مكافحة الإرهاب في العراق بين خرق القانون وشكل القوات

إعداد مركز صقر للدراسات الإستراتيجية

يعتبر الدفاع والأمن هما مرتكزان محوريان للعقيدة الأساسية للدول المتحضرة والتي تترجم العقيدة السياسية الوطنية, وتعتمد على عدد من الثوابت أبرزها الحفاظ على وحدة الوطن وحماية حدوده الخارجية من التهديدات الأجنبية, وإحكام السيطرة على المظاهر العسكرية وحصرها بالدولة وفق منظومة قانونية تتيح تطبيق الأمن والنظام والحفاظ على الحقوق والحريات المجتمعية, مع تامين حماية الشعب حسب القوانين ومنظومة الصكوك الإنسانية ومزاوجتها مع حقوق المواطنة الأساسية ,والتي يقرها الدستور الدائم , ومنع الاختراقات الإرهابية الإيديولوجية الهجينة , والتي لا تتسق مع الانصهار الوطني , وجميع تلك العوامل ترتبط بمنظومة علمية حرفية دولية تخضع لمعايير العلم العسكري وفن الإستراتيجية العسكرية والتي سطرت كمسالك علمية رصينة لبناء الدولة المتحضرة, والتي تحتكر استخدام القوة لتطبيق النظام وتحقيق الأمن, خصوصا بعد استكمال جوانبه الانسيابية ومعالجة العوامل المغذية التي تؤدي إلى تناسل العنف وشياع ظواهر القمع والإرهاب السياسي وضبط إيقاع عمل المؤسسات الأمنية والعسكرية وفق المفهوم القانوني والوطني الإنساني, وضرورة حيادية القوات وتحديد ولاءاتها لحماية الوطن والشعب حصرا, ولان القوات المسلحة هي انعكاس للشعب وتعمل لخدمته وفق فلسفة العقد الاجتماعي , والذي يتنازل فيه المواطن عن جزء يسير من حريته لتحقيق أمنه وتنميته وإدامة عطائه, وفي ظل تعاظم ظاهرة مكافحة الإرهاب التجارية وبطابعها الأيديولوجي الذي تذكيه شركات الأمن القومي الأجنبية , والتي تعمل على إصدار قوانين صارمة تتسق مع ترويج تجارتها من أدوات ومعدات وتجهيزات, وبناء مؤسسات أمنية خارج القانون وبعقائد أمنية هجينة ومسالك عملياتيه افتراضية لا تتسق مع الواقع الاجتماعي العراق , وسلوك فض لا يرتقي لمعايير الأداء العسكري الوطني وتتمتع تلك القوات المقتبسة بسلطة القتل خارج القانون, وشياع ظواهر عدم محاكمة المشتبه به أو المتهم كحق قانوني كفله الدستور والصكوك الدولية, وكذلك محاكمة العسكري الذي يرتكب القتل والتعذيب من هذه القوات , مما يساهم في تناسل بؤر العنف كنتيجة طوعية لاستباحة الدماء واستخدام القوة المفرط وشياع ظواهر الإرهاب السياسي والفكري الذي تمارسه الأحزاب ومليشياتها والسلطة وأدواتها وضمن فلسفة صناعة الإرهاب وتجارة الأمن.

قانون مكافحة الإرهاب وانتقائية التطبيق

أصرت دوائر الاحتلال الأمريكي على إصدار قانون مكافحة الإرهاب رقم (13) لسنة 2005

بقانون خاص من ستة مواد ليكون منظومة قانونية صارمة تستخدم لتفتيت البنى التحتية الاجتماعية في العراق, وتوصيف المقاومة الوطنية والمعارضة السياسية بالإرهاب, وبذلك تبرر تجارة الشركات الأمنية في مسارح الأمن القومي, والذي أصبح هوس مفروضا لعدو وهمي وفق فلسفة تضخيم التهديد أو صناعته , وقد استنزفت المال العام العراقي بأرقام فلكية ,ولعل الشعب العراقي الجائع أحق بها, ولابد من مناقشة هذا القانون وكيفية تطبيقه بشكل لا قانوني وقد استطاعت الأحزاب الوافدة والمرتبطة بأجندات إقليمية وأيديولوجيات هجينة على الشعب العراقي من تطويعه طائفيا ليخلق حالة الاضطراب السياسي والأمني وهو مبرر أساسي ومحوري لتجارة الشركات الأمنية الأجنبية المختلفة وصناعة المنطقة الخضراء والحمراء(1) , وهنا يجري العمل وفق فلسفة الدولة الفارغة والشعب الفائض بين المنطقة الخضراء والحمراء, مما يحول البلد إلى مسرح صراعات أهلية لا متناهية يسودها الجوع والفاقة والبطالة ليتولى أمر البلاد الشركات الأجنبية الأمنية الخاصة, وتختصر وظائفهم لاستخراج الثروات الطبيعية من الأرض وحراسة صناعة النفط والغاز وتمرير المال العام لشركات صناعة الكوارث .

يجري سن منظومة القوانين لتكون بوصلة قانونية تؤطر تحقيق العدالة عبر أدواتها المؤسساتية , ويجد العراقيين انتقائية في تطبيق القانون والتعامل بجزئياته المزدوجة التفسير والتي تترك أثار جانبية ومنها التعمد في ارتكاب جرائم التعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة والقتل خارج القانون وسيادة الفوضى تحت يافطة القانون ولعل التناقضات في المواد هي:.

1. "المادة الأولى" يعرف القانون الإرهاب انه كل فعل أجرامي يقوم به فرد أو جماعة منظمة استهدف فردا أو مجموعة أفراد أو جماعات أو مؤسسات رسمية أو غير رسمية أوقع الأضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بغية الإخلال بالوضع الأمني أو الاستقرار والوحدة الوطنية أو إدخال الرعب والخوف والفزع بين الناس أو أثارة الفوضى تحقيقا لغايات إرهابية, وعند تطويع مفردات الإرهاب في المادة وهي الجريمة المنظمة , الجريمة المحلية ,قادة المليشيات والتنظيمات المسلحة الأخرى كأشخاص و الجماعات, ولن يستند القانون على تعريف الإرهاب الرسمي الذي لا يزال حتى اليوم غير متفق عليه دوليا, ولعل الإرهاب متعدد الأشكال في العراق(2) بدا من إرهاب القوة المتمثل بالعمليات العسكرية لقوات الاحتلال والمستمرة حتى اليوم , مرور ا بالإرهاب السياسي التي تمارسه المليشيات والأجنحة العسكرية للأحزاب المتغلغلة في المؤسسات الحكومية, والإرهاب الوافد المنظم, وانتهاء بالجريمة المنظمة والمحلية, وجميعها لن تعالج , بل انشغلت بتنفيذ مهام تساهم في تعزيز الاضطراب الأمني وطوئفة القوة وفق فلسفة التحكم من بعد الامريكية(3) .

2. المادة الثانية تشير إلى توصيف الأعمال الإرهابية في الفقرة 1, العنف أو التهديد الذي يهدف إلى ألقاء الرعب بين الناس أو تعريض حياتهم وحرياتهم وأمنهم للخطر وتعريض أموالهم وممتلكاتهم للتلف, وحين يطوع القانون تنفيذيا فنجد العنف والرعب سمة متسقة بأداء قوات مكافحة الإرهاب وكذلك تلف المواد والممتلكات أثناء التنفيذ,والفقرة 3 تشير إلى من نظم أو ترأس أو تولى قيادة عصابة مسلحة إرهابية تمارس وتخطط له وكذلك الإسهام والاشتراك في هذا العمل, والعراق يعج بالمجاميع الخاصة الإرهابية ولم يعالج أي منه أو يحاكم على جرائم ضد الإنسانية ارتكبت, وتشير الفقرة 4 من نفس المادة إلى العمل بالعنف والتهديد على أثارة فتنة طائفية أو حرب أهلية أو اقتتال طائفي وذلك بتسليح المواطنين أو حملهم على تسليح بعضهم لبعض وبالتحريض أو التمويل يعد عمل إرهابي ومنذ صدور القرار عام 2005 عصف بالعراق عمليات التطهير الطائفي والتغير الدموغرافي والإرهاب الطائفي الفكري ولم يطبق القانون ضد هؤلاء, إضافة إلى الفقرة 8 من نفس المادة إلى خطف أو تقييد حريات الأفراد أو احتجازهم للابتزاز المالي لأغراض ذات طابع سياسي أو طائفي أو قومي أو ديني أو عنصر نفعي من شانه تهديد الأمن والوحدة الوطنية والتشجيع على الإرهاب, ويجد العراقيين أنفسهم خارج هذا التطبيق حيث يجري الاعتقال لدوافع طائفية وسياسية ويجري نزع هوية المعتقل ليقتل ويرمى على قارعة الطريق (الجثث المنزوعة الهوية) ويجري حرق الحريات الصحفية والشخصية وحق التظاهر السلمي والاعتصام المدني كحق شرعي للشعوب, ولعل هذه الفقرة تعالج وبشكل صارم المحاصصة الطائفية والحزبية ولم نشهد تطبيق وتنفيذ لها والتي تشهد رواج كبيرا ينخر الدولة ومؤسساتها ويستنزف قدرات العراق البشرية والمالية ويفقده التنمية المستدامة.

3. المادة الثالثة وتشير إلى أي فعل يستهدف الوحدة الوطنية وامن وممتلكات المواطنين في حين غالبية الممارسات الحكومية والحزبية تعزز الاستقطاب الطائفي وتنخر الوحدة الوطنية وان جميع الممارسات الإرهابية التي تدعمها دوائر مخابراتية أجنبية وإقليمية تستهدف وحدة العراق والممتلكات الأهلية والفاعلين معروفين دون مسائلة , كما أن جرائم ضد الإنسانية بطابعها الطائفي تعد نخرا للوحدة الوطنية ولم يعالجها القانون بل ويستثنيها ويسمح لمرتكبيها تسلق المناصب السياسية والحكومية.

4. المادة الرابعة تشير هذه المادة الى العقوبات المتاحة لتجريم الإرهاب قانونيا والتي أسيئ استخدامها مما جعلته قانون مطاطي يستخدم في الصراعات الطائفية والسياسية ولإقصاء المنافسين السياسيين واعتقال الشخصيات الوطنية وكذلك لتحطيم الطبقة الوسطى وعزلها عن أدارة مؤسسات الدولة بحرفية ومهنية واستقلالية, وخصوصا أن الفقرة 1 , 2 تعوم العقاب القانوني بشكل يؤسس إلى انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وخنق الحريات وتأسيس إقطاعيات سياسية تحتكر القوة الغير شرعية( المليشيات) وتدمجها بمؤسسات الدولة وتعطي بذلك شرعنه قانونية لجرائمها الإرهابية المتعددة, وقد اعتقل أعداد هائلة من المواطنين العراقيين وبشكل عشوائي لدواعي طائفية وتحت هذا الوصف القانوني , بل تم تلفيق ملفات كيدية ضمن آليات الاغتيال السياسي والإقصاء الطائفي, ولا يزال هذا التطبيق الشاذ ساري المفعول دون أصلاح قانوني .

5. المادة الخامسة تشير المادة إلى الحوافز التي تعطيها السلطة لمن يقدم معلومات وهذا ما يطلق عليه المخبر السري وقد نظم بقانون مثير للجدل يساهم في تعزيز الاحتراب الأهلي واستخدام هذا البند يفاقم الاتهامات الكيدية والطائفية السياسية والعشائرية وكذلك الاستيلاء على الممتلكات الشخصية وقد جرت بالفعل هكذا ممارسات.

6. المادة السادسة وتشر المادة إلى أن جرائم الإرهاب مخلة بالشرف ولم ينص القانون إلى التخابر مع ألاجني والعمالة للدول الأجنبية والإقليمية كجرائم الخيانة الوطنية المخلة بالشرف أيضا , وتشير الفقرة 2 إلى مصادرة الأموال حيث جرى استخدام هذه الفقرة لابتزاز العوائل والمعتقلين ووردت شكاوى كثيرة لسرقة الأموال أثناء المداهمات, كما أن الفقرة 4 تشير يطبق هذا القانون من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية وشهدنا أن التطبيق مخالف تماما للنصوص حيث يجري تطويع القانون لسياسات دوائر الاحتلال(4) , ويجري تطبيق هذا القانون عبر منظمة العمليات الخاصة وقد شكلت خارج النصوص القانونية والدستور وهي قوة غير رسمية وقانونية وشكلت لأغراض مختلفة مكافحة الإرهاب دون توصيف قانوني للإرهاب ومكافحة المتمردين العراقيين ضد الشرعية الأمريكية وتعمل هذه القوات بمثابة قوات نخبة تابعة لرئيس الوزراء أسوة بجهاز الأمن الخاص السابق أو الحرس الخاص, ولا يخضع لوزارة الدفاع أو أي وزارة أمنية وسنستعرض تشكيل هذه القوة.

قوات العمليات الخاصة فوق القانون

أمرت وزارة الدفاع الأمريكية بتشكيل وحدة مكافحة الإرهاب في العراق عام 2003, ضمن فلسفة سجد الثغرات وإملاء الفراغ العسكري , وعلى اثر ذلك أوعزت القيادة المركزية إلى وحدة العمليات الخاصة الأمريكية بتشكيل قوات عراقية لمكافحة الإرهاب, وشاركت قوات حرس الجيش الأمريكي في تشكيلها أيضا(5) ,و تندرج قوات مكافحة الإرهاب في العراق تحت قيادة مكافحة الإرهاب الأمريكية CTC, وتشكلت بقرار وزاري وليس بموجب القانون العراقي, وعبر القرار التنفيذي 38 في 6كانون الأول 2006 ويؤكد إخضاع قوات العمليات الخاصة لسلطة رئيس الوزراء , وكذلك القرار التنفيذي 14 في 24 كانون الثاني إخضاع قيادة مكافحة الإرهاب لسلطة رئيس الوزراء, وأيضا القرار التنفيذي 61 في 5نيسان/ابريل 2007 بوضع جهاز مكافحة الإرهاب إلى سلطة رئيس الوزراء, وبذلك بحلول عام 2007 أصبحت العمليات الخاصة وبضمنها قيادة وقوات مكافحة الإرهاب تحت سلطة رئيس الوزراء, وجرى أقرار قانون يخض هذه القوات في مجلس الوزراء وتم رفعه إلى مجلس النواب للمصادقة عليه , ولم يعتمده مجلس النواب(6) .

شكلت قوات العمليات الخاصة من سلاح الدفاع المدني العراقي والقوة العراقية لمكافحة الإرهاب وكانت تعمل كلا القوتين بشكل مستقل حتى عام 2004 , سيطرت قوات العمليات الخاصة الأمريكية على تجهيز وتدريب وتفعيل عمليات هذه القوات وفقا للعقيدة العملياتية الأمريكية, وتتضمن هذه المنظومة من جهاز مكافحة الإرهاب الذي يتولى قيادة قوات مكافحة الإرهاب ون خلاله قوات العمليات الخاصة الأولى المنتشرة في محافظات الموصل والانبار وديالى وبغداد والبصرة وتدعمها قوات العمليات الخاصة الثانية التي تضم وحدات الدعم العسكري GSU وخمس مراكز للتنسيق الإقليمي RCC في مناطق الاهتمام المذكورة أعلاه وكتيبة الاستطلاع RECCE وكذلك وحدة الفدائيين CDO , مضافا كتيبة الدعم SPT , وقوة مكافحة الإرهاب ICTF والمدرسة والمركز الحربي الخاص(7) .

رصدت مبالغ مالية تقدر 19 مليار دولار لصندوق قوات الأمن العراقية وصرف منها مبلغ 237 مليون دولار على هذه القوات وتلك مبالغ خيالية لا تتناسب مع حجم القوة وأدائها وهذا جزء من تجارة الأمن القومي الأمريكية المرفهة, إضافة إلى تخصيص مالي من رئيس الوزراء ووزارة الدفاع العراقية, وجميعها صرفت على القاعدة المادية والتسليح والتجهيز والاعتدة وميادين الرمي والتخزين ومرافق أضافية وتعديل العجلات الأمريكية وبكلفة 3,8 وكانت غالبية التكاليف أنفقت عام 2004-2006 من صندوق الإغاثة وإعادة أعمار العراق.

اتسم أداء هذه القوات بالفوضى الحربية واستخدام قواعد اشتباك هجينة خاصة تعتمد على القتل خارج القانون والمداهمات منتصف الليل وفق وشايات المخبر السري والمعلومات الكيدية وباستخدام الكلاب والقنابل الصوتية للترويع العوائل الآمنة ليلا وجرت انتهاكات واسعة في تنفيذ العمليات ولا تمتلك هذه القوات عقيدة عسكرية واضحة نظرا لطبيعة تشكيلها من قبل وزارة الدفاع الأمريكية ونهلت تدريباتها وسياق عملياتها من الشركات الأمنية الخاصة والقوات الخاصة الأمريكية التي تعمل في بيئة اجتماعية مختلفة, وقد اتهمت منظمات دولية هذه القوات بحزمة من الانتهاكات لحقوق الإنسان وممارسة الترويع للمجتمع وتعمل خارج القانون حيث لم يشهد العراقيين محاسبة أي مخالف وفق لقانون العراقي والقانون العسكري .

يجري أعداد الدولة ومؤسساتها وقواتها المسلحة وفقا للعقيدة السياسية الوطنية والتي تتفرع منها عقائد أمنية وعسكرية وفكرية وإعلامية واجتماعية لتنتج إستراتجية شاملة واستراتيجيات تخصصية تعالج مفاصل العقيدة, ولعل ما تفتقده الدولة اليوم هو العقيدة نظرا لاتساع مسارح الأيديولوجيات الوافدة وتفاقم الاحتراب بين الأجندات الدولية والإقليمية وغياب الوعي الوطني في ظل الفساد السياسي والمالي والإداري وشياع ظواهر الاستئثار بالسلطة وتكوين الإقطاعيات السياسية العائلية مما يلقي بظلاله على سلوك وعمل هذه القوات خصوصا أن تشكيل القوات المسلحة قد خضع لإرادة برايمر والتي استبدلت المهنية بالجهل والحرفية بالسطحية والحيادية بالحزبية والوطنية بالطائفية خصوصا بعد دمج المليشيات الحزبية في جسد القوات المسلحة مما يعظم السلوك الفردي الفئوي ويفاقم التفكيك العسكري إلى ولاءات متعددة في ظل غياب فلسفة الفريق ضمن السياقات العسكرية.

عوامل مساعدة على انتشار العنف

لا يزال الملف ألامني العراقي مضطرب لاعتماده على مرتكزات هجينة مستوردة وتعصف به العمليات الشبحية المخابراتية الأجنبية والإقليمية وتعاظم ظواهر الجماعات المسلحة الخاصة في ظل الاضطراب السياسي والنفوذ الإقليمي العمودي والأفقي وشبحيه الوجود الأمريكي بين تعزيز الفوضى وتعاظم العمالة الأمنية الأجنبية وانسيابية الوجود العسكري في المدن العسكرية الأمريكية في العراق تحت بند الاتفاقية الأمنية, ولابد من استعراض العوامل المساعدة على انتشار العنف وتناسل المفاصل اللينة وتعاظم ثقافة المليشيات والجماعات المسلحة الخاصة ضمن جسد الدولة وكما يلي:-

1. القوات المسلحة الأمريكية النظامية والدوائر الأمنية والأستخبارتية الملحقة بها وهي غير محددة بإطار شرعي سياسي قانوني يحدد وجودها ويضمن انسحابها وفق ضمانات دولية.

2. القوات المسلحة النظامية للدول الأجنبية المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية في غزوها للعراق وهي غير محددة بإطار شرعي سياسي وقانوني يحدد وجودها ويضمن انسحابها وفق ضمانات دولية.

3. دوائر الأسلحة البرية والبحرية والجوية والقدرات الفضائية والمعلوماتية المتطورة العاملة في العراق.

4. شركات الخدمات العسكرية الخاصة(المرتزقة – الاستخبارات – المخابرات-التحقيقات) وتقوم بعدد من العمليات العسكرية والمخابراتيه مقابل ثمن, وتحظى بحصانة قانونية واستقلال وكتمان في التنفيذ عالي المستوى .

5. تعدد دوائر المخابرات الأجنبية والإقليمية العاملة في العراق وغالبيتها تعمل خلف واجهات مختلفة البعض منها بوشاح عراقي لأغراض سياسية واستخبارتيه وبمنهجيات أمنية مختلفة.

6. عصابات الجريمة المنظمة –المخدرات –الخطف-القتل-التهريب – السلاح..الخ وتتستر خلف واجهات تجارية إضافة إلى شركات تبييض الأموال وتمتلك قدر كبير من الموارد والقدرات التي تمكنها من تنفيذ العمليات الشبحية التي تستهدف امن المجتمع العراقي .

7. المجاميع الخاصة الطائفية ذات العقيدة المتشددة وفرق الموت المرتبطة بإيران وتنفذ أجندات إقليمية تسعى لإذكاء الصراع الطائفي والمذهبي وتمتلك ترسانة أسلحة وذخائر متطورة مختلفة.

8. دمج المليشيات الطائفية والعرقية المسلحة في القوات المسلحة الحالية,وتتميز تلك المليشيات بخطورتها على الأمن القومي العراقي وتستهدف البنية التحتية للمجتمع العراقي, وقد ارتكب الكثير منهم جرائم التطهير الطائفي في عدد من مدن العراق ومناطق بغداد ضمن محرقة التطهير الطائفي عام2006-2007,وترتبط بأجندات أجنبية وإقليمية تستهدف وحدة النسيج الاجتماعي العراقي,ولا تزال تتمتع بسطوة وحصانة وحرية الحركة بالسلاح وتنفذ عمليات التصفية الجسدية للكفاءات والنخب والعلماء والضباط وفق قوائم تصدر من خارج الحدود.

9. طواقم الأحزاب الحاكمة المسلحة ودوائر استخباراتها والحمايات الشخصية,والعناصر المندمجة ضمن الأجهزة الحكومية كخلايا نائمة تنشط عند الحاجة .

10. تداخل وتعدد مراكز النفوذ والقوى في القوات المسلحة الحالية ضمن التشكيلة الحكومية وفقا لمنظور المحاصصة المقيت والتشكيل الغير متجانس,مما يفقدها القيادة والسيطرة والمسائلة القانونية.

11. الشركات الأمنية العراقية وهي شركات مرخصة باستخدام وحمل الاعتدة والأسلحة وتنفيذ العمليات الأمنية الخاصة.

12. الدوافع والنوازع الشخصية الشريرة ذات الدافع الطائفي والعرقي وهوس المناصب وسياسة منح الرتب الوهمية للمواقع الأمنية المهمة وصراع المناصب الذي بلغ حد القتل..الخ.

13. المجاميع المسلحة الأخرى والخلايا النائمة المختلفة.

هناك عدد من المفاصل اللينة التي تساهم في أذكاء العنف ومنها الوضع الاقتصادي وجيوش العاطلين عن العمل والجياع والأيتام وتعاظم الفساد السياسي والمالي والإداري المستشري بالجسد العراقي وفقدان الثقة بين المجتمع والسلطة ناهيك عن أعمال العنف المفرط والتعذيب التي تمارسهما القوات الحكومية مما يفقد الأمن غايته وينتهك حقوق المواطنة وحقوق الإنسان والمساس بالشرف والكرامة الشخصية وهناك ممن قتل أبائهم وإخوانهم وأزواجهم على يد قوات الاحتلال والقوات الحكومية وصودر أو دمرت مساكنهم تلك الممارسات العنيفة والاستخدام المفرط للقوة جعل الأمن مضطرب للغاية.

التوصيات

تعيش الطبقة السياسية الحالية في غيبوبة على اثر وهم السلطة والثراء المالي الفاحش على اثر الصفقات الفاسدة والتلاعب بالمال العام والاستئثار بالمناصب الحكومية التي وجدت لخدمة الشعب, وأضحى الشعب العراقي يعاني من البؤس الشامل الذي سيولد الانفجار يوما ما لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحقيق تطلعاته نحو الدولة المتحضرة والمكانة الدولية ولابد على الأقل من مراعاة التوصيات التالية :-

أ‌- أعادة تشكيل الطبقة السياسية وفق المنهجية الوطنية الشاملة

ب‌- العمل على تشريع قوانين تجرم الطائفية والانفصال وتحافظ على وحدة العراق.

ت‌- إنهاء الاحتلال وفق اتفاقيات دولية تحقق السيادة والاستقلال الشامل.

ث‌- إنهاء كافة أشكال النفوذ الإقليمي.

ج‌- أجراء التعديلات القانونية الضرورية والعمل على هيكلة القوانين الهجينة

ح‌- أعداد العقيدة السياسية الوطنية وتفرعاتها العسكرية والأمنية والفكرية

خ‌- أعداد الإستراتيجية الشاملة /العليا والاستراتيجيات التخصصية الأخرى

د‌- اصدرا تشريعات تكفل الحريات السياسية والإعلامية والتعبير

ذ‌- تكليف هيئة قانونية وأمنية وعسكرية وسياسية لتشريع قانون يعرف الإرهاب ويحدد أشكاله وفعالياته وأدواته دون إغفال أي عامل مساعد على العنف.

ر‌- ضبط عمل المؤسسات الأمنية والعسكرية وإلزامها بحرمة المساكن والأرواح والممتلكات وكما تقره الصكوك الدولية لحقوق الإنسان والدستور وحقوق المواطنة.

ز‌- أعادة تبويب المخاطر والتهديدات حسب الأسبقية والتأثير.

س‌- القضاء على ظاهرة تجريم مناطق ذات غالبية معين بالإرهاب لدوافع سياسية وطائفية وأجندات تخريبية توظف القوة القانون لهذا الغرض.

ش‌- توفير العدالة عبر مؤسسات تطبيق العدل الحيادية ومحاسبة المقصرين

ص‌- العمل على تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الطائفية والشخصية.

ض‌- أعادة نشر الوعي الوطني عبر المنظومة القيمية العراقية الأصيلة

ط‌- تعزيز روح التسامح والتوافق الوطني وتفكيك المشاكل الاجتماعية.

ظ‌- تعويض المتضررين من المخبر السري والاعتقال العشوائي وإعادة الحقوق .

ع‌- إلغاء التشريعات القسرية التي أوجدها الحاكم المدني برايمر.

غ‌- إلغاء ظواهر القمع المجتمعي والتعذيب الممنهج ضد الشعب العراقي.



الملحق - قانون مكافحة الإرهاب

رقم (13) لسنة 2005

قانون مكافحة الإرهاب

المادة الأولى

تعريف الإرهاب

كل فعل أجرامي يقوم به فرد أو جماعة منظمة استهدف فردا او مجموعة أفراد او جماعات او مؤسسات رسمية او غير رسمية أوقع الأضرار بالممتلكات العامة او الخاصة بغية الإخلال بالوضع الأمني او الاستقرار والوحدة الوطنية او إدخال الرعب والخوف والفزع بين الناس او أثارة الفوضى تحقيقا لغايات إرهابية.

المادة الثانية

تعد الافعال الاتية من الافعال الارهابية

1. العنف او التهديد الذي يهدف الى القاء الرعب بين الناس او تعريض حياتهم وحرياتهم وامنهم للخطر وتعريض اموالهم وممتلكاتهم للتلف ايا كانت بواعثه واغراضه يقع تنفيذا لمشروع ارهابي منظم فردي او جماعي.

2. العمل بالعنف والتهديد على تخريب او هدم او اتلاف او اضرار عن عمد مبان او املاك عامة او مصالح حكومية او مؤسسات او هيئات حكومية او دوائر الدولة والقطاع الخاص او المرافق العامة والاماكن العامة المعدة للاستخدام العام او الاجتماعات العامة لارتياد الجمهور او مال عام ومحاولة احتلاله او الاستيلاء عليه او تعريضه للخطر او الحيلولة دون استعماله للغرض المعد له بباعث زعزعة الأمن والاستقرار.

3. من نظم او ترأس او تولى قيادة عصابة مسلحة ارهابية تمارس وتخطط له وكذلك الاسهام والاشتراك في هذا العمل.

4- العمل بالعنف والتهديد على اثارة فتنة طائفية او حرب اهلية او اقتتال طائفي وذلك بتسليح المواطنين او حملهم على تسليح بعضهم لبعض وبالتحريض او التمويل.

5-الاعتداء بالاسلحة النارية على دوائر الجيش او الشرطة او مراكز التطوع او الدوائرا الامنية او الاعتداء على القطاعات العسكرية الوطنية او امداداتها او خطوط اتصالاتها او معسكراتها او قواعدها بدافع ارهابي.

6-الاعتداء بالاسلحة النارية وبدافع ارهابي على السفارات والهيئات الدبلوماسية في العراق كافة وكذلك المؤسسات العراقية كافة والمؤسسات والشركات العربية والاجنبية والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية العاملة في العراق وفق اتفاق نافذ.

7- استخدام بدوافع ارهابية اجهزة متفجرة او حارقة مصممة لازهاق الارواح وتمتلك القدرة على ذلك او بث الرعب بين الناس او عن طريق التفجير او اطلاقة اونشر او زرع او تفخيخ اليات او اجسام ايا كان شكلها او بتأثير المواد الكيمياوية السامة او العوامل البايلوجية او المواد المماثلة او المواد المشعة او التوكسنات.

8- خطف او تقييد حريات الافراد او احتجازهم للابتزاز المالي لاغراض ذات طابع سياسي او طائفي او قومي او ديني او عنصر نفعي من شانه تهديد الامن والوحدة الوطنية والتشجيع على الارهاب.

المادة الثالثة

تعتبر بوجه خاص الافعال التالية من جرائم امن الدولة

1-كل فعل ذي دوافع ارهابية من شانه تهديد الوحدة الوطنية وسلامة المجتمع ويمس امن الدولة واستقرارها او يضعف من قدرة الاجهزة الامنية في الدفاع والحفاظ على امن المواطنين وممتلكاتهم وحدود الدولة ومؤسساتها سواء بالاصطدام المسلح مع قوات الدولة او اي شكل من الاشكال التي تخرج عن حرية التعبير التي يكفلها القانون.

2-كل فعل يتضمن الشروع بالقوة او العنف في قلب نظام الحكم او شكل الدولة المقرر في الدستور.

3-كل من تولى لغرض اجرامي قيادة قسم من القوات المسلحة او نقطة عسكرية او ميناء او مطار او اي قطعة عسكرية او مدنية بغير تكليف من الحكومة.

4-كل من شرع في اثارة عصيان مسلح ضد السلطة القائمة بالدستور او اشترك في مؤامرة او عصابة تكونت لهذا الغرض.

5-كل فعل قام به شخص كان له سلطة الامر على افراد القوات المسلحة وطلب اليهم او كلفهم العمل على تعطيل اوامر الحكومة.

المادة الرابعة

العقوبات

1. يعاقب بالاعدام كل من ارتكب-بصفته فاعلا اصليا او شريك عمل اياً من الاعمال الارهابية الواردة بالمادة الثانية والثالثة من هذا القانون، يعاقب المحرض والمخطط والممول وكل من مكن الارهابيين من القيام بالجرائم الواردة في هذا القانون بعقوبة الفاعل الاصلي.

2. يعاقب بالسجن المؤبد من اخفى عن عمد اي عمل ارهابي او آوى شخصا ارهابيا بهدف التستر.

المادة الخامسة

الاعفاء والاعذار القانونية والظروف القضائية المخففة

1. يعفى من العقوبات الواردة في هذا القانون كل من قام باخبار السلطات المختصة قبل اكتشاف الجريمة او عند التخطيط لها وساهم اخباره في القبض على الجناة او حال دون تنفيذ الفعل.

2. يعد عذرا مخففا من العقوبة للجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون للشخص اذا قدم معلومات بصورة طوعية للسلطات المختصة بعد وقوع او اكتشاف الجريمة من قبل السلطات وقبل القبض عليه وادت المعلومات الى التمكن من القبض على المساهمين الاخرين وتكون العقوبة بالسجن.

المادة السادسة

الاحكام الختامية

1. تعد الجرائم الواردة في هذا القانون من الجرائم العادية المخلة بالشرف.

2. تصادر جميع الاموال والمواد المضبوطة والمبرزات الجرمية او المهنية لتنفيذ العمل الاجرامي.

3. تطبق احكام قانون العقوبات النافذ بكل ما لم يرد به نص في هذا القانون.

4. ينفذ هذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

الاسباب الموجبة

ان حجم وجسامة الاضرار الناتجة عن العمليات الارهابية وصلت الى حد اصبحت تهدد الوحدة الوطنية واستقرار الامن والنظام، وانطلاقا الى نظام ديمقراطي تعددي اتحادي يقوم على سيادة القانون وضمان الحقوق والحريات والشروع في عجلة التنمية الشاملة لذا بات من الضروري اصدار تشريع من شانه القضاء على العمليات الارهابية وتحجيمها والحد من التفاعل مع القائمين بها باي شكل من اشكال الدعم والمساندة.

ولهذا كله شرع هذا القانون.

ــــــــــــــ

(1). تعد تجارة الأمن القومي من ابرز وأثمن الفوائد وأضحت عوائدها المالية تفوق أرباح النفط والذهب, ومنذ عقد التسعينات تعاظمت ظواهر صناعة الإرهاب وتضخيم التهديد والتحول من السلام إلى الاضطراب, واستخدام فلسفة المناطق الخضراء والتي تعتمد على توفير الأمن المرفه المتطور داخل المناطق المحصنة ويطلق عليها "المنطقة الخضراء", وجعل المناطق الأخرى حمراء يسودها الانفلات الأمني والقمع المؤسساتي والإرهاب السياسي كمبرر لصناعة المناطق الخضراء, وتعتبر إسرائيل البلد الأكثر تقدما في هذه العملية, ويقدر معهد التصدير الإسرائيلي أن إسرائيل تملك 350 شركة معنية ببيع منتجات الأمن القومي, إضافة إلى شركات الأمن القومي الأمريكية والبريطانية .

(2). دراسة لمركز صقر أشكال الإرهاب في العراق

(3). دراسة المفتش العام لإعادة أعمار العراق لتقييم الطريقة التي تستخدمها قوات الولايات المتحدة في العراق في تطبيق برنامجها الذي يهدف إلى تشكيل قوة المهام الخاصة في العراق 004-SIGIR 11- في 25 تشرين الأول أكتوبر 2010, ويشير فيها إلى أن هذه القوات تشكلت بأمر وزارة الدفاع الأمريكية عام 2003 , وتحت مسمى قوات مكافحة الإرهاب العراقية, وف عام 2006 انتقلت السيطرة التنفيذية إلى الحكومة وسميت منظمة قوات العمليات الخاصة في العراق ويشرف عليها الأمريكان, طبيعة تكوين هذه القوة بوحدات ذات طابع طائفي تركز عملياتها في مناطق الانبار وديالى والموصل وبغداد والبصرة.

(4). تندرج قوات مكافحة الإرهاب في العراق تحت قيادة مكافحة الإرهاب الأمريكية CTC المصدر نفسه ص2 .

(5). دراسة المفتش العام لإعادة أعمار العراق لتقييم الطريقة التي تستخدمها قوات الولايات المتحدة في العراق في تطبيق برنامجها الذي يهدف إلى تشكيل قوة المهام الخاصة في العراق 004-SIGIR 11- في 25 تشرين الأول أكتوبر 2010 ص1

(6). المصدر نفسه ص16

(7). دراسة المفتش العام لإعادة أعمار العراق لتقييم الطريقة التي تستخدمها قوات الولايات المتحدة في العراق في تطبيق برنامجها الذي يهدف إلى تشكيل قوة المهام الخاصة في العراق- الهيكل التنظيمي لقوات العمليات الخاصة في العراق ص2

عن مركز الشرق العربي