وِلادة
إلى أمّهات الشهداء في ليبيا
أمّـــاهُ أنـتِ ولَــدتــني لِـبــــــلادي=دِيـني وأرضي ، أمّـــتي وَتــلادي
أرضَـعْـتِني حُـبّـاً كَـبـيراً لَـمْ يَـزَلْ=مُـتَـغَـلغِـلاً بِـدَمي لَـصـيـقَ فُــؤادي
عَـلـَّــمْـتِــني أنَّ الــهَــوانَ مَـذَلـَّــةٌ=وَالــــذِّلُّ مَـــوْتٌ دُونَـمـا إلـْـحــــادِ
عَـلـَّـمْـتِـني أنَّ الـرُّجـولـَةَ مَــوقِـفٌ=في وَجْــهِ جَـبّـــارٍ وَلِــصٍّ عــــادِ
وَسَـقَيْـتِـني حُبَّ الشّهادةِ في الصِّبا=لأكـونَ في دَرْبِ الـكَـرامَةِ فـادي
وَالـْيَـوْمَ يا أمّـاهُ أصْـبَـحَ شَـعْـبـُــنـا=مـا بَـيْــنَ مَـقـْـتـولٍ وذي أصْـفـادِ
أوْ بَـيْـنَ حُــرٍّ صـامِـدٍ في قَـلـْـبِـــهِ=قـَـبَــسٌ يُـضيءُ لِـمُـهْـتَـدٍ أوْ هــادِ
وَمُـهَـجَّـرٍ بَـيْــنَ الـتِّـــلالِ مُـرَوَّعٍ=يَـحْـدوهُ سَـيْـفٌ في يَــدِ الـْجَــــــلّادِ
هـذي الـْحَياةُ بِأرْضِنا في ظِـلِّ مَنْ=زَعَـمَ الـوَفــاءَ بِـثـَــوْرَةٍ وَعِـنــــادِ
قـالَ الـزَّعـيْـمُ ومـا رَأيْـنـا فِـعْــلـَـهُ=إلّا بِـتَــنْـكـيــلٍ وبِـاسْــتِــعْـــبـــــادِ
خُـدَعٌ تَــداوَلـَهـا الـطـُّــغـاةُ وأمَّـتي=مَـقـْـهـورَةٌ بِالسَّـــــوْطِ والأجْـنــادِ
نَـهَـبـوا الـبِـلادَ وبـالـَغـوا في ذلـِّنا=وَكِـلابُـهُـمْ هَــرَّتْ بِـكـُــلِّ تَـمــــــادِ
وَسِـياطـُهُمْ كالسُّـمِّ يَسْـري وَقـْعُـها=بِـظـُـهــورِنـا كـالـنـّارِ في الإيْـقـادِ
حَـتى انـْتـَبَـهْـنا فَالـْتَـفَـتْـنا حَـولـَنـا=وإذا الدُّنى في حُـسْـنِ جَـنـَّـةِ عادِ
وإذا الشـُّعوبُ لـَهُـمْ هُـناكَ كَـرامَةٌ=تَـحْـيـا بِـلا ظـُـلـْـمٍ ولا اسْــتِــبْــدادِ
حُـكّامُها يَـتَـسابَـقـونَ لِـيَـكْـسَـبــوا=مِـنْـهـا الـرِّضـا في رَحْـمَـةٍ وَوِدادِ
وإذا بِـنـا مَـوتى نَـعـيْـشُ بِـبَـرْزَخٍ=وَهُـناكَ كانَـتْ لـَحْـظـَـةُ الـْمـيــــلادِ
* * *
قـُـمْـنا نُـطـالِـبُهُـمْ بِـبَـعْضِ كَرامَـةٍ=قالـُوا: جَراذيْـنٌ سَـرَتْ في الوادي
وَاسْـتَـقـْـبَـلونا بِالـْـكِـلابِ سَــعورَةً=وَالــنـّــارِ والــبــارودِ والأحْــقــادِ
هِيَ ثـَوْرَةٌ نـَفـَخوا بِـجَـمْرِ رَمـادِها=فَـتَـألـَّـقَـتْ وَعَـلـَتْ بَـغَـيْـرِ رَمــــادِ
وأبَـتْ جيوشُ الحَقِّ قـَتـْلَ شُعوبِها=فَاسْتَـخْـدَموا الأغْرابَ في الإخْمادِ
قَـصْفاً أبـادَ الشَّـعْبَ حتى أصْبَحوا=مِـثـْلَ السَّـنابِـلِ بَـعْـدَ يَـوْمِ حَـصـادِ
مِصْراتةُ احْـتَرَقـَتْ وَبَنْغازي بَكتْ=حُــزْنـاً لِـشَــعْـبٍ نــازِحٍ وَمُـــبــادِ
أمّـاهُ هُــمْ حُـكّامُــنـا قـَــدْ أعْـمَـلـوا=فِـيْـنا السُّـيـوفَ عَـلى يَـدِ الأوغادِ
ما أخْرَجوا مُسْـتَـعْـمِراً من أرْضِنا=واسْـتَـقــْدَمـوهُ لها كَـسَـيْـلِ جَـرادِ
وَأتَتْ زُحُوْفُ الغَرْبِ تُعْـلِنُ نُصْرةً=لِلـنـِّـفْـطِ .. لا لِـعُـيـونِــنـا وَسَـــوادِ
قـالـوا: الخِـيـارُ مَـذَلـَّـةٌ في ظِـلـّـنـا=أوْ تَـحْـتَ مُـحْـتَـلٍّ إلى الـدَّمِ صـادِ
فَـاخْـتَــرْتُ يا أمّــاهُ مـا أعْـدَدْتِــني=لِـبُـلـوغِــهِ طِــفـْــلاً وذا مـيْـعـادي
فَـتَـرَقـَّـبي عِـنْـدَ الـدَّويِّ شُــروقَـنـا=شَمْساً تَـوَهَّـجُ ساعَةَ اسْتِشْهادي
فـإذا أتـاكِ بِـهِ الـبَـشــيْـرُ فـأيْـقِــني=أنّي وُلِــدْتُ فَـهَـيِّــئي لي مِـهادي
وَتَــقــَـبَّــلي مِـنِّي أجَـــلَّ هـَـديَّــــةٍ=حُـرِّيَّـــةٍ وَكَـــرامَـــةٍ لِـــبــــــلادي
مصطفى الزايد ـ /السبت / 14 / 4 / 1432 هـ /
المفضلات