Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968
من هو رائد " الشعر الحديث " ؟

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

النتائج 1 إلى 20 من 29

الموضوع: من هو رائد " الشعر الحديث " ؟

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية الدكتور محمود حمد سليمان
    تاريخ التسجيل
    07/05/2009
    المشاركات
    772
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي من هو رائد " الشعر الحديث " ؟

    من هو رائد " الشعر الحديث " ؟؟
    - الشاعر اللبناني الطرابلسي سميح القصير كتب شعر « التفعيلة » عام 1933م.
    - سميح القصير سبق السياب ونازك الملائكة بأربعة عشر عاماً !! فهل تسرَّب
    « الشعر الحديث » من طرابلس إلى العراق ؟؟


    من المتفق عليه بين النقاد والدارسين أن ما يميز الشعر عن النثر هو الموسيقى. والموسيقى لا توجد إلا حيث توجد التفعيلات المنظمة المتلاحقة في المقاطع، والتي هي من الثوابت في القصيدة الحديثة التي تحررت من القافية الواحدة والروي الواحد وعمودية البيت الشعري القديم.. فاتخذت سماتها التجديدية من حيث الشكل والتركيبة البنيوية..
    ويكاد النقاد يجمعون على أن الشاعرين العراقيين: بدر شاكر السياب ونازك الملائكة هما أول من كتب « القصيدة الحديثة » أو قصيدة « التفعيلة » وإن كانوا قد اختلفوا على من، منهما، له فضل السبق في ذلك .. على أن الخلاف بينهما أو عليهما .. لا يتعدى بضعة أشهر من العام 1947 م. فقد ذكرت ( ) نازك الملائكة أنها نظمت قصيدتها : « الكوليرا » يوم 27/10/1947م ونشرتها في 1/12/1947م. وتذكر ان السياب نشر ديوانه « أزهار ذابلة » في كانون أول 1947 م. وكان فيه قصيدة: « هل كان حباً » وعلّق عليها في الحاشية بانها من الشعر المختلف الأوزان والقوافي ( ). ثم أعاد نشرها في ديوانه: « أزهار وأساطير » عام 1960م. مؤرّخاً لها: 29/11/1946م.
    ولو نحن سلّمنا بصحة تاريخ « هل كان حباً » كما أراده السياب، والذي بدوره يتقدم على إرهاصات « لويس عوض » و« علي أحمد باكثير »، كم يسمونها، لو سلّمنا بهذا التاريخ، فإن الشاعر اللبناني الطرابلسي سميح القصير يكون قد سبق بدر شاكر السياب بأكثر من ثلاث عشرة سنة على الأقل، عندما نشر قصيدته الأولى في جريدته: « الشباب » الطرابلسية، الأسبوعية، تحت عنوان: «ما قد راح .. راح » وذلك بتاريخ 13/11/1933م. ثم عاد في العدد الثامن بتاريخ 20/11/1933م، ونشر قصيدة أخرى بعنوان: « لا يُعبد .. إلا الأقوياء » وتكرّ السبحة عنده بعد ذلك لينشر، في أعداد الجريدة المتتالية، إحدى عشرة قصيدة وكلها مختلفة الأوزان والقوافي، وإن كانت ملتزمة بتفعيلة واحدة، وباستطاعتنا كتابتها، شكلاً، بالطريقة التي نشاء، كما هي الحال في الشعر الحديث.
    ولو نحن عدنا إلى قصيدته الأولى، المنشورة، لوجدنا أنه يقول فيها:
    ها هو الفجر صحا من سكره .. والليل راحْ
    والأزاهير شذاها عابق فوق البطاحْ
    وسيول النور – ها – تدفق من شدق الصباحْ
    فرغ الجام من الجمر فأين الدن أين ؟
    إنما العيش بلا سكر لآلام .. وأين
    وشقاءٌ .. وعويل .. وزفير ونواحْ
    وفي المقطع الثاني:
    تلكم اللذات تدعونا .. بتغريد الطيورْ
    تلكم اللذات تدعونا .. بأشذاء الزهورْ
    تلكم اللذات تدعونا .. بأصوات الدهورْ
    إنما المجنون .. من يصغي إلى ما يأفكونْ
    إنما المجنون من يعقل .. والدنيا جنونْ
    والغد الأسود لا أدري غداً ماذا يصيرْ ..
    وهكذا إلى أن ينتهي بمقطع من ستة اشطر، ولكن بخلاف ما سبقه من مقاطع، إذ ينتهي كما بدأ، أي بقافية واحدة، أو بترجيعة واحدة:
    خلِّياني، أنا إن عشت، ومهما عشت مَيْتْ
    خلِّياني، لم يعد في الصدر والأعين زيتْ
    خلِّياني. لا تقل ليتَ .. وهل تنفع ليتْ ؟؟
    أنا إنسان من الدنيا .. ومن جسمي انتهيتْ
    هدَّم الدهر أمانيَّ وقلبي .. فثويتْ
    فإذا جاء ملاك الموت .. بالموت صحوتْ
    وهكذا نرى أنه استعمل تفعيلة بحر « الرمل »، « فاعلاتن » ولكنه جعلها أربعة بدلاً من ثلاثة في كل شطر، وعبث بالقافية الواحدة، كما أنه لم يلتزم بقاعدة محددة عند الانتهاء من المقاطع وإن كانت متساوية في هذه القصيدة في عددها دون أشكالها وقوافيها أو بالأحرى ترجيعاتها. وهو بالتحديد ما فعله بدر شاكر السياب في قصيدته الأولى، ولكن بعدما يقرب من اربعة عشر عاماً .
    أما قصيدته « لا يُعبد إلا الأقوياء » فقد درج على « التفعيلة » ذاتها، غير أنه جعل المقطع الواحد من تسعة أشطر، وكل ثلاثة أشطر متجانسة في ترجيعاتها ومختلفة عن غيرها.. وقل الأمر نفسه في قصيدة سماها « نشيد العمل » إذ جعل ترجيعاتها بالنسبة إلى أشطرها ( 3، 3، 4 – 3، 3، 4 .. ) أما قصيدته: « ما أنتِ سوى نار ونور » وقد نشرها بتاريخ 4/12/1933 م فقد جاءت على الشكل التالي، كما يتضح من مطلعها :
    الشتا أقبل مكسوّاً بجلباب الضباب
    والشتا ملء لياليه رعود واضطراب
    والشتا سجن وآلام وويل وعذاب
    غير تلك الخمر لا تطرد أشباح الشقاء .. والعناءْ
    فاعطني الحرّة لا الكرب. فمن للتعساء .. في الشتاءْ
    يا شقائي ذهب العمر سدى
    وأمانيّ تلاشت يا سما
    والتوى عود شبابي. فغدٌ
    سوف يلقاني عجوزاً هرما
    ومع اختلاف ترجيعات الانتهاء من مقطع إلى مقطع، ومن شطر إلى شطر، في هذه القصيدة، فإننا نلاحظ اختلاف عدد « التفعيلات » أيضاً من مقطع إلى مقطع ومن شطر إلى شطر فجاءت ( 4، 5، 3 ..) وهكذا من بداية القصيدة إلى نهايتها. أما قصيدته : « كفنته الريح والطير » والتي نشرها في السنة نفسها فقد جعل تفعيلاتها متفاوتة في تقسيماتها من مقطع إلى مقطع، فجاء مطلعها على الشكل التالي:
    في سكون الليل والبدر ينير
    وهجوع الناس، والصمت يثير
    دق قلبٌ وهو من فرط الشعور
    معظم الآفاق
    لوعة العشاق
    مغرم مشتاق

    هو كالشمعة لم يحظ بغير الذوبان
    حائر العينين يرنو، لتصاريف الزمان

    أفهل يأتي إليه ؟
    ظالم جار عليه ؟

    وهكذا إلى نهاية القصيدة التي تنوّعت بقوافيها ونغماتها، وإن التزمت
    « تفعيلة » واحدة، ودفقت منها موسيقى منظمة ومنسجمة .
    ولعمري، إن هذا ما فعله بدر شاكر السياب، وقبله أو بعده بقليل، نازك الملائكة من حيث عدد « التفعيلات » ومن حيث العبث بالقافية الواحدة، والروي الواحد، ناهيك عن المقاطع والأشطر والأوزان، وغير ذلك ( ).. ولكن بعد سميح القصير بحوالي أربعة عشر عاماً ، كما قلنا.
    بالإضافة إلى ذلك، فقد لاحظنا أن قصيدة القصير « التجديدية » قد حملت في الوقت نفسه المضامين نفسها التي حملتها القصيدة الحديثة من حيث المعاني، والإيحاءات، والطاقات النفسية، والدلالات.. وغير ذلك. فتجديده لم يكن في الأساليب والأشكال البنيوية فقط، وإنما طال أيضاً المعاني والصور والتخيلات .. وكل ما يستوجب التحرر من قيود الماضي ورواسبه وإن كان هو قد سماه
    « الشعر الطليق » كما ورد في إحدى مقالاته المنشورة في جريدة « الشباب » عن الشعر والشعراء، والأدب العربي بين الجديد والقديم، مما يعني أن الموضوع كان مطروحاً في ذهنه، وقد أخرجه إلى عالم النور والإعلان من على صفحات الجريدة التي كان يملكها .
    إن اللافت للنظر أن الذين جاؤوا بعده، ومنهم أولئك الذين قيل فيهم: إن شعرهم شعر إرهاصات قدّموا به للسياب والملائكة، نقول حتى هؤلاء قلدوا سميح القصير في تعريبه لقصيدة طاغور : « الببغاء الحبيس » والتي نشرها بتاريخ 1/11/1935، وفيها كل أساليب وبنية وشكل « القصيدة الحديثة » الملتزمة بالتفعيلة .. ومن هؤلاء علي أحمد باكثير الذي أخفق في تعريبه مسرحية « شكسبير » إذ لم يستطع أن يجاري سميح القصير في الالتزام الصارم بالتفعيلة المنظمة ضمن مقاطع متساوية ومرتبة ترتيباً دقيقاً، وبالتالي، لم يستطع أن يتجنب مواطن الزلل في النغمات الموسيقية، التي تجاوزها السياب والملائكة من بعده، وتجاوزها سميح القصير قبلهم جميعاً.
    إزاء كل ذلك، نستطيع الاستنتاج أن سميح القصير هو الرائد الفعلي والحقيقي للشعر « الحديث » الملتزم بالتفعيلة، ومن ثم فلا حاجة للبحث والتكهن في إثبات الحقيقة الضائعة بين نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وغيرهما، بعد أن ثبت لدينا أنهم جميعاً شاركوا في سرقة الفكرة التجديدية من الشاعر الموهوب سميح القصير، مستغلين موت الرجل عام 1944م. مما أتاح لهم الفرصة للزعم والادعاء .. سيما وقد أُسدل الستار على إنتاج « القصير » حتى اُتيحت لنا الفرصة حالياً، لإعادة جمعه وتبويبه وتنظيمه في كتاب صدر عن دار مكتبة الإيمان، طرابلس الشام، 2005م.
    إننا إذ نضع هذه الحقائق أمام الدارسين والمتتبعين للأدب العربي، فإننا نلفت الأنظار إلى أن هذا الإبداع لم يقتصر على الشكل البنيوي للقصيدة، وإنما أيضاً طال نهجها وأساليبها وصورها، كما قلنا، وأن السرقة الشعرية قد طالت هذه النواحي أيضاً، وغير بعيد أن تكون « القصيدة الحديثة » قد تسربت إلى العراق وغيره، من طرابلس، خصوصاً وأن صحف تلك الأيام تنبئنا أن علاقات طرابلس بالعراق والعراقيين كانت متواصلة ودائمة .. إذ كانت الوفود الطرابلسية تؤم العراق بين الحين والآخر، ومنها زيارات عديدة قام بها سياسيّون طرابلسيّون، منهم: خير الدين الأحدب، وعبد اللطيف البيسار وعبد الحميد كرامي، وغيرهم. كما كان يقيم في العراق مجاهدون طرابلسيون نفتهم السلطات الفرنسية، ومنهم المجاهدان: عادل الحامدي وفوزي القاوقجي.. وهذان بدورهما كانا يتبادلان الرسائل والمطبوعات مع سميح القصير الذي بدوره كان يستقبل، من العراقيين، سياسيين وأدباء وشعراء، ومنهم الشاعر العراقي أحمد الصافي النجفي ومعروف الرصافي، وقد نشر لهما غير قصيدة في جريدة « الشباب ».
    أخيراً، فإن مقالنا هذا، ليس سوى دعوة للنقّاد والمؤرخين للشعر العربي الحديث لإعادة النظر في رسم الحقائق ومعرفة المنبع الحقيقي لهذا الإبداع التجديدي في شعرنا المعاصر، متوخين تصويب الوقائع، وإعطاء كل ذي حق حقّه .. والله من وراء القصد


    من كتاب: سميح عبد المجيد القصير شاعراً ومفكراً ومجاهداً. دار مكتبة الإيمان، طرابلس/ لبنان، 2005م.
    د. محمود حمد سليمان
    (عكار . لبنان)

    التعديل الأخير تم بواسطة الدكتور محمود حمد سليمان ; 15/02/2011 الساعة 09:52 PM

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •