آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: المقامة القذافية

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية نبيل الجلبي
    تاريخ التسجيل
    28/01/2009
    المشاركات
    5,272
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي المقامة القذافية/عبد الرحيم صادقي

    المقامة القذافية

    عبد الرحيم صادقي

    حدثنا هَمَّام بن سلاَم قال: سألت أبا الطرائف عن القذافي، أشخصٌ يُرَى أم كائن خرافي؟ صِفْ لنا أحواله، وشمائله وأطواره!
    فقال أبو الطرائف: له شَعْر كثيف، وعقل خفيف. مُصَعَّرُ الخدّ، ليس لكلامه حَدّ. يعشق الهذيان، وتحرُسُه النِّسوان. له كتاب أخضر، وولد أسمر. وآخر أبيض، أيَّد وأعرض. فيه إسْراطين، ووَحيُ شياطين. كثيرُ البَجح، قليل النُّجْح. حُمْقه طَفَح، عَتهُه رَجَح. سيَّان بَسَم أم كلَح. تتبَعُه خيمة، وتُرهِبُه غيمة. إذا خلا صرخ، وإذا نازل رضخ. عالمٌ نِحرير، بكل أمرٍ بصير. يترنحُ كسكران، أو كشارب شوْكران. واعظٌ خطيب، بيطري طبيب. سياسي أريب، كاتب أديب. فنان حكيم، خبير عليم. إذا حدَّث أطال، وإذا صمت جَلَّى وجَال. كلامُه ريح في قفص، فعلُه جرَبٌ على برَص. كلامٌ كالعسل، وفِعلٌ كالأَسَل. حديثٌ ليِّن، وظُلم بيِّن. إذا رضِي أنال، وإذا سخط أقال. إن سُئِل تَمنَّع وجادل، وإذا أُكرِهَ مَنَح فأزجل.
    مَلكُ الملوك، رَبُّ كل صعلوك. زعيمٌ ثائر، رئيسٌ حائر. قائد فاتح، ثورٌ جامِح. يبيع النفط، إذا تكلم عَفـَط. يَحكُم بلا حكومة، أُبُوَّةً وأمُومَة. ليس له وزير، لا نائب ولا أمير. حلَّ البرلمان، أرضُه أمان. له مؤتمرات ولِجان، وإنسٌ وجان، وهو الملك الديان. معشوقُ الجماهير، صاحب المناكير. غريبُ الزّيِّ، يُداوي بالكَيّ، يغلبُه العيّ، فيُبرِمُ الحَيّ. عارضُ أزياء، وائدُ أحياء. لا رادَّ لحُكمه، يموت بسُمِّه. كثيرُ السَّقَط، سريعُ الشطط. يُقْدِم كعنتر، ويتبخَّرُ كزعتر. يُثْنَى عليه ويُمْدَح، لا يُشارُ عليه ولا يُنْصَح. يَفخر بالعرب، ويُمجِّدُ النسب. ومنهم هرب، وعنهم غرب، إلى حيث "بامبارا" و"باسا"، و"الزولو" و"الهاوسا". رُتبتُه عقيد، دماغُه حديد، على أهله شديد، وفي الجِدِّ رِعديد. حَكم فوق الأربعين، أحمقُ من راعي ضأن ثمانين. سرق الكرسي، مِن عند السَّنوسي.
    احتجَّ مع الناس، مرفوعَ الراس، لإسقاط القذافي، ثالثةِ الأثافي. قاتَلَ بنغازي، واستقبلَ التعازي. ضرب وبكى، سبق واشتكى. أُدِينَ فأنْكَر "لوكربي"، وقال لستُ أنا يا ربِّي! لكنْ دفع العِوَض، سخاءً بلا مَضض. صارع "ريجان"، بكلام رنان. ووعيدٍ وخُطب، وسبٍّ وصخب. بقبقةٌ في زقزقة، أحمقُ من هبَنَّقة. كالمُهَدِّر في العُنَّة، مبتدعٌ في سُنَّة. فأسْكتَتْهُ قنبلة، فانحنى كسُنبلة. استقدم المرتزقة، من بلاد الأفارقة، ليحارب ابنَ البلَد، بصبر وجلَد. واستقوى ب"سيف الإسلام"، بيده السيف والإعلام. وابنُه "هانيبال"، هانئ البال، قبيحُ الفال، يبذل المال، ليسترِقَّ الناس، على رقصٍ وكاس. يُمَرِّضُه الأُكْرَان، مع الشقراء نَشوان. قلبُه في كوبا، أَحبُّ إليه من طوبى. أضلُّ من ضَبّ، ألسع من عقرب، أعدى من الجرَب. أغشمُ من السيل، أفظع من الويل، أخبط من حاطب ليل، يتمايل كالذيل. أقسى من صخر، أغدر من غدير، باللَّعن جدير. وجهُ الحيزبون، حُكمُ الدَّيدبون. أخفُّ من الهباء، يتلوَّنُ كحِرباء.
    يصمت دهرا، ويَنطق كُفرا. يهرِفُ بما لا يعرف، يُبَذِّر ويُسرف. يُحلِّق بنظراته، كفيلسوف في خلَواته. تارة مع العرب، ثم تراه هرب. وطورا مع الأفارقة، ولَو في شمس حارقة. كلامُه لا يُرد، هو الواحد الأحد. فالإخوان زنادقة، والطائفة مارقة. أهل اليسار عار، واليمين شنار. مُجدد الإسلام، ومُصلح الأنام. يفخر بالمختار، ولمعمر أسرار. وأنَّى لمعمر أن يدرك عمر؟ وهل يحجبُ نورَ الشمس قمر؟ يسعى إلى حَكْيِه سعيا، وهل يبلغ الثرى الثريَّا؟
    يطلق على رعيته الرصاص، وينادي القصاص القصاص! سفَّاح مجرم، ثائر مسلم. خَطَب فقال: "أيها الفئران! يا قطط يا جرذان! إما هُلْكٌ وإما مُلك. أقاتلُكم حتى آخر رصاصة، وأمصُّ دمَكُم وليس بي خصاصة". أليس "قذاف الدّم"، والغِلِّ والسُّمّ؟
    قال همَّام بن سلام: حَسْبُك حسبُك! أهذا القذافي؟ وغيرُ خُرافي؟! قد حيَّرتَ أربابَ القوافي، اشفِنا يا شافي! نسألُكَ العوافي! لقد قلتَ فيه ما لم يقل مالِك في الخمر.
    قال أبو الطرائف: فهذا البادي والخافي، في وصف القذافي. قال همَّام بن سلام: لله درُّك! والله ما رأيت إنسيا كهذا قَط، يعدو وحده ثم ينط، أسدٌ تارة وطورا قِط، أخسُّ من الذَّر وأحطّ. ثم أنشأ يقول:
    هذا القذى في عينه * لا يُرتجى رَدُّ الرَّدى
    خُذْ قبضة من طيننا * اضربْ بها رَجْعَ الصَّدى
    اقذفْ به وجهَ الذي * مِن جَوْره جاز المدى
    مُستكبِرٌ مُستقبَح * أقبِحْ به أعدى العِدى

    القسم الثاني

    حدثنا هَمَّام بن سلاَم قال: قلتُ لأبي الطرائف فلو كنتَ تهجو القذافي فما كنتَ تقول؟ قال كنتُ أقول: يا أعلقَ من قُراد، وأغْشَمَ من جَراد. يا أخْيَل من غراب، وأجوع من عُقاب. يا أظلمَ من ليل، وأطمع من طُفيل. يا أشأم من داحِس، وأحقر من لاحس. يا أكذب مَنْ دَبَّ ودَرَج، يا مُفتَرٍ بلا حرج. يا أنفر من بعير، ويا روث الحمير. يا أمرَّ من الحنظل، وأعدى من فُصْعُل. يا سَقْطَ المتاع، يا عَرَضاً لا يُباع. يا أشأم من حفَّار، وأوجع من كَيِّ النار. يا بَعْرَة حمار، وعَقِبَ سيجار. يا غُراب البَيْن، يا قبيح العَيْن. يا أجمعَ مِن النمل، وأحقر من القمل. يا أذلَّ من النعل، وأظمأ من الرَّمل. يا أخْتَل من الذئب، يا مانعَ السَّيْب. يا أنْكَرَ من شيء، يا رجيعُ يا قَيْء. يا أخطرَ من حريق، وأيأس من غريق. يا ضالاًّ بلا رَيْب، يا جامِعَ كلِّ عَيْب. يا أشأم من البَسوس، وأفسد من السُّوس. يا أخيبَ من حُنَين، يا أخا سُكَيْن. يا ثقيل الدَّيْن، كَناكِحِ الأُختَيْن. يا أخْيَل من دِيك، والزَّبَدُ بِفيك. يا عظيم النَّوْك، يا قتَادُ يا شَوْك. يا سِحاءُ يا هَرَاس، دُقَّ رأسُك بالمِهْراس!

    يا أشأمَ من طُوَيس، وأهونَ من قُعَيس. وأشأمَ من عِطْرِ مَنْشِم، يا ندمانُ ولاَتَ ساعة مَنْدَم. يا حاكِماً بالسَّيْف والرُّمْح، يا أسَّ الدَّمَامة والقُبْح. يا أوجع من وَخْز الإبر، يا مَن ضلَّ وبغى وبَطَر. يا سُمَّ الأفعى، يا كلبا أقعى. يا آلَمَ من وجع الرَّاس، وأشدَّ من قلْع الأضراس. يا أعقدَ من ذَنَب الضَّب، سَخِطَ عليك الرَّب! يا أعيا من باقل، أبَهْمَةٌ أم عاقل؟ يا أمَرَّ من العلقم، وظهيرُك شَلْقَم. يا أغرَّ من سراب، وأقذرَ من ذُباب. يا أهون من النُّباح على السحاب، يا خائن الأهل والأصحاب. يا أغرَّ من المنى، يا حرفا بلا معنى. يا أهلكَ من تُرَّهات السَّباسب، وأحرقَ من نار الحُبَاحِب. جئتَ بالعجائب، وأغرب الغرائب. يا أوهن من بيت العنكبوت، ألقاك الله في بطن حوت! يا حقيراً زَمْجَر، ثم سكت وجَمْزَر. وأحكمُ منه شَعْهَر، في حَكْيِ ابنِ أَزْهَر. يا أركنَ من إياس، يا مُحْدِثاً في نُعاس. يا قبيح النّْشْر، وَيْلَك يوم الحَشر! يا أعفشُ، يا أخفش. يا كيسَ قمامة، يا أوْجَلَ مِن نعامة. يا ذَرْقَ الطَّيْر، يا ثِقَلَ النِّير. ملأتَ الصُّرَّة، وتركتَ العُرَّة. يا أشحَّ من ذات النَّحْيَيْن، يا أظلم الثقلَيْن.

    مُتْ بالجَرَض، أقعَدَك المَرَض! وأوْهَنكَ الجُذَري، فاسْمَك لا تَدْري! رَجَوْتُ لك البُرَداء، ومعها كلَّ داء، ونزولَ البلاء، وسوءَ الجلاء، وضَنْكاً وشقاء، بأرضٍ خلاء، فلا شربة ماء، ولا نَعْمَاء، ولا نفخةَ هواء، سوى ذئاب وعُواء. ويفترسُك دَبْخَس، معه عَنْبَس، وجاءَك القَسْقَس، يُسابِقُ البَهْنَس، فيَومُك نَحْس، ولا لك رَمْس، بل جيفةٌ قذرة، يا حاملَ العَذِرة. يا أحمق من جَهيزة، بِئْسَت النَّحِيزة. بُليتَ بالسُّلِّ والصَّمَم، والعَمَى والبَكَم، والنِّقْرِس والقَرَم. وإمساكٍ ومغص، وصرعٍ وبرَص. وداء الأسد، وحِكَّةٍ ورَمَد. وعُسْرِ هضمٍ ورَعْف، وجنونٍ وخرَف. ونَحْزٍ وطَنَى، وشِدَّةِ الضَّنَى!

    يا مَنْبِتَ الجَهْل، لكَ ماءٌ كالمُهْل! يا رَوْثَ الخروف، يا نَتْنَ الصُّوف، في المكان المَطِير، تحت الحَصِير. يا مَن يَعْوي وينبَح، ويسلخُ أهلَه ويَذبَح. ولا يَعرفُ حوّاً من لوٍّ، ويَغرقُ في دَلْو. يا أذلَّ من النَّقَد، وأحقر من الوَتَد. وأشأم من براقش، يا رأس الحرافش. يا أقرصَ من السُّلاء، وأشأم من رغيف الحولاء. يا أتفَهَ مِن رأيِ الأَخْرَق، وأقبحَ من غَمَصِ الأبْخَق. إن تَهِجْ كهَيْجِ الأحمق، فقد تمرَّدَ مارِدٌ وعزَّ الأبلق. أهْلَكَكَ اللهُ بالصَّرْصَر، والوَبْر والصِّنَّبْر. وغدَّةِ البعير، وظمإ الحمير! أُهْلِكتَ برجمٍ وغَرَق، وسُمٍّ في مرَق. وخَسْفٍ وصَيْحَة، ونَزْفٍ وقَرْحَة. يا أصْوَل من الجَمَل، يا قولا بلا عمل. يا أثقلَ من حِمْل الدَّهيم، أصْلاك اللهُ حرَّ الجحيم! ولَطَمَك لطْمَ المُنتقِش، يا نَخْبُ يا مُنْتَفِش. يا جمَلَ السقاية، وشيطانَ الغِواية. يا أذلَّ من بعير سانِية، أفَحْلٌ تحرسُه غانِية؟

    يا أخسرَ من حمَّالةِ الحَطَب، يا وضيعُ يا هجينَ النَّسَب. يا أحمق من دُغَة، وأشبهَ بوَزَغَة. أصابَك بَرْدُ العجوز، وأحْرَقَكَ قيظُ تموز! يا أوقحَ من سَجَاح، يا كثير النُّباح. يا مَذّاقَ الحديث، لك الموتُ الحَثيث! يا صاحبَ الحسناء، لكلِّ عروسٍ سوداء. يا فَمَ الفتنة، ما هذه المِنَّة؟ أنْ عبَّدْتَ أبناء المختار، وأطلقتَ يد الأشرار! يا جارحَ اللسان، وحاملَ السِّنان. عَضضْتَ بِنابِ النَّوائب، وتركتَ الدِّيارَ خرائب. زرعتَ الشقاق، يا رأسَ النفاق. يا كَلْكَلَ الدَّهر، يا مَلِك القَهْر. يا مَحروسَ الخِرْبَاق، وأختِها الغِلْفاق.

    يا بغلةَ أبي دلامة، للشرِّ فيك علامة. يا أذلَّ من حمار قبان، سيَّانَ عندك الناس والجُرذان. من ليبيا وما شبهتَ المختار! فلَأنتَ أخلف من وَلَد الحمار. يا أعْسَرَ من صوف الكلب، يا أطمعَ من شاةِ أشْعَب. يا فَحْلَ السُّوء، بَرَكْتَ فلا نَوْء! لَوْ فيك قال القائل:

    تصُولُ علَى الأدْنَى وتَجْتنِبُ العِدَى * وما هكذا تُبْنى المَكارِمُ يا يَحْيى

    فأنتَ كفَحْلِ السُّوءِ يَبذُلُ أُمَّهُ * ويَترُكُ باقي الخيْلِ سائِمَةً تَرْعَى
    ما جانبَ الحقَّ قائِلُه.

    ثم قال أبو الطرائف: أسألُ الله القدير، مُيَسِّر العسير، أن أراك يا قذافي، هائِماً في الفيافي، كجمَلٍ أجْرَب، لَسَعَهُ عَقرب. ولا جُذَيْل مُحَكَّك، ولا ما يُوَاري سَوْءتَك.

    قال هَمَّام بن سلاَم: فقلت آمين! آمين! آمين!


    التعديل الأخير تم بواسطة نبيل الجلبي ; 29/03/2011 الساعة 01:30 PM

  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية عمر بلخشين
    تاريخ التسجيل
    15/02/2011
    المشاركات
    121
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: المقامة القذافية

    والله لا يستحقّ حتى أن نذكره في فنّ المقامة

    لكن أعجبتني المحاكاة السّاخرة في النصّ

    دمت مبدعا أخي نبيل

    احترامي وتقديري


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •