الإستيطان اليهودي في فلسطين وموقف الدولة العثمانية


فتحي الحمود

لقد وقعت بين يدي هذه الوثائق العثمانية حول موقف الدولة آنذاك من موضوع الإستيطان اليهودي !!!!
من المفيد أن نتمعن جيدا فيها ...لنعرف ما الذي فعله العرب بفلسطين ...وحتى قيام الساعة ..." كما يبدو " !!!!!
*************************************************
************************************************** *****************
وثائق القرارات
بالعودة إلى وثيقة محفوظة في الأرشيف العثماني تحت رمز A/MKT/MHM/2/10 بتاريخ 06 ربيع الثاني 1262 الموافق لـ 04 مارس 1846 نكتشف أن اليهود الأجانب قد تم منعهم قبل ذلك التاريخ من شراء الأراضي في فلسطين. والوثيقة عبارة عن قرار صادر عن السلطان عبد المجيد لمتصرف القدس يأمره فيه بضرورة استعادة قطعة أرض بالقدس كان قد اشتراها طبيب يهودي بريطاني يدعى الدكتور ماكوياني وذلك ببيعها إلى أي مواطن من مواطني الدولة العثمانية، ذلك لأن امتلاك اليهود الأجانب للأراضي في فلسطين أمر ممنوع وغير قانوني. وتشير الوثيقة كذلك إلى أن الأمر بالمنع قد صدر في وقت سابق لتاريخ الوثيقة المذكور.
ومن هنا يتأكّد أن الدولة العثمانية قد منعت بيع الأراضي لليهود الأجانب في النصف الأول من القرن الـ19 أي في عهد السلطان عبد المجيد الأول أو ربما قبله. ولم يتحول ذلك المنع إلى قانون إلاّ بعد إصدار السلطان عبد الحميد الثاني قانون الأراضي الجديد سنة 1883 الذي حل محل القانون القديم الذي كان قد أصدره السلطان عبد العزيز عام 1867م وأهمل فيه التأكيد على منع بيع الأراضي في فلسطين لليهود.
ولم تكتف الدولة العثمانية بحظر شراء الأراضي في فلسطين على اليهود الأجانب، بل عملت على عرقلة استيطانهم في الأراضي المقدسة حتى وإن دخلوها بغرض الزيارة الدينية. غير أن هؤلاء قد اتخذوا من الزيارة الدينية ذريعة لدخول فلسطين والبقاء فيها بشكل غير قانوني. غير أن السلطان العثمانية حدّد الفترة المسموح فيها لليهودي الأجنبي بالبقاء في فلسطين بشهر واحد فقط ويتم تسليم كل من يتجاوز تلك المهلة إلى قنصلية بلده لترحيله. وتشير الوثيقة رقم DH.MKT/1485/68 إلى أن قناصل بريطانيا والنمسا لم يقبلوا تطبيق قرار منع استيطان رعاياهم من اليهود في القدس. رغم تعميم أمر من سفارات الدول الأجنبية بالآستانة على قنصلياتها في فلسطين لتأمين عودة اليهود الأجانب الذين تجاوزوا المهلة القانونية المعطاة لهم لزيارة الأراضي المقدسة في فلسطين، حسب ما تشير إليه الوثيقة رقم DH.MKT/1456/41 التي صدرت بطلب وجّهه متصرف القدس في 2 صفر 1305هـ.
التحايل على القرارات
ولجأ إليها اليهود الأجانب إلى حِيلٍ أخرى مثل التلاعب على قانون الأراضي، وذلك بأن يعمد صاحب الأرض من اليهود المحليين إلى التخلي عن أرضه لليهود الوافدين. وقد عرف هذا الإجراء باسم «معاملة الفراغ» التي تشير إليها الوثيقة رقم DH/MKT/24/41 والتي هي عبارة عن مسودة لأمر صادر عن السلطان عبد الحميد الثاني مسجلة في قسم القلم العمومي بنظارة الداخلية العثمانية بتاريخ 25 ربيع الأول 1313 الموافق لـ15/10/1895، وتتعلق بعدم السماح ببيع الأراضي والعقارات الموجودة ضمن ولايتي سوريا وبيروت ومتصرفية القدس لليهود الأجانب.
ويشدّد السلطان في هذا الأمر على موظفي إدارة «الطابو» (الملكية العقارية) على ضرورة عدم تسجيل أي عقار باسم اليهود الأجانب، مشيراً إلى قرار إلغاء معاملة التخلّي عن الملكية للغير، تلك المعاملة التي حاول تحت غطائها بعض اليهود التابعين للدولة العثمانية تمكين اليهود الأجانب من امتلاك عقارات في أرض فلسطين بشكل غير قانوني. وتشدّد مسودة هذا القرار على منع استيطان المهاجرين اليهود في أرض فلسطين منعاً باتاً.
وتطلعنا وثائق أخرى على تمكن بعض اليهود الأجانب من شراء قطع أرض صغيرة في فلسطين، لكن تلك الأرض لا تسجّل باسم اليهودي ذاته بل باسم قنصلية بلده. وقد جاء في الوثيقة رقم 101/13/MV والتي هي عبارة عن ورقة ضبط خاصة بمذاكرات مجلس الوكلاء مؤرّخة بـ19 جمادى الآخرة 1318 الموافق لـ 14/10/1900 أنه تم السماح لليهودي الأمريكي سومون بن ناحومان لوفنشتاين بشراء حقل ودار بالقدس باسم السفارة الأمريكية بإسطنبول، غير أن ذلك السماح كان مشروطاً بأن يتعهّد الشخص المذكور بعدم توطين المهاجرين واللاجئين اليهود الأجانب في أرضه تلك.
تكشف لنا آلاف الوثائق المحفوظة في الأرشيف العثماني بإسطنبول عن الحيل التي اتبعها اليهود الأجانب بالتواطؤ مع يهود فلسطين ويهود سائر الولايات العثمانية لأجل اغتصاب الأراضي الفلسطينية من أصحابها رغم منع الدولة بيع العقارات لليهود الأجانب ومنعها لهم من الاستقرار فيها بأي شكل من الأشكال. ومن خلال هذه الوثائق يتبين لنا أن الأساس الذي قامت عليه دولة الاحتلال الإسرائيلي هو أساس غير قانوني أصلاً لأن الأراضي التي أقيم عليها ذلك الكيان قد اغتصبت من أصحابها الشرعيين بطرق غير قانونية. والوثائق العثمانية الموجودة في الأرشيف العثماني تثبت ملكية الفلسطينيين لأراضيهم وديارهم التي أخرجوا منها