آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: اللعنة,,,,,,,,,,

  1. #1
    كاتبة الصورة الرمزية فاطمة عتباني
    تاريخ التسجيل
    27/04/2008
    المشاركات
    731
    معدل تقييم المستوى
    17

    Neww اللعنة,,,,,,,,,,


    جلست ينتفض جسدها بشدة، تنظر مذهولة إلى كفها، نعم إنها صفعته حتى احمر كفها، نظرت إلى يدها الأخرى التي تحمل الحقنة، لم تصدق أنها صفعت شقيقيها الحبيب، بل ابنها الذي عكفت على تربيته دون أن تمد يدها عليه حين كان طفلاً، لكنها فعلتها الآن وهو في الخامسة والعشرين .
    دارت بها الدنيا وسرحت تقرأ صحيفة من ذكريات خمسة وعشرين عام، تذكر جيداً ذلك اليوم وهي طفلة في العاشرة حين تشاجر والدها مع جدها وانتهت المشاجرة بطردهم من البيت، ما كان أحد ليصدق أن الولد المدلل يمكن أن يطرده أباه من قصره، هذا القصر الذي كان حديث القريب قبل الغريب لشدة ما كان به من جمال معماري ومن فرط ما أنفق الجد على بنيانه من مال.
    نهضت وكل أوصالها لا تقوى على الصمود ويدها اليسرى التي تحمل الحقنة ترتجف، دققت النظر إليها وكأنها لا تصدق. تطوف في ذاكرتها ألف خاطرة عن تلك الأيام القاسية من الجوع والخوف التي مرت عليهم وهم بلا مأوى حين تركهم الأب هي وأمها والطفل الذي يتحرك في أحشائها، سافر دون أن يخبر أحداً بمكانه،هرباً من مسئوليتهم، فهو لم يتحمل المسئولية منذ كان طفلاً ولا ذاق حياة شاقة لحظة من عمره. كانت أمها تتردد بهم على بيوت أقربائها وصديقاتها على سبيل الزيارة مدعية إحساسها بالوحدة بسبب سفر والدهم للعمل. ولا تمر فترة إلا ويتذمر أهلها أو أهل صديقتها فتأخذهم إلى بيت آخر. تتحمل سخرية أقرب الناس إليها، أمها وأخواتها، حين يذكرون لها طردها من القصر الذي كان حلمها في أن تسكنه يفوق الخيال. مرت تلك الذكريات على خاطرها دفعة واحدة، فانهمرت دموعها غزيرة على خديها، أحست أنها ستهوي إلى الأرض فجلست ثانية وهي تنظر إلى الحقنة التي بيدها في غير تصديق، همست والدموع تملأ عينيها:ليته يتذكر ما فعلتُ لأجله حتى أجعل له مكانة وسط هذه الأسرة التي تعتد بنفسها وتعتبر نسلها صفوة في المجتمع، لكنه خذلني، أبى إلا أن يتبع آثار أبيه في هذا الطريق.
    هذا الأب الذي ما كان يعلم عن طفله ولا أسرته شيئاً، فقد كان مخدر الإحساس غائب الوعي يصل ليله بنهاره تحت تأثير الخمر حيناً والمخدرات حيناً آخر.
    حتى عودته تلك الأخيرة لم تكن عودة حميدة، رغم أنها أعادتهم للقصر مرة أخرى، ولولا خوف جدها من حديث الناس أن زوجة ابنه تعمل طاهية بالبيوت لما سمح بتلك العودة إلى القصر، ذلك القصر الذي كان مثل السجن. يُحظر فيه الحديث بغير حساب، أو التحرك داخل طوابقه دون رقيب، ولا يمكن التنزه في حديقته في أي وقت لأنها لم تكن تخل يوماً من أقربائهم أو رفقاء الجد الذين كانوا كُثر.
    ورغم أن هذا الرجوع منحهم بعض الأمان، لكن كانت فيه الطامة الكبرى حين سعى الجد لأن يزوج ابنه من إحدى صديقات عمتها، تلك العمة التي لو استطاعت لمزقتهم هي وأخوها وأمها إرباً، لأنها تعتبر أن زواج أبوها من أمها كان وصمة في جبين العائلة، وقد سعت بكل جهدها في أمر الزواج حتى تم عقد القران. كانت الصدمة قوية على أمها التي تهالكت صحتها نتيجة الشجار المستمر سنوات بينها وبين العمة، وكأنها كانت تسعى لأن تقضي عليها. كانت تلك الزيجة هي الضربة القاضية التي أدت لأن تلزم الأم الفراش مشلولة وتجعل الأب يهاجر من البلاد هرباً من المشاكل كعادته.
    لم تكن هجرة الأب هذه المرة بقصد العمل كما ادعى، لكنه هناك يستطيع أن ينخرط في إدمانه دون مراقبة أبوه. ورغم أنها كانت تعلم ذلك، لكنها لم تهتم، بل كان كل همها هو ضمان حقهم في البقاء تحت ظل يضمن الأمان لها ولأمها المريضة، ارتضت أن يعيشوا في الجناح الخاص بالخدم بعد ما تغير وضع الجد ولم يعد بالقصر كل عدد الخدم الذي كان من قبل. سعت لأن تجاري العمة رغم طباعها الفظة وتأخذ الجد باللطف والحيلة، لم تترك حيلة في الدنيا يمكنها التقرب إليه بها والوقوف على خدمته وادعاء الأخبار التي ترد من والدها حول صحته وعمله، بل إنها كانت تجلب بعض الهدايا لها ولأخيها وجدها مدعية أن أبوها قد أرسلها. أسهم في نجاح ذلك التقرب موت الجدة وشعور الجد بالوحدة خاصة في أكبر أزمة مرت عليه حينما باع زوج ابنته مزرعة القصر مستغلاً ذلك الإقرار الذي وهبه به حق التصرف في أعماله.
    قدمت لجدها فكرة إنشاء بعض المتاجر بواجهة القصر المطلة على الطريق العام، ووقفت على ذلك المشروع لتسترد ثقته فقبلت أن تقتحم مجال العمل بالسوق وتتحمل ما تتعرض له من مضايقات حتى تضمن بقاءهم تحت ظل القصر بعد أن استقر بهم الحال تدريجياً بما دبرته بكل حكمة وصبر لكي يقيموا داخل ردهات القصر.
    بدأ الجد يهبهم الرضا، وظللت حياتهم السعادة التي جعلت أمها تسترد الكثير من عافيتها المهدودة. حتى ذلك اليوم الذي وشى فيه زوج عمتها بأن الابن يقع تحت تأثير المخدرات، لم تصدقه ، بل صرخت في وجهه واصمة له بالكذب. توجهت كالمجنونة نحو غرفة شقيقها فإذا بها تجده يحمل تلك الحقنة المعبأة، اختطفت منه الحقنة .لم تشعر بنفسها إلا وهي تصفعه صفعة دوى صوتها عالياً فشق صمت الغرفة، دخل الجد عليهم يرعد ويتوعد وأقسم أن يطردهم من البيت ليلحقوا بأبيهم.هرول شقيقها خارجاً من المكان.
    تلفتت حولها، كانت أنفاسها تتلاحق، والفكرة تطرق على رأسها كالمطرقة، هل سيطردون مرة ثانية، وإلى أين؟. بل إلى من؟. عن أي أب يتحدث الجد للحاق به، ذلك الأب الذي سافرت إليه منذ أكثر من سبع سنوات لتواري جسده التراب بعد أن مات بجرعة زائدة من المخدرات. وعادت دون أن تذرف عليه دمعة واحدة خوفاً من أن يفقدوا فرصتهم في الميراث. ذلك الأب الذي حرمت نفسها حق البكاء عليه ومنعت قلبها من الحزن حفاظاً على ما فعلته طوال السنوات الفائتة، عن أي أب يتحدث جدها؟. ألم يشعر ولو لحظة بعاطفة الأبوة ما يكمن خلف غياب ابنه المريب، ظلت وحدها تلوك جمر ذلك السر الذي أخفته خلال السبع سنوات الفائتة، ظنت أنها قد دفنت معه تلك اللعنة التي حطمت حياتهم.
    تهالكت على الأرض وأخذت تبكي، لم تدر ماذا عليها أن تبكيه، هل تبكي خيبة أملها في شقيقها، أم تبكي فراق أبيها، أم تبكي ذلك القدر المجهول الذي يلوح أمامهم، بكت بحرقة حتى نضب الدمع، أحست بأن الدنيا صارت أضيق من ثُقب إبرة وهي بلا حيلة. ماذا تفعل؟ هل تخنق نفسها، أو تجري فترمي نفسها تحت سيارة، أو تعلق نفسها على سقف هذه الغرفة؟.تشعر أن صدرها يضيق بكل هذه المشاعر من الخيبة والخوف والحزن والألم، لم تعد تقوى على تحمل مسئولية هدت عمرها وأفنت زهرة شبابها، لم تعد تطيق هذا الدفق من المشاعر القاسية التي تسيطر عليها، تحتاج لأن تسكت هذا الشعور، أن تذهب إلى مكان لا تسمع فيه صوت خواطرها ولا ترى فيه مرارة الحقيقة ولا تتذكر كل هذه الصور من العذاب ، مكان يتوقف فيه شعورها بكل هذه الأحداث التي ترزح على صدرها مثل جبل لم تعد تحتمل ثقله، مدت يدها المرتجفة التي تحمل الحقنة، قربتها منها. لم تسمع حينها صوت جدها الذي أمرها بمغادرة البيت فقد كان محلول الحقنة يسري بدمها فأغمضت عينيها في ثبات.

    كلما أرقني الحنين , , ,
    همست : لك الله ياقلبي


    [frame="7 80"]موقعي :
    [/frame]
    [mark=#990066]
    تُرى هل تبدو الأشياء على ما هي عليه؟
    رحم الله جدي ، ، ، ، ، ، ، ، ، ، ،
    ما زلت أشعر بالأمان
    حين كنت بين يديه ، ، ،
    أعبث بلحيته
    [/mark]

  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية نجيب بنشريفة
    تاريخ التسجيل
    05/06/2010
    المشاركات
    1,324
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: اللعنة,,,,,,,,,,


    .
    .
    .
    .
    لعنة
    .
    .
    .
    دفع بهم كبير العائلة خارج حدود مملكته
    بكت أباها في سكون ، خالفت ديدن العيون
    عادوا اليه بعد حين راضخين
    تراخت الجفون و تآكلت الدهون
    باعوه المقربون وتقاسموا العربون
    تقربت ، تواضعت خوفا عليهم من الجنون
    ألقت بنفسها بين أحضان المنون
    .
    .
    .
    .
    Malédiction
    .
    .
    .
    .
    Poussée par le vieux en dehors des frontières de son royaume
    elle pleura son père dans le silence, les yeux sèches
    de retour chez lui , après un certain temps ,elle est convaincu de s' acquiescer
    Paupières laides et graisse érodé
    Vendu et caution partagé par ses proches
    Humiliée , elle s'est approché et s'est faite accepter pour fuir la folie
    Elle se jette dans les bras de la mort
    .
    .
    .
    .
    غطرسة و جبروت الجد ضيعت الابن و الأحفاد
    قصة غارقة في الحزن تبكي الواقع المرير
    تحكي البعد عن الأخلاق و القيم
    والسقوط الذي لا مجال فيه للندم
    .
    .
    .
    الأستاذة الفاضلة فاطمة محمد عمر عتباني
    .
    .
    .
    أدام الله ما عشت قلمك للعطاء البديع
    .
    .
    احترامي وتقديري
    .
    ..
    .
    .
    .
    .
    .
    .
    .


  3. #3
    أستاذ بارز
    تاريخ التسجيل
    20/04/2009
    العمر
    89
    المشاركات
    1,066
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: اللعنة,,,,,,,,,,

    أختي الفاضلة أستاذتي فاطمة محمد عمر عتباني

    القصة التي أوردتها أراها واقعية مؤلمة مؤثرة لما فيها من حقائق مرة تفضَّلت (أنت) سردتها سرداً تفصيلياً بما أمكنك، وأرى تعليقي عليها لا يبعد من قريب أو بعيد عن التعليق الذي تفضل به أخي الحبيب أستاذي نجيب بنشريفة الذي زوَّد الأحداث بقفلة تستحقها من الواقعية، وأيضاً أرى مثله أنَّ الجدَّ لم يكن يتصرف بما يمكن أن يوصف بحكمة وعقلانية، لنا الله تعالى، في كل أحوالنا وأحوال غيرنا من العباد، قبل كل ذلك وبعده.

    من لا يحس بالبشر ليس منهم (من البشر). أدعو الله تعالى أن يحفظنا بحفظه.

    التعديل الأخير تم بواسطة علي حسن القرمة ; 23/03/2011 الساعة 12:11 PM

  4. #4
    كاتبة الصورة الرمزية فاطمة عتباني
    تاريخ التسجيل
    27/04/2008
    المشاركات
    731
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: اللعنة,,,,,,,,,,

    أستاذ نجيب
    كيف أوصف لك مدى سعادتي بمرورك
    .
    .
    .
    وهذا التماهي المبدع بين الحروف
    .
    .
    .
    دمت بخير وإبداع سيدي بنشريفة

    كلما أرقني الحنين , , ,
    همست : لك الله ياقلبي


    [frame="7 80"]موقعي :
    [/frame]
    [mark=#990066]
    تُرى هل تبدو الأشياء على ما هي عليه؟
    رحم الله جدي ، ، ، ، ، ، ، ، ، ، ،
    ما زلت أشعر بالأمان
    حين كنت بين يديه ، ، ،
    أعبث بلحيته
    [/mark]

  5. #5
    كاتبة الصورة الرمزية فاطمة عتباني
    تاريخ التسجيل
    27/04/2008
    المشاركات
    731
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: اللعنة,,,,,,,,,,

    أستاذ علي القرمة
    أسعدني جداً مرورك
    أسعدني جداً تذوقك لكلماتي
    أسعدني جداً حديثك وتعليقك على القصة
    دمت بخير

    كلما أرقني الحنين , , ,
    همست : لك الله ياقلبي


    [frame="7 80"]موقعي :
    [/frame]
    [mark=#990066]
    تُرى هل تبدو الأشياء على ما هي عليه؟
    رحم الله جدي ، ، ، ، ، ، ، ، ، ، ،
    ما زلت أشعر بالأمان
    حين كنت بين يديه ، ، ،
    أعبث بلحيته
    [/mark]

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •