الحوار تربية وتدريب !
إخوتي الأكارم
إننا نعاني من أزمة التواصل على جميع المستويات في العالم العربي نظرا لأسباب عديدة يطول بنا المقام لبسط الحديث عنها هنا. لكن من المؤسف جدا أن يكون المثقف منا لا يحسن التحاور مع نظرائه من أمته. وكثير من الناس يظن أنه عندما يطالع شيئا من أدبيات الحوار فسيصبح بين عشية وضحاها محاورا معتبرا. وهذا من الأوهام ! نعم ينبغي أن نقرأ كثيرا عن فنيات الحوار وآدابه ونماذج تطبيقية له من تراثنا العربي الغزير ومن تراث الأمم الأخرى. لكن التحدي الكبير هو كيف يربي كل واحد منا نفسه ويعلمها ويدربها حتى تصبح قيم الحوار والمناظرة جزءا من كيانه وطرفا من طباعه. وهذا بدوره يقتضي همة عالية وقابلية جاهزة للممارسة والمتابعة المستمرة والمشاركة الدؤوبة والواعية في مختلف الحوارات المتاحة. كما ينبغي على من يرغب في إتقان فن الحوار أن يعرف مواطن القوة والضعف لديه أثناء مشاركته في أي حوار ليعمل على تطوير الجوانب الإيجابية و تجاوز النقاط السلبية عسى أن يبلغ يوما ما درجة متميزة في مهارة الحوار وآلياته العلمية والعملية. والمروءة وحسن الخلق وطلب معرفة الحق والتواضع من أجل القيم التي يجب أن نتحلى بها فضلا عما قيل سابقا لنكون ممن يستحق أن يحاوِر ويحاوَر بأهلية وجدارة.
وصدق من قال :
لا خَيلَ عِندَكَ تُهديها وَلا مـالُ
فَليُسعِدِ النُطقُ إِن لَم تُسعِدِ الحالُ
وأحسن من ذلك قول الله عز وجل في سورة البقرة, الآية 83 :
" ... وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ... "
وقوله جل جلاله في سورة الإسراء, الآية 53 :
" وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ... ".
وقوله تبارك وتعالى في سورة النحل, الآية 125 :
" ... وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ... ".
وقد كان خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثالا يحتذى به للمحاور الرائع, تشهد بذلك أفعاله قبل أقواله.
وقد ورد عنه قوله :" الكلمة الطيبة صدقة " .
وقوله :" يسروا ولا تعسروا, وبشروا ولا تنفروا ".
_____
تحية متأسية
محمد بن أحمد باسيدي
المفضلات