آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: أبونا بُوش في أدب جاهلي!!!/ أ.د جابر قميحة

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية نبيل الجلبي
    تاريخ التسجيل
    28/01/2009
    المشاركات
    5,272
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي أبونا بُوش في أدب جاهلي!!!/ أ.د جابر قميحة

    أبونا بُوش في أدب جاهلي!!!

    الأستاذ الدكتور جابر قميحة


    كانت ندوة عامرة تلك التي جمعتنا في منزل أحد الأساتذة الأصدقاء بالقاهرة . كان موضوع الندوة أبعاد ال: الشعر الجاهلي, ومدي قدرته علي تصوير المجتمع, ورسم البيئة والعصر . وانتهي حديث الندوة, وكأن الحاضرين كانوا ينتظرون هذا الانتهاء علي أحر من الجمر, لا لينصرفوا, ولكن «لينفجروا» في أحاديث عن أمريكا, و«الإمبراطور بوش» و«البوشيين». وهكذا فرض « بوش» نفسه علي ألسنة الحاضرين وأسماعهم, وكأن القضية الفلسطينية قد انتهي بها الأمر إلي النصر الحاسم, وعاد اللاجئون إلي ديارهم, وارتفع علم الإسلام علي القدس الشريف. أو كأن الشعب المصري قد تغلب علي مشكلاته في الطعام والشراب والتعليم والإسكان والطوارئ.

    إجماع.....

    وكان هناك شبه إجماع في الجلسة علي نقطتين أساسيتين:
    الأولي: استنكار قتل المدنيين الأبرياء بصرف النظر عن دينهم وجنسياتهم. والحكم يختلف بالنسبة للمدنيين في إسرائيل, فجميع سكانها من اليهود جنود في الجيش يستوي في هذا الوصف الرجال والنساء.
    الثانية: تجريم بوش وإدانته» لأنه يلقي التهم بلا دليل, ويبني علي الظن العشوائي أحكامًا تدمر الأبرياء من أفراد وشعوب. ومع ذلك يسمي خطة حملته أو حملاته - التي ما وضعت إلا للعدوان وسحق الشعوب - خطة «العدل المطلق».
    لقد ضرب أفغانستان - التي يعاني شعبها الفقر والمرض والجوع والتشريد -بقوي طاغية باغية في البر والبحر والجو تكفي لعدة حروب أكبر من الحربين الأولي والثانية...وما نزل وينزل بالعراق –من تدمير وتخريب ومذابح وهتك أعراض – لا يجهله أحد . وما زالت منظومة التآمر البوشي تمضي بخسة وقذارة ، على أيدي من ورثوه بدعوى حماية الاستقرار والأمن والسلام العالمي من العرب الإرهابيين , والمسلمين المتوحشين . وهم بهذه الادعاءات الباطلة يجعلون الحق باطلا , والباطل حقا .
    وكل ذلك يعني أننا نري «تطبيقًا عمليًا» للقصة التي قرأناها في الصغر عن «الذئب والحمل»... الذئب الذي أصر ابتداء أن يأكل الحمل, وبرر ذلك بأن الحمل «عكر عليه الماء» الذي يشربه من جدول يجري, فرد الحمل بأن الماء يمرّ بالذئب قبل وصوله إليه. ومع ذلك وثب الذئب علي الحمل وأكله.
    والذئب البشري ...أعني الامبراطور بوش ومن خالفوه يعربدون ويعبثون بشعوبنا كيفما ومتى شاءوا . ومن آلياتهم ومطاياهم حكام يصدعون بما يأمرون , يعضون في كراسي الحكم بأسنان من حديد .

    إنه رجل القرنين ….

    ولكن واحدًا من الحضور عارض ما انعقد عليه الإجماع, وعبّر عن رؤيته بأن أسلوب «بوش» كان هو الأسلوب الأمثل للقضاء المبرم علي «الإرهاب» في كل أنحاء العالم, بصرف النظرعن الخسائر. وختم كلامه بقوله:«وبعدها سيكون «بوش»هو رجل القرن».
    ضحكت, وقلت: ولماذا «سيكون»? إنه من الآن «رجل القرن» بل «رجل القرنين»: ففيه من «ذوات القرون» سمتان أساسيتان: الأولي: القوة. والثانية: الطيش والاندفاع. يقول الشاعر:
    كناطح صخرةً يومًا ليوهنها * فلم يضرٍها, وأَوٍهَي قرنه الوَعًلُ
    ويقول شاعر آخر:
    كعنز السوءً تنطحُ عالفيها * وترغب في نصالً الذابحينا

    حوار داخلي …..

    وفي حوار داخلي صامت مع نفسي قلت: يا عجبا!!.. أن يفرض «بوش» سلطانه علي العالم, وكثير من حكام الشعوب.. هذا وارد. ولكن غير الوارد وغير المعقول أن يفرض بوش نفسه علي ندوة في الشعر الجاهلي» لانعدام الرابطة الشبهية في أضيق صورها. ولكني سرعان ما استدركت, وقلت - في نفسي - بل علاقة الشبه قوية واضحة بين «جاهلية» ما قبل الإسلام, و«جاهلية» بوش والبوشيين, وهي تتمثل في القوة الغاشمة العمياء التي تري في ظلم الآخرين وتدميرهم عين الحق والصواب والعدل المطلق. وكأني ببوش يكرر بلسان الفعل والحال ما نطق به الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم بلسان المقال مفتخرًا بقومه:
    بغاةً ظالمين, وما ظُلمنا * ولكنا سنبدَأ ظالمينا

    * * *
    وفي الندوة تحدثت عن الشاعر الجاهلي الصعلوك ثابت بن جابر بن سفيان, الذي لقب بـ «تأبَّط شرًا», وغلب هذا اللقب علي اسمه حتي نسيه المؤرخون, وكان لصًا جبارًا مغيرًا, سريع العدٍو (الجري), فكان يسبق الخيل, ويري سرب الظباء, فيلاحقه, ويصيد منه أسمنه. وتعددت الروايات في سبب تسميته بـ «تأبط شرًا», ومنها أن أمه رأته يقصدها, وهو يحمل تحت إبطه «جرابًا ضخمًا مليئًا بالحيات فقالت عنه «تأبط شرًا». وقيل بل لأنه عاد إلي أمه أو قومه وهو يتأبط «الغول» - وهو جني أو حيوان أسطوري - فقيل عنه «تأبط شرًا», وكان دميمًا.. قبيحًا ضئيلاً, وكان يقول عن نفسه: إنما أغلب الكثرة إذا صرخت فيهم «أنا تأبط شرًا», فيخافون, ويهربون.
    وأقول: لقد رأينا اليوم «الإمبراطور بوش», وقد تأبط شرًا, بل شرورًا, لا في شكل سيف, أو أفاع, أو غول, ولكن في هيئة أساطيل وصواريخ, وطائرات, وذرَيات ومؤامرات وأحقاد? ألا نراه يهدد الآن العالم كله «من ليس معنا, فهو علينا», ونراه في «قرارات الإدانة» أسرع من «تأبط شرًا» في العدٍو وصيد الظباء ؟.

    مع مجمع الأمثال …..

    وأري أبا الفضل أحمد بن محمد النيسابوري (المعروف بالميداني) المتوفي سنة 518 هـ. أراه يناديني ويغريني بفتح كتابه «مجٍمع الأمثال», ويشدني شدًا إلي مثل يقول : «حظّ في السحاب, وعقل في التراب» . وهو مثل يضرب لمن حاز كل أسباب الغني, والقوة والإمكانات, ولا يملك الحد الأدني من العقل, وحسن التصرف . ويشدني «الميداني» إلي أمثال الغباء والحمق والطيش, وسوء التصرف. ومنها ما يقال للرجل الذي بلغ الغاية في هذا الوصف «أحمقُ من عجل - بكسر العين وتسكين الجيم - وهو رجل يدعى: عجل بن لجيم بن صعب. كان يملك جوادًا فقال له بعضهم «اطلق عليه اسمًا» حتي لا يُسرق أو يختلط بغيره, فقام, وفقأ عين الجواد, وقال «أسميه الأعور».

    الوعي .. الوعي …يا بوش …

    و بوش كان ضعيف الوعي بالتاريخ حتي القريب منه, فهو لا يعتبر بما حدث للأمريكان في فيتنام ولبنان والصومال, فقد كان يعتقد أنه سيستعيد كرامة الأمريكان, ويحقق النصر المؤزر المبين, والمجد الطائل بعد أن اقتحموا أفغانستان بسهولها الممتدة, وجبالها المعقدة, وكهوفها المجهولة, ولم يقدر بوش احتمال أن تكون النتيجة عكسية تمامًا. وما يقال عن أفغانستان يقال عن العراق , فقد قادت حماقة بوش قومه وحلفاءهم إلى مستنقع خانق لا يدرون كيف يخرجون منه .

    وهنا أجد «الميداني» يطرح عليّ هذا المثل: «ذهبَ الحمارُ يطلب قرنين, فعاد بلا أذنين». ومورد المثل - أي قصته الأصلية - أن الحمار كان يشعر بالمهانة والانكسار» لأنه يُضرب ويعتدي عليه, ولا يستطيع أن يرد عن نفسه العدوان, ولكنه يري «الثور» مهيبًا, تعجز الدواب الأخري أن تناله بسوء أو أذي. آه... لقد عرف السبب: فالثور له قرنان ينتهي كل منهما بطرف حاد كسن الخنجر, أما هو فلا يملك إلا أذنين طويلتين لا تدفعان عنه شرًا» لأنهما من «خامة» غضروفية طرية.
    وهداه تفكيره الجهنمي إلى أن يستبدل بأذنيه قرنين كبيرين. لكن كيف? وأنّي? ومتي? - لا.. بسيطة: في المربض المجاور عشرات من الثيران.. إذا ما حل الليل ربضت فيه, وراحت في نوم عميق. وفي ساعة السحر.. تسلل إلي المربض.. الحمد لله.. كل الثيران كانت تغط في نوم عميق... رأي في مدخل المربض ثورًا ضخمًا... وفي ضوء القمر تبين موضع الرأس منه. وفي لمح البصر هوي الحمار بأنياب فكه العلوي علي منبت القرن الأيمن لخلعه. فخار الثور خورة أيقظت كل «قبيلة» الثيران, وأخذت تعمل قرونها في جسم الحمار وخصوصًا رأسه حتي مزقت أذنيه, وأثخنته بالجراح, وولي هاربًا بما بقي له من قوة... إنها نكبة عاتية: تسلل إلي المربض طامعًا في الحصول علي قرنين... وغادر المربض هاربًا بعد أن فقد أذنيه.
    هل فهمت المثل ؟ على أية حال ندعو الله أن يحفظ عليك نعمة الأذنين يا أيها الإمبراطور المختل ... بوش .

    عن موقع رابطة أدباء الشام

    التعديل الأخير تم بواسطة السعيد ابراهيم الفقي ; 04/09/2016 الساعة 01:14 PM

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •