شيبرد في ذمة الاستيطان الاستعماري



عادل عبد الرحمن



ما انفكت حكومة اليمين الصهيوني المتطرف في مواصلة اجراءاتها وانتهاكاتها
العدوانية ضد الشعب العربي الفلسطيني ومصالحه وممتلكاته وآثاره وتاريخه وعمارتة
لترسيخ مخططها الاستعماري التصفوي. آخر الجرائم كانت بالامس عندما اقدمت جرافات
الاحتلال الاسرائيلي بتدمير فندق شيبرد في حي الشيخ جراح.
ولا يضيف المرء جديدا للمواطنين الفلسطينيين والعرب وفي انحاء العالم كله،
عندما يؤكد بأن الفندق ملك فلسطيني كان مقرا لمفتي فلسطين الراحل الحاج أمين
الحسيني. استولت عليه قوات الاحتلال الاسرائيلي بعد العام 1967 استنادا الى
قانون املاك الغائبين، ثم باعه للمليونير الاميركي الاسرائيلي موسكوفيتش، الذي
تبرع به لجمعية عطيرت كوهانيم الاستعمارية.
العملية كلها من الاستيلاء الى البيع ومن ثم الى التبرع ، عملية غير مشروعة،
عملية اغتصاب لحق فلسطيني دون وجه حق لا قانوني ولا سياسي ولا ديني. لان قانون
املاك الغائبين، قانون جائر ويتناقض مع اتفاقيات جينف الاربع، وخاصة الاتفاقية
الرابعة لعام 1949 المتعلقة بالمدنيين واملاكهم تحت الاحتلال الاجنبي. وبالتالي
العملية من ساسها الى رأسها، عملية عدوانية ومصادرة للاملاك الفلسطينية لصالح
تجذير الاستيطان الاستعماري.
وفق المخطط الاسرائيلي، الذي مثلتة بلدية القدس الغربية بقيادة نير بركات
الصهيوني اليميني المتطرف يهدف الى بناء حوالي تسعين وحدة استيطانية على
مرحلتين الاولى تشمل عشرين والثانية سبعين وحدة. البناء سيكون في حي الشيخ
جراح، الحي الفلسطيني المستهدف من قبل حكومة نتنياهو - ليبرمان وباقي زمرة
اليمين الصهيوني الاقصوية من خلال تهويده ومصادرة املاكه وطرد سكانه العرب
كخطوة على طريق تعميق عملية الضم الكلي لمدينة القدس الشرقية، عاصمة الدولة
الفلسطينية.
الخطوة الاسرائيلية الجديدة، تؤكد ان حكومة الارهاب المنظم الاسرائيلية، لم تعد
معنية لا من قريب او بعيد بعملية السلام. وتعمل بكل طاقتها التدميرية على اغلاق
اية نافذة مهما كانت متواضعة، الامر الذي يفرض على القوى والاقطاب الدولية
وخاصة الراعي الاساسي على عملية التسوية، الولايات المتحدة التحرك الجدي
والمسؤول لوقف النزف المتسارع لعملية التسوية السياسية نتاج فيروس الحرب
والتخريب الاسرائيلي، الذي فتك بمكونات العملية السياسية. ووضعها في حالة إعياء
وهزال شديد، مما اضطر لادخالها للعناية الفائقة، بانتظار جراح سياسي من نوع
آخر ومحترف ينقذها من حالة الموات الكلينكي، الذي وصلت اليه.
كما ان المسؤلية السياسية والاقتصادية والامنية والقانونية والاخلاقية تحتم
على باقي اطراف الرباعية الدولية وخاصة الاتحاد الاوروبي والاتحاد الروسي
الارتقاء بدوريهما جنبا الى جنب مع الولايات المتحدة، وعلى قدم المساواة لانقاذ
العملية السياسية من حالة الموات الناجمة عن السرطان الاسرائيلي القاتل. لان
ذلك في مصلحة شعوب اوروبا الغربية والشرقية والعالم اجمع. وكفى تلكؤ وانتظار
وتبعية للمواقف الاميركية. الزيارات التضامنية والدعم المالي لموازنة السلطة،
عناصر وعوامل مهمة. لكن الاهم ربط تلك العوامل بالتدخل المباشر والارتقاء
لمستوى المسؤلية لاحلال السلام في المنطقة وحماية شعوبها من خطر الفاشية
المتنامية في المجتمع الاسرائيلي. والعمل بقوة وبسرعة لاقامة الدولة الفلسطينية
المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 وعاصمتها القدس
الشرقية.
حكومة نتنياهو العنصرية والمعادية للسلام لن تتراجع عن خيارها الاستعماري ما
لم تلمس حراكا سياسيا مختلفا من اقطاب الرباعية الدولية. وبقاء الحال على ما هو
عليه شاء الاقطاب الدوليون ام ابوا يعني التواطؤ غير المعلن مع خيار دولة
الابرتهايد العنصرية. وهو ما لا تقبل به شعوب وحكومات تلك الدول التي نادت
وتنادي بالسلام وحماية حقوق الانسان وتعميق الخيار الديمقراطي في اوساط شعوب
المنطقة لحمايتها من النزعات المعادية للسلام والحرية