يرسم الكاتب و الشاعر الفلسطيني كفاح جرار لوحة فسيفسائية لطفل فلسطين الذي اختار البارودة لعبة تداعبها يداه الصغيرتان، و ليس أي كان يحمل البارودة، لأن حملها يحتاج إلى رجل يتقن لعبة الحرب جيدا..
ربما هو ما يقصده الأستاذ كفاح بأن الحرب مثل لعبة شطرنج و القائد هو من يفوز أخيرا يقول كفاح جرار في الصفحة الثانية: ( لقد شاهدت والدي فرحا مستبشرا، و أخذ يمازحني كعادته و قد احضر لي لعبة رائعة، منت أرجوه أن يشتري لي بندقية بلاستيكية تشبه البنادق الحقيقية، و لكن جاء لي بسيارة الكترونية و لعبة شطرنج أيضا، و عندما أردت الاحتجاج قال و هو يحضنني: يا بني عندما تجيد قيادة السيارة، و تتقن لعبة الشطرنج، فإن على ثقة بعدها بأنك ستكون قادرا على حمل بندقية حقيقية) .
يأتي العيد طفل فلسطين يبحث عمّن يهديه لعبة و ثيابا جديدة و يمسح الدمع من عيني أيمن ، إنه ذلك الطفل الجرئ الذي كتب رسالة لمسؤول الإغاثة الدولية في بيت حانون يصف له ما حدث لعائلته و صبر جدته، لم تكن هذه الجدة جدة أيمن فقط بل كانت جدة كل اليتامى، و من خلال هذه اللوحة نقرأ رسالة الكاتب الفلسطيني الرمزية و الحصار المشدد على الشعب الفلسطيني و كيف بلغت صرخة "القدس" الفتاة العذراء إلى حناجر الأطفال، و هي عبر عن قسوة الحكام العرب، الذين ينبغي أن يرشوا بالماء حتى يستعيدوا وعيهم..
البارودة فقط كانت حلم الطفل الفلسطيني، يحمل الوطن في قلبه و في كل شبر من ترابه كان يغرس شجرة "الزيتون"، كانت القدس الصدر الذي يرتمي فيه بحنان و قوة عله يسمع فيها نبض الوطن..
غزة فتاة جميلة و طيبة بهية و نظيفة تجعل من يمشي في حاراتها و من يسمع صوت موسيقى الناي شاعرا ، هكذا يقول كفاح جرار و هو يردد: " لأول مرة أرى وطني جميلا"..
صدقتَ يا أستاذ كفاح إن القدس جميل و عزيز على القلوب، ومن هنا نتساءل من أين استورد حكامنا العرب هذه القساوة؟ و هم يرون أطفالا تمزقهم القذائف و نسوة اختلط لحمهن بثيابهن، مناظر رهيبة و عنيفة، و ما من أحد يمسح دمعة طفل أيمن ووجهه الذي يتلوَّى..
يكتبُ كفاح جرار للوطن فيقول:


وطني .. وطني
كل ما فيه يمشي و يغني
صوت أحبابي بقربي
يضحك يعلو ثم يلهو و يغني
فأروي لهم كل أشعاري و لحني
وطني.. وطني
مثل أمِّي
حانيا قلبا رحيمًا
يحتويني يمشط شعري
فاسمعوني كي أغني

هاهو العشق و الحب يُسرقُ من وجه أيمن و باقي أطفال غزة وفلسطين..
هاهو القلب يُحْرَقُ، فأين صلاح الدين؟ و لماذا لم يأت؟.
هاهي غزة تندبُ الحظ و العِزَّ و المجد..
هاهو الصوت ينزف ألمًا، و يصرخُ فيكُمْ..
فهل سمعتم النداء أيها الحكام العرب؟.