انتحار تلو انتحار....ويتواصل النزيف
هكذا طفت لعنة / ظاهرة الانتحار وحلقت في الشارع العربي تلقائيا بعد بطولة التونسي محمد البوعزيزي الذي أشعل نيران ثورة الجماهير موازاة مع إشعال النيران في جسده.
وهكذا توالت الأخبار وتواردت عن حالات مشابهة في الجزائر وموريتانيا ومصر العروبة....ومن يدري ؟؟ فقد يتواصل النزيف في أقطار أخرى وتتكرر المشاهد المؤلمة لتحمل شعارا مختصرا بعنوان لا ... لا للظلم.
لكن هل ضروري أن تلهف النيران صدور الرجال لتعلن للعالم الانتحار.
إن الوضع الحالي انتحار بإيقاعات أخرى .....انتحار ببطء شديد.
ألا يمكن اعتبار الشعوب العربية في مرحلة انتحار غير معلن، واحتضار خفي ،بل يبدو أن المشهد لا ينقصه سوى صفارة الحكم ليسدل الستار وتعلن نهاية المباراة و بدايتها في نفس الوقت.
فالمواطن الذي يقل دخله عن دولار واحد
والمواطن المكمم الأفواه دوما ولا يفتحه إلا عند طبيب الأسنان
المحروم من حقوقه في السكن والصحة
والمواطن الذي يعاني من التخلف والجهل والأمية
والمواطن الفاقد للكرامة والمساواة
والمواطن الذي لا يحس بمواطنته إلا في الخطاب الشفوي
والمواطن الذي يبدو له أفق حياته غامضا.
كل هذا في مواجهة
فئة تتاجر بخيرات البلد وتنهبها وتهربها لخارج الوطن
فئة تخنق الأنفاس منذ زمن بعيد وتصادر الرأي الآخر.
فئة تغتني بفحش شديد ودون موجب حق
فئة تعاني من فرض فقدان القناعة
إنه انتحار أخطر وإذا كان الإنتحار الطبيعي المادي يبدو جليا للعيان، فان الانتحار المعنوي الذي يخترق أوصال شعوبنا مثل السرطان مستمر منذ زمان ومفعوله يقترب من الفاجعة، فهو أكثر فداحة .
انه انتحار من حيث لا يدري صاحبه.. فحين يصبر شخص عن تدمير حياته ولا يحتج ولا يتدخل للإنقاذ فما نسمي الأمر؟؟؟؟