من الموقع السابق
البشيتي في كتابة رومانسية ... هذا هو الحب يا عشتار ...
بحسب كتاباته فإن الأستاذ جواد البشيتي يبدو للقارئ المتابع كواحد من الكتاب (المؤمنين) بالفكر المادي الإلحادي، وذلك لأنه يركز في معظم كتاباته المكرسة لهذا الفكر على الدعوة الصريحة الجريئة إلى العلمانية والإلحاد، ويخصص جزءا كبيرا من جهده ووقته من أجل الإنتاج المكثف والغزير للمقالات التي تتعرض بالنقد الكلامي وشبه العلمي لأساسيات الدين والفكر الإسلامي، كما تتميز كتاباته المخصصة لهذا الأمر بالنقد السفسطي للمفاهيم الإسلامية الأساسية المتعارف عليها، وبالنقد التحليلي غير المحايد لكتابات الكتاب والمفكرين الإسلاميين القدماء والمحدثين.
ومع أن معظم جهود البشيتي الفكرية تتركز حول هدف نشر الثقافة الإلحادية والدعوة الموازية إلى العلمانية والديمقراطية والمفاهيم والمبادئ الغربية الأخرى مثل الحرية والعصرنة، والادعاء بأن الإيمان بالدين وبالغيبيات أمر سخيف يتناقض مع الحداثة،فإن الكاتب البشيتي يتمتع بأسلوب رصين وغير مباشرإلى درجة أن بعض القارئين البسطاء ينطلي عليهم الأمر أحيانا، ويظنون أنه كاتب إسلامي!
الأمر الثابت والذي لا شك فيه أن الكاتب البشيتي يمارس نوعا من التجارة الكلامية، ويقيم صراعا مستمرا مع الدين ينعكس في كل مقالاته، وقد شاهدت باستغراب كيف ينعكس هذا الفكر الإلحادي الرافض حتى في الكتابات العاطفية للبشيتي على قلتها.
في مقالة للبشيتي منشورة على موقعه تحت عنوان "إلى زوجتي الحبيبة راني" "هذا هو الحب يا عشتار!" على الرابط:
http://jawadalbashite.ektob.com/entr...hite&e_id=7175
يقدم الكاتب البشيتي نوعا آخر من الكتابات التي تبدو رومانسية في ظاهرها رغم محتواها الرافض الثائر على الدين والمجتمع، ورغم أن البشيتي يكتب هنا عن الحب والشهوات والملذات، إلا أن كلامه شبه الرومانسي هنا لم يخل - كما هي العادة - من طعن في أساسيات الدين، ومن ثورة دفينة على المجتمع.
ومنذ الكلمة الأولى في رسالته الرومانسية هذه أراد البشيتي أن يتكلم في العشق، فاتهم أهل بلاده باختراع الأخلاق والعقائد وسن القوانين من أجل مكافحة العشق وقال:
(بلادي لا تعشق سوى وأد العشق وقتل العشَّاق، فالحب فيها هو "العيب" و"الحرام"، وهو "الجريمة"، التي مِنْ أجل مكافحتها اخترعوا "أخلاق" و"عقائد"، وسنُّوا "قوانين")
والكلام في الحب عند البشيتي –مثل كلامه كله- يغلب عليه غمز في الدين، وانتقاد للمدافعين عن الدين والأخلاق والشرف:
(رجال مِنْ ورق، مسخوا رجولتهم، ومُسِخَت فيهم الرجولة، فحاربوا مِنْ أجل "شرف"، يكفي أنْ يحاربوا مِنْ أجله حتى يفقدوا الشرف.. فيهم ماتت "الرجولة"، ومات قبلها "الإنسان"، فخرجوا مِنْ جحورهم، ومِنْ حصون القبيلة، ليحاربوا عدوهم الأوحد.. "أنوثة المرأة"و"الإنسان في النساء"، فأقاموا مملكةً، الرجال فيها أشباه رجال، والنساء أشباه نساء.. الحبُّ فيها رجس مِنْ عمل الشيطان.)
ومن ناحية أخرى يبدو أن الحب عند البشيتي ليس له علاقة بالزواج، لأن الزواج على حد تعبيره قبر ونعش وموت، وهو والدعارة صنوان، وذلك لأن الزواج في رأي البشيتي كما تقول كلماته دعارة، والدعارة في رأيه زواج:
(أمَّا الدعارة فألبسوها لبوس "الزواج"، وأقاموا لها الأفراح والأعراس، وقرأوا الفاتحة على روح النساء، وجاءوا بحرَّاس القبور والنعوش ليسبغوا نعمة "الشرعية" على دعارة سموها "عقد نكاح"!)
(ورجل معتوه يسمُّونه "مأذون"، يتأبط دفتر "الموت الشرعي"، يسجِّل فيه أسماء الموتى مِنَ النساء، فتعلو الزغاريد، وتُذبح الخراف، وتُقام الولائم.. في جنازات يسمُّونها الأفراح والأعراس، فالمرأة لبست نعشها، والرجل طفق ينغمس في الملذَّات في جثة العروس، فليبارك الرب هذا النوع مِنَ القتل المسمَّى "زواج"!)
الحبُّ ثورة لا يرفع ثوارها، أبداً، "الراية البيضاء".. زلزال عنيف يضربنا، فيدمِّر فينا "السجن" ويقتل "السجَّان"، يميتنا ثم يحيينا، ويحيينا ثم يميتنا..
وحتى توصيات التقرير النهائي الخاص بهجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001التي توصي بنشر رسالة تدعو الشباب في العالم الإسلامي إلى حب الحياة وليس الموت وجدت طريقها إلى كتابات البشيتي في الحب:
(حتى يوْلَدُ فينا "رفض الموت" و"حب الحياة".. حتى يموت فينا خنوع "نَعَمْ"، وينقضي "عصر الحريم والسلطان"، ويتكسَّر سيف القبيلة، وتأتي "نار الشمس" على "شريعة الظلام"، فالحب هو تمرد "لا"، هو حرية الرجال والنساء، هو ملكوت الحرية لا يدخله غير الأحرار، هو الشمس ونارها، القمر ونوره، البحر وموجه، الغيم ومطره.. إنَّ الحب والحرية صنوان! الحبُّ رجل، والحرية امرأة، يتزوجان، فينجبان حياة كلها حياة!)
منذر أبو هواش
المفضلات