آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: "نظرة شاملة على السياسة الإسرائيلية الحالية"

  1. #1
    مترجم اللغة العبرية الصورة الرمزية عمرو زكريا خليل
    تاريخ التسجيل
    26/09/2006
    العمر
    52
    المشاركات
    588
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي هل تتجه مصر حقاً نحو حرب مع إسرائيل؟

    هل تتجه مصر حقاً نحو حرب مع إسرائيل؟

    في مَقالِهِ الذي نُشِرَ في "هآرتس" (4/12/2006) سعى عضو الكنيست يو?ال شتاينيتس (ليكود)، إلى إماطة اللثام عن وجه جارتنا الجنوبية (مصر) وكشف صورتها "الحقيقية".

    وبحسب إدعائه فإن تعاظم الجيش المصري وتدريباته ومناوراته العسكرية موجهة للحرب مع إسرائيل، وأن تزايد عمليات تهريب السلاح عبر محور فيلادلفي ما هو إلاّ جزء من خطة عمل مصرية لها غاية مزدوجة: "دعم هادئ للإرهاب" ضد إسرائيل ودعوة لنشر قوات مصرية أكبر في سيناء، بما يؤدي إلى إلغاء كون شبه جزيرة سيناء منطقة منزوعة بمقتضى ما نصت عليه معاهدة السلام بين البلدين.

    بصرف النظر عن النظرية التآمرية والنوايا السيئة التي ينسبها شتاينيتس لمصر، فإن مزاعمه هذه تتناقض تناقضاً تاماً مع السياسة التي تنتهجها مصر منذ ثلاثة عقود تقريباً. فلو كانت الزعامة المصرية تسعى إلى إلغاء الاتفاقيات مع إسرائيل أو الدخول في مواجهة عسكرية معها، لكانت قد استغلت عدداً لا يحصى من الفرص التي أُتيحت لها للعمل في هذا الاتجاه، وقد طالبت بذلك مراراً جماعات مصرية معارضة وحتى زعماء أنظمة عربية، إلا أن الزعامة المصرية رفضت كل هذه الدعوات بشدة. وقد صرَّح الرئيس المصري حسني مبارك مراراً وتكراراً بأن الذين يتحدثون عن الحرب لا يدركون أبعادها وانعكاساتها. كذلك فإن التجربة المصرية تشير إلى أنه لا يمكن تحقيق أية أهداف حيال إسرائيل سوى حول مائدة المفاوضات.

    في خريف العام 2000، وعلى أرضية اندلاع الانتفاضة والتصعيد في النزاع الإسرائيلي-العربي، ازداد الضغط الشعبي على الزعماء العرب لحملهم على اتخاذ مواقف أكثر تشدداً تجاه إسرائيل. وفي هذا السياق التأمت قمة عربية في القاهرة، هدد فيها متحدثون مختلفون، ومن ضمنهم عدد غير قليل من الزعماء والرؤساء، بشن حرب ضد إسرائيل أو على الأقل السماح بتجنيد متطوعين وإرسالهم إلى الأراضي المحتلة. وقد أكد الرئيس اللبناني إميل لحود حينئذٍ قائلاً: إذا لم نتحرك نحن القادة فإن الشعوب ستثور ضدنا وسندفع ثمناً باهظاً عن صمتنا. ودعا لحود إلى تبني قرارات عملية بروح مطالب الشارع العربي. الرئيس اليمني علي عبد الله صالح حث من جهته نظراءه العرب على عدم الخوف من إسرائيل، ووصفها في لهجة لم تتردد منذ سنوات في مؤتمرات دول الجامعة العربية، بأنها "سرطان في جسم الأمة العربية".

    رداً على ذلك صرّح الرئيس مبارك في اجتماع مؤتمر القمة "فوجئنا بسماع تهديدات يمكن أن تعرقل العملية (السياسية) وأن تعيد المنطقة إلى مناخ العنف واليأس والفوضى". وأكد بلهجة صارمة أن على الزعماء والقادة العرب تشخيص المصالح والمنفعة العامة وعدم الانجرار وراء الأصوات الداعية إلى تصعيد الصراع. ووضع مبارك كل ثقل مصر، واستطاع، بالتعاون مع ملوك وزعماء الأردن والسعودية والمغرب وتونس، أن يمنع اتخاذ قرار كان من شأنه أن يفاقم الأزمة.


    دور الجيش المصري في الماضي والحاضر

    من هنا يجدر بنا أن نعزو تقوية وتعزيز قدرات الجيش المصري وتزوده بمنظومات أسلحة متقدمة، إلى فهم الزعامة المصرية للدور الذي اضطلعت به قواتها المسلحة في الماضي وما زالت تضطلع به في الوقت الحاضر. فالإنجازات التي حققها الجيش المصري في "حرب أكتوبر" مهدت الطريق إلى السلام، وأجبرت إسرائيل على الجلوس إلى مائدة المفاوضات وإجلاء مستوطنيها وقواتها من كامل شبه جزيرة سيناء. وتشكل القوات المسلحة المصرية سنداً مهماً جداً للنظام، وبالتالي يعتبر تعزيزها ضمانة للاستقرار الداخلي وتعبيراً يجسد كون مصر دولة مركزية في الشرق الأوسط المثخن بالأزمات.

    وكأي جيش آخر، فإن الجيش المصري أيضاً يستعد لسيناريوهات تحتمل التصعيد والنزاع المسلح. ومصر لا تثق بإسرائيل أكثر من ثقة إسرائيل بجارتها الجنوبية، ولا شك في أن تعاظمها العسكري مرتبط أيضاً بتعاظم إسرائيل عسكرياً. ومن المحتمل أيضاً أن قادة الجيش المصري يقيمون في قراراتهم وزناً معيناً للتهديدات التي يطلقها بعض الساسة الإسرائيليين. على سبيل المثال تصريحات الوزير أفيغدور ليبرمان الذي هدد بقصف السد العالي (سد أسوان) وبإنزال كارثة بيئية على المجتمع المصري، أو مثلاً تصريحات المزايدة والتفوهات الطائشة التي اعتاد عضو الكنيست يو?ال شتاينيتس على إطلاقها في السنوات الأخيرة (حتى أثناء توليه لمنصب رئيس لجنة الخارجية والأمن) والتي يُتوقع بموجبها اندلاع نزاع عسكري بين البلدين.

    الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس (الراحل) أنور السادات إلى إسرائيل العام 1977 والاتفاقيات التي وقعت بين البلدين عقب ذلك، شكلت نقطة تحول إستراتيجية في السياسة المصرية تجاه إسرائيل. وقد تم في ضوء ذلك إرساء نهج واضح لتسوية النزاع العربي-الإسرائيلي على أساس صيغة أو معادلة "الأرض مقابل السلام"، وأن تشمل "صفقة الرزمة" الاعتراف المتبادل والانسحاب وترسيم الحدود وترتيبات أمنية وتطبيع العلاقات، بالإضافة إلى جداول زمنية ومبادئ موجهة لتنفيذ التزامات الأطراف. في المقابل أخذت الولايات المتحدة الأميركية على عاتقها تقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية شاملة دعماً لتوجه الأطراف واستعدادها للتوصل إلى تسوية سلمية للنزاع في الشرق الأوسط.

    الإستراتيجية السياسية التي رسمها الرئيس السادات استمرت أيضاً طوال الـ 25 عاماً من حكم الرئيس مبارك في مصر. وقد أدت سيرورات وتطورات إقليمية وعالمية (وفي مقدمتها انهيار الاتحاد السوفياتي) إلى تغيير في الموقف العربي تجاه مصر، حيث ألغيت المقاطعة التي فرضت عليها من قبل معظم الدول العربية عقب توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، وعادت مصر لتلعب دوراً مركزياً في الساحة الشرق أوسطية. نظام الرئيس مبارك، الذي أصبح راعياً لمنظمة التحرير الفلسطينية، بذل جهوداً جمة في إقناع ياسر عرفات بتبني وقبول صيغة "الأرض مقابل السلام". وقد جاءت اتفاقيات أوسلو، وكذلك مبادرة السلام العربية التي أُقرت بالإجماع في قمة بيروت (آذار 2002) منسجمة مع المنهج السياسي المصري.

    لقد وطدت مصر مكانتها كقوة إقليمية كبرى، ولسياستها تأثير بالغ على التطورات في الشرق الأوسط. هذه المكانة والصورة أتاحتا لمصر التمتع بمساعدات وتأييد دوليين على نطاق منقطع النظير، حيث تدفقت طوال السنوات الماضية عشرات مليارات الدولارات على الخزينة المصرية الفقيرة وشطبت مبالغ ضخمة من الدَين القومي المصري. معاهدة السلام مع إسرائيل وقعها رئيس مصري قاد 40 مليون شخص، اليوم يقود الرئيس مبارك 80 مليون مصري.

    هذا الواقع الذي تضاعف فيه عدد السكان أدى إلى ازدياد الضغط بما لا يقاس على البُنى التحتية والخدمات في بلاد النيل، علماً أن معظم مداخيل مصر مرهونة باستمرار سياستها الشرق أوسطية، وفي صلبها: السلام مع إسرائيل والشراكة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة. وعليه فإن أي تصعيد خطير في العلاقات المصرية مع إسرائيل سيقلص بصورة ملموسة مداخيل مصر المتأتية من المساعدات الخارجية والسياحة ورسوم المرور في قناة السويس والصادرات النفطية، وسيلحق ضرراً فادحاً بمصالحها القومية.

    دور الوسيط


    إلى جانب التزام كل من مصر وإسرائيل بالاتفاقيات السياسية الموقعة بينهما، فإن زعماء البلدين غير متفقين في رؤيتهم للوضع في الشرق الأوسط، وخاصة ما يتعلق بسبل الخروج من الأزمات التي تمر بها المنطقة. فالزعامة والجمهور في مصر ينتقدون سياسة القبضة الحديدية التي تسم الكثير من الأنشطة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ويجدون فيها تعبيراً آخر لعدم استعداد إسرائيل دفع ثمن السلام مع العرب بشكل عام، والفلسطينيين بشكل خاص. فضلاً عن ذلك فإن سياسة "عدم وجود شريك" والخطوات الأحادية الجانب التي تتبعها إسرائيل تغذي دائرة العداء.

    إلى ذلك فإن مسألة الذرَّة تشكل موضوعاً خلافياً آخر بين البلدين، وتنتقد مصر بشدة رفض إسرائيل الانضمام لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي.

    ويعتقد المصريون أن الخروج من الأزمات الخطيرة التي تعم الشرق الأوسط يتطلب تغييراً ملموساً وجوهرياً في سياسة كل من إسرائيل والولايات المتحدة بالدرجة الأولى. وتلعب مصر أكثر من أية دولة أخرى دوراً كبيراً في محاولات الحفاظ على استمرار "التهدئة" وإقناع إسرائيل بوقف عملياتها وأنشطتها العسكرية في قطاع غزة والضفة الغربية وكذلك في إتمام صفقة مبادلة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت بمعتقلين فلسطينيين.

    وقد عززت مصر، بناء على طلب إسرائيل، قواتها في محور فيلادلفي، غير أن محافل استخبارية إسرائيلية تدعي أن عمليات تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة ازدادت بشكل مكثف. من حق إسرائيل أن تطالب مصر بزيادة مكافحتها لعمليات التهريب هذه، ولكن يجب أن لا ننسى أن المنطقة كانت مليئة بالأنفاق والمهربين عندما كان آلاف الجنود الإسرائيليين ما زالوا منتشرين على امتداد الحدود بين قطاع غزة والأراضي المصرية.

    في بحث الولايات المتحدة اليائس عن مخرج من مأزقها في العراق، يمكن لمصر والسعودية (وحتى سورية) لعب دور أكبر في تسوية النزاعات في الشرق الوسط، ولا سيما في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني وإعادة الاستقرار إلى العراق. هذا الأمر يمكن أن نجد تعبيراً جلياً له في تقرير بيكر- هاملتون، والذي نص في موقف مشابه جداً للموقف المصري على أن "الولايات المتحدة لن تستطيع تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط، إلاّ إذا اهتمت بشكل مباشر بالنزاع العربي- الإسرائيلي وبانعدام الاستقرار الإقليمي".

    هذا التقرير، الذي يُعبر عن تقديرات يتبناها الكثيرون (في الولايات المتحدة وخارجها) يوفر لمصر فرصة ذهبية لتعزيز مكانتها ودورها في حلبة الشرق الأوسط وضمان تدفق المساعدات الضرورية جداً للمجتمع والنظام في بلاد النيل.

    [ترجمة "مدار"]

    ___________________________

    * د. يورام ميتال هو رئيس "مركز حاييم هرتسوغ لدراسة الشرق الأوسط والدبلوماسية" في جامعة "بن غوريون" في بئر السبع.

    عمرو زكريا خليل
    مترجم لغة عبرية
    عضو مجلس إدارة أكاديمية آفاق الدولية
    باحث فى الشئون الاسرائيلية
    مشرف منتدى اللغة العبرية (سابقاً)

  2. #2
    مترجم اللغة العبرية الصورة الرمزية عمرو زكريا خليل
    تاريخ التسجيل
    26/09/2006
    العمر
    52
    المشاركات
    588
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي "نظرة شاملة على السياسة الإسرائيلية الحالية"

    "نظرة شاملة على السياسة الإسرائيلية الحالية"


    هذه الوثيقة صادرة عن وزارة الخارجية الإسرائيلية في 13 آذار 2007 بعنوان "الوضع في الشرق الأوسط- نظرة شاملة على السياسة الإسرائيلية الحالية" تتطرق إلى الوضع في المنطقة والتطورات في فلسطين ولبنان وإيران وسورية، علمًا بأنها صدرت قبل تأليف حكومة الوحدة الفلسطينية، وتوضح بعض مفاصل السياسة الإسرائيلية الحالية

    الوضع في الشرق الأوسط

    شهدنا خلال العام الماضي مؤشرات متزايدة إلى إعادة التخطيط الإستراتيجي في الشرق الأوسط، الأمر الذي يتطلب إعادة تقييم فرضيات معينة سائدة عن المنطقة. فهذه المنطقة لم تعد منطقة مقسمة بين الإسرائيليين والعرب بقدر ما هي مقسمة بين أولئك الذين يؤمنون بالتسامح والتعايش- أيا كانت هويتهم الوطنية والدينية- وأولئك الذين يرفضون شرعية أية أيديولوجية أو مصلحة غير أيديولوجيتهم أو مصلحتهم ولذا فهم على استعداد للجوء الى ممارسة العنف العشوائي من أجل المضي قدما بقضيتهم.

    في هذا السياق، نشهد جهودا مكثفة تبذلها قوى راديكالية مثل إيران وحزب الله وحماس من أجل تعزيز نفوذها السياسي والعسكري. وتسعى هذه القوى بهمة ونشاط الى تحويل نزاعات سياسية بطبيعتها وقابلة للحل، الى صراعات دينية غير قابلة للتسوية من خلال التفاوض أو المصالحة.

    يسود الاعتقاد أحيانا بأن الصراع الإسرائيلي- العربي هو السبب وراء هذا التطرف. لكن الأقرب الى الصواب والصحة هو القول بأن الإخفاق في مواجهة هذه القوى المتطرفة وهزمها هو الذي أبقى هذا الصراع حيا قائما.

    ويتجلى هذا التقسيم الواضح بين القوى المعتدلة والمتطرفة في جميع أرجاء الشرق الأوسط، الأمر الذي يتطلب منا بذل جميع الجهود وتنسيقها، مستخدمين جميع الوسائل المتاحة لنا، لكي نشد أزر الملتزمين بشرق أوسط يسوده الاستقرار والأمن والسلام بينما نعمل على إضعاف أولئك الذين يؤمنون بأجندة راديكالية أصولية وعلى تجريدهم من صبغة الشرعية.


    السلطة الفلسطينية

    تبقى إسرائيل شديدة الالتزام بحل الدولتين، تمشيا مع رؤيا خريطة الطريق. كما تؤيد إسرائيل إقامة دولة فلسطينية مزدهرة وفاعلة وقابلة للحياة تكون وطنا للشعب الفلسطيني، تنبذ الإرهاب والعنف والتحريض نبذا تاما، وتعيش إلى جانب إسرائيل في سلام وأمن حقيقيين. وتؤمن إسرائيل بأن المعتدلين في جميع أرجاء المنطقة وفي العالم أجمع يشاطرونها هذه الرؤيا.

    وكما أظهرت خطة الانفصال الإسرائيلية العام 2005 عن غزة وأجزاء من الضفة الغربية، فإن إسرائيل تدرك أن حل الدولتين يتطلب مخاطرة جسيمة وتضحيات مؤلمة، وهي مستعدة رغم ذلك للإقدام على هذه المخاطرة وتقديم هذه التضحيات. هذا وقد ظلت إسرائيل ملتزمة بالعمل مع المعتدلين في الجانب الفلسطيني الذين يؤمنون حقا برؤيا حل الدولتين، ممن لديهم الاستعداد لتطبيق خريطة الطريق وكذلك الاستعداد والجاهزية لقبول الحلول الوسط والمصالحة التاريخية اللازمة لتحويل هذا الحلم أو هذه الرؤيا إلى حقيقة واقعية.

    مما يؤسف له أن الآمال في تحقيق حل الدولتين بموجب خريطة الطريق قد تعرضت الى نكسة خطيرة مع تولي منظمة حماس الإرهابية مقاليد الحكم في السلطة الفلسطينية، وهي منظمة تعارض بشكل أساسي ومبدئي عملية السلام والتعايش الحقيقي بين الشعبين.

    يستحق المجتمع الدولي في هذا الصدد، وبضمنه الاتحاد الأوروبي والرباعية الدولية، كل المديح والإطراء، على مواصلتهم الإصرار على ضرورة التزام أي حكومة فلسطينية سيتم تشكيلها التزاما كاملا بتطبيق مبادئ الرباعية الدولية الثلاثة وهي: نبذ الإرهاب والعنف، الاعتراف بإسرائيل، والقبول بالاتفاقيات والالتزامات السابقة بما فيها خريطة الطريق.

    في أعقاب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مكة بين فتح وحماس حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، أصبح ضروريًا أن يواصل المجتمع الدولي إصراره على الاستيفاء التام والكامل لهذه المبادئ. فهذه المطالب ليست عقبة في طريق السلام بل من المقومات الأساسية لإحلال السلام؛ ولذلك يجب ألا تكون موضع مفاوضات أو صياغة غامضة مبهمة ويجب الوفاء بها وبالكامل من قبل أي حكومة فلسطينية يتم تشكيلها، لتحظى الأخيرة بالشرعية والتعاون من جانب المجتمع الدولي.

    وعندما يرفض المجتمع الدولي إضفاء صبغة الشرعية لحكومة أو منظمة ترفض هذه المبادئ الأساسية من أجل التوصل الى السلام، فإنه بذلك يعزز مكانة المعتدلين في المجتمع الفلسطيني، ويسهل الجهود لتعاون مثمر بين إسرائيل والمعتدلين الفلسطينيين، وفي ذات الوقت يظهر بشكل جلي وواضح بأن طريق التطرف لن تحقق أي نتائج على الصعيد الفلسطيني الداخلي كما لن تكون مقبولة على المجتمع الدولي.

    إن قدرة إسرائيل على التعاون وإحراز تقدم مع المعتدلين في الجانب الفلسطيني منوطة وبشكل وثيق بمواصلة المجتمع الدولي لرفضه إضفاء صبغة الشرعية لأية حكومة يتم تشكيلها في السلطة الفلسطينية تخفق في التطبيق الكامل لمبادئ الرباعية الدولية؛ وستتأثر هذه القدرة تأثرا كبيرا أيضا من مدى استعداد المعتدلين الفلسطينيين لإظهار التزامهم بمبادئ الرباعية الدولية-سواء من خلال التصريحات أو الأفعال. ويتوجب أن يشمل ذلك بذل جهود حقيقية لتأمين إطلاق سراح العريف غلعاد شليط الذي ما زال محتجزًا، ووضع حد للاعتداءات الإرهابية المستمرة، بما في ذلك وقف إطلاق صواريخ القسام على التجمعات السكنية الإسرائيلية، ووقف تهريب الأموال والأسلحة غير المشروعة إلى مجموعات فلسطينية إرهابية عبر الحدود بين مصر وغزة.

    في الوقت ذاته تواصل إسرائيل دعم الجهود لسد الاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني؛ وترحب بتقديم المساعدات الإنسانية المباشرة للفلسطينيين من قبل المجتمع الدولي، وذلك من أجل تحسين أوضاع السكان الفلسطينيين، دون التعاون أو منح الشرعية لحكومة فلسطينية ترفض قبول مبادئ الرباعية الدولية قبولا كاملا وتاما .

    من جانبها تبنت الحكومة الإسرائيلية إجراءات تهدف الى تسهيل الحركة والتنقل والموصولية فيما يتعلق بالأشخاص والبضائع؛ والى زيادة حجم حركة العبور عبر المعابر؛ وإلى تحسين البنية التحتية لشبكة الطرق والمياه؛ والى إنعاش الاقتصاد من خلال تعزيز العلاقات التجارية بين المدن والقرى؛ وتشجيع الاعتمادات؛ وإتاحة إعادة العلاقات المصرفية الاعتيادية مع المصارف الإسرائيلية.

    لقد شهد معبر كارني، الذي يعتبر العمود الفقري للاقتصاد الفلسطيني، زيادة في عدد الشاحنات والحاويات العابرة على أساس يومي، والمقدر حوالي 500 الى 600 شاحنة في كلا الاتجاهين يوميا. الآن وبعد أن اتخذ قرار يقضي بتمديد ساعات العمل في المعبر حتى الساعة الحادية عشرة ليلا يجب أن يبلغ المعبر كامل طاقته وقابليته بحيث يتيح عبور حوالي ألف شاحنة يوميا، وذلك خلال الأسابيع القليلة القادمة. أما موضوع تزويد المياه ومشاريع معالجة مياه المجاري والمياه العادمة فيحظى بكبير أهمية من قبل الحكومة الإسرائيلية. كما يتم وبمساعدة المجتمع الدولي مؤخرا ربط قرى إضافية في الضفة الغربية بشبكة المياه الإسرائيلية. وهناك أيضا مشروع البنية التحتية للكهرباء الذي تشارك فيه الحكومة الإسرائيلية مشاركة كبرى؛ وتجري حاليا مباحثات مع الأردنيين من أجل إمداد أريحا بالكهرباء من الأردن.

    في أعقاب الاجتماع بين رئيس الوزراء أولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن في شهر كانون الثاني أفرجت الحكومة الإسرائيلية عن مبلغ 100 مليون دولار من عائدات الضرائب المحتجزة لتعزيز مكانة مكتب الرئيس الفلسطيني والحرس الرئاسي.


    لبنان

    تتعرض المصالح المشتركة للمعتدلين في لبنان وفي المنطقة بأسرها للخطر من قبل القوى الراديكالية التي تسعى الى إرغام المجتمع اللبناني على خدمة أجندتها المتطرفة؛ وتشاطر إسرائيل المجتمع الدولي والقوى المعتدلة في الشرق الأوسط ولبنان ذاته الرغبة في رؤية الاستقرار والأمن يسودان كل ربوع لبنان بعيدا عن التدخل الأجنبي، ليمارس لبنان سيادته ويحتكر وحده دون غيره حق استخدام القوة فوق جميع أراضيه، وهو يعيش في سلام ويحترم حقوق جيرانه.

    لقد أبرز الصراع الأخير في لبنان المخاطر التي تهدد المنطقة في حالة عدم تحقق الأهداف المذكورة آنفًا في لبنان. وكانت منظمة حزب الله الإرهابية، التي تسلحها وتمولها وتساندها كل من سوريا وإيران، قد أشعلت نار مواجهة عسكرية في الصيف الماضي، وذلك عندما شنت اعتداءً على إسرائيل - لم يسبقه أي استفزاز- عبر الخط الأزرق- وهو الخط الذي انسحبت إليه إسرائيل تمشيا مع امتثالها الكامل والأكيد لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 425 قبل هذا الاعتداء بست سنوات. وعلى الرغم من الانتكاسات الخطيرة التي منيت بها تلك المنظمة خلال المواجهات العسكرية بقيت منظمة حزب الله عازمة على تقويض دعائم الحكومة اللبنانية وعلى زعزعة استقرار المنطقة خدمةً لأغراض إيران الراديكالية.

    في هذا السياق يجب التأكيد على مدى أهمية قراري مجلس الأمن الدولي 1559 و1701. وإسرائيل من جانبها تثني على المجتمع الدولي لدعمه هذين القرارين وعلى استعداد بضع دول أوروبية المساهمة بعدد لا بأس به من الجنود في قوة يونيفيل جديدة- تتمتع بتفويض قوي وفعال- لمساعدة القوات اللبنانية المسلحة على ممارسة مسؤولياتها السيادية.

    إن ضمان التطبيق الكامل للقرارين 1559 و 1701 هو بمثابة اختبار حاسم بالنسبة للمجتمع الدولي، كما انه شرط مسبق لإقامة دولة لبنانية كاملة الاستقلال والسيادة؛ أما الإخفاق في تطبيق هذين القرارين فسينظر إليه وكأنه انتصار للقوى المتطرفة ودليل على الوهن الدولي، ليشكل سابقة سلبية بمجال المشاركة الدولية في حل صراعات المنطقة.

    لبالغ الأسف ما زالت هناك عقبات تعترض سبيل تطبيق هذين القرارين. وفيما يتعلق بالخروقات المستمرة للقرار 1701 يبقى الجنديان الإسرائيليان إلداد ريغف وإيهود غولدفاسر محتجزين. وفي الجنوب، من جهة يكون هناك دليل على الحد من حرية حزب الله في العمل، وفي الوقت ذاته لا تستغل قوات يونيفيل دائما وبصورة صحيحة التفويض القوي والصلاحية الممنوحة لها لكي تضمن، بالتعاون مع القوات اللبنانية المسلحة، خلو جنوب لبنان من الجماعات المسلحة والأسلحة ولكي تضمن "عدم استخدام الجنوب للقيام بعمليات عدائية من أي نوع كان" كما ورد في القرار 1701.

    إن غياب أي خطوات ملموسة لنزع سلاح حزب الله وتفكيكه تمشيا مع القرارين الدوليين المذكورين، والفشل في تطبيق حظر فعال على وصول الأسلحة الى حزب الله يعتبر سببا يدعو الى القلق بشكل خاص. فقد شهدت الأشهر الأخيرة جهودا مكثفة من قبل حزب الله لإعادة تسليح عناصره، بخاصة عبر الحدود السورية – اللبنانية، بأسلحة تزوده بها دمشق وطهران، وذلك من خلال انتهاك مباشر للقرار 1701. وإضافة إلى ذلك، بقيت عناصر حراس الثورة الإيرانية تنشط في لبنان وتعمل بتعاون وثيق مع قوات حزب الله.

    إن تكديس الأسلحة لدى حزب الله، كما اعترف بذلك ممثلوه جهارا، يعتبر تحديا مباشرا من جانب حزب الله وسوريا وإيران للحكومة اللبنانية، للمجتمع الدولي ولقوات اليونيفيل. فهذه الأسلحة غير مشروعة؛ وهي تزعزع استقرار لبنان، مثلما تعرض قوات يونيفيل للخطر وتشكل تهديدا على إسرائيل أيضا. وكلما ازدادت انتهاكات وخروقات حزب الله، تزداد معها مخاطر تجدد أعمال العنف وضرورة بقاء إسرائيل متيقظة من أجل الدفاع عن مواطنيها بوجه أي تهديد من قبل حزب الله.

    المطلوب هو جهد دولي دبلوماسي أكثر تنسيقا وكثافة وفاعلية لضمان تطبيق القرار1701. وفي هذا السياق، لا بد من تشجيع قوات يونيفيل على الاستغلال الكامل للسلطة الممنوحة لها بموجب هذا القرار، من حيث تصورها للقيام بعمليات وقواعد الاشتباك لكي تطبق تلك القوات التفويض الذي كلفت به، كما يجب بذل كل جهد مستطاع بغية تطبيق حظر الأسلحة وتأمين إطلاق سراح الجنديين الإسرائيليين المخطوفين. وفي الوقت ذاته، يجب ربط جهود المجتمع الدولي الهامة، بما في ذلك جهود دول الاتحاد الأوروبي الكبرى، الرامية الى المساعدة في إعادة إعمار لبنان، بفاعلية أكبر من أجل تحقيق أهداف القرارين 1559 و 1701.

    تعتمد القوى المتطرفة على ضعف عزيمة المجتمع الدولي لكن تهيمن على المعتدلين في لبنان وفي المنطقة بأسرها الذين يعولون على اقامة لبنان السيادي الذي يعيش بسلام مع جيرانه. إن الفشل في اتخاذ إجراء الآن سيزيد من صعوبة العمل وسيزيد من تكلفة مثل هذا الإجراء في المستقبل. كما أن الوقوف الحازم إلى جانب المعتدلين والتطبيق الكامل للقرارين 1559 و 1701 هما وحدهما يشكلان الحائل دون تجدد المواجهات ويضمنان تحقيق أهدافنا المشتركة.

    إيران


    ليس هناك تهديد أكبر لاستقرار وأمن الشرق الأوسط اليوم من التهديد الذي يشكله النظام الراديكالي في طهران. حيث يشكل النظام الإيراني خطرا استراتيجيا متناميا وجليا ليس على إسرائيل وغيرها من دول المنطقة فحسب، بل على قيم العالم الديمقراطي، على المجتمع الدولي وعلى الأمن العالمي عموما.

    تتوقع إسرائيل من المجتمع الدولي أن يستخدم كل ما يتوفر من الأدوات الموجودة في "جعبته الدبلوماسية" من أجل حمل القيادة الإيرانية على تغيير سياستها فيما يتعلق بتطوير برنامجها النووي ووضع حد للتهديد الذي توجهه سياساتها وتصرفاتها للمنطقة.

    إن الطريقة الوحيدة لحمل إيران على إعادة تقييم سياستها تأتي من خلال ممارسة ضغوط قوية-لا لبس فيها- عليها لكي تطبق مطالب مجلس الأمن وكذلك القيام بإجراءات إضافية من قبل دول تتمتع بنفوذ اقتصادي ومالي قوي في إيران.

    تجدر الإشارة الى أن التقرير الأخير لوكالة الطاقة الذرية الدولية، الصادر بتاريخ 22 فبراير/ شباط 2007، يعكس مرة أخرى استهانة إيران بقرارات مجلس الأمن وبالأعراف والمعايير الدولية، ومثلما تحدّت إيران قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1737، فإن من الضروري الإسراع في العمل لاستصدار قرار إضافي عاجل يشمل عقوبات أكثر قوة وشمولية ضد النظام الإيراني.



    يشكل برنامج إيران النووي تهديدا على العالم بأسره، وهذه التركيبة لقيادة متطرفة تدعم الإرهاب وتنكر حق دول أخرى في الوجود سوية مع القدرة على الوصول إلى أوروبا وأنحاء أخرى من العالم بصواريخها البعيدة المدى يجب أن تثير القلق لدى الجميع.

    في إيران نفسها يواجه العالم نظاما تدفعه وتحركه أيديولوجية دينية متطرفة تتطلع إلى الهيمنة على المنطقة، فرض أجندته الراديكالية، ومنع التوصل الى سلام بين إسرائيل وجيرانها. وفي هذا السياق، فإن رعاية إيران للعديد من المجموعات الإرهابية تشكل مصدر قلق عظيم. وما تقدمه إيران من مساعدات في مجال تمويل وتدريب وإرشاد حزب الله وحماس هو بمثابة عامل عدم استقرار بوجه خاص في الشرق الأوسط ومن شأنها، إذا لم يتم كبح جماحها، أن تقوض كل جهد يرمي الى إحياء عملية السلام.

    إن مطامح إيران النووية وأجندتها الراديكالية تقترن بدعاية رئيسها اللاسامية الوضيعة، بإنكارها للكارثة، ودعوتها الى "محو إسرائيل عن الخارطة". إسرائيل من جانبها تثمّن وتقدّر الموقف الأخلاقي القوي الذي اتخذته دول عدة في العالم، والتي أعلنت بأن تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وغيره من أفراد نظامه هي تصريحات غير مقبولة بتاتا. في هذا الصدد تناشد حكومة إسرائيل المجتمع الدولي مواصلة اليقظة والحيطة ونبذ أي مظهر من مظاهر اللاسامية نبذا قاطعا غير قابل للتأويل.


    إسرائيل
    سوريا

    ملتزمة بالسلام مع جميع جيرانها، وبضمنهم سوريا، وهي تدرك بأن سلاما كهذا يحتاج الى حلول وسط وتسويات، وعلى الرغم من التصريحات الطنانة التي صدرت عن جهات من النظام السوري، فقد فشلت دمشق حتى الآن في البرهنة على أنها قد اتخذت من خيار السلام خيارا حقيقيا وإستراتيجيا. فسياسة سوريا وأفعالها في مجالات متنوعة تظهر باستمرار أنها تدفع باتجاه أجندة راديكالية تزعزع استقرار المنطقة، مما يتناقض مع تصريحاتها الموجهة الى الجماهير الغربية.

    تعتبر سوريا سببا مركزيا لعدم الاستقرار في لبنان، فهي تواصل حتى يومنا هذا تقديم الدعم الواسع والأسلحة إلى حزب الله في خرق مباشر وسافر للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن الدولي.

    كما تتباهى سوريا باستضافة ودعم منظمات إرهابية عديدة، منها منظمة الجهاد الإسلامي ومنظمة حماس الفلسطينيتان. وبهذا الصدد نشطت سوريا بشكل خاص في تشجيع العمليات الإرهابية ضد المواطنين الإسرائيليين، وذلك من خلال تقديم الدعم المباشر لنشاطات قادة الجهاد الإسلامي وحماس، الذين وفرت لهم المأوى ومنحتهم حرية العمل فيها. هذا وتواصل سوريا أيضا لعب دورها في مجال زعزعة الاستقرار في العراق، حيث عبرت عن دعمها للقوى الراديكالية بتحالفها الوثيق المتزايد مع طهران.

    إن هذا النمط المستمر للسلوك التخريبي الهدام يدل على أن سوريا ما زالت تختار أن تكون جزءا من المشكلة، بدلا من أن تكون جزءا من الحل، وفي ضوء هذا الموقف يبدو وكأن دعوات سوريا الأخيرة لإجراء محادثات قد جاءت من أجل تخفيف الضغط الدولي والعزلة التي جرتها عليها سياساتها. ولا تشكل هذه الدعوات دليلا على التزام حقيقي بالتعايش والسلام. إن التعاطي مع النظام السوري، في غياب أي تغيير حقيقي في أفعاله على الأرض، سيكون بمثابة مكافأة للنظام على سياسات عرضت الشرق الأوسط والسلام للخطر.

    تعتقد إسرائيل بأنه يتوجب على المجتمع الدولي أن يوضح لسوريا أن الالتزام بخيار السلام يظهر ويتجلى من خلال الأفعال وليس من خلال التصريحات والأقوال . والرسالة الموجهة الى النظام السوري يجب أن تكون: إن الطريق إلى الشرعية الدولية وتجديد التعاطي مع المجتمع الدولي يمران من خلال تحول وتغيير واضح وملموس في النهج السوري.

    (المصدر- موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية على شبكة الانترنت)

    عمرو زكريا خليل
    مترجم لغة عبرية
    عضو مجلس إدارة أكاديمية آفاق الدولية
    باحث فى الشئون الاسرائيلية
    مشرف منتدى اللغة العبرية (سابقاً)

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •