إلى زعيم "ثورة الفاتح" العقيد معمر القذافي
ماذا تفعل بشعبك يا زعيم "ثورة الفاتح"!!!
ماذا تفعل بهذا الشعب الصبور الذي تحمّلك أكثر من أربعين سنة وأنت تمارس عليه كل الوان القمع والكبت وتسلط عليها سياسة بوليسية لا سابق لها في تاريخ البشرية...
هل تذكر عندما قدم الزعيم جمال عبد الناصر، على إثر هزيمة 1967، استقالته للشعب المصري بشجاعة المسؤول الوطني الحقيقي، كيف قابله الشعب المصري، وكيف خرج ذلك الشعب بحسه الوطني الصادق ووراءه جميع الشعوب العربية، يناشدون زعيم العروبة بأن يتراجع عن قرار الاستقالة على الرغم من تلك الهزيمة الكبيرة التي منيت بها مصر والأمة العربية جمعاء...
فانظر كم أنت صغير بالمقارنة إلى ذلك الرجل المخلص لبلاده وأمته !!!
انظر أنت أين في هذه اللحظات وشعبك الثائر أين!!!
وكان عليك إن لم تخجل من نفسك، أن تخجل من الشعوب التي ظهرت لها اليوم بوجهك الحقيقي؛ مجرد حاكم عربي بائس، لا يربطه بشعبه إلا الكرسي وما يجنيه من الكرسي من مال وجاه ونفوذ وغطرسة...
من هذا الذي لن يضحك عاليا في هذه اللحظات وهو يتذكر خطاباتك الثورية ويرى ما تمارسه اليوم من قمع شعب أعزل بالرصاص الحي والدبابات والأسلحة الثقيلة التي اشتريتها بثرواته، بعد أطلقت عليه جيوش المرتزقة والميليشيات الأجنبية..
كيف طاوعتك يداك وأمرت بقمع أبناء شعبك بهذه الطريقة الحمقاء، الخرقاء..
إن ما تفعله أيها "القائد الثائر" ليس من أخلاق القادة المخلصين الصادقين..
لقد كنت تتحدث عن الثورة وسلطة الشعب وتخفي وراء خطابك وجه طاغية وحشي لا تحركه إلا شهوة الحكم، ولا يهمه إلا الثبات على الكرسي ولو بضعة يوم أو أيام أو حتى دقيقة أو دقيقتين إضافتين...
ألست تقول في كتابك الأخضر وفي كل مناسبة إن السلطة للشعب ؟!...
لو كنت صادقا مع نفسك ومع فكرك، لقدمت استقالتك للشعب الليبي منذ أول يوم خرج فيه إلى الشارع ورفع صوته عاليا يطالبك بالتنحي..
إن تصرفك هذا لا يكشف إلا عن غباء ما بعده غباء.. فلم تفهم يا "فيلسوف الثورة" ما يحدث في العالم العربي اليوم الذي يبدأ تاريخه من جديد..
لم تستوعب رغم هذه الشمس التي تشرق على العالم العربي، الدرس الذي قدمته ثورة الشعب التونسي الرائعة للحكام العرب الطغاة السراق، وكيف انتهى صديقك الدكتاتور زين العابدين بن علي وعصابته، تلك النهاية المخزية، ولا الدرس الذي قدّمه الشعب المصري الكبير وهو يزلزل الأرض تحت أقدام "بطل أكتوبر" الطاغية محمد حسني ومبارك وبطلجيته فلم يستطع الصمود أمام إصرار تلك الثورة المباركة ثلاثة أسابيع...
إنك تفسخ أيها "القائد الثائر"، في هذه اللحظات من تاريخ الشعب الليبي وتاريخ الأمة العربية كل ما سجله لك التاريخ من بطولات لأنها لم تكن في النهاية إلا مجرد ألعاب بهلوانية استطعت أن تضحك بها على الشعب الليبي وعلى بعض الذين انطلت عليهم أكاذيبك الثورية..
لماذا أقول هذا أيها العقيد؟
لأن قائدا وطنيا، مخلصا، صادقا لا يفضل الكرسي في جميع الأحوال على مصالحة شعبه ولو بالتضحية بالكرسي نفسه...
لقد وقعت، بهذه الممارسات التي لا تختلف عن ممارسة أي حاكم عربي، على نهايتك بحبر دموي سطّر أفظع الجرائم في حق ليبيا وشعبها، لن يغفرها لك التاريخ
المفضلات