تونس الخضراء

الدكتور عبد الرحمن بن صالح العشماوي


قُل لِمَـــنْ يأبى إلى الحـقِّ استماعا * هكذا يُقــــتَـــلَعُ البغْيُ اقتِـــــــلاعا

هكذا ينــــتفضُ المظــــلومُ ، حتى * يرحلَ الظــالمُ ، أو يُبدي انصياعا

قصَّةٌ ينقُـــــلُها التــــــــــاريخُ نقلاً * واضِحَ المعنى ، ويرْوِيها تِــــباعا

كمْ سِباعٍ فَـــتَــكَتْ ، لكنَّ شهـــــماً * واحِداً روَّعَ بالسَّـــــــهمِ السِّــــباعا

كمْ رأيــــنا ظالماً أغــــــراهُ نصرٌ * زائـــفٌ حتَّى تمـــــادى وأذَاعَـــــا

نامَ فـــي سكْرتِهِ عـــنْ كـــفِّ داعٍ * يـــــسألُ الله عــــــــن الحقِّ دِفاعا

حــــــــينَما زلْـــــــزلَهُ الله رأيْــــنا * وجْــــــهَه الكالـــحُ يــزدادُ امتقاعا

أدركَ المسكيـــــنُ أنَّ الظــــلْمَ نـارٌ * تأكُـلُ البــــغيَ وإنْ ذاعَ وشـــــاعا

ياضِعَافَ الأرضِ لا ترضوا بظلْـــمٍ * من رجـــــالٍ لبسوا فـــــيكم قناعا

همْ ذئـــابٌ وضـباعٌ ، كيف يصــفو * عيشُ منْ ولَّى ذئــــــــاباً وضباعا

أنا لا أدْعــــــو إلى العُنْــــفِ فهــذا * مسْلكٌ يُحدِثُ في الصَّرحِ انصداعَا

إنَّما أدْعـــــــوا إلى وقــــفةِ حـــقٍّ * ترفُضُ الحاكِـــمَ شيــــطاناً مُطاعا

تونُسَ الخضراءَ إنْ نـاداكِ شعري * واهِنَ الصوتِ ، فهـذا ما استطاعا

نحنُ لمْ نَغْفل ، فإنَّــــا في بـــــقـاعٍ * تخدِمُ الإســــلامَ ، ما أغلى البقَاعَا

رفــــرَفَتْ رايَاتُــــــنا بالأمــنِ حتَّى * أصبـحتْ في ظُلْمةِ العصرِ شُــعاعا

غيـــــرَ أنَّا ما نســــــينا كُلَّ شعبٍ * مسلمٍ أورثَهُ البـــــغيُ الصُّـــــداعا

نُصرةُ المظلومِ حـقٌّ ، منْ تراخى * دونَهُ ، ذاقَ انكــــساراً و الْتِـــياعا

تُونُسَ الخضراءَ إنَّ الظــلمَ لــــيلٌ * سوف يلْقى ،كيفما طالَ ، انقشاعا

إنَّها سُنَّـــــةُ هـــــذا الكــــونِ مهْما * أســــرَفَ الظَالِمُ وازْدَادَ انْــــدِفاعا

حيـــنما ينـــــتفضُ المظلومُ يحمي * أرْضَهُ ممَّنْ شرى الوهـــــمَ وباعا

ويُعـــــــيدُ الناسَ منْ رِحْلةِ وهـــمٍ * كُلَّ من رافق فيها الوهمَ ضـــــاعا

ليتَ من يسرفُ في الغفْوةِ يصْحـو * لـيرى صَــرْحَ الهوى كيفَ تداعى

إنَّه العــــدلُ ، فهــــلْ يفهَـــــمُ باغٍ * أنَّ هَـــــدْمَ العــــدْلِ لا يبني قِــلاعا

إنَّهُ العــــــــدلُ يُــريحُ الناسَ ممَّنْ * مـــلأَ الأرضَ خِــــــلافاً ونِـــــزاعا

إَّنهُ العدْلُ ، فمنْ حقَّـــــقَ عـــــدْلاً * قادَ في دوَّامةِ البحــــرِ الشِّــــراعا

تونُسَ الخضْراءَ إنَّ الحـقَّ غُصْـنٌ * مُـثْمِرٌ يجنيهِ منْ مـــــدَّ الذِّراعــــا

جامِـــــعُ الزَّيتــونةِ الأسمى سيبْقى * رمْــزَكِ الأسمى ، فزيــدِيهِ ارتفاعا

10/2/1432هـ