نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


قطة تتمرد
بقلم فوزية حجبي
قالت القطة السمينة ، الناعمة الفرو ،
البيضاء كقطعة جبن وهي تنزل من السيارة الفخمة للقطة الضعيفة البنية، المتسخة الزغب ..
القليلة الفرو ،وهي تراها ، تسد الطريق عليها بتمددها على الرصيف ، تحت أشعة شمس صباحية دافئة:
- إبتعدي ، ألا ترين انك تزعجينني بانبطاحك في طريقي ؟؟
ضحكت قطة الحارة الشعبية ( التي تطل بمنازلها الواطئة على الرصيف) ..
- أنت من يجب أن تبتعدي..
فلا مكان لأمثالك هنا ..
و عليك أن تعلمي أنك أنت التي أزعجتني في قيلولتي ..
حركت القطة السمينة رأسها مستهزئة ..
- أتنامين على الرصيف ..؟
يا لك من تعسة ..
أنا و الحمد لله أنام بقرب ابنة صاحب المنزل الكبير في سريرها الصوفي المريح ..
و فوق خصلات شعرها المعطرة ..
و على صوت الموسيقى الهادئة ..
فأجابت القطة الشعبية ساخرة : وأنا أنام على ا
الرصيف ..
وفي باحات الغرف المظلمة الضيقة ..
أو في الخلاء مع الحشرات ..
لكنني أقوى منك..
فقد علمتني قسوة الحياة أن أدافع عن نفسي..
و أعتمد عليها لأعيش ..
و لست نادمة.. و لا رافضة لقدري ..
- تقولين أنك قوية عقبت القطة السمينة ..
إنه لأمر مضحك.. و أنت هكذا أشبه ما تكونين بالأموات ..
لعلك تأكلين العدس إن كان يومك محظوظا..
أو قطعة سردين قديمة ..
و لعلك تقسمينها مع قطط أشرس منك ..
أما أنا فطعامي دسم ..
متنوع ..في أواني من الزجاج المنظف..
و بتوقيت محدد..
وكثيرا ما زهدت في قطع اللحم و الدجاج لأمثالك إذا مروا على مسكني بالحديقة الغناء !!
انتفضت القطة الشعبية غاضبة محتجة ..
ـ أنا آكل لأعيش ، و لا أعيش لآكل ..
و يكفيني من الطعام لقيمات ..
وكثيرا ما رزقني الله من حيث لا أحتسب..
فآكل ما لم تره عينك أبدا، وما لم يذقه فمك..
و أنا سعيدة، لأن جوعي يعلمني الإلتذاذ بما يقع في يدي من طعام..
و يعلمني الكسب و الحصول على قوتي ..
أما أنت يا عزيزتي فالتخمة و الكسل، أفقداك الشعور بكل الملذات ..
و لا قيمة لأي شيء في عينيك ، لأن كل شيء جاهز لديك .
تجمعت بعض القطط التي سمعت بالمحاورة.. مسحت بوجوهها على وجه القطة الشعبية
وتمسحت بها في ألفة و حميمية..
تذكرت القطة السمينة غربتها الكبيرة بالمنزل الواسع ..
حيث لا أصدقاء لديها من القطط ..
فقط أصحاب المنزل اللذين لا يفتئون يركضون لقضاء مصالحهم ..
و لا يلتقون إلا مساء، لتجمعهم جلسة صمت رهيب أمام التلفاز..
فلا يلاعبونها إلا قليلا.. و سرعان ما يسأمون ..
و يعودون إلى صمتهم والتلفاز..
هي الأخرى أصابها سأمهم و أعياها صمتهم..
و ركضهم وراء مصالح لا تنتهي، وزنزانة بيتهم البارد..
و في لحظة تفكير سريعة قررت ..
وركضت، لتلحق بصديقتها الجديدة..
إلى حيث زرقة السماء..
و اللقمة الصعبة اللذيذة..
وحياة بئيسة ، لكنها ذات قيمة و معنى .