طلحة الطلحات وأول عرس جماعي في الإسلام

أحمد الجدع

اشتهر في الإسلام عدد من الأجواد ، استثمروا غناهم وثراءهم في أعمال الخير ، منهم طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي الملقب بطلحة الطلحات .
ويبدو أن طلحة هذا قد لاحظ أن الشباب في زمانه ، وقد كان والياً على سجستان لبني أمية ، عاجزون عن الزواج ، وذلك للمغالاة في المهور من قبل الآباء الذين كانوا يتحكمون في أمور النساء ، فاختار طلحة مئة من الشباب ومئة من الفتيات وتكفل بكل ما يلزمهم للزواج، بل وما بعد الزواج وقد جعل لهم معونات تعينهم على تحمل أعباء ما بعد الزواج ، فزوجهم ورعاهم .
وكان لعمله هذا أثره البالغ في نفوس هؤلاء الشباب وهاتيك الفتيات ، فأحبوه وأجلوه، وعقدوا العزم أن يجازوه اعترافاً بفضله عليهم، وعندما أكرمهم الله بالبنين سمى كل واحد منهم ولده باسم طلحة .
ومن هنا لقبه الناس بطلحة الطلحات .
فمن هو طلحة الطلحات ؟
هو كما قدمنا طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي، وخزاعة إحدى قبائل العرب الكبيرة، سكنت مكة وما حولها ، وكانت لها الولاية على البيت الحرام بعد جرهم ، ثم انتقلت هذه الولاية منهم إلى قريش .
كان طلحة الطلحات يكنى بأبي المطرف وقيل بأبي محمد .
كان أبوه عبد الله بن خلف الخزاعي من أنصار أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – وكان إلى جانبها يوم الجمل، وكان قبل ذلك كاتباً لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه - .
وأم طلحة هي صفية بنت الحارث بن طلحة بن أبي طلحة العبدري ( نسبة إلى عبد الدار بن قصي ) ، فهي قرشية، فكان طلحة شريفاً من طرفيه خزاعة وقريش .
وقد مدح طلحة عدد من الشعراء ، منهم عبيد الله بن قيس الرقيات ، فله فيه رائية مطلعها:

إنما كان طلحة الخير بحراً * شُق للمعتفين منه بحور
يتقي الذم بالفعال ويبني * مجد من قد تضمنته القبور
يعني أنه بنى لآبائه الذين ماتوا مجداً .
وممن مدحه أيضاً سحبان وائل ، فقال :

يا طلح أكرم من مشى * حسباً، وأعطاهم لتالد
منك العطاء، فأعطني * وعليّ مدحك في المشاهد
فأجزل له العطاء .
قيل إن كُثيِّر بن عبد الرحمن الخزاعي المعروف بكثير عزة دخل على طلحة الطلحات في مرضه، فلم يكلمه لشدة ما به من آلام المرض، فأخذ كثير في الثناء عليه، ففتح طلحة عينيه وقال : ويحك يا كثير ، ما تقول ؟
فقال كثير :

يا بن الذوائب من خزاعة والذي * لبس المكارم وارتدى بنجاد
حلت بساحتك الوفود من الورى * وكأنما كانوا على ميعاد
لتعود سيدنا وسيد غيرنا * ليت التشكي كان بالعواد
فاستوى طلحة جالساً، وأمر له بعطية سنية، وقال له : هي لك إن عشت كل سنة !
وكان هوى طلحة أموياً، وكان بنو أمية يكرمونه ، وذهبت عينه في إحدى حروب سمرقند، وفي سنة 63 هـ بعثه زياد بن مسلمة إلى سجستان والياً ، وفيها توفي ، فرثاه عبيد الله بن قيس الرقيات بقصيدة تعد من عيون المراثي في ديوان العرب :

نضّر الله أعظماً دفنوها * بسجستان طلحة الطلحات
كان لا يحرم الخليل ولا يعتلُّ * بالبخل،طيب العذرات
ولدته نساء آل أبي طلحة * أكرم بهن من أمهات

ونبات الطلح الذي مفرده طلحة نبات معروف بالبادية، وفي القرآن الكريم { وطلح منضود } ، وكان وادي الطائف يمتلئ بالطلح فنسب الطلح إليه فقبل طلح وَجّ، ووج هو وادي الطائف، بل إن الطائف كان يقال لها وجّ باسم هذا الوادي .
أقول : تفاقم أمر الشباب في زماننا ، فلا يكاد الشاب يفي بمتطلبات الزواج ،ومتطلبات ما بعد الزواج ، فانتشرت العنوسة وأصبحت خطراً على مجتمعات المسلمين ، فهل لنا من طلحة جديد يسد هذه الثلمة في جدار المسلمين ؟

عن موقع رابطة أدباء الشام