر الاستطلاع الراداري المكلف باستطلاع رادارات العدو، سواء ما كان منها أرضياً، أو محمولاً بحراً، أو محمولاً جواً.
    تجمع معلومات الاستطلاع الإلكتروني، وتحلل، وتخزن عن الرادارات المعادية من واقع بصماتها الخاصة التي تحدد تردد الإرسال، التي يمكن أن نستخلص منها مقدرة الرادار ونظام عمله، والمعدل التكراري للنبضات Pulses Repetition Frequency: PRF، وبذلك فإن بصمة كل رادار معادي يعمل لإدارة النيران، أو الملاحة، أو المراقبة، يتم تجميعها، وتحليلها، وتخزينها، ثم تستمر معدات الاستطلاع الإلكتروني في مداومة المتابعة، والبحث على حيز التردد باستمرار، وتحديد البصمات المعادية، ومقارنتها بالبصمات المختزنة؛ للتعرف على ما يطرأ من متغيرات على الرادارات المعادية، وتحديث إحداثياتها؛ لرصد وهذه المتغيرات وتحليلها باستمرار.
    إن هذا النوع من أنواع الاستطلاع الإلكتروني يمكنه أيضا تحديد أماكن رادارات العدو، وذلك برصد عدة اتجاهات من أكثر من موقع تحديد راداري ـ لا يقل عن موقعين، ثم توقيع الزوايا الناتجة من كل موقع تحديد استطلاع راداري، على الخريطة، حيث يظهر موقع رادار العدو من تلاقي اتجاهات الزوايا في مثلث خطأ، وبنظرية تحديد الاتجاه اللاسلكي لمواقع الأجهزة اللاسلكية المعادية نفسها، تحدد إحداثيات موقع الرادار المعادي على الخريطة.

    أحدث نوع لأجهزة الاستطلاع الراداري هو المستخدم حالياً في طائرات خاصة تنفذ أعمال الاستطلاع لرادارات العدو باستخدام أجهزة التحذير الراداري؛ بهدف اكتشاف تردداتها وخواصها الفنية، ومن طريق أجهزة الإعاقة الموجودة بالطائرة؛ تنفذ أعمال الإعاقة ضد هذه الرادارات المعادية لحظة فور اكتشافها فوراً.

    كما تستخدم أجهزة الحاسب الآلي المتصلة بنظم الاستطلاع الإلكتروني الحديثة "أجهزة التحذير الراداري"، في التحديد الدقيق والفوري للتهديد الراداري المعادي؛ الذي يمكن، من خلاله، مقارنة بصمات الرادار المعادي ومطابقتها بالبصمات السابق تخزينها في مكتبة التهديدات بجهاز الحاسب بالطائرة، ثم توجه الأسلحة الحديثة المضادة للإشعاع الراداري نحو الرادار المعادي لتدميره، ومن هذه النُظُم، نظام تحديد الإحداثي، والقصف المحمول جواً Air Lunched Saturation System Missile: ALSS، ونظام التحديد الدقيق للباحث، والقصف Precision Emitter Location Strike System: PELSS، ونظام قياس المسافة Distance Measuring Equipment: DME، المستخدم في القوات الجوية الأمريكية، وجميعها نُظم متابعة وتدمير حديثة لا تتوافر إلاّ للدول المتقدمة.

    تتوافر لنظم الاستطلاع الراداري المحمولة جواً الإمكانات التالية:

    (1) الارتفاع: يزيد ارتفاع الطائرة مدى كشف جهاز الاستطلاع الراداري لرادارات العدو؛ إذ يصبح هناك خط رؤية مباشرة بين هوائي الرادار المعادي، وهوائي جهاز الاستطلاع الراداري بالطائرة.

    (2) السرعة واتساع مساحة المنطقة المعادية: لاكتشاف عدد كبير من رادارات العدو؛ وذلك لقدرة الطائرة على القيام بهذا المسح في زمن أقل بكثير من باقي الوسائل الأرضية، أو المحمولة بحراً.

    (3) تنفذ الطائرات المجهزة بهذا النوع من الأجهزة أعمال الاستطلاع الراداري داخل الأراضي الصديقة، ومن مسارات مؤمنة بعيدة عن مرمى مدفعية العدو، وصواريخه، وعلى ارتفاع معين يحدد بحسابات خاصة.

    التطور المنتظر في نظم ووسائل الاستطلاع الراداري

    (1) توافر أجهزة تغطي الحيز من 1-40 جيجا سيكل.

    (2) توافر إمكانية مسح حيز التردد بسرعات مختلفة آليا أو يدويا.

    (3) درجة عالية من الدقة والحساسية للمعدات.

    ج. الاستطلاع الكهروبصري

    تنقسم نظم ووسائل الاستطلاع الكهروبصري إلى:

    (1) المستشعرات الحرارية

    تعتمد المستشعرات الحرارية على اكتشاف الإشعاعات الحرارية التي تصدر عن الأجسام، بصرف النظر عن ظروف الإضاءة، والطقس. وقد أدى التطور التكنولوجي في مجال المستشعرات الحرارية إلى استخدام خواص الإشعاع الذاتي الحراري للأجسام؛ لإنتاج العديد من معدات الرؤية الليلية والاستشعار الحراري؛ إذ تجمع أجهزة الكشف والتصوير الحراري؛ سواء الأرضية، أو المحمولة جواً، أو بحراً الأشعة الصادرة من الأجسام، وتكون صورة حرارية للهدف، شبيهة إلى حد كبير، بالصورة الفوتوغرافية، وهذه المستشعرات أو آلات التصوير الحرارية، تعمل في الطول الموجي الذي يتراوح بين 8 و14 ميكروناً. وتستخدم هذه المستشعرات في بعض رؤوس الصواريخ الباحثة عن الصورة الحرارية، أي التعرف على الهدف من الصورة الحرارية له.
    هناك مستشعرات حرارية تعمل على اكتشاف حرارة الأجسام المتوهجة، مثل تلك المنبعثة من مولدات الكهرباء، أو عادم الطائرات، أو المركبات، أو اللهب المصاحب للصواريخ أثناء إطلاقها، وتعمل هذه المستشعرات في حيّز يتراوح بين 4 و5 ميكرونات، وغالباً ما تستخدم هذه المستشعرات في رؤوس الصواريخ؛ ليتم توجيهها إلى الحرارة المتوهجة المنبعثة من الجسم المراد تدميره، ويعرف هذا النوع من المستشعرات بالباحث عن الحرارة Heat Seeker.

    (2) المستشعرات الليزرية

    وتستخدم، أساسا، لكشف مكان العدو الذي يستخدم الإشعاعات الليزرية، وتحديد اتجاهه سواء في قياس المسافة، أو في إضاءة الأهداف لتوجيه النيران ضدها؛ إذ يلتقط المستشعر الليزري هذه الأشعة، ويعطي إنذاراً فورياً في اتجاه صدور هذا الإشعاع.
    تطورت هذه المستشعرات، وأصبحت تغطي حيز الترددات لأشعة الليزر بالكامل، وأصبح يطلق عليها اسم "أجهزة التحذير الليزري" Laser Warning Receiver: LWR، ومنها ما هو مركب في المركبات المدرعة، والدبابات، ومنها ما هو محمول جواً بطائرات القتال، ومحمول بحراً بالقطع البحرية، للتحذير ضد القصف المنشن ليزرياً.

    (3) آلات التصوير التليفزيوني

    منها ما يستخدم للتصوير الضوئي؛ إذ تعتمد آلة التصوير على الضوء المنعكس من الهدف المراد تصويره، وبالتالي، تتأكد درجة وضوح الصورة بمدى إضاءة الهدف.
    النوع الآخر من هذه الآلات ، وهو الذي طُور؛ ليستخدم في التصوير التليفزيوني الليلي؛ إذ يمكنها تصوير الأهداف في الظلام الحالك، ويطلق على هذا النوع Low Light Level TV: LLLTV، وتستخدم هذه النوعية، أساساً، في طائرات القتال الحديثة، وبعض القطع البحرية؛ لاكتشاف الأهداف المطلوب تدميرها ليلاً، أو في ظروف الرؤية الصعبة.

    (4) آلات التصوير البصرية

    هي آلات التصوير الفوتوغرافي باستخدام العدسات المكبرة Zoom، وأغلبها محمول جواً في طائرات الاستطلاع؛ لإعطاء صورة فوتوغرافية لأرض المعركة أثناء العمل في ظروف رؤية مناسبة.

    د. الاستطلاع الصوتي

    تنقسم أجهزة الاستطلاع الصوتية إلى عدة أنواع؛ منها ما هو مخصص لاستطلاع تحركات الأهداف الأرضية المعادية، وهو ما يعرف باسم "المستشعرات السيزمية"، ومنها ما هو مخصص لتسجيل تحركات الأهداف براً، وجواً، وبحراً، وهو ما يعرف باسم "المستشعرات الصوتية".

    (1) المستشعرات السيزمية Seismic Sensors

    وهي تعتمد على استقبال الهزات الأرضية الناتجة عن تحرك الأفراد والمركبات على الأرض بوساطة سماعات سيزمية Geophones، تزرع في الأرض، فتحول هذه الاهتزازات إلى نبضات، وتنقلها إلى المستقبل، ويمكن لهذه المستشعرات أن تميز بين الأهداف المختلفة من واقع الموجات السيزمية المختلفة الناتجة عن هذه الاهتزازات.

    يتكون جهاز الاستشعار السيزمي عادة من 4-5 سماعات سيزمية، يتم دفنها على عمق 37.5-45 سم من سطح الأرض بفواصل تتراوح بين 20 و30 متر بين السماعات، ويصل مدى الاستشعار للسماعة الواحدة إلى مسافة 30 مترا بالنسبة للأفراد، وحتى مسافة تتراوح بين 100 و150 متراً بالنسبة للمركبات، وبذلك يمكن للجهاز تغطية مساحة تتراوح بين ألفي متر وأربعة آلاف وخمسمائة متر مربع 20×100 أو 30×150.

    توصل سماعات الجهاز إلى وحدة تحكم كشف مشتركة، تُدفن على عمق يتراوح بين 30 و75 سم تحت سطح الأرض وهذه الوحدة، هي التي تتولى إرسال المعلومات، التي تدل على وجود تحركات في منطقة تغطية جهاز الاستشعار.

    وهناك عدة أنواع من هذه الأجهزة؛ فمنها ما يمكن وضعه بوساطة الأفراد يدوياً، ومنها ما يُقصف من الطائرات العمودية؛ كما أن هناك أنواع يمكن استعادتها واستخدامها مرة أخرى، وأنواع يبطل استخدامها لمجرد انتهاء عمر البطارية التي تشغلها.

    (2) المستشعرات الصوتية Acoustic Sensors

    تستخدم لتسجيل تحركات الأهداف مثل الأفراد، والمركبات، والطائرات العمودية التي تطير على ارتفاعات منخفضة، وتستطيع تحديد نوع الهدف، ويتراوح مداها بين 30 و100متر للأفراد، ويصل إلى 100 متر للمركبات والدبابات، وعادة تستخدم هذه الأجهزة، جزءاً مكملاً لأجهزة استشعار الهزات الأرضية السيزمية، ويتم ضبطها على أساس وصول ثلاثة إنذارات متتالية من أجهزة الاستشعار السيزمية، فتلتقط هذه الأجهزة الأصوات الناتجة عن الهدف المتحرك في مجال تغطية حقل المستشعرات لمدة تتراوح بين ثانية واحدة و15 ثانية، وترسله عن طريق وحدة التحكم إلى مركز المتابعة الموجود في الخلف، ويتوقف مدى هذه الأجهزة، على مدى قدرة السمع البشرية للأصوات الناتجة عن الهدف نفسها، ومن مكان الجهاز نفسه.

    هناك نوع من هذه الأجهزة يستخدم لاكتشاف صوت محركات الأهداف الموجودة تحت سطح الماء، وخاصة الغواصات Sonorous، ويستخدم في المناطق المحتملة لفتح غواصات العدو على مداخل القواعد، والمراسي البحرية الصديقة، كما يمكن استخدامه لمراقبة خروج غواصات العدو من قواعدها، أو من نقاط تمركزها.

    تنشر هذه الأجهزة على شكل عوامات صغيرة، بوساطة الطائرات العمودية المضادة للغواصات المعادية وتحديد مسارها.

    من أمثلة هذه المستشعرات الجهاز AAU-DT-383-GSQ الذي يمكنه العمل لمدة ستين يوماً، وهناك بعض الأنواع التي تعمل حتى 1900 ساعة ـ 80 يوما ـ بوساطة البطارية من نوع BA-1546 .

    هـ. استطلاع الحاسبات الآلية

    أثبتت الأحداث، خلال السنوات الماضية، أنه في ظل التقدم التكنولوجي في المجال الإلكتروني؛ أصبح من اليسير اختراق أي نظام إلكتروني اعتماداً على التقنية العالية في مجالات الاستطلاع الإلكتروني للنظم والوسائل الإلكترونية؛ سواء المستخدمة في المجال المدني أو العسكري؛ إذ تُعد الحاسبات الآلية مجالاً خصباً للحصول على المعلومات بما تتمتع به من القدرة الفائقة على تجميع، المعلومات وتصنيفها وتحليلها وتداولها، فضلاً على سرعة نشرها في دقائق، بل في ثوانٍ معدودة على عدة مستويات، وفي أكثر من اتجاه في وقت واحد.

    انطلاقاً من هذا المفهوم، فقد تعددت طرق استطلاع الحاسبات الآلية وأساليبه، وإن كان معظمها، إن لم يكن جميعها، تعتمد بالأساس على كيفية التنصّت على وسائل الاتصال المختلفة لشبكات الحاسبات "خطية، لاسلكية، ميكروويف... إلخ"، ويمكن أن نوجز أهمها فيما يلي:

    (1) زرع حاسب آلي في شبكة الحاسبات

    بتوصيل حاسب آلي عن طريق شبكة الاتصالات التي تربط مجموعة الحاسبات الآلية ببعضها؛ سواء كانت شبكة خطية أو لاسلكية ليظهر هذا الحاسب الدخيل، وكأنه مشترك ضمن مجموعة شبكة هذه الحاسبات، وبالتالي، يمكن لهذا الحاسب الحصول على كافة المعلومات المتداولة على هذه الشبكة بين الحاسبات، فضلاً عن إمكانية نقلها فورياً لأي جهة. ولكن يجب أن يكون معلوماً أن هذا الأسلوب قد يتطلب تجهيزات إلكترونية، ذات تقنية عالية؛ ليمكن التداخل على نظام شبكة الحاسبات الآلية دون أن يشعر أي مشترك في الشبكة بأن هناك حاسباً دخيلاً يتنصّت عليها.

    (2) زرع أجهزة مراقبة إلكترونية بطريقة خَفيّة Bugs

    بوضع هذه الأجهزة داخل صالات الحاسبات، وهي آلة تصوير تليفزيوني مزودة بمكبر صوت "ميكروفون"، ونوع آخر منها مستشعر للذبذبات التي تصدر عن شاشات عرض الحاسبات، وكلاهما يوصل بدائرة إرسال إلكترونية، تزرع في مكان خفي داخل المركز، بما يمكنها من مراقبة كل ما يدور على شاشات الحاسبات، ونقل معلوماتها، لحظة بلحظة، إلى مركز تحكم عن بعد؛ إما لاسلكياً أو خطياً، وإن كان دائماً ما ينفذ نقلها من طريق كابل خطي من الألياف الضوئية يوضع بطريقة خفية في هذه الصالات كذلك، ويتصل هذا الكابل بجهاز لاسلكي خارجي ينقل المعلومات التي تصل إليه مباشرة إلى مركز تحكم من بعد، يسيطر على عملية التنصت. وبالطبع، يفضل هذا الأسلوب في عملية نقل المعلومات المتحصل عليها حتى لا يشعر العاملون على أجهزة الحاسبات داخل هذه الصالات، أن هناك أي إشعاع كهرومغناطيسي، يؤثر على عمل الحاسبات التي غالباً ما تتطلب مواصفات تشغيلها عزلاً تاماً عن مصادر الإشعاع الكهرومغناطيسي المباشر.

    ومن الأنواع الأخرى لاستطلاع الحاسبات الآلية، النوع الذي يُعرف باسم "الاختراق المباشر المدبر"، وهو يعني الدخول المباشر على نظم الحاسبات الآلية باستغلال أية ثغرة أمنية في نظام عملها؛ بهدف الحصول على معلومات، أو بيانات سرية ذات أهمية خاصة. والخطورة التي تكمن في هذا النوع من أنواع استطلاع الحاسبات الإلكترونية أن الذي ينفذ هذا العمل لا يسهل اكتشافه؛ لأنه كمن يفتح درج مكتب، ويطلع إلى ما فيه من ملفات ووثائق، ثم يعيدها كما هي حتى لا تكتشف أن هناك عملية سطو قد تمت.

    إن الإهمال والجهل الناتجين من عدم تدريب العاملين في مجال الحاسبات الآلية، يمكن أن يؤديا إلى تسريب معلومات الحاسبات الآلية؛ سواء نتيجة لسوء استعمال الحاسبات، أو الجهل بأسلوب تأمين هذه المعلومات وحفظها وتداولها.
    ثانياً: الأعمال الإلكترونية المضادة للإجراءات الإلكترونية المعادية
    Electronic Counter Counter Measures ECCM

    تعني سلسلة الإجراءات التي تُتَبع، بهدف منع وسائل الاستطلاع الإلكتروني المعادية من استطلاع النظم والوسائل الإلكترونية الصديقة المستخدمة في السيطرة على القوات، وكذلك منعها من إعاقتها، بالإضافة إلى منع التداخلات المتبادلة الصديقة. الأمر الذي يهدف إلى تنفيذ إجراءات التأمين الإلكتروني للقوات والنظم والوسائل الإلكترونية الصديقة، من خلال الأعمال، أو الإجراءات الإلكترونية الآتية:

    1. إجراءات مقاومة أعمال الاستطلاع الإلكتروني المعادي

    تعني حرمان العدو من الحصول على المعلومات بوسائل استطلاعه الإلكترونية؛ سواء عن حجم، القوات وتمركزها وطبيعة نشاطها، أو عن النظم والوسائل الإلكترونية الصديقة.
    العدو إلى الحصول على المعلومات عن النظم والوسائل الإلكترونية الصديقة؛ سواء المستخدمة في السيطرة على القوات، أو المستخدمة في الكشف، والتوجيه، والتحكم لأسلحة القتال، وخاصة اللاسلكية والرادارية، وذلك من خلال التقاط الإشعاعات الكهرومغناطيسية الصادرة منها، وتحديد اتجاهها، وتعيين أماكنها، وتحديد خصائصها الفنية. وبحصوله على هذه المعلومات يمكنه توجيه أعماله الإلكترونية المضادة من إعاقة إلكترونية، وتدمير إلكتروني ضد هذه النظم والوسائل.
    يستخدم العدو وسائل استطلاع إلكتروني متقدمة في الحصول على المعلومات عن القوات الصديقة، ومن أهم هذه
    المعلومات ما يلي:

    أ. المعلومات العامة

    (1) أعداد مراكز القيادة وأماكنها.

    (2) أعداد المحطات الرادارية وأماكنها.

    (3) المعلومات المتداولة خلال تبادل الاتصالات اللاسلكية.

    ب. المعلومات الفنية

    (1) حيز الترددات المستخدم بالوسائل الإلكترونية الصديقة.

    (2) طبيعة الإشعاعين اللاسلكي والراداري.

    وتشتمل الإجراءات الإلكترونية لمقاومة أعمال الاستطلاع الإلكتروني المعادي، على الآتي:

    أ. إجراءات مقاومة أعمال الاستطلاع اللاسلكي المعادي

    تهدف إلى حرمان العدو من استخدام وسائل استطلاعه اللاسلكي؛ لالتقاط الإشعاع الكهرومغناطيسي الصادر من النظم والوسائل اللاسلكية الصديقة، وتنقسم هذه الإجراءات إلى:

    (1) الإجراءات التنظيمية لمقاومة الاستطلاع اللاسلكي المعادي

    (أ) التقيد بالتعليمات المنظمة لتشغيل المعدات الإلكترونية.

    (ب) فرض الصمت اللاسلكي للأجهزة، والمحطات اللاسلكية.

    (ج) التغيير المستمر للترددات، والبيانات اللاسلكية الخاصة بنظام تشغيل الشبكات، والاتجاهات اللاسلكية الصديقة.

    (د) استخدام الوسائل التي تكفل سرية المعلومات المتداولة لاسلكياً.

    (2) الإجراءات الفنية لمقاومة الاستطلاع اللاسلكي المعادي

    (أ) استخدام الهوائيات الهيكلية "Dummy Antenna" أثناء اختبار وتشغيل المحطات، والأجهزة اللاسلكية في التدريب.

    (ب) استغلال طبيعة الأرض في حجب الإشعاع في اتجاه العدو.

    (ج) استخدام الهوائيات الموجهة ذاتا الإشعاع الضيق "Narrow Beam".

    (د) استخدام أقل قدر ممكن من قدرة الإرسال.

    (هـ) استخدام دوائر خاصة للتقليل من إشعاع الفصوص الجانبية "Side Lobes".

    (و) تشغيل الأجهزة والمحطات اللاسلكية لفترات قصيرة.

    ب. إجراءات مقاومة أعمال الاستطلاع الراداري المعادي

    تهدف إلى حرمان العدو من استخدام وسائل استطلاعه الراداري، لالتقاط الإشعاع الكهرومغناطيسي الصادر من النظم، والوسائل الرادارية الصديقة، وتنقسم هذه الإجراءات إلى:

    (1) الإجراءات التنظيمية لمقاومة الاستطلاع الراداري المعادي

    هي الإجراءات التي تهدف إلى حرمان العدو من الحصول على المعلومات التي يحتاج إليها؛ لتنفيذ أعمال الإعاقة الرادارية ضد النظم والوسائل الرادارية:

    (أ) التقيد التام بالتعليمات المنظمة بتشغيل أجهزة الرادار.

    (ب) فرض الصمت الراداري.

    (ج) تشغيل أقل عدد من المحطات الرادارية تحقق المهمة.

    (2) الإجراءات الفنية لمقاومة الاستطلاع الراداري المعادي

    (أ) مراعاة عدم تشغيل المعدات الرادارية؛ لأغراض الاختبار، والإصلاح إلا لفترات قصيرة.

    (ب) استخدام أقل قدرة خرج تحقق مهمة عمل جهاز الرادار.

    (ج) استخدام دوائر إلكترونية خاصة، للتقليل من إشعاع الفصوص الجانبية للهوائيات

    2. إجراءات وقاية النظم والوسائل الإلكترونية الصديقة من أعمال الإعاقة الإلكترونية المعادية

    هي الهدف الثاني للتأمين الإلكتروني، بغرض ضمان استقرار عمل النظم الإلكترونية الصديقة تحت تأثير استخدام العدو لوسائل الإعاقة الإلكترونية، ولتفادي الإعاقة الإلكترونية.
    يُعد اكتشاف مصادر الإعاقة المعادية وتدميرها من أهم إجراءات الوقاية، التي يجب تنفيذها بجانب الإجراءات التنظيمية والفنية.

    أ. الإجراءات التنظيمية للوقاية من الإعاقة الإلكترونية المعادية

    (1) استخدام اتصالات لاسلكية حديثة يصعب إعاقتها.

    (2) استخدام ترددات للإرسال، وأخرى للاستقبال.

    (3) تخصيص ترددات احتياطية، يمكن المناورة بها، عند وجود إعاقة.

    (4) إرسال البرقية على أكثر من وسيلة في وقت واحد.

    (5) تدريب أطقم المعدات اللاسلكية والرادارية على العمل تحت تأثير أنواع الإعاقة المختلفة.

    (6) استخدام أنواع مختلفة من الرادارات.

    (7) إصرار الطاقم على تحقيق المهمة تحت ظروف الإعاقة.

    ب. الإجراءات الفنية للوقاية من الإعاقة الإلكترونية المعادية

    (1) زيادة قدرة المرسل إلى أقصى حد ممكن.

    (2) استخدام هوائيات موجهة.

    (3) استخدام دوائر التخلص من الإعاقة.

    (4) استخدام الرادارات المتوافقة Coherent Radar، التي يصعب إعاقتها.

    3. إجراءات مقاومة فيروسات الحواسب والنبضة الكهرومغناطيسية ومنع التداخل البيني

    أ. إجراءات الوقاية من الفيروسات

    يجب ممارسة إجراءات وقاية الحاسبات الآلية، داخل النظم، التي تستخدم الحاسبات الآلية بانتظام إلى أن تصبح عادة تقليدية لدى العاملين بهذه النظم، مع الوضع في الحسبان حقيقة وجود فيروسات معروفة الآن، وأخرى ستستجد مستقبلاً.
    ليس هناك وسيلة لإثبات خلو نظم التشغيل، أو البرامج الجاهزة، أو التطبيقية, من الفيروسات ـ خاصة النوع الذي يطلق عليه اسم "الفيروس المقيَّم بالذاكرة" Memory Resident Virus، إلا بإتباع الآتي:

    (1) كتابة كود المصدر Source Code، وفي حالة تعذر تنفيذ ذلك يجب ـ بعد تسلّم البرامج في هذه الصورة ـ مراجعتها بوساطة المختصين.

    (2) تحويل كود المصدر Source Code إلى الصورة النهائية بوساطة مستخدمي النظام.

    (3) عدم السماح بالدخول لأي برامج، أو عمل أي تعديلات إلا عن طريق مستخدمي النظام.

    (4) ضرورة عمل نسخ احتياطية، لكل ملفات المعطيات والبرامج العاملة، مع مراعاة تجديدها باستمرار.

    (5) يجب مراعاة عمل إجراءات الفحص بحثاً عن الفيروسات في حاسب ألي غير مرتبط بالشبكة.

    (6) عمل نظام محاكاة، بزيادة الأحمال حتى أقصى درجة متوقعة؛ بغرض تنشيط عمل فيروسات الحاسبات، إن وجدت، والتي تعمل في حالة زيادة الأحمال إلى درجة معينة.

    ب. طرق الكشف عن فيروس الحاسبات الآلية وتشخيصه

    تتعدد الوسائل وتختلف في مدى فاعليتها طبقاً لطبيعة الفيروس ومكانه في القرص الصلب، أو البرامج، بل وعلى مواصفات الحاسب كذلك، والأفضل أن تجرب أكثر من وسيلة، لكل حالة، ومن هذه الوسائل ما يلي:

    (1) استخدام برامج جاهزة Software خاصة للكشف عن بعض الفيروسات التي قد تكون مخزنة في Boot Sector، أو في الملفات التنفيذية مثل برنامج Virus Booster.

    (2) يمكن الاستشعار بوجود فيروس عندما يكرر الحاسب إظهار رسالة خطأ على الشاشة، أو في حالة ظهور أخطاء كبيرة غير عادية.

    ج. إجراءات التأمين

    تأمين مكان الحاسبات، داخل موقع أي نظام يعمل بالحاسبات الآلية، وتحديد من لهم حق الدخول على البرامج، وأساليب الصيانة، وكلمات السر التي تستخدم في نظام التشغيل.

    4. إجراءات التغلب على تأثير النبضة الكهرومغناطيسية على النظم الإلكترونية الصديقة

    أ. الإجراءات التنظيمية

    (1) توفير احتياطي مناسب من المعدات، وقطع الغيار اللازمة؛ لسرعة استعادة كفاءة النظم الإلكترونية الصديقة، في حالة تعرضها للتدمير، أو التلف.

    (2) فصل أجهزة النظم الإلكترونية ومعداتها، عن مصادر التغذية الكهربية.

    (3) مراعاة عدم وجود كوابل توصيل للنظم الإلكترونية بها زوائد عن الطول المطلوب.

    (4) دفن الكابلات الأرضية داخل مواقع القوات الصديقة على عمق لا يقل عن 30 سم.

    (5) تغيير الكابلات والأسلاك المدرعة بواقٍ داخلي Shield.

    ب. الإجراءات الفنية

    هناك طرق فنية تفيد في التخلص أو التقليل من تأثير النبضة الكهرومغناطيسية مثل:

    (1) مصيدة النبضة الكهرومغناطيسية Arrester of Electro Magnetic Pulse AEMP

    وهي دائرة كهربائية توضع في داخل الأجهزة؛ لتصطاد هذه النبضة، أو تقليل طاقتها بسحبها إلى الأرض، قبل أن تصل إلى قلب الجهاز، وهذه الدائرة يجب أن تكون سريعة الاستجابة مع النبضة Quick Response، كما يجب أن تتميز بقوة تحمل كبيرة للنبضة.

    (2) ثغرات الشرارة Spark Gaps

    هما كرتان قبل الجهاز، بينهما ثغرة هوائية، وعند حدوث شحنة هوائية عالية، تفرغ في الثغرة، وتمنع من المرور في الجهاز.

    (3) باستخدام مرشحات لمرور النبضة الكهرومغناطيسية

    في نطاق الطول الموجي المصمم عليه المرشح، وتمنع مرور باقي مكونات النبضة إلى الجهاز، أو المعدة.

    5. إجراءات وقاية النظم والوسائل الإلكترونية الصديقة من التداخلات والتأثير المتبادل

    أ. الإعاقة الصديقة للوسائل الإلكترونية "التداخلات والتأثير المتبادل"

    وتنشأ نتيجة العوامل الآتية:

    (1) ازدحام حيز ترددات معين بتشغيل عدة وسائل إلكترونية مختلفة في وقت واحد داخل هذا الحيز.

    (2) الزيادة المستمرة لقدرة محطات الإرسال، وزيادة حساسية أجهزة الاستقبال.

    (3) تركيز عمل الوسائل الإلكترونية للقوات في مناطق تجمعات مزدحمة.

    ب. إجراءات منع التداخلات والتأثير المتبادل إلكترونياً

    (1) إتباع المبادئ العامة، لتجزئة، وتخصيص ترددات تشغيل الوسائل الإلكترونية، وخاصة تلك التي تعمل من مكان واحد، أو في مناطق متجاورة.

    (2) وضع القيود الزمنية على تشغيل بعض الوسائل الإلكترونية، لصالح الوسائل الإلكترونية الأكثر أهمية.

    (3) تحديد حجم، ترددات الوسائل الإلكترونية وحجمها وتمركزها، وحيزها، وقدرتها، وطرق توقيتات تشغيلها.

    (4) تنظيم مراقبة الاستخدام الصحيح لعمال التشغيل للترددات المخصصة، وكذلك توقيتات، التشغيل وأنواعه المحددة.

    (5) المراقبة الدقيقة للترددات المخصصة.

    (6) عمل القياسات والاختبارات الدورية، لخواص تلك الوسائل طبقاً لمعدلاتها.

    (7) تنفيذ أعمال المسح الإلكتروني، لتحديد مناطق التأثير المتبادل، لمختلف الوسائل الإلكترونية.


    الحرب الإلكترونية – الجزء الثاني

    الفصل الثاني


    نظم السيطرة الحديثة ووسائلها وتطورها C4I


    المبحث الرابع: نظم القيادة الآلية والسيطرة اللاسلكية ووسائلها وتطورها

    أولاً: الحيز الكهرومغناطيسي

    1. أنواع الموجات اللاسلكية

    حسب طرق انتشارها، والطول الموجي لها، وتنقسم إلى:

    أ. الموجات الأرضية/ السطحية

    تنتشر بالقرب من سطح الأرض، وتتأثر بالقدرة التوصيلية للأرض في مسار انتشارها، ويمكن إهمال تأثير الغلاف الجوي على انتشار هذه الموجات.

    ب. الموجات الفضائية

    تنتشر في الطبقة السفلى من الغلاف الجوي، وتتألف من موجات فضائية مباشرة لا تتأثر بسطح الأرض، وموجات فضائية منعكسة تتأثر بطبيعة الأرض، ونوع التربة عند نقطة انعكاس هذه الموجات.

    ج. الموجات المبعثرة

    تنتج هذه الموجات، لعدم تجانس طبقة التروبوسفير Tropossfer ؛ إذ يصل قدر ضئيل من الطاقة في اتجاه جهاز الاستقبال، ويتأثر انتشار هذه الموجات بخواص طبقة التروبوسفير من حيث اعتمادها على الحرارة والرطوبة.

    د. الموجات السماوية

    تنعكس بوساطة طبقات الأيونوسفير، ويمكن إهمال تأثير الأرض، ويتأثر انتشار هذه الموجات بخواص الأيونوسفير، ليلاً ونهاراً، وخلال الفصول المختلفة على مدار السنة، وباختلاف السنوات. الجدول الرقم 1

    2. أهمية تأمين الاتصالات اللاسلكية

    يُعَدّ من ضروريات الخوض بنجاح في الحروب الحديثة، وجود شبكة اتصالات سريعة الأداء يمكن الاعتماد عليها، لتكون همزة الوصل بين كبار القادة وقواتهم؛ إذ يعي الجنود تماماً، أهمية وجود مثل هذه الشبكة؛ لذلك، تكون شبكات الاتصالات في مقدمة الأهداف التي يهاجمها العدو، وقد تشن الهجمات بهدف تدمير مراكز الاتصالات ذاتها، أو إعاقة البث اللاسلكي لها، والأهم من ذلك، امتلاك العدو القدرة على التصنّت الجيد على الرسائل المتبادلة بين مراكز القيادة والقوات في مسرح العمليات، والعمل على فك رموزها، إن كانت مشفرة، لتكوين صورة لنوايا الخصم وخططه. ولمواجهة هذه التهديدات يستمر تطوير المعدات اللاسلكية الباهظة التكاليف، التي ازداد تعقدها حتى أمكن، حالياً، التوصل بفضلها إلى اتصالات مأمونة لدرجة لم يسبق لها مثيل.

    أفرزت التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة في شبكات الاتصالات، ذات المستوى العالي من الأمان، أساليب لتطوير قنوات البث آلياً بشكل مبرمج، إضافة إلى عدد من الإجراءات الأخرى للحماية؛ إذ تُعَدّ الاتصالات سلاحاً ساكناً لا غنى عنه، لربط هيئات الأركان والقيادات بالمقاتلين، ولتوجيه الأسلحة ومن يستخدمونها، ولتوارد المعلومات عن مختلف أنشطة العدو، وخططه، ونواياه في الجبهة بصورة شبه مستمرة، فبغير ذلك تصبح هيئات القيادة عاجزة عن أداء مهامها على الوجه الأمثل. الأكثر من ذلك، فإن الوحدات المميكنة الحديثة المقاتلة باتت لا تستطيع العمل من دون الاتصال الدائم بين عناصرها حتى مستوى الأفراد.

    يمكن القول، إذن: أن انهيار شبكة الاتصالات لجيش ما، ستجر عليه كارثة مؤكدة على مستوى العمليات الحربية، علماً بأن شبكات الاتصالات في الجيوش، معرضة دائماً للتدمير. ولذلك، تدرب طواقم الدبابات السوفيتية، مثلاً، على الاتصال فيما بينها، مستخدمة إشارات البيارق، وذلك أثناء العمل متقاربين، بينما يدرس الجيش النمساوي، حالياً، إمكانية العودة إلى استخدام الجياد، لتسليم الرسائل، وما زالت بَحريّات العالم تستخدم الإشارات الضوئية للاتصال، حين تعطب أجهزة الراديو اللاسلكي، أو يكون عدم استخدامها ضرورياً، وهذا يوضح حاجة الجيوش الماسة إلى إنشاء نُظُم اتصالات مأمونة، يعتمد عليها، وسريعة الأداء، وتُعَدّ مثل هذه الأنظمة ركناً أساسياً بين الوسائط الدفاعية/ الهجومية للجيوش، ولذلك، ينبغي وضع تطويرها في سلم الأولويات الملحة.

    ويؤمل أن تؤمن نُظُم الاتصالات الجديدة، التي يجرى إدخالها إلى الخدمة حالياً، سرعة وسرية تبادل المعلومات في أسوأ الظروف الجوية إلى أن تدخل نُظُم إجراءات الإعاقة على الاتصالات من الجيل المقبل ميدان الخدمة العاملة.

    ثانياً: الاستخدام العسكري لنظم الاتصالات

    تتيح نُظُم الاتصالات الحديثة بثاً "إرسالاً"، تلغرافياً، وصوتياً، ونقل معلومات يمكن الاعتماد عليها، بشرط استخدام حيز التردد اللاسلكي بالكامل، بدءاً من مجال التردد المنخفض جداً Very Low Frequency: VLF، حتى مجال التردد فوق العالي Ultra High Frequency: UHF، خاصة في زمن السّلم؛ إذ تعمل شبكات الاتصالات بانتظام لخدمة كافة المشتركين، إلاّ أن هذا العمل المنتظم قد لا يستمر هكذا في زمن الحرب؛ إذ إن هناك عدة عوامل تؤدي إلى الإخلال بانتظام العمل؛ فمثلاً، في زمن الحرب يصبح أي نطاق ترددي مناسب من بين سائر نطاقات التردد، بدءاً من الترددات المنخفضة Low Frequency: LF، حتى الترددات العالية High Frequency: HF الشائعة الاستخدام، علماً بأن استعمال نطاقات التردد بشكل عشوائي يسبب مشكلات تداخل البث على نطاق واسع بين المستخدمين، لذا توزع الترددات مركزياً على المستخدمين لتلافي هذا التداخل.

    1. نظم الاتصالات العسكرية المعقدة

    أدى عدم نجاح نُظم الإجراءات المضادة للأعمال الإلكترونية المعادية ECCM في تأمين الاتصالات اللاسلكية العسكرية ضد التنصت والإعاقة اللاسلكية المعادية، إلى تصميم نُظُم اتصالات عسكرية معقدة، أكثر تقدماً، صُممت طبقاً لأحدث التقنيات، باستخدام المعالجة البيانية للحاسبات الآلية، والتي تتميز بتعقد نُظُمها الإلكترونية، غير أنها عالية النفقات.

    وقد بات تصميم نُظُم الاتصالات العسكرية الحديثة يواجه التحديات باستخدام نُظُم مدمجة في غاية التقدم، لخفض احتمال الاعتراض "التنصت" Low Probability Intercept: LPI، فضلاً عن معدات مقاومة الإعاقة Anti Jamming: AJ، وبينما كان تركيب نُظُم للإجراءات المضادة للإجراءات الإلكترونية المعادية ECCM، لا يتم إلا في مراكز الاتصالات الثابتة، أو تلك المركبة على شاحنات، بدأت تظهر، حالياً، أجهزة اتصالات محمولة مزودة بأجهزة ECCM لمقاومة التنصت والإعاقة اللاسلكية المعادية.



    تكبير الصورةتصغير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية.



    يعتمد تصميم أجهزة ECCM لمقاومة التنصت والإعاقة اللاسلكية على:

    أ. تشغيل الأجهزة اللاسلكية، سواء للإرسال، أو للاستقبال، بصورة آلية أثناء الاستخدام في ظروف الإجراءات الإلكترونية المضادة ECM "التنصت، والإعاقة الإلكترونية المعادية".

    ب. مضاعفة أنواع العمل، وكذلك حيزات التردد التي يعمل من خلالها الجهاز اللاسلكي في الاستقبال والإرسال.

    ج. استخدام تكنولوجيا حديثة للاتصالات، نظراً لما يميز الإرسال اللاسلكي بالأجهزة الحديثة من: "تردد قافز في نطاق ترددي متغير باستمرار، وفي زمن متغير أيضاً باستمرار، وحيز إرسال متغير بآلاف الاحتمالات"، فمن المنتظر أن تشكل هذه الخصائص مهمة صعبة لمصممي هذه الأجهزة، عند تطبيقهم مبدأي مقاومة الإعاقة، ومقاومة التنصت في هذه الأجهزة، وإن كان المختصون، حالياً، لا يركزون إلا على استخدام التردد القافز في أجهزة الإرسال الحديثة، على الرغم من أن هذه التقنية لا توضح تماماً كيفية حماية هذا الإرسال من أعمال التنصت والإعاقة الإلكترونية المعادية".

    2. نظم الاتصالات الإلكترونية لمراكز القيادة والسيطرة وتطورها

    حدث تطور هائل في نظم القيادة، والسيطرة، والاتصالات، والحاسبات الآلية، والاستخبارات، Command, Control, Computer, Communication and Intelligence: C4I ،


    بغرض ضمان تدفق سيل المعلومات لجميع القادة والقيادات على مختلف المستويات بما يمكنهم من معرفة ما يدور حولهم، وسرعة طلب الدعم النيراني؛ سواء من المدفعية، أو القوات الجوية، إلى جانب ضمان حرية العمل للقيادات، وفي الوقت نفسه العلم بما يدور لدى الجوار، كما تحقق هذه المنظومة آلية السيطرة لسرعة التعامل مع هذا الكم الهائل من الأنظمة الإلكترونية؛ لضمان سرعة رد الفعل المناسب في اتجاهات مختلفة بناء على معلومات فورية من ميادين القتال على عدة جبهات، والتي يطلق عليها أسلوب دمج/ صهر المعلومات.


    3. القيادة والسيطرة باستخدام الأقمار الصناعية

    تعتمد معظم دول العالم في تحقيق اتصالاتها؛ سواء المدنية أو العسكرية على استخدام أقمار الاتصالات التجارية الخاصة بها، فضلاً عن شبكة الاتصالات الدولية عبر الأقمار الصناعية، عدا أمريكا وروسيا؛ إذ تعتمد كل منهما في اتصالاتهما العسكرية على شبكة متكاملة من أقمار الاتصالات العسكرية.

    وعموماً فإن أقمار الاتصالات تنقسم من حيث الاستخدام إلى:

    أ. أقمار الاتصال المدنية: والمتمثلة في:

    (1) الأقمار الصناعية الميدانية ثابتة الخدمة، مثل INTELSAT، وعاموس، وARABSAT.

    (2) أقمار البث المباشر، مثل: نايل سات.

    (3) أقمار الاتصال بالوحدات المتحركة، مثل INMARSAT.

    ب. أقمار الاتصالات العسكرية

    تتميز أقمار الاتصالات العسكرية باستخدامها لحيز واسع من الترددات، داخل حيز الموجة القصيرة SHF، لتحقيق الاتصال مع المراكز الثابتة والمتحركة، فضلاً عن القواعد البحرية، والقواعد الجوية، كما تتضمن العمل في حيز الترددات فائقة العلو EHF، إضافة إلى الاستخدام الموسع لأنظمة الطيف الموسع، خاصة أسلوب التهجين، والمتضمن الاستخدام المزدوج لكل من: "القفز الترددي، والتتابع المباشر"، ومن أمثلة أقمار الاتصالات العسكرية ما يلي:

    (1) منظومة الأقمار الصناعية MILSAT.

    (2) شبكة الأقمار الصناعية للقوات الجوية الأمريكية AFSAT COM .

    (3) شبكة الأقمار الصناعية لقيادة القوات الأمريكية DSCS.

    (4) شبكة الأقمار الصناعية للقوات البحرية الأمريكية FLTSAT COM.

    (5) سلسة أقمار كوزموس الروسية.

    ج. أقمار الاتصال بالغواصات

    من الاستخدامات المهمة والعديدة، للأقمار الصناعية، تحقيق الاتصال مع الغواصات على المستوى الإستراتيجي، باستخدام الليزر؛ إذ ترسل الإشارات، والمعلومات بمعدل إرسال سريع، ويطلق على المنظومة المستخدمة في ذلك SLC. وهي تستخدم أساساً، بغرض استكمال نظم القيادة والسيطرة الآلية، في الاتصال بالغواصات ورفع كفاءتها. ومن الملاحظ أن إشارة الاتصال المستخدمة لشعاع الليزر تتميز بالقدرة على اختراق المياه، وكذلك السرعة العالية في إرسال المعلومات، مما يجعلها ذات أهمية خاصة بالنسبة لشبكة القيادة والتحكم في الغواصات.

    4. آلية مراكز القيادة والسيطرة

    تمثل مراكز القيادة العنصر الأساسي لنُظُم القيادة والسيطرة، وهذه المراكز لديها القدرة على السيطرة التامة على العناصر المرؤوسة، واتخاذ القرار، مع عدم الاعتماد على المركزية المطلقة. ويتطلب هذا توافر قدر كبير من البيانات والمعلومات اللازمة لتقدير الموقف، واتخاذ القرار في الوقت المناسب. وهذا لا يتأتى إلا بالاعتماد الكبير على الحاسبات الآلية لحفظ، وتداول، ومعالجة المعلومات.

    يجب أن تحقق هذه المراكز القدرة على المقاومة الشديدة للعدائيات الإلكترونية، مع القدرة الذاتية على تقليل التداخل الكهرومغناطيسي، سواء الناتج من المعدات المنتشرة في أرض المعركة، أو بين معدات الاتصال المختلفة، مع إمكانية العمل تحت ظروف استخدام الخصم السلاح النووي، وأسلحة التدمير الشامل، مع استمرار السيطرة على الوحدات المرؤوسة، وكذلك مقاومة الحاسبات الآلية للإشعاع باستخدام الدوائر الإلكترونية الصلبة Hardened التي تقاوم الإشعاعات النووية.

    ومن أهم التطورات التي تساعد على سهولة العمل وعرض المواقف، واتخاذ القرارات بل وإرسال المعلومات إلى المرؤوسين والوحدات الفرعية، وسائل العرض الحديثة التي تستخدم أسلوب عرض الموقف القتالي محدثاً آلياً عن الوحدات والأسلحة المختلفة؛ إذ ترسل الأوامر مباشرة من خلال شاشة العرض الكبيرة Large Screen Display، مع صورة كاملة لموقف العمليات إلى كافة المستويات المطلوبة.

    ثالثاً: دور الحاسبات الآلية في نظم القيادة والسيطرة الحديثة

    يُعَدّ عنصر القيادة والسيطرة أهم عنصر في المعركة الحديثة، وفي الوقت نفسه، يصبح، دائماً، أصعب المشكلات التي يمكن التحكم فيها، ويرجع ذلك إلى التطورات التكنولوجية الحديثة التي تحققت في مجال الحرب الإلكترونية. وتعرف رئاسة هيئة الأركان المشتركة للقوات الأمريكية دور برنامج القيادة والسيطرة بأنه: "قيام القيادة بإنجاز أعمال التخطيط والإدارة والتنسيق والسيطرة على القوات والعمليات من خلال الاعتماد على تنظيم معين من الأفراد والمعدات وشبكات الاتصال والمرافق والإجراءات". وتتم إدارة أعمال الحرب الحديثة والسيطرة على عمليات القتال، وفق نُظُم متطورة، لجمع ورصد المعلومات عن الأهداف ورصدها وتحليلها والتعامل معها، وهذه النظم تضم الحاسبات الآلية، والمستشعرات، ونظم التوجيه الدقيق، وللحاسبات الآلية فضل كبير في مجال تكنولوجيا الاتصال لتحقيق القيادة والسيطرة على مسرح العمليات؛ إذ تستخدم هذه الحاسبات في شبكات نقل البيانات والمعلومات من الوحدات الصغرى إلى قيادة التشكيلات، بحيث يمكن للقيادات تعرف المواقف بشكل دقيق وسريع لإصدار القرارات الفورية، بما يتناسب مع المواقف فيما ما يطلق عليه "شبكة الاتصالات الآلية للقيادة والسيطرة". ومن خلال شبكة القيادة والسيطرة التكتيكية يخزن كل قائد ميداني المعلومات المتوافرة لديه عن وحدته وتفاصيل استعداداتها، ومعداتها، ومخزوناتها، واحتياجاتها، ليستطيع القائد في أي وقت معرفة الحالة الحقيقية لأي وحدة. وبعض البرامج تمكن القيادات من معرفة الحالات الحرجة للوحدات من خلال قيام الحاسبات الآلية بشكل آلي بلفت نظر القادة للوحدات التي تواجه مواقف حرجة.

    يعتمد نجاح نظم القيادة والسيطرة على اكتساب ثقة القيادة في هذه النظم، ولا يتم ذلك إلا بمرونة أنظمة الحاسبات الآلية وقابليتها لتلبية مئات الواجبات الجانبية الأخرى، بل وإمكانية تفاهمها مع وسائل الاتصال والسيطرة وتخزين المعلومات؛ إذ إن الأجيال الحديثة من نُظُم القيادة والسيطرة تكون قادرة على تنفيذ عدد من الوظائف الجانبية، لا تقل أهمية عن المهام الرئيسية مثل:

    -التحديث شبه الفوري للمعلومات عن قوات الخصم وقياداته ومتابعة نشاطها، والشيء نفسه بالنسبة للقوات الصديقة.

    - تقويم الخسائر من جانب القوات الصديقة.

    -توفير أي بيانات إحصائية تساعد في أعمال الإشراف والإمداد والشؤون الإدارية.

    1. نظم الحاسبات الآلية لمراكز القيادة والسيطرة الآلية وتطورها

    حدث تطور في استخدام الجيل الخامس من الحاسبات الآلية؛ التي تستخدم الذكاء الاصطناعيArtificial Intelligence، والجيل السادس منها الذي يستخدم الشبكات العصبية Neural Networks؛ إذ يأخذ الحاسب قراراً طبقاً للخبرة السابقة، حتى ولم تعط له قواعد أو هوامش مسبقة، وهو خطوة على سبيل تحقيق الذكاء الإنساني للحاسبات، وهذا الاتجاه الجديد بالغ السرية وتعمل فيه كل من أمريكا واليابان فقط، ولم يصرح عنه إلا في 1987 برغم وجود هذه التكنولوجيا في أنظمة أمريكية استخدمت في حرب تحرير الكويت، هذا علاوة على التطوير في استخدام الإنسان الآلي Robots.

    والتطور المذهل في سرعة رد فعل الحاسبات وقدرة استيعابها، التي تنعكس بدورها على قدرة أنظمة القيادة والسيطرة، مثلاً في تطوير أسلوب اتخاذ القرار لضابط العمليات أثناء الهجوم؛ إذ تقوّم الحاسبات الآلية، التي تستخدم أحدث برمجة جاهزة Software، الموقف، ثم توصي باستخدام قوات/ سلاح معين واضعة في الحسبان كل العوامل، والإمكانات المؤثرة، والمتاحة للقائد المناط به اتخاذ القرار.

    يعدّ الاستمرار في التطوير، للوصول إلى الآلية الكاملة، وتحقيق ذلك في الوقت الحقيقي Real-Time، الشغل الشاغل لمصممي الأنظمة الحديثة؛ إذ تحقق الأنظمة الآلية من نوع ADDS، التي تستخدم لتوزيع البيانات، والمعلومات، لمتطلبات إرسال واستقبال كمية هائلة من المعلومات والبيانات، في ميدان القتال في الوقت الحقيقي.

    هناك العديد من البرامج لتجميع كل أنظمة القيادة والسيطرة الآلية وتكاملها، وتحقيق إمكانية العمل، والموائمة بينها، سواء على المستوى القومي لكل دولة من دول حلف شمال الأطلسي، أو على مستوى كل الدول المتحالفة مع بعضها، خاصة في مجال المعلومات، والمخابرات، والإنذار؛ إذ بموجب هذه البرامج، مثل البرنامج الأمريكي من نوع JINTACCS، تصمم أنماط قياسية معينة Standards، وأسلوب موحد للاستخدام، والتعاون بين هذه الأنظمة، مثل توحيد المفاهيم، والاصطلاحات لكلمة معينة، أو توحيد شكل الرسالة وطولها Message Format واللغة المستخدمة، ووصلات نقل المعلومات التكتيكية Tactical Data Link، والإجراءات التي بموجبها يعدل كل فرع، أو سلاح، من مركز القيادة والسيطرة الخاص به، ليتواءم مع الأنظمة الأخرى. وجدير بالذكر أن نوعية البرمجة الجاهزة Soft Ware، تحدد، إلى حد كبير، مدى كفاءة مراكز القيادة والسيطرة الآلية.

    وسعياً لتحقيق الاستمرار والبقاء لمراكز القيادة والسيطرة الآلية، تحت مختلف الظروف، بما فيها الضربة النووية، ظهرت نظم القيادة والسيطرة المحمولة جواً، مثل نظام القيادة والسيطرة والإنذار المحمول جواً Awacs، والمركب في الطائرة Sentry E-3 التي يطلق عليها اسم "الديدبان"، ونظام القيادة والسيطرة المحمول جواً E2-C، والمركب في الطائرة C-130... الخ.

    ولتطوير دقة تحديد الإحداثيات للأهداف والقوات والمعدات المتحركة "خطوط الطول وخطوط العرض والارتفاع"، حتى 16 متراً والسرعة حتى متر واحد/ ثانية، ولزمن حتى 100 نانو ثانية بوساطة نظام الملاحة وتحديد الإحداثي والوقت بالأقمار الصناعية Navistar Global Positioning System.

    2. نظم القيادة والسيطرة الحديثة

    كان لنتائج حرب الخليج الثانية الأثر الأكبر في تحقيق ثورة في تكنولوجيا التسليح العالمي تتجاوز أبعاد ما حدث بعد حرب أكتوبر 1973؛ إذ تحولت الصحراء، والمياه، والأجواء في منطقة الخليج إلى حقل ميداني لاختبار فعالية ما تحويه الترسانتين الأمريكية والغربية من نظم تسليح متطورة، وهي نُظُم خصصت لتطويرها مئات المليارات من مخصصات ميزانيات الدفاع في هذه الدول على مدى العقدين الماضيين، إلا أن الاختبار الأول لفعاليتها قد تحددت نتائجه في ضوء ما أسفرت عنه حرب الخليج الثانية؛ إذ ثبت أن النصر في الحرب الحديثة يكون في جانب الطرف الذي لديه حرية (قدرة كبيرة) على تدفق المعلومات.

    وقد حظيت نظم القيادة والسيطرة الحديثة، التي لا يزال بعضها في مرحلة التجارب بفرصة لا تعوض للعمل الميداني؛ إذ إن الحرب الحقيقية هي التي تقوّم نظم القيادة، والسيطرة، والاتصالات بين القوات المختلفة، الجوية، والبحرية، والبرية، هذا التقويم الحقيقي الذي يفوق كل أساليب التقويم والاختبار التي تضعها الشركات المنتجة لهذه النظم؛ سواء في المعامل أو في التجارب الميدانية المحدودة.

    ومن بين نظم القيادة والسيطرة التكتيكية الحديثة، التي اشتركت في حرب الخليج الثانية، النظام الأمريكي Joint and Surveillance Tactical Attack Radar System: JSTARS المحمول على طائرة من نوع
    E-8A، ونظام Rapidly Command and Control RADIC الأمريكي، ونظام ORCHICDEE الفرنسي المحمول على طائرة عمودية من نوع "سوبر بوما".

    أداء هذه النُظُم في حرب الخليج الثانية وفر على الشركات المنتجة مجهود الدعاية وتكاليفها، وأتاح لها الفرصة لتطوير نظمها، وتعديلها، للتغلب على أي مشكلات ثبت وجودها في ميدان القتال الحقيقي المزدحم بكل ما أنتجه العالم من وسائل القتال والدمار.

    أ. نظام القيادة والسيطرة المحمول جواً JSTARS

    استخدمت الولايات المتحدة في حرب الخليج الثانية، نظام القيادة والسيطرة التكتيكي JSTARS المحمول على طائرة E-8A التي أطلق عليها اسم "جوينت ستارز" Joint Stars. وهذا النظام مشروع مشترك بين القوات الجوية والجيش الأمريكي بدأ العمل فيه في1985، وقدرت تكاليف المرحلة الأولى منه بحوالي 850 مليون دولار. وعلى الرغم من أن نظام JSTARS قد تم تطويره، أساساً، لصالح القوات الجوية الأمريكية والجيش الأمريكي، إلاّ إنه سيؤدي دوراً كبيراً في معاونة القوات البرية، من خلال مراقبة تحركات القوات المعادية من الجنود والتشكيلات المدرعة في العمق، وخلف خطوط القتال، وتحديد الأهداف التي يتم إصابتها بنظم المدفعية الصاروخية.

    طائرة "جوينت ستارز" Joint Stars طائرة "بوينج ـ 707"، مجهزة بمعدات رادار واتصالات متطورة للقيام بمهام المراقبة الأرضية من الجو: "طائرات الأواكس تستخدم للعمليات الجوية فقط"، ويمكنها العمل إحدى عشرة ساعة متواصلة أو أكثر، بفضل إمكانية تزودها بالوقود في الجو. وتستطيع الطائرة رصد الأهداف البرية الصغيرة مثل؛ المركبات المدرعة، أو مواقع الرادار، وتحدد للقوات الصديقة أسلوب التعامل مع الأهداف المعادية.

    ويجمع رادار الطائرة المعلومات، ثم تحللها الحاسبات، وتحدد الأهداف على الشاشات المخصصة لها، لنقلها إلى القادة في الميدان عن طريق محطات أرضية متحركة لتستخدم هذه المعلومات في توجيه ضربات جوية أو برية في خلال دقائق من اكتشافها. وكذلك تنقل المعلومات من النظام إلى المدفعية الصاروخية.

    وقد استخدمت القوات الأمريكية في حرب الخليج الثانية، نظام JSTARS بالتعامل مع أحدث نظام صواريخ تكتيكية، وهو الصاروخ Army Tactical Missile System: ATACMS الذي يُطلق من قاذف النظام الصاروخي المتعدد MLRS نفسه، واستخدم، للمرة الأولى، لتجربته عملياً ضمن النُظُم المتعددة التي استخدمت لهذا الغرض.

    ب. نظام القيادة والسيطرة الأمريكي RADIC المحمول جواً

    نقل سلاح الجو الأمريكي نظم القيادة والسيطرة السريعة Rapidly Command and Control من نوع RADIC إلى المملكة العربية السعودية. ويستقبل هذا النظام المعلومات من الطائرات الحربية، وطائرات الإنذار المبكر، ثم تنقل هذه المعلومات إلى بطاريات الدفاع الجوي، ومواقع الرادار، والطائرات، والقوات البحرية، والقوات البرية.

    تستطيع الجهات التي تتعامل مع النظام إضافة أي معلومات إلى الشبكة، وكذلك حذف أية معلومات. وكل ذلك يتم في الوقت الحقيقيReal Time ، ويتألف نظام RADIC الذي نقل إلى الخليج من ثلاث شبكات، وكل شبكة وحدة تعمل بقدرتها الذاتية، ويمكن لأية وحدة مقاتلة لديها أجهزة لاسلكية تستخدم موجتيHF أو UHF، ولديها وحدة حل الشفرة الخاصة بالنظام، التعامل مع النظام، وأخذ ما تحتاج إليه من معلومات.

    ج. نظام القيادة والسيطرة الفرنسي ORCHICDEE المحمول جواً

    استخدمت القوات الفرنسية في حرب الخليج الثانية، أحدث نُظُم الكشف المحمولة جواً، الذي يطلق عليه اسم ORCHICDEE، وذلك لاختباره عملياً، للمرة الأولى، في ميدان القتال الحقيقي، ولمراقبة ميدان المعركة. ويتكون النظام من رادار محمول جواً من نوع AS-332، على الطائرات العمودية "سوبر بوما"، للمراقبة الأرضية، ومعدات اتصال ونقل معلومات لمراكز القيادة الأرضية أو للطائرات العمودية الصديقة في ميدان المعركة.

    يحقق النظام كشف تحركات القوات المعادية ومراقبتها، بعمق حتى 100 كم داخل أراضيها، إضافة إلى إمكانية استخدامه في أعمال القيادة والسيطرة على أعمال الطائرات العمودية المسلحة. ويعمل النظام على ارتفاع يتراوح بين 200 و4 آلاف متر. ويصل مدى كشف الرادار حتى 120 كم، ويمكن طي "ضم" الهوائي أسفل ذيل الطائرات أثناء عمليتي الإقلاع والهبوط، ويحقق الهوائي الكشف الدائري في جميع الاتجاهات. وقد بدأ تطوير هذا النظام في 1986، وتمت أعمال التجارب والاختبارات في 1990 في غربي أوروبا، تمهيداً لاستخدامه مع القوات المشتركة في حلف شمال الأطلسي.
    3. التطور في الأنظمة اللاسلكية

    أ. تقنية الطيف القفز الترددي

    تعدّ تقنية استخدام الطيف القفز الترددي F.H في الاتصالات، جديدة نسبياً، وهي لا تستخدم تردداً واحداً لبث الرسائل، بل عدة ترددات موزعة على نطاق ترددي واسع تنتقى عشوائياً، وتشمل تقنية "الطيف المنفلت" أنماط بث عدة أهمها: "البث القافز، والبث في فترات متغيرة بتردد متغير النغم يطلق عليه "النظام المنغم بالزقزقة" CHIRPING، والبث بمزيج من تلك الأنماط".

    لكن تقنية البث القافز باستخدام "الطيف القفز الترددي" هي الأكثر استخداماً وتتضمن بث التغيير عشوائياً من طريق شفرة خاصة، تتولد آلياً داخل جهاز البث، والمحطة المستقبلة في الوقت نفسه، وتتطلب تقنية البث القافز القدرة على التحكم في توقيت دقيق متزامن لعمل كل من أجهزة البث والاستقبال. وتتم في الواقع عمليات التوقيت الدقيق من خلال مقياس معياري يستخدمه المستخدم العسكري لقياس فعالية أجهزة التردد القافز وجودتها، وباستطاعة أي مرسل، أو مستقبل ضمن هذه الشبكة، أو الشبكات، أن يعمل، إما لمراقبة البث، أو مركزاً لتقوية البث، وهذه الميزة تجعل نظام الاتصالات فائق الفاعلية، وذو حظ أوفر في البقاء، فحين يدمر العدو أحد المراكز يتولى مركز آخر، آلياً، سد الفراغ، فيؤدي مهام المركز المدمر.

    ويتركز التطور المنتظر في هذا المجال في زيادة سرعة التغير للترددات القافزة، وبما أن عمال تشغيل أجهزة تشويش العدو يجهلون عادة حيز التردد القافز، وكيفية تتابع البث عند الخصم، تصبح حماية البث مؤمنة لدرجة كبيرة، ولكن ذلك، لن يتحقق إلا إذا كان معدل قفز التردد، أسرع من طاقة أجهزة استقبال معدات الإجراءات الإلكترونية المضادة الخاصة بمعدات الإعاقة Electronic Counter Measures: ECM التي لا تستطيع، آنذاك، تتبع الإشارة المرسلة في أثناء حركتها خلال مشع الطيف الترددي أو الزمني. لذلك، يلزم أن ينفلت البث على أوسع نطاق ترددي ممكن، بحيث تصبح الإعاقة عليه غير ذات جدوى؛ إذ من المعروف أن الإعاقة على البث المعادي أمر صعب، ولكنه غير مستحيل، ويعتمد في نجاحه على ثلاثة أمور أساسية: "بعد جهاز الإعاقة عن مركز البث، وعرض نطاق التردد المستخدم للبث الذي ينبغي الإعاقة عليه، وأخيراً، طاقة جهاز الإعاقة.

    بمجرد ارتياب العدو في أن الخصم يستخدم تقنيات بث منفلتة، فإنه يضطر إلى توزيع طاقة أجهزة الإعاقة لديه، لتشمل حيزات تردد أوسع من التي يعتقد أن الخصم يستخدمها في بثه "القافز"، لأن حيزات التردد المستخدمة في البث القافز تختارها أجهزة البث الحديثة آلياً، بشكل عشوائي، وهكذا تنخفض قدرة الإعاقة آلاف المرات فتفقد فعاليتها.

    ب. نظم ذات احتمالية التقاط منخفضة Low Probability Intercept

    وتعني أنها نظم ذات احتمالية تنصت منخفضة؛ إذ يمكن دعمها باستخدام تقنية التشفير Ciphering، وعلى أية حال، بات التشفير من الضروريات، لأنه لا يمكن لأية جهة أن تتنبأ بنوعية معدات الخصم وقدراته لشن الحرب الإلكترونية المضادة "الإعاقة الإلكترونية". ولذلك، فمن أجل أمن الاتصالات، يفترض، دائماً، أن لدى الخصم القدرة على تتبع إشارات البث، ومن ثم، يحرص مصممو معدات الإجراءات المعاكسة للحرب الإلكترونية المضادة ECCM، على أن يكون عدد قفزات البث فيها أكبر، ولو بقفزة واحدة One hop، عن أفضل معدات الإجراءات الإلكترونية المضادة ECM، أو معدات الدعم الإلكتروني التنصت/ الاستطلاع الإلكتروني ESM المحتمل، وجودها لدى الخصم، لحرمانه من الإعاقة والتنصت عليها. وتجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أن معدل الترددات القافزة تحدده سرعة أداء جهاز التردد المعياري Synthesizer، الذي يولد حيزات التردد في جهاز البث، إضافة إلى طريقة تصميم جهاز التناغم في الهوائي.

    ج. نظم الاتصال من طريق ظاهرة الشهب Meteor Burst Communication

    يقدر عدد الشهب، الصغيرة والكبيرة التي تدخل جو الأرض، يومياً، بما يتراوح بين 1.5 و2 بليون وحدة، وهي حين تحترق توفر "ممراً طويلاً" من الغازات المتأينة، تمتد على مسافات تتراوح بين 10 و15 ميلاً، وتبقى مكثفة لفترة عدة مئات من الجزء من الألف من الثانية، وباستطاعة هذه الممرات عكس البث اللاسلكي، تماماً كالمرآة على مساحة في حدود 20 ميلاً طولاً، و5 أميال عرضاً. وقد أكدت الأبحاث أن الحد الأقصى لاستمرار بعض هذه "الممرات" المتأينة لا تتعدّى 20 ثانية، قبل أن يتلاشى وتتوقف فترة بقاء "الممر" متأيناً بشكل مركز بعد احتراق الشهب على المناخ وحالة الطقس والمنطقة التي تستخدم فيها نُظُم الاتصال الطيفي من طريق الشهب.

    أما كيفية الاتصال نفسها، فبسيطة؛ إذ تبث إحدى محطات البث VHF إشارات اختيارية على زاوية معينة بين الأفق والسمت Zenith، في اتجاه المناطق الصديقة، وتحدد الزاوية المختارة المسافة التي على الإشارة قطعها قبل التلاشي، وهنا، يُعَدّ جو منطقة الغازات المتأينة مرآة تنعكس عليها الإشارات وتلتقط مراكز الالتقاط في منطقة الاستقبال الإشارات الواردة، وقد دلّت التجارب على أنه يمكن تسجيل ما بين 70 و100 كلمة في الدقيقة باستخدام خصائص "الممر المتأين" المعروف، علمياً، باسم "بصمة القدم" Foot Print.

    أما الاعتراض الوحيد على استخدام طريقة البث باستخدام "الممر المتأين أي من طريق الشهب، فهو أن دخول هذه الأخيرة إلى الغلاف الجوي، ومن ثم الاحتراق وتوليد "الممر المتأين"، قد لا يحدث حين تدعو الحاجة الملحة إليه، وعلى الرغم من أن فترة الانتظار القصوى لحدوث التأين في الجو لا تتعدى العشرين ثانية، على الأكثر، فإن هذه الفترة، على قصرها، لا تناسب المتطلبات العسكرية، ولكن إذا آل الحال إلى توقف شبه كامل لشبكة الاتصالات من جراء الإجراءات الإلكترونية المضادة ECM، فحتى لو بلغت فترة الانتظار دقيقة كاملة عند الاتصال من طريق "الظاهرة الشهبية" فهذا أفضل للتأكد من وصول الرسائل الحيوية من الوحدات المقاتلة في الخطوط الأمامية وإليها. وهكذا يتوقع أن يصبح لنظام الاتصال من طريـق "الظاهرة الشهبية" الداعم الرئيسي في نظام اتصالات فاعل قد لا يتأثر بالإجراءات الإلكترونية المضادة: التنصت، والإعاقة الإلكترونية ECM.

    إلا أن بعض الجيوش المتقدمة تستخدم بالفعل شبكات اتصالات ميدانية متعددة أساليب البث والاستقبال؛ إذ تستخدم فيها معدات تقاوم الإعاقة، كما تستخدم الموجات المنمنمة "المتناهية في الصغر"، والألياف البصرية "الضوئية"، ووصلات المعلومات المتقدمة.

    وبما أن هذه الشبكات ليست ملائمة لحرب تمتد على مساحات واسعة، ونظراً إلى المشكلات المعقدة المتصلة بمعدات الاتصال من طريق "الظاهرة الشهبية"، فقد يدفع ذلك مستخدمي هذه الشبكات إلى الاعتماد، مرة أخرى، على معدات الاتصالات VHF وHF التقليدية.

    د. دور "الظاهرة الشهبية" في تأمين الاتصالات

    أما فيما يتعلق بمقاومة الإعاقة وخفض احتمالات الاعتراض "التنصت"، فاستخدام "الظاهرة الشهبية" للاتصالات يوفر فرص نجاح لم يسبق لها مثيل في هذا المجال؛ إذ إن تعدد قنوات الاتصال واستحالة تحديد مكان تولد "الممر المتأين" يجعلان احتمالات النجاح في الإعاقة على البث ضعيفة للغاية، ولكن البث من طريق "الظاهرة الشهبية" يتطلب إنشاء شبكة متخصصة، ومكثفة العدد من حيث معدات البث والاستقبال لمراقبة الجو، تكون على اتصال دائم، بمختلف مراكزها من طريق وصلات المعلومات، أو الكابلات، أو الاتصال اللاسلكي، وذلك نظراً إلى تعدد قنوات البث، واستحالة توقع مكان حدوث "الممر المتأين" في مناطق واسعة من الجو. وقد أصبحت مثل هذه الشبكات جزءاً لا يتجزأ من نُظُم الاتصالات الشاملة في الجيوش الحديثة.

    وفي حال اكتشاف منطقة "ممر متأين" ضمن نطاق عمل الشبكة، ترسل المعلومات "البيانات" التي تحدد مكانه في الجو إلى كافة محطات الإرسال التي تكون في حاجة إليه، كما تخطر محطات الاستقبال المعنية بذلك، وبما أن مقاومة الإعاقة، مضمونة من بداية البث حتى الاستقبال ضمن الشبكات البعيدة عن الجبهة، يصبح من الممكن الإعاقة على البث وحتى اعتراضه داخل الشبكة، إذا كانت قريبة من مسرح القتال. ولذلك، يستخدم البث من طريق "الظاهرة الشهبية" في المناطق الخلفية؛ إذ يصل بشكل آمن إلى مراكز الاستقبال. وتستخدم شبكات الاتصال هذه بنجاح ومن دون إشكالات رئيسية حتى مسافات تصل إلى 25 ميلاً بين مراكز البث والاستقبال وهو متوسط طول "الممر المتأين" أو بصمة القدم.
    هـ. تطور الاتصالات في حيز التردد العالي

    على الرغم من عيوب الاتصالات بالموجات القصيرة، فإنها لا تزال أكثرها مرونة، وأقلها تكلفة، لتحقيق اتصالات، قصيرة، ومتوسطة، وبعيدة المدى. ومعظم أنواع الأجهزة اللاسلكية في حيز الموجات القصيرة لا تقاوم الإعاقة، وصعبة الاستعمال، وذات معدل إرسال مدلولات بطيء.

    وخلال عقد الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي، أحرز تقدم ملموس لتحسين الاتصالات بالموجات القصيرة بالتغلب على العيوب المذكورة، ومن بين التعديلات التي نفذت استخدام الإشارات الرقمية، والقفز الترددي، إضافة إلى استخدام وحدات تعديل، وكشف Modems، والتحكم بالمشغل الدقيق Microprocessor Control، إنشاء محور اتصال لاسلكي تردد عالي:



    (1) إقامة اتجاه لاسلكي أوتوماتيكياً Automatic Link Establishment. ففي الماضي كان إنشاء مواصلة لاسلكية في حيز التردد العالي يتطلب مهارة عالية للمستخدم، وكذلك استخدام منحنيات "جداول" انتشار الموجات، للوصول إلى أفضل تردد لتحقيق مواصلة لاسلكية في توقيت معين، وتتيح خاصية إقامة المواصلة اللاسلكية في هذا الحيز من الترددات؛ لأنها تختار، تلقائياً، أفضل تردد، وتحدد مدى مناسبة قناة الاتصال، وتنشئ المواصلة تبعاً لذلك.

    (2) تحليل جودة الاتصال Link Quality Analyses LQA، بصفة مستمرة، بإرسال إشارات اختبار، وقياس جودة الاتصال، ويحول، أوتوماتيكياً، الاتصال إلى القناة الأفضل، عند ضعف قناة الاتصال.

    و. تطور الاتصالات في حيز التردد العالي جداً

    انتشر استخدام أجهزة التردد العالي جداً ذات القفز الترددي، واستُخدم بعضها، مؤخراً، في حرب الخليج الثانية، وبعض هذه الأجهزة تستخدم جزء أمن الحيز الترددي المتيسر للجهاز في القفز داخل الحيز الترددي المخصص للجهاز بأكمله، ومعظم الأجهزة مجهزة بإمكانية تشفير المعلومات، سواء باستخدام وحدة إضافية Add-on Code، أو وحدات داخلية Built- in، وأسرع هذه الأجهزة في معدل القفز يصل، تقريباً، إلى ألفي قفزة كل ثانية، وعلى الرغم من بعض المشكلات في تخصيص الترددات للشبكات والاتجاهات، ومواجهة الإعاقة على حيز عريض، والإعاقة بتتبع الإشارة Jamming Follower، فقد أظهرت أجهزة القفز الترددي نجاحاً كبيراً في ظروف المعركة الحديثة.

    وبظهور التقنيات الرقمية الجديدة، فإن الأجيال الجديدة من أجهزة القفز الترددي، تتيح مزايا إضافية، مثل مرونة التشغيل، وارتفاع درجة الكفاءة، وارتفاع معدل المدلولات "البيانات"، وسرعة معالجة الإشارات الرقمية، وفي بعض الأجهزة الحديثة تتيح إمكانية إعطاء الأولوية لمكالمات واتصالات القادة.

    ز. التطور في أجهزة الاتصالات اللاسلكية

    إن أهم ملامح أجيال أجهزة الاتصالات اللاسلكية الحديثة، والمقبلة، هو زيادة نسبة استخدام المكونات التي تتعامل مع الإشارات الرقمية "مكونات رقمية" على حساب المكونات التماثلية المستخدمة في بناء هذه الأجهزة. ومن المتوقع الوصول إلى بناء الجهاز الرقمي الكامل، كما ينتظر أن يسفر هذا التطور في تكنولوجيا تصميم الأجهزة اللاسلكية عن طفرة كبيرة في الاتصالات اللاسلكية يمكن أن تقارن بالطفرة التي حدثت في مجال المعلومات، والحاسبات، التي واكبت الانتقال من الحاسبات التماثلية Analog Computers إلى الحاسبات الرقمية Digital Computers.

    وضعت نظرية الاتصالات الرقمية 1948، عندما توصل علماء الاتصالات إلى أنه يمكن التعبير عن الإشارات التماثلية "المستمرة في الزمن، وقيمة الإشارة" بوساطة إشارات محددة في الزمن، والقيمة، وإمكان استرجاع المعلومات التماثلية منها. وأهم مميزات الاتصالات الرقمية ما يلي:

    (1) إمكانية تكويد الإشارات، مما سهل عملية تصحيح الأخطاء الحادثة بسبب الشوشرة في قنوات الاتصال.

    (2) إمكانية التشفير الرقمي، وما يوفره من مستوى سرية مرتفع، بالمقارنة بالتشفير التناظري.

    (3) إمكانية أفضل في استرجاع الإشارات.

    (4) إمكانية أفضل في تمييز الأصوات.

    (5) سهولة بناء أنظمة اتصالات مقاومة للإعاقة، مثل الطيف المنتشر "الموسَّع" Spread Spectrum.

    (6) سهولة تداول الإشارات؛ إذ إن سيل المدلولات الرقمية، يمكن أن يتقابل مباشرة وبسهولة مع العديد من الشبكات وقنوات الترنك، وتبديل الحزم Packet Switching باستخدام أساليب تخزين المعلومات وتدفقها.

    وللحصول على أكبر فائدة ممكنة من الاتصالات الرقمية، يجب تصميم، باقي أجزاء أجهزة الاتصالات، لتناسب التعامل مع الإشارات الرقمية مثل:

    (1) مخلقات الترددات الرقمية.

    (2) المعدلات الرقمية.

    (3) المرشحات الرقمية.

    (4) دوائر التوليف، والاختيارية سريعة الاستجابة.

    ح. تقويم التقنيات الجديدة

    يتضح مما تقدم، أن هذه التقنيات الجديدة أتاحت مقاومة الإعاقة، وخفضت من احتمالات الاعتراض، ولم يكن ذلك متيسراً من قبل، إلا أن لهذه التقنيات عيباً أساسياً، وهو أن شبكات الاتصالات التي تستخدمها لاستطاع بعضها الاتصال ببعض، إلا من خلال جهاز خاص لتحقيق هذا الاتصال.

    ومن المعلوم أنه تم تطوير مجموعة من نُظُم الاتصالات العاملة بالتردد القافز على نطاقات ترددات منفلتة، ولكنها مختلفة الأنماط ولا يمكن أن تتصل ببعضها؛ إذ إن معدل التردد القافز يتغير من شبكة إلى أخرى، كما أن زمن التردد ونمطه مختلفان.

    وعلى أية حال، يتوقع أن تبرز مشكلات معقدة للاتصالات بين الحلفاء، وحتى بين مختلف أقسام القوات المسلحة في البلد الواحد، فسلاح الجو الأمريكي، مثلاً، يستخدم نظام بث المعلومات التكتيكي المشترك JTIDS، بينما تستخدم البحرية النظام الوطني لبث المعلومات التكتيكية NTDS، وكلاهما غير متلائم للعمل مباشرة مع الآخر، ولوصلهما ينبغي تأمين معدات بينية معقدة. ويعتقد أن أمر الاتصالات سيتعقد أكثر فأكثر، حين يعم استخدام نُظُم الاتصالات التي تعمل على حيزات التردد القافز في كافة فروع القوات المسلحة الأمريكية. وقد يضطر هذا التعقيد مستخدمي، أكثر نُظُم الاتصالات تقدماً، إلى ضرورة العودة إلى أسلوب التردد الثابت التقليدي تعديل التردد Frequency Modulation: FM، تعديل السعة Amplitude Modulation: AM، إذا ما اضطروا إلى استخدام معدات قديمة عن تلك المعتمدة في العتاد المتقدم.

    ويتوقع المختصون أن يبلغ الارتباك ذروته في كيفية استخدام موجات الأثير بشكل أساسي في العِقد المقبل؛ إذ إن هذا الارتباك، في حد ذاته، في رأى الخبراء، يمثل الإجراء المعاكس الأفضل من بين الإجراءات الإلكترونية المضادة لمقاومة الإعاقة، والتنصت اللاسلكي.

    ط. تطبيقات استخدام التقنيات الجديدة ومجالاته

    بينما تقدمت الأبحاث في عدة مجالات، تم ذكر بعضها، فإن التقنيات الجديدة، والأساليب الحديثة يتم تطبيقها فعلاً، في بعض أجيال أجهزة الاتصالات الحديثة، ومن أكثر الأنظمة طموحاً، الجهاز اللاسلكي المزمع إنتاجه للقوات المسلحة الخاصة الأمريكية، والذي يطلق عليه اسم Joint Advanced Special Operation Radio-System: JASORS ، وينتظر أن تفجر الأفكار التي ستنفذ في هذا الجهاز ثورة في أجهزة الاتصالات التكتيكية على جميع المستويات مستقبلاً. ومنها الجهاز الأمريكي المنتج حديثاً وبياناته كالآتي:

    (1) أحد أجهزة الاتصال الحديثة التي يستخدم فيها تقنيات وأساليب حديثة، تؤمن الاتصال. وعلى الرغم من السرية المفروضة، حول برنامج إنتاج هذا الجهاز، فإن المعلومات المتسربة عنه تكشف النقاب عن الملامح الرئيسية لهذا المشروع.

    (2) فقد وقع عقد بمبلغ 48 مليون دولار، بين الجيش الأمريكي، وإحدى الشركات لتمويل مرحلة الأبحاث في أكتوبر 1990، ويعتقد أنه قد تمت اختبارات الجيش الأمريكي على الجهاز في 1995، أما المواصفات الرئيسية للجهاز فهي:

    (أ) الحيز الترددي: تردد عالٍ ـ عالٍ جداً ـ تردد فوق العالي.

    (ب) أنواع العمل: هاتف ـ مدلولات رقمية ـ نقل الصور المتحركة "فيديو".

    (ج) أنواع التعديل: تعديل سعة في حيز الترددات فوق العالية ـ تعديل تردد في حيز الترددات العالية جداً.

    (د) تعديل سعة حيز جانبي مفرد في حيز الترددات العالية.

    (هـ) سهولة الإصلاح؛ إذ إن الجهاز مكون من وحدات يسهل استبدالها.

    (و) ينتج الجهاز في عدة أشكال منها الخفيف الذي يمكن حمله باليد 18كجم، والمحمول في المركبات 48 كجم، إضافة إلى المحطات الثابتة، ويمكن تزويد الجهاز بوحدات مدلولات "بيانات"، ووحدة تشفير داخلية.

    (ز) يمكن الإرسال على ومضات سريعة High Speed Burst، تزيد من صعوبة التقاطها.

    (ح) ينتظر أن تتوافر بالجهاز أساليب لمعالجة الإشارات الرقمية.

    (ط) الجهاز مزود بوحدة اتصال بالأقمار الصناعية SATCOM، ويمكنه إرسال صور ملتقطة من طريق آلة تصوير تليفزيونية.

    المبحث الخامس
    نظم السيطرة الرادارية والكهروبصرية ووسائلها وتطورها


    أولاً: النظم الحرارية لأسلحة القتال الحديثة

    نظراً للتقدم العلمي الكبير الذي حدث في أنظمة الاستطلاع، والإعاقة الرادارية، وكذلك في أنظمة الإخفاء، والتمويه الراداري للأهداف، والأغراض، الأمر الذي ساعد كثيراً على تقليل فاعلية أنظمة الكشف، والتوجيه، والتنشين الراداري ضد هذه الأهداف، سواء الأنظمة الأرضية منها، أو المحمولة بحراً، أو جواً. لهذا، فقد نشطت، في السنوات الأخيرة، مراكز البحوث العلمية، لدراسة استخدام المستشعرات الضوئية، والحرارية، لاكتشاف الأهداف وتمييزها، مع تطوير أساليب المعالجة الرقمية للصور آليا Digital Image Processing حتى أمكن إنتاج أنظمة متكاملة تشمل وسائل الالتقاط، والتتبع، والتوجيه.

    1. تكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء

    أدت الصدفة دوراً كبيراً في إحداث طفرة هائلة في أبحاث الأشعة تحت الحمراء وتطبيقاتها نتيجة خطأ في تقويم الألمان للموقف في الحرب العالمية الثانية، وذلك عندما زادت خسائرهم في الغواصات خلال معارك الأطلسي نتيجة لتغيير حيز تردد الكشف الراداري بوساطة الحلفاء في الوقت الذي لم يفطن الألمان فيه لهذا السبب. وهنا، انشغلت المخابرات الألمانية في تقويم الموقف والبحث عن السبب، وكانت النتيجة النهائية لهذا التقويم، أن قوات الحلفاء تستخدم أجهزة بحث تعمل بالأشعة تحت الحمراء، لاصطياد الغواصات. وكان هذا التقويم الخاطئ للموقف سبباً في هزيمة ساحقة، وفي مزيد من الخسائر في الغواصات، ولكنه كان في الوقت نفسه دفعة قوية في مجال التطبيقات العسكرية للأشعة تحت الحمراء، فيما بعد؛ إذ شهدت المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية قفزة هائلة في استخدام الألمان للأشعة تحت الحمراء، ومع التطبيق ظهرت الثغرات متمثلة في إجراءات مضادة تقابلها إجراءات أخرى في سلسلة طويلة من الفعل ورد الفعل.

    أ. الأشعة تحت الحمراء جزء من الطيف الكهرومغناطيسي



    يمكن القول بأن القاعدة الرئيسية الأولية لهذا النظام هي أن الأجسام ذات درجات الحرارة الأعلى من الصفر المطلق (– 273.15ْم) تُعدّ مصدراً للطاقة في حيز الأشعة تحت الحمراء. ومن ثم فإن الأهداف العسكرية تُعد من الأهداف الجيدة من وجهة نظر الأشعة تحت الحمراء.
    وعموماً، فإن الأشعة تحت الحمراء هي منطقة من الطيف الكهرومغناطيسي تبدأ من الحدود السفلى للون الأحمر، حتى حدود الترددات الخاصة بالميكروويف في حيز الموجات تحت الملليمترية. وهكذا، تحتل الأشعة تحت الحمراء حيز طيف يتراوح بين 0.8 و100 ميكرون، تقريباً، التي يمكن تقسيمها إلى: الأشعة تحت الحمراء القريبة، والأشعة المتوسطة، والأشعة البعيدة، والأشعة فائقة البعد.

    ب. النوافذ الجوية/ الفضائية

    عند انتشار الأشعة تحت الحمراء في الغلاف الجوي، تتعرض للامتصاص، وإلى التشتت؛ بسبب وجود جزئيات من بخار الماء، والأكسجين، والأوزون، وثاني أكسيد الكربون، وينتج عن امتصاص الأشعة تحت الحمراء وجود مناطق في الطيف ذات نفاذية خاصة للأشعة، ومناطق أخرى معتمة تماماً. ويطلق على المناطق التي لا يتم فيها الامتصاص تماماً اسم "النوافذ الفضائية" Space Windows، ومن هنا، قد تنشأ بعض الاختلافات في تقسيم الموجات للأشعة تحت الحمراء.

    ج. الذاكرة الحرارية

    تتميز الأشعة تحت الحمراء بخاصية فريدة تصاحبها، وهو ما يطلق عليه اسم "التذكر" Memorization، فطالما أن درجة الحرارة تعتمد على عامل الزمن، أثناء تناقصها بالإشعاع من الجسم إلى الوسط، فإن هذه الظاهرة يمكن الاستفادة منها، أي أن كل جسم على الأرض، يحقق ارتفاعاً معيناً في حرارة المكان الذي يوجد فيه، وتنخفض هذه الحرارة بعد ترك الجسم لهذا المكان، وتختلف درجة الحرارة طبقا لتغير الوقت في هذا المكان.

    د. الأشعة تحت الحمراء، واستخداماتها في العمليات الليلية



    أتاحت الأشعة تحت الحمراء الرؤية في الظلام، الأمر الذي يجعل حروب اليوم والمستقبل مختلفة تماماً عن الماضي، مما يجعل المعارك الليلية امتداداً للمعارك النهارية. وهكذا تمتد المعارك طوال 24 ساعة يوميا، ونستطيع استقراء مدلولات مهمة من ذلك، منها ما يلي:

    (1) إذا كانت هناك مجموعة من الطائرات تربض على أرض ممر في أحد المطارات، فإن ظلال هذه الطائرات على الممر تؤدي إلى اختلاف في درجة حرارة مكان الظلال عن المنطقة المحيطة، فإذا فرض وأقلعت الطائرات، فإن حرارة مكان الطائرة تكون مختلفة عن باقي أرض الممر. فإذا تم التصوير الحراري بعد فترة فإنه يمكن تمييز مكان الطائرات.

    (2) وهكذا فإن الكواشف الحرارية الحساسة، والحاسبات الآلية، يمكن أن تضيف فائدة خطيرة لتصوير حدث بعد وقوعه.

    هـ. البصمة الحرارية

    يكشف التطور التكنولوجي عن حقائق مذهلة، فإذا كان لكل إنسان بصمة تختلف عن الآخرين لبلايين البشر، فإن البصمة قد تعددت مجالاتها بالمفهوم نفسه، وهو الحصول على طريقة للتمييز بين المكونات بدقة عالية، فهناك البصمة الصوتية، والرادارية، واللاسلكية، بل وبصمة الأسنان، وعديد من البصمات التي منها البصمة الحرارية التي تتخذ وسيلة للتمييز بين المصادر الإشعاعية؛ إذ يمكن الوصول إليها عن طريق التحليل الطيفي للمكونات الإشعاعية.

    ملامح البصمة الحرارية للأهداف المختلفة

    تشع الأرض والمنشآت الأشعة تحت الحمراء. ولما كانت درجة الحرارة ليست مرتفعة، فإن الإشعاع يقع في الحيز البعيد للأشعة تحت الحمراء. ونظراً إلى توافر غاز ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء بنسبة عالية، فإن النوافذ الجوية تؤثر في تحديد البصمة الحرارية للأهداف الأرضية التي تتحدد في الحيز الذي يتراوح بين 3 و5 ميكرونات للأجسام الملتهبة، والحيز الذي يتراوح بين 8 و14 ميكروناً للأجسام العادية. ولذلك، فإن الكواشف الحرارية التي تستخدم في أجهزة الرؤية الليلية، أو البواحث عن الحرارة التي تصاحب الصواريخ الموجهة، لا بد أن يتوافق حيز إمرارها مع حيز البصمة الحرارية للأهداف الأرضية.
    ويمكن استخدام الأشعة تحت الحمراء في متابعة تحركات الأهداف الأرضية، كما أمكن استخدامها للحصول على صور للطائرات، والدبابات، والموانئ، والكباري بدقة بالغة. وهكذا، فإن الدراسة الواعية للبصمات الحرارية للأهداف المختلفة توفر التعامل المؤثر معها وتوفر أيضاً الإجراءات المضادة المناسبة.

    و. عمل الأجهزة بالأشعة تحت الحمراء

    يمكن تمييز طريقتين أساسيتين لعمل الأجهزة بالأشعة تحت الحمراء هما الطريقة السلبية والطريقة الإيجابية:

    (1) في الطريقة الإيجابية: يستخدم باعث يضيء الهدف، فترتد الأشعة من الهدف إلى نظام استشعار حراري. وفي هذا عيب؛ إذ يمكن كشف مصدر الإشعاع، وبالتالي تدميره.

    (2) أما الطريقة السلبية: فتعتمد، أساساً، على الإشعاع الذاتي للأهداف، ويمثل الغلاف الجوي وسط الانتشار. ويتم تجميع الأشعة وتركيزها على أنظمة كشف، ثم يمكن الحصول على صورة للهدف.

    2. تكنولوجيا التصوير الحراري

    يعرف التصوير الحراري، بأنه تكنولوجيا المشاهدة الأمامية بالأشعة تحت الحمراء Forward Looking Infrared: FLIR. وقد انبثق من تكنولوجيا الاستطلاع بوساطة المسح الخطي Linear Scan باستخدام الأشعة تحت الحمراء.
    ومن المتطلبات الحربية الأساسية القدرة على الرؤية في الظلام بأجهزة سلبية لا تكشف عن وجودها، وأن الغرض النهائي، دائماً، هو إنجاز المهمة بنظام سلبي. وقد وفرت تكنولوجيا المسح الخطي وسيلة تصوير حرارية تمكن من الرؤية المباشرة في حالة الإظلام التام، بصورة مرئية تماماً، يمكن مقارنتها بالصور المرئية في التليفزيون.
    وجهاز التصوير الحراري جهاز سلبي لا تنبعث منه أية إشعاعات ولكنه يستقبل الإشعاع الحراري الذاتي الصادر عن الأهداف، كما يمكنه اكتشاف بعض الأهداف المدفونة تحت سطح الأرض، أو بين الأشجار، أو داخل المباني والمنشآت؛ إذ يصعب خداعه بأساليب الخداع والإخفاء والتمويه التقليدية.

    أ. هندسة الكواشف الحرارية

    تؤدي الكواشف الحرارية دوراً مهماً في الأنظمة الحرارية، بل إن مدى التقدم فيها يُعد من الأسرار التي لا يمكن تداولها بسهولة. وتأخذ في درجات السرية "سرى للغاية"، فالكاشف الحراري هو "العين الإلكترونية" التي تقهر الظلام، ومن المطلوب أن يتوافق حيز الكشف الحراري مع حيز الهدف المطلوب كشفه، فالعين البشرية تكون حساسة للضوء المرئي في حيز يتراوح بين 0.4 و0.76 ميكرون، وتكون عمياء تماما بالنسبة للأشعة تحت الحمراء.
    والمطلوب في الكاشف الحراري أن يكون، كذلك، على درجة عالية من الحساسية، بحيث يميز الفروق الطفيفة في الطاقة الحرارية.

    ب. أنظمة الكشف الحراري

    من الحقائق المعلومة أن جميع الأجسام يصدر عنها إشعاعات حرارية يمكن اكتشافها، وتصويرها بالمستشعرات الحرارية، مما يعطي صورة حرارية للجسم، بصرف النظر عن ظروف الإضاءة، والطقس. ومن الصعب تجنب الاستطلاع الحراري، لذلك فإن كثيرا من الأهداف العسكرية، تُعد من الأهداف الجيدة، من وجهة نظر الأشعة تحت الحمراء، هذا مع إمكانية التمييز بين هذه الأهداف عن طريق البصمة الحرارية لها. وقد أدى استخدام خواص الإشعاع الذاتي الحراري للأجسام إلى إنتاج العديد من معدات الرؤية الليلية، والاستشعار الحراري؛ إذ تجمع أجهزة الكشف، والتصوير الحراري؛ سواء الأرضية، أو المحمولة الأشعة الحرارية الصادرة من الأجسام، وتحولها إلى صور على شريط.

    وتوجد أنظمة عديدة للتصوير الحراري منها الآتي:

    (1) نظام الرؤية الأمامي بالأشعة تحت الحمراء المحمولة جواً Forward Looking Infrared: FLIR، وهو نظام يمكن استخدامه بطائرات القتال، والهليكوبتر، والطائرات الموجهة من دون طيار.

    (2) نظام المسح الخطي الحراري Infrared Line Scanner: IRLS؛ إذ يبني صورة عن الهدف من خلال عملية مسح المنطقة، ويوجد هذا النظام بطائرات الاستطلاع، وبأقمار التجسس، ومراكز الاستطلاع والمراقبة الأرضية، ويحمّل على بعض القطع البحرية.
    وبشكل عام، فإن مدى الكشف، ومجال الرؤية لنظم الكشف والتصوير الحراري محدودان في اتجاه مصدر الإشعاع.

    ج. أنظمة التوجيه الحراري

    تتميز نظم التوجيه الحراري بخاصية "اطلق وانْسَ" Fire And Forget مع إمكانية الاستخدام في مختلف الظروف، خاصة الظلام الحالك، بالمقارنة بنظم التوجيه البصرية. ولاستخدام هذه النظم الحرارية في توجيه الصواريخ، يلزم توافر معلومات ابتدائية عن الأهداف "مسافة ـ اتجاه"، وتعدّ هذه المعلومات باستخدام رادارات القصف والتنشين المحمولة جواً، أو باستخدام رادارات التوجيه الأرضية/ البحرية، وبالتالي فإن معظم نظم التوجيه الحرارية توجد في رؤوس الصواريخ، وتستخدم في المرحلة النهائية للتوجيه.

    تندرج أنظمة التوجيه الحراري للصواريخ تحت قسمين رئيسيين:

    (1) التوجيه الحراري بدون صور Non Image IR.

    (2) التوجيه الحراري ببناء الصور Image IR- IIR.

    يستخدم التوجيه الحراري التقليدي في رؤوس الصواريخ، نظراً لوجود تباين حراري كبير بين الهدف، والخلفية المحيطة به، وفي هذا النوع من التوجيه يقبض على الهدف في اتجاه الإشعاع الحراري الكبير الصادر عن الأهداف باستخدام تليسكوب صغير مصمم لتجميع، الطاقة الحرارية اللازمة لدقة عمل المستشعر الحراري المركب في رأس الصاروخ، وتركيزها.
    يُعد التوجيه الحراري ببناء الصورIIR، هو أكثر تكنولوجيا الاستشعار الحراري تعقيداً، ويستخدم عندما يكون التباين الحراري بين الأهداف الخلفية المحيطة بها، صغير نسبياً، مثال ذلك الأهداف الأرضية. وهذا النوع من التوجيه، آلة تصوير تليفزيونية حرارية، موجودة بالرأس الباحثة للصاروخ، تبني صورة حرارية متكاملة للهدف، وباستخدام تكنولوجيات المعالجة الرقمية للصور صار الحصول على صور حرارية تفصيلية عن الهدف ممكناً.

    د. الصواريخ الحرارية

    استخدمت الصواريخ ذات التوجيه بالاستشعار الحراري الباحثة عن الحرارة، منذ ستينيات القرن العشرين الميلادي، حينما فاجأ الثوار الفيتناميون الطائرات الأمريكية، بالصاروخ السوفيتي الذي يطلق من الكتف سام-7، والذي عرف باسم "استريلا"، مما تسبب في خسائر واضحة في القوات الجوية الأمريكية تم تداركها فيما بعد.

    ومن هذا الجيل، ظهر الصاروخ الأمريكي "العين الحمراء" Red Eye، ثم تبعه جيل شابرال Shapral، وسام-7 المعدل، وسام-9. وظهرت كذلك، الصواريخ الحرارية المضادة للدبابات تاو Tow، وهوت Hot وهكذا، ظهر تهديد جديد للأنظمة والمعدات يستخدم الأشعة تحت الحمراء في اصطياد أهدافه.

    والأساس في الصواريخ الحرارية هو الرأس الباحثة Head Seeker التي تتكون، أساساً، من ثلاث مجموعات، هي:

    (1) مجموعة البصريات: وتمسح، الإشعاع الحراري الصادر من الهدف، وتجمعه وتركّزه.

    (2) السبيكة: ومهمتها تقسيم هذا الإشعاع المستمر، ميكانيكياً، لتحويله إلى نبضات مشفرة، تنقل إلى الجزء الحساس.

    (3) الكاشف بالأشعة تحت الحمراء Infrared Detector: ومهمته تحويل هذه النبضات إلى أوامر توجيه للصاروخ، ليتتبع الهدف.

    ولا بدّ من تحقيق التوافق بين حيز الكواشف الحرارية، مع البصمة الحرارية للهدف المعادي سواء كان طائرة، أم دبابة، وعندما تزداد حساسية الكواشف الحرارية، فإن ذلك يساعد على التعامل مع الطائرة من جميع الاتجاهات؛ سواء أثناء اقترابها، أو ابتعادها، أو من الجوانب، مما يتيح التعامل مع الهدف من جميع الاتجاهات، وهذه الميزة افتقدتها الأجيال الأولى من صواريخ سام –7، ثم أمكن تداركها، فيما بعد، في الأجيال المتعاقبة: سام -7 المعدل، وسام -9، وسام -13.

    وظهرت أهمية وجود أنظمة للتعارف Identification Friendly or Foe: IFF حتى يمكن التأكد من هوية الهدف، درءاً للأخطاء، وتجنباً لإصابة الأهداف الصديقة. وتركب أجهزة التعارف على القاذف، كما في الصاروخ الأمريكي ستنجر الذي يمتاز، كذلك، بحساسية فائقة علاوة على ميزة المستشعر الثنائي Dual Sensor؛ إذ يمكن تمييز جزء من الإشعاع واستقباله في حيز الأشعة فوق البنفسجية التي تصاحب الطائرات المعادية، ومن هنا يتأكد من الهدف الحقيقي المعادي، فيصعب بذلك خداع الصاروخ، مما يزيد الصاروخ ذكاء.

    هـ. الصواريخ الذكية

    تتميز الصواريخ الحرارية الحديثة المستخدمة ضد الطائرات، أو المستخدمة ضد الدبابات، بتزويدها برأس باحثة Head Seeker ذكية Smart، كما في الصاروخ الأمريكي "ستنجر" Stinger Post؛ إذ ينفذ الاستشعار في حيز الأشعة تحت الحمراء، وحيز الأشعة فوق البنفسجية، الأمر الذي يصعب معه الخداع التقليدي.

    كما تتزود الصواريخ، كذلك، بمشغلات دقيقة، وذاكرة تفرق بين سرعة الهدف الحقيقي، والهدف الهيكلي، وكذلك بين كمية الإشعاع المفروض وصولها من الهدف الحقيقي إلى المستشعر على مسافات مختلفة. فإذا فرض أن الهدف الهيكلي كان ذا إشعاع أكبر من الهدف الحقيقي، فيتجنبه الصاروخ المتألق BRILLIANT، ويتجه نحو الهدف الحقيقي، ويظهر ذلك في المشروع الأمريكي Assault Breaker؛ إذ يحمل الصاروخ الرئيسي عدة حمولات فرعية إلى منطقة تجمع مدرعات معادية؛ إذ تنطلق كل حمولة فرعية إلى دبابة فتدمرها. فإذا تم تدمير دبابة زاد مستوى الإشعاع الحراري الصادر منها، عما هو مخزن في ذاكرة الحمولة الفرعية الأخرى، فلا تتجه إليها، بل تنتقي دبابة لم تتم إصابتها من قبل.

    و. الأنظمة الحرارية الملاحية

    إن الاتجاه الحديث، هو إنتاج أنظمة متكاملة تفي بجميع مهام الملاحة الجوية في مختلف الظروف الجوية، الليلية، والنهارية، وعلى جميع الارتفاعات، لتحقيق أداء ملاحي متقدم. وقد استغلت التطورات التي حدثت في النظم الحرارية في أعمال الملاحة الجوية، لإعطاء صور حرارية عن الأرض محل الطيران في مختلف الظروف الجوية مع عرض هذه الصور على شاشة عرض علوية أمام الطيار.

    والتطور المنتظر، هو تجهيز جميع طائرات القتال، وطائرات الهليكوبتر، والطائرات الموجهة من دون طيار، بأنظمة رؤية ليلية حرارية، لأغراض الملاحة نظام الرؤية الحراري الأمامي FLIR.

    ثانيا: أجهزة الرؤية الليلية/ الكهروبصرية/ الأشعة تحت الحمراء

    إن أي قوة تمتلك تكنولوجيا للرؤية الليلية تتمتع بمزايا عظيمة، وقد برز ذلك خلال حرب الخليج الثانية في 1991، عندما استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من دول التحالف مثل هذه التكنولوجيا بكثافة، وعلى الرغم من أن التقنيات لتكنولوجيا الرؤية الليلية في ميدان القتال لبعض المتنافسين كانت مختلفة، فإن لكل منها ما يتلاءم مع ظروف البيئة. فمكثفات الصور Image Intensifiers التي تزود بها نظارات الرؤية الليلية Night Vision Goggles NVG، وأجهزة تصويب البنادق كان لها الأثر الأكبر، والفاعلية في إصابة الأهداف بدقة في ميدان القتال ليلاً.



    1. الأجهزة العاملة بالأشعة تحت الحمراء

    الإلكتروبصريات Electron Optics، كما يدل الاسم عليها، هي تزاوج بين البصريات، والإلكترونيات التي صُممت لتحويل الإشارات الضوئية إلى إشارات إلكترونية صالحة لاستعمالات أخرى. ويكمن الفارق الرئيسي في الأنظمة التي تستغل الحزمة المرئية "إلكتروبصريات"، أو الحزمة غير المرئية "الأشعة تحت الحمراء"، والتكنولوجيتان كلتاهما معنيتان بالبحث في الصور التي تولد إشارات كهربائية عن طريق دفع الإلكترونات من مستوى طاقة إلى آخر.

    يبحث الجهاز البصري عن إشعاع منعكس من الجسم، وعادة لكونه ناتج من ضوء الشمس، أمّا أجهزة تكثيف الضوء فتستخدم الضوء المنعكس من النجوم أو القمر؛ لتعطي رؤية ليلية سلبية. وتتراوح الأطوال النموذجية للموجة بين 0.4 ميكرون و1.2 ميكرون، أمّا الأجهزة الباحثة للأشعة تحت الحمراء فمعنية بشكل رئيسي بالحرارة الصادرة عن الهدف، وهي تتراوح بين العمود الساخن لغاز العادم الصادر عن مدخنة أو ماكينة، وحرارة جسم الإنسان على مسافة قصيرة نسبياً.

    والأجسام التي تفوق حرارتها حرارة محيطها، تصدر حرارة بدرجة معينة، ويختلف طول موجة الإشعاع الحراري التي تصدر من هدف لآخر. فبمقدار ما يكون الهدف أكثر سخونة يكون طول الموجة أقصر.

    إن التقنيات المستعملة في التصوير الحراري هي أيضاً متطورة على عدة مستويات. فالأجهزة التي تستخدم مركز المستوى البؤري مع عدد كبير من العناصر الكاشفة، تحقق مستويات رؤية حرارية ذات قيمة لهذه النظم، ومن هذه الأنظمة نظام الرؤية الليلية من نوع TOGS المزودة به الدبابة البريطانية تشالنجر -1 CHALLENGER-1 ،



    ومن أهم نظم التصوير الحراري من الجيل الثاني هو نظام SYNERGY الذي بدأ في 1992؛ مستخدماً عنصر كشف 4X288 الذي طورته شركة SOFRADIR في فرنسا، وقد صممت الوحدات لكي توفر الخدمة الطويلة، والتكلفة القليلة، والحجم الصغير، واستهلاك قليل للطاقة مع أداء عالٍ.

    أدخلت شركة طومسون THOMSON-CSF" تقنية SYNERGY في آلاتها للتصوير الحراري: "كاترين CATHERINE، و"سيلفي SYLVI"، و"صوفي SOPHIE"؛ فكاترين اعتمدت للاكتشاف الطويل المدى، ولمراقبة النيران في عربات القتال المدرعة، وفي أنظمة الصواريخ أرض/ جو، واستعملت "سيلفي" في نظارات القيادة، وركبت في الدبابة لوكلير LECLERC من إنتاج شركة "جيات أندستريز GIAT INDUSTRIES"، أمّا صوفي الخفيفة الوزن المخصصة أساساً لاستعمال المشاة، فقد جهزت بها العربات المدرعة الخفيفة مثل GIAT AMX-10RC، أو "الفيس سكوربيون ALVIS SCORPION".

    كان هدف الجيش الأمريكي في الجيل الثاني من الرؤية عن بعد العاملة بالأشعة تحت الحمراء Forward Looking Infrared: FLIR؛ هو تحقيق أداء متطور بأقل تكاليف. ويضم هذا البرنامج عائلة من أنظمة المسح العاملة على نطاق يتراوح بين 8 و12 ميكروناً، والمستخدمة في نظام سادا -2 SADA-II المتضمن نظام كشف عناصر من 4X480، وسوف يطبق الجيل الثاني FLIR في مناظير عدة مثل: "أنظمة التصوير الحراري في الدبابة أبرامز ABRAMS M1-A2، وفي الطائرة العمودية AH-64 APACHI وغيرهما".

    2. أجهزة الرؤية العاملة بتكثيف الصورة Image Intensifiers

    نظراً لأنه كان من السهل كشف الأجهزة العاملة بالأشعة تحت الحمراء، اقتضت الحاجة استخدام أجهزة سلبية لا تصدر أي نوع من الإشعاع، فاتجهت الأنظار إلى طيف الضوء المرئي، وإلى حزم الأشعة تحت الحمراء القريبة. ولهذا استغلت مصادر الإضاءة الطبيعية؛ كالقمر، والنجوم، والأشعة تحت الحمراء الناجمة عن الأجسام كافة، التي تشع حرارة مولدة منها نفسها، أو منعكسة عنها. وكان من النتائج التي تم توصل إليها هو أن مكثف الضوء الذي يحول الضوء إلى شحنات كهربائية، يعيد تحويلها إلى ضوء مرئي للعرض على شاشة فلوريسنتية Fluorescent Screen.

    ومن أحدث منتجات أجهزة الرؤية الليلية بتكثيف الصورة ما يلي:

    أ. طورت شركة ITT نظام الرؤية الليلية AN/AV-8 المركب على خوذة الطيار.

    ب. أما شركة ليتون LITTON فتتابع عملها على الجيل الثالث، وتطور صمام الجيل الثاني العالي الدقة، ويتضمن لوحة القناة الدقيقة مع زيادة قوتها.

    ج. من جهة ثانية يتابع الجيش الأمريكي بحثه عن التطور في مكثفات الصور؛ لذلك عمدت القيادة المركزية للجيش الأمريكي CECOM إلى طلب جهاز مراقبة، وتحكم في النيران ليلاً ونهاراً ليستعمل من قِبَل القوات الخاصة على بنادق قناصة ثقيلة، ومتوسطة، وللاستطلاع الإستراتيجي والمراقبة. وسيتضمن هذا الجهاز صمام الجيل الثالث، ويوفر رؤية مباشرة تسمح للقناص المراقبة في الليل كما في النهار.

    هناك عدة تقنيات مرشحة لتكون قاعدة صمام نظام الجيل الرابع، ومن بين هذه التقنيات صمامات ذات مهبط ضوئي يوسع الجواب الطيفي إلى 1.6 ميكرومتر، واستخدام أجهزة تكبير حديثة.

    يعمل المكتب الأمريكي للأبحاث البحرية، وأنظمة القيادة البحرية الجوية على تقنية جديدة لنظام رؤية ليلية ملونة، يسمح للطيار استبدال نظاراته القديمة للرؤية الليلية بمستشعر متعدد الطيف ذي رأس دوار مركب على الخوذة، ويوفر هذا التصميم الرؤية المباشرة للخارج من خلال مكثف للصور يستخدم لتحويل مخرجات الصمامات إلى إشارة فيديو.

    3. إسرائيل والأشعة تحت الحمراء

    توظف إسرائيل كافة التطورات التكنولوجية، تحقيقاً لمبدأ البقاء، الذي يمثل عنصراً أساسياً من العقيدة القتالية لها. وقد اتجهت مبكراً إلى مجال الكهروبصريات، وأولت الأشعة تحت الحمراء اهتماماً خاصاً. كما طورت إسرائيل، كذلك، بعض الكاميرات الحرارية الصغيرة، للاستخدام على الطائرات الموجهة من دون طيار RPV، لكشف أرض المعركة ليلاً.

    تسبب الحظر الأمريكي المؤقت، ذات مرة، على صفقة صواريخ جو/ جو سايد وندر الحرارية في تحقيق إسرائيل طفرة في مجال الأشعة تحت الحمراء وتطبيقاتها؛ إذ توصلوا إلى الصاروخ شفرير جو/ جو، ثم PYTHON-3 الذي يُعَدّ، أساساً، لتطوير جيل جديد ومتفوق من الأسلحة الذكية.

    وتأكيداً للعقيدة الإسرائيلية في أهمية القتال الليلي، فإنها تطور إمكانات القتال الليلي للدبابات بتجهيزها بأجهزة تصوير حراري ضمن أنظمة الرؤية للسائق، وأنظمة قيادة النيران في تكامل مدروس مع أنظمة تقدير المسافة بأشعة الليزر. وتدعم إسرائيل دباباتها بأنظمة للإعاقة الحرارية، لتحييد عمل الصواريخ الحرارية المعادية مع استخدام أنظمة دخان حديثة لها القدرة على الإخفاء، بما تمثله من امتصاص وتشتيت للأشعة تحت الحمراء. كما تطور إسرائيل، كذلك، الطائرة F-16، لمهام العمل الليلي بتزويدها بنظام Low- Altitude Navigation Infrared for Night: LANIRN للملاحة الليلية على الارتفاعات المنخفضة بالأشعة تحت الحمراء.

    ومع التقدم الإسرائيلي الملحوظ، فإنها تحاول تطوير معظم القذائف التقليدية، لتكون موجهة بالأشعة تحت الحمراء.

    وتطور إسرائيل قذائف الهاوتزر 100 مم، لتحمل الواحدة ثلاث شحنات فرعية مزودة بمستشعرات ملليمترية وبالأشعة تحت الحمراء يمكنها تدمير ثلاث دبابات في آن واحد.

    4. بعض أمثلة أجهزة الرؤية الحديثة

    أ. نظام ACTIS

    أنتجت شركة CHARTER IND السنغافورية جهاز رؤية ليلية؛ للاستخدام من قِبَل أفراد المشاة والعمليات الخاصة، وهو من النوع الحراري، ويستخدم في أعمال البحث والمراقبة وغيرهما. ويعمل في حيز يتراوح بين 8 و12 ميكروناً، مع توفر مجال للرؤية بين 7 درجة عرضاً و3.5 درجة رأسياً، ويحقق مدى رؤية 30 متراً.

    يستمد هذا الجهاز تغذيته من أربع بطاريات كبيرة الحجم، ويبلغ وزنه حوالي 4.6 كجم، وأبعاده 24.7×19×13.5 سم، ومن الجدير بالذكر أن الجهاز يتميز بنظام تبريد داخلي لصمام الأشعة تحت الحمراء.

    ب. نظام AN/VAS-3

    من المألوف بالنسبة للآليات المدرعة الحديثة دبابات، وعربات مدرعة، ومدافع ذاتية الحركة، هو تزويدها بنوعين من أنظمة الرؤية الليلية؛ واحد يعمل بمبدأ تكثيف الضوء ويستخدمه سائق المدرعة، بينما يعمل الآخر وفق مبدأ الرؤية الحرارية الأشعة تحت الحمراء، ويستخدمه الرامي وقائد المدرعة.

    طوّر منظار القيادة الليلية AN/VAS-3 العامل بالأشعة تحت الحمراء؛ بهدف استخدامه في الدبابات أبرامز M1-A2، والعربات المدرعة برادلي BRADLY، وLAV-25، والمدفع الذاتي الحركة M-109 بشكل يجعل السائق قادراً على الرصد، والرمي بالرشاش الموازي؛ إضافة إلى مهمته الأساسية، ويزن النظام 12.7 كجم، ويعمل ضمن إطار الطيف الضوئي من 7.5 حتى 12 ميكرون، ويتضمن 60 لاقطاً للكشف الحراري.

    ج. نظام FORMS

    انتشرت أنظمة الرؤية الليلية الصغيرة الحجم، التي أطلق عليها اسم الجيب Pocket؛ للاستخدام مع أفراد الاستطلاع، والقوات الخاصة، وزود بعضها بوحدة قياس المسافة بأشعة الليزر.

    تجري الولايات المتحدة الأمريكية تجارب نهائية على الأنظمة التي نهائية، قبل تسويقها، ومنها ما يطلق عليه اسـم Forward Observer Ranging and Marking Scope: FORMS، وهو جهاز صغير الحجم يستخدم للرؤية الليلية، وإضاءة الأهداف بشعاع الليزر، ويستخدمه أفراد القوات الخاصة، وأفراد أطقم الطائرات في مهام الاستطلاع والمراقبة.

    يفيد استخدام مثل هذا الجهاز أطقم الطائرات في تحديد مدى الأهداف، أو إضاءتها بأشعة الليزر؛ للتعامل معها بالأسلحة الموجهة بالليزر الأرضية، كما يفيد بدرجة كبيرة في عمليات الاستطلاع الليلي القريب، أثناء تنفيذ العمليات الليلية.

    د. نظام FORTIS

    عرضت شركة سيمنز ألبيس SIEMENS ALBIS نظام الرؤية الليلي فورتيس FORTIS، ويستند هذا النظام على أحدث تكنولوجيات الأشعة تحت الحمراء المدمجة مع مكونات إلكترونية حديثة، وبصريات عالية الأداء. ويبلغ وزن هذا النظام 13 كجم في حالاته العملياتية الكاملة.

    ويعتمد النظام على الطيف العالي النقاوة، الذي يتطلب حقل رؤية يسمح بالمسح، ومن ثم تتبع الهدف عن قرب بمدى يصل إلى عدة كيلومترات. وقد اُعتمد الجيش السويسري على نظام فورتيس من قِبَل الجيش، لما يتمتع به من قدرات على اختراق الضباب، والدخان، والغبار، وأكثر العوائق التي تبرز في ميادين المعارك، وأعمال المراقبة.

    على الرغم من النوعيات القوية من المكثفات وأجهزة التصوير، لكن تبقى هذه المعدات دقيقة نسبياً؛ إذ ينبغي استخدامها بحذر، وبخاصة آلات التصوير البصرية، فعدسات التصوير ـ بشكل خاص ـ تُصنع من مادة رقيقة يسهل خدشها برمال الصحراء إلى درجة تغدو معها غير صالحة للاستعمال، كما ينبغي تنظيفها بحذر وبخاصة في حالة عدسات أجهزة التصوير على المركبات.

    ثالثا: النظم التليفزيونية لأسلحة القتال الحديثة

    1. أنظمة الكشف التليفزيونية للتصوير الضوئي"

    أ. الوسائل التليفزيونية للتصوير الضوئي:

    وهي أبسط أنواع التصوير؛ إذ تعتمد الكاميرا المستخدمة على الضوء المنعكس من الهدف، وبالتالي، تتأثر كفاءة الصورة ودقتها بمدى إضاءة الهدف.

    ب. الوسائل التليفزيونية للتصوير الليلي:

    من المعروف أن شدة الإضاءة، تضعف ملايين المرات في الليل المظلم، عنها في ضوء الشمس، وعلى الرغم من ذلك، فإن المستشعرات الضوئية، والكاميرا التليفزيونية للضوء المنخفض Low Light Level TV: LLLTV، يمكنها تصوير الأهداف في الظلام الحالك، وتعتمد هذه الوسائل على التقاط الأشعة الضوئية الصادرة من الهدف.

    التطور المنتظر في نظم الكشف التليفزيونية سوف يتجه إلى استخدام تكنولوجيا بناء الصور الحرارية، لإمكان العمل في ظروف الرؤية الصعبة التي تواجه النظم التليفزيونية، مما يتطلب استخدام مستشعرات ضوئية بها آلات تصوير تليفزيونية حرارية تبني صور الأهداف.

    2. أنظمة التوجيه التليفزيونية

    يُعد الصاروخ "مافريك" Mafrek الموجه تليفزيونياً أحد التطبيقات المتقدمة لاستخدام تكنولوجيا التوجيه التليفزيونية، لأسلحة جو/ أرض، وكذلك الصاروخ LUZ-1 الموجود ضمن تسليح المقاتلات الأمريكية في إسرائيل بمدى يصل حتى 80 كم، وكذلك، القنبلة التليفزيونية GBU-15، والموجود في تسليح الطائرات F-4، F-16، بمدى يصل حتى 40 كم. ويمكن استخدام الطائرات من دون طيار في التحكم في مسار القنابل التليفزيونية.


    تكبير الصورةتصغير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية.


    من المنتظر التوسع في استخدام الطائرات الموجهة من دون طيار، للتحكم في مسار القنابل التليفزيونية المنزلقة، لزيادة المدى؛ إذ تستخدم الطائرة الموجهة من دون طيار لنقل أوامر التحكم والتوجيه، وكذلك الصورة التليفزيونية، من محطة التحكم والتوجيه الأرضية وإليها، والقنابل الموجهة تليفزيونياً، التي يتم إطلاقها من الطائرات التقليدية، أو من منصات إطلاق أرضية.

    كما تُستخدم الطائرة الموجهة من دون طيار، قذيفة تدميرية، وفي هذه الحالة، تزود الطائرة الموجهة من دون طيار بحمولة كبيرة من المواد شديدة الانفجار، مع تزويدها بآلة التصوير التليفزيونية التي تعطي الصورة المرئية في الوقت الحقيقي Real Time Image إلى الموجة في محطة التحكم الأرضية الذي ينفذ دوره فور الحصول على صورة الهدف، بوضعه في تقاطع الشعيرات، مع متابعة توجيه الطائرة مباشرة إلى الهدف، بما يحقق دقة إصابة، تصل إلى أقل من خمسة أمتار، مع إحداث تدمير كبير للهدف، ويُعد هذا الأسلوب مشابه تماماً للقنبلة التليفزيونية، مع وجود بعض الاختلافات في أسلوب الإطلاق، ومدى العمل.

    رابعا: النظم الليزرية لأسلحة القتال الحديثة

    1. تعريف الليزر Light Amplification by the Stimulated Emission of Radiation LASER

    نظراً للتطور التكنولوجي الذي حدث في استخدام الحيز الحراري، والضوئي، فقد أمكن استخدام الليزر في تطبيقات عسكرية عديدة، لإمكانية تحقيق درجة تمييز عالية جداً، مع انخفاض نسبي، في توهين الموجات بالغلاف الجوي، بالمقارنة بالموجات الملليمترية.

    أهم ما تتميز به أشعة الليزر، هي خاصية التجانس؛ إذ إنها أشعة متوازية ذات موجات متساوية في الطول، وذلك أضفى عليها صفات أخرى، من حيث الحدة، والضيق، والشدة، وإمكان السيطرة عليها في بؤرة متناهية الصغر.

    تتلخص طريقة الحصول على أشعة الليزر في إصدار نبضات كهربائية على مادة وسيطة تمر من خلالها النبضات، وتحدث لها عدة عمليات تكبير، وانعكاس، تخرج في صورة شعاع قوي، يسمى بالليزر، ويستخدم الياقوت مادة وسيطة، لإنتاج الليزر، إضافة إلى مواد أخرى، وسوائل، وغازات، مثل: ثاني أكسيد الكربون، أو اللثيوم.

    أشعة الليزر بعضها مرئي، أي ترى بالعين المجردة، منها الأخضر، والأحمر، وبعضها غير مرئي، مثل الأشعة المنتجة باستخدام غاز ثاني أكسيد الكربون، وتكون أشعة الليزر، في صورة شعاع مستمر، أو متقطع حسب نوع، الاستخدام وطبيعته، ومن أهم عيوب أشعة الليزر، تأثرها بالسحب والضباب؛ إذ تمنع مسارها.

    أثبتت حرب فيتنام 1968، وحرب فوكلاند 1982، وحرب الخليج الثانية 1991، فاعلية أنظمة التوجيه الليزرية؛ سواء الأرضية، أو المحمولة بحراً أو جواً، والمستخدمة في توجيه القنابل جو/ أرض، أرض/ أرض، أرض/ جو، سطح/ سطح، سطح/ جو.

    2. التطبيقات العسكرية في مجال الليزر

    نظراً لضيق النموذج الإشعاعي لليزر، فإن مجال الرؤية محدود، وقد استلزم ذلك أن يعمل معه رادار، لاكتشاف الأهداف على مدى ومجال رؤية كبيرين. ومن التطبيقات العسكرية في مجال الأنظمة الليزرية:



    أ. استخدام الليزر في توجيه الصواريخ راكبة الشعاع Laser Beam Rider


    نظراً لما يتمتع به الحيز الليزري من ضيق النموذج الإشعاعي، وبالتالي، زيادة دقة إصابة الأهداف المختلفة، يماثل هذا النوع من التوجيه الأسلوب الراداري، في توجيه الصواريخ راكبة الشعاع Radar Beam Rider. ومثال ذلك: الصواريخ الموجهة بأشعة الليزر AGM-114A، بالطائرة العمودية أباتشي AH-64.

    ب. استخدام الليزر في قياس المسافة Laser Range Finder

    بإرسال أشعة الليزر واستقبال الليزرية المرتدة من الهدف، باستخدام مستقبلات أشعة الليزر، وأمثلة ذلك نظام الليزر، الموجود في المستودع "لنترن" Lantern، المحتمل تجهيزه بطائرات القتال F-15، F-16؛ إذ يستخدم لتحديد المسافات مع إمكانية استخدامه في أعمال الملاحة الجوية، للتحذير من العوائق الأرضية على الارتفاعات المنخفضة، بدلاً من رادارات تتبع، وتجنب الهيئات الأرضية بواسطة رادارات قياس الارتفاع.

    ج. استخدام الليزر في التوجيه نصف الإيجابي للصواريخ

    يُضاء الهدف بالليزر، والمستشعر الموجود بالرأس الباحثة للصاروخ، يستقبل هذه الأشعة المرتدة من الهدف، ويماثل هذا التوجيه، التوجيه الراداري النصف إيجابي.


    د. استخدام الليزر في المهام التدميرية

    منها مهام تدمير الأقمار الصناعيةAnti Satellite، ومهام تدمير الصواريخ البالسيتية، إضافة إلى إمكانية استخدامه في تدمير وسائل البحث، والتتبع، والتوجيه التليفزيونية، كما يُستخدم أحد وسائل الإعماء الوقتي للجنود في ساحات القتال.

    خامسا: التطور في الأنظمة الرادارية

    1. التطور في أنظمة الكشف الرادارية

    يستخدم رادار الكشف، بصفة عامة، في كشف الأهداف الأرضية الثابتة/ المتحركة ومراقبتها، والأهداف البحرية، والجوية، وتحديد المدى، والاتجاه، والسرعة، مع إمكانية رسم الخرائط للأهداف الأرضية، والبحرية، بدقة تمييز عالية جداً، باستخدام رادارات رسم الخرائط المحمول جواً Synthetic Aperture- Radar: SAR، ومن المنتظر أن يشمل التطور في نظم الكشف الرادارية المجالات الآتية:

    * الارتفاع بالحيز الترددي

    أ. نظراً لأن الحيز الكهرومغناطيسي، يُعد العامل الحاسم في جميع التطورات الحالية، والمستقبلية، فإن مراكز البحوث العلمية في الدول المتقدمة، تتصارع لاستغلال الحيز الكهرومغناطيسي الاستغلال الأمثل في مختلف التطبيقات العسكرية.

    ب. يعتمد اختيار التردد المستخدم في الرادارات الأرضية، أو المحمولة بحراً/ جواً على عدة عوامل رئيسية.

    (1) مدى الكشف المطلوب تحقيقه.

    (2) التمييز الاتجاهي المطلوب.

    (3) المهام المطلوبة: إنذار ـ مراقبة ـ توجيه... إلخ.

    (4) الوزن ـ الحجم.

    2. التطور في أنظمة التوجيه الرادارية


    تؤدي الرادارات المحمولة جواً دوراً مهماً في أعمال القصف والتنشين ضد الأهداف الأرضية الثابتة، والمتحركة، وخاصة ليلاً، كما تؤدي رادارات التوجيه، وإدارة نيران المدفعية، والصواريخ الأرضية الدور نفسه، إضافة إلى رادارات التوجيه، وإدارة النيران المحمولة بحراً، فهي تؤدي دوراً مهماً في أعمال القتال البحري، وخاصة ليلاً. وعلى هذا، فمن المنتظر أن يشمل التطور نظم التوجيه الراداري الآتية:

    أ. التوجيه نصف الإيجابي للصواريخ.

    ب. التوجيه الإيجابي للصواريخ.

    ج. التوجيه السلبي للصواريخ ضد مصادر الإشعاع Anti-Radiation Missiles ARM.

    د. التوجيه الراداري للصواريخ راكبة الشعاع.

    3. التطور في الأنظمة الملاحية الرادارية

    استخدام حيز الموجات الملليمترية في رادارات قياس الارتفاع، وتجنب الهيئات الأرضية، وذلك لإخفاء الإشعاع الراداري عن أنظمة الاستطلاع الراداري السلبية المعادية، وتسمى هذه الرادارات التي تعمل في الحيز الملليمتري، بالرادارات المخفاة Covert Radars، وهو عنصر من عناصر تكنولوجيا الإخفاء، مع زيادة إمكانية مثل هذه الرادارات في اكتشاف العوائق الجوية الصغيرة "أسلاك كهرباء"، ومثال ذلك: رادار الكشف الأمامي إنتاج شركة AEG الألمانية الذي يعمل عند الحيز الترددي 66 جيجا هرتز، لاكتشاف الكابلات الكهربائية المعلقة عند الطيران على الارتفاعات المنخفضة، وكذلك الرادار الذي أنتجته شركة "فيليبس" Philips، ويستخدم للغرض نفسه عند التردد 94 جيجا هرتز.

    استخدام تكنولوجيا رسم الخرائط للأرض، في مسار الطيران، باستخدام الرادار SAR، وعرض الصورة على جهاز العرض العلوي بكابينة الطيار، مع إمكانية تحقيق المطابقة الفورية بين الصور المخزنة بالحاسب الآلي مسبقاً عن الأرض محل الطيران، والصور الفورية الملتقطة بالرادار، لتحقيق أفضل مسار ملاحي للوصول إلى الهدف.

    استخدام أنظمة رشاقة التردد في رادارات تتبع/ تجنب الهيئات الأرضية، التي تعمل في الحيز الترددي I/J، لتحسين أداء الرادار.

    استخدام الملاحة بالأقمار الصناعية نظام تحديد المكان العالمي Positioning System: GPS في معظم طائرات القتال المستقبلية، والمتوفر حالياً، في طائرات القتال F-16.

    4. التطور في الأنظمة الحرارية

    أ. التطور المستقبلي

    كان هدف من يصنعون أجهزة تكثيف الصورة الحرارية، وما زال، تخفيض وزنها، ولكن هذه الغاية لا تتحقق إلاّ إذا تم التوصل إلى تخفيضات مماثلة، في وزن وحجم الأجهزة الإلكترونية المستخدمة في تشغيل تلك النظم، ولكن هناك حدود لتخفيض وزن وحجم النظم الإلكترونية لا يمكن تخطيها، حالياً، ما لم يطرأ تطور خارق في تكنولوجيا الإلكترونيات، فإنه لا يمكن توقع تقدم ملموس في هذا الإطار.

    والبديل هو تقدم تكنولوجيا المواد، وذلك باستنباط سبائك معدنية أقل وزناً، ومواد بلاستيكية فائقة الخفة، يمكن استخدامها في صنع هياكل أجهزة تكثيف الصورة الحرارية، ولكن حتى في هذا المجال يبدو أن العلماء وصلوا إلى نهاية المطاف. كانت الآمال كبيرة بإمكانية استغلال المواد البلاستيكية في صنع الأجهزة البصرية، ولكن "شفافية" Transparency البلاستيك لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب لهذا الاستخدام. ولعل السبب في ذلك عائد إلى الصفات الضوئية الضعيفة لمادة البلاستيك، وافتقارها إلى الصلابة التي تحول دون خدشها إبّان الاستعمال، ومع ذلك يُنتظر التغلب على هذه المشكلات في وقت قريب.

    وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن كثيراً ما يكون الاختلاط بين أجهزة تكثيف الصورة، وتلك الخاصة بتكوينها حرارياً. وخصوصا في دوائر غير المتخصصين في الموضوع، الذين يعتقدون أن الأجهزة ذاتها هي التي تكثف الصورة وتكونها حرارياً، إلا أن ذلك ليس هو الواقع من الناحية العلمية البحتة.

    إن تكثيف الصورة، لإبرازها من محيط ضوئي ضعيف، لا يتوقف على معدل الضوء مهما كان ضعيفاً، في هذا المحيط. أما أجهزة تكوين الصورة حرارياً، فتستخدم الأشعة تحت الحمراء غير المنظورة في الطيف الضوئي؛ إذ يشع الهدف ذاته الإشعاع الحراري الذي يستخدم لتكثيف صورته، وذلك في كل الحالات تقريباً، وهذا الإشعاع الحراري يستخدم لتكثيف صورة الهدف، انطلاقاً من تردد إشعاعي ضمن نافذتين Windows، الأولى ما بين 3 إلى 5 ميكرون، والثانية ما بين 8 - 13 ميكرون، وذلك ضمن النطاق الترددي لهذا النوع من الإشعاع. وتعمل أجهزة تكوين الصورة حرارياً بالطريقة ذاتها على كافة نطاقات الطاقة الترددية. ومثل أجهزة تكثيف الصورة Image Intensifiers، تحتوى أجهزة تكوين الصورة حرارياً Thermal Image’s على عدسات شيئية Objective Lenses تجمع الإشعاعات الداخلة إليها على ألواح حساسة. ولكن في حالة أجهزة تكوين الصورة، حرارياً، تصنع "العدسات اللامة" من مواد شبه موصلة لا تمرر الأشعة الضوئية المرئية، بينما هي شفافة للإشعاعات الحرارية، كما أن المجسات المرتبة نسقياً، هي حساسة للطاقة الحرارية وليس للطاقة الضوئية.

    ب. التطور في وسائل الكشف والتصوير الحراري

    سوف تشمل ثلاث نقاط رئيسية هي:

    (1) زيادة مدى الكشف والتصوير بإنتاج كواشف حرارية ذات درجة حساسية عالية.

    (2) زيادة مجال الرؤية للمستشعرات الحرارية، باستخدام أكثر من كاشف حراري، لتغطية مجال رؤية كبير لحظياً.
    (3) زيادة الدقة في التصوير الحراري للأهداف، باستغلال التقدم المنتظر في المعالجة الحرارية للصور الملتقطة باستخدام الحاسبات الآلية المتطورة في عمليات الصور الحرارية الرقمية Digital Image Processing .

    5. التطور في النظم الضوئية والحرارية

    لتحقيق نُظُم رؤية جيدة للأهداف المعادية طورت نظريتان رئيسيتان في هذا الإطار وهما: تكثيف وضوح الصورة، وتكوين الصور حرارياً.



    أمّا جهاز تكوين الصورة، حرارياً، فيعمل، كما هو معلوم، ضمن النطاق الإشعاعي الخاص بالأشعة تحت الحمراء.



    أ. أنظمة الجيل الأول

    تستخدم أنظمة الجيل الأول، عادة، أنابيب في ثلاث مجموعات لكل منها "كاثود ضوئي" Photo Cathode يتركز عليه الضوء، يوجد خلفه حيز مفرغ تنطلق فيه الإلكترونات التي تنبعث من "الكاثود الضوئي"، وتسرع بضغط فرق جهد كهربائي Voltage في اتجاه شاشة فوسفورية؛ إذ تصطدم بها مما يجعل اللوحة تشع Fluoresce، ولكن الصورة المكونة على الشاشة لا تعكس ضوءاً كافيا لتصبح مرئية، ولذلك يتم تكرار هذه العملية في الكاثودات الضوئية المتتالية داخل النظام إلى أن تصبح الصورة مرئية.

    ب. أنظمة الجيل الثاني

    يستخدم الجيل الثاني من هذه النُظُم قناة الأنابيب المسطحة Channel Flate Tubes، التي تؤدي إلى تكثيف ضوئي أكبر بكثير من تقنية الجيل الذي قبله، بالنسبة لمرحلة تكثيف واحدة. وتعمل هذه الأنابيب طبقاً لظاهرة الإشعاع الثانوي الذي يتولد من جراء طلاء الأنابيب المفرغة بمواد شبه موصلة أو بصنع الأنابيب ذاتها من زجاج شبه موصل.

    وحين تتسارع الإلكترونات عبر الأنبوب القناة بفعل فرق الجهد المرتفع، فإنها تصطدم بجدرانه التي تصدر مزيداً من الإلكترونات الجديدة التي تتأثر بدورها بفرق الجهد الكبير الذي يسبب التسارع. وكل الإلكترونات تكون هكذا محصورة داخل الأنبوب قبيل ارتطامها بلوحة الرؤية الفوسفورية؛ إذ يصبح معامل التقوية أكثر من 20 ألف مرة على طول الأنبوب.

    ج. أنظمة الجيل الثالث

    أما أجهزة تكثيف الصورة من الجيل الثالث، فهي أكثر قدرة عن الجيل السابق بضعفين ونصف، وتم إنتاجها إثر توقف إنتاج نظم الجيل الثاني. والجيلان متشابهان في التصميم، إلا أنه يستخدم مركب "أرسنيد الجاليوم" Gallium في صنع نظم الجيل الثالث، وهي مادة نشطة وفعالة لجهة إصدار الإلكترونات، وتستخدم مادة نشطة في الكاثود الضوئي، ويصل معامل التقوية الضوئية إلى 500 ألف ضعف.

    يوفر هذا النوع من النظم مستوى ضجيج إلكتروني منخفض من النظم السابقة مع صورة أوضح. ولا ننسى أن لها أيضاً ميزات: الحجم المناسب، وخفة الوزن، باستخدام أنابيب المذبذب WAVERS المستخدم في نظم تكثيف الصورة الحرارية. إلا أن ثمنها كبير، نظراً إلى تكاليف الإنتاج المتنامية، والعائدة بشكل أساسي إلى استخدام المواد ذات الإشعاع الإلكتروني المكثف الحديثة، شبه الموصلة. وإنتاج هذه النظم من كل فئاتها يتطلب محيطاً في غاية النظافة، خاصة بالنسبة إلى نُظُم الجيل الثالث، مما يخفض معدل الإنتاج لدرجة لا يستهان بها. كما أن الوزن المنخفض لنظم الجيل الثالث يجعلها أكثر ملاءمة لتثبت على أغطية الرأس، بما فيها الخوذات.

    6. التطور المنتظر في الأنظمة الليزرية

    من المنتظر أن تتجه الأبحاث المستقبلية إلى التوسع في استخدام الليرز في رؤوس الصواريخ، على أن يتم توجيه الصواريخ في المراحل الأولى، باستخدام الرادار "توجيه راداري نصف إيجابي، ويتم التوجيه الإيجابي للصاروخ ليزرياً في المرحلة النهائية لمدى يصل حتى 20 كم. ومن المنتظر تجهيز معظم طائرات القتال والطائرات العمودية بالليزر خلال المرحلة القادمة، إضافة إلى استخدام الليزر في توجيه الأسلحة المضادة للدبابات.

    ومن الأنظمة المتطورة كذلك، القنبلة الإسرائيلية الصنع "جيلوتن" الموجهة بالليزر، التي يمكن إسقاطها من ارتفاع 40 ألف قدم، ومن مسافة حتى 30 كم، والقنبلة ذات قدرة تدميرية عالية؛ إذ إن نظام التوجيه الخاص بها يحقق زاوية حتى 45 درجة عند إصابتها للهدف.


    المصدر : مركز الدراسات و البحوث الإستراتيجية


  2. #2
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: الحرب الإلكترونية

    جزاك الله خيرا دكتور شاكر عبد العزيز

    معلومات جدا قيمة وهامة

    احترامي

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •