آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: رأي للدكتور عبد السلام المسدي حول تعليم العربية للناطقين بغيرها

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية خالد حسين أبو عمشة
    تاريخ التسجيل
    21/04/2007
    العمر
    50
    المشاركات
    210
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رأي للدكتور عبد السلام المسدي حول تعليم العربية للناطقين بغيرها

    اللغة العربية في المَهَاجر
    عبدالسلام المسدّي
    2009-01-28

    أستأذنك - أيها القارئ الكريم- في أن أحدثك اليوم عن لقاء خطير انعقد مؤخراً في العاصمة الفرنسية، وقد أعود لأحادثك فيه ثانية. هو لقاء هيأته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسسكو) بالتعاون مع مؤسسة غرناطة للنشر والخدمات التربوية التي تتخذ باريس مقراً لها، أطلق على هذا اللقاء اسم «المنتدى الأوروبي الأول للنهوض بتدريس اللغة العربية في الغرب» ودارت محاوره الخمسة حول «الواقع والتحديات وآفاق التطوير»، وحول «المناهج التعليمية والطرق التربوية»، وحول «الموارد المالية»، ثم حول «دور الإعلام»، وأخيراً حول «تعزيز الشراكة في بلاد المهجر».
    دُعي إلى المنتدى جمع كبير من الوزراء والقائمين على التربية والتعليم في الدول العربية والإسلامية، ودعي جمع من أصحاب الخبرة والاختصاص علهم يشخصون القضية من جوانبها المختلفة بشكل موضوعي تماماً، في أعراضها، وفي سبل تداركها، ثم في تحديد الأطراف المجتمعيّين الفاعلين الذين بوسعهم أن يحققوا الأغراض المرسومة ضمن استراتيجية العمل الثقافي الإسلامي في الغرب التي اعتمدها مؤتمر القمة الإسلامي العاشر.
    يعدّ الاهتمام باللغة العربية الفصحى، من حيث وضعُها الراهن، ومن حيث آفاق الانتقال بها إلى أوضاع مستقبلية أكثر متانة، وأوسع إشعاعاً، قرينة بالغة الدلالة على وعي حضاريّ جديد، فإذا انعطف على ذلك الاهتمام اهتمامٌ بالأوضاع اللغوية التي تعيشها الجالية العربية والإسلامية في المهاجر، ولاسيما في المهجر الغربي، فإن الموضوع يكتسب خطورة بالغة لما له من حدّة ذاتية، ومن أثر عميق في تثبيت الهوية وإعادة تشكيل مرجعيات الانتماء.
    إن تطوير تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها مسألة مشدودة إلى شبكة من القضايا المتناضدة، أولها أنه يأتي كوجه بديل لما عُرف طويلاً بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ابتداءً بحكم أن بعض الدول العربية –ولاسيما في منطقة الخليج- تستقبل وافدين عديدين إليها من البلاد الآسيوية جلهم من المسلمين، ولكن لغاتهم القومية لغات أخرى غير العربية.
    إن الموضوع الذي تناوله هذا المنتدى الأوروبي الأول يتضمن أبعاداً متباينة ومتكاملة في آن، ففي البدء يتضح جلياً بعده التربويّ، ذلك أن ضبط البرامج التعليمية والطرق البيداغوجية (التربوية) المُوصَى بها، وكذلك ما يسمّى بتدريب المدربين –سواءٌ في صيغة إعداد المدرسين ليباشروا وظيفتهم التعليمية أو في صيغة إعادة تأهيلهم بواسطة التدريب المستمرّ– كل ذلك يعتبر من صميم علوم التربية بمفهوميْها المتسع والمتحدّد، ولئن تجمّع لدى الأمة العربية منذ عقود تراكم هام في هذا الحقل من المعارف فإن وضع أبناء جالياتنا في المهاجر يستوجب أن تنبري النخبة من علماء التربية كي يستحدثوا اختصاصات فرعية تتناول المسألة في خصوصيتها المتناهية، أعني علوماً تربوية تتصل بتعليم اللغة العربية لأبناء الجاليات العربية والإسلامية المقيمة في الغرب.
    وفي الموضوع بعد معرفي، فمن المتعارف عليه أن تعليم اللغة حقلٌ يتضافر عليه علم التربية وعلم اللغة، ولكن علم اللغة قد شهد تطوّراً هائلاً خلال العقود الماضية، وأصبح مشتملاً على واجهات عدة، ولاسيما تحت مصطلحه الذي شاع حتى في الوطن العربي وهو اللسانيات، ولم يعد تأليف الكتاب المدرسي ولا ضبط المقاربات المنهجية والمعالجات التعليمية يستغني عن منجزاته النظرية والتطبيقية، ناهيك أن أحد فروعه المتمازجة استقام اليوم كعلم مستقل بذاته يسمّى اللسانيات التربوية، ولئن غضضنا الطرف في وطننا العربي عن غيابه بين علومنا المتداولة فإن قضية النهوض بتدريس اللغة العربية في الغرب –سواءٌ بوصفه مجالاً لحوار الثقافات أو بوصفه محتضنا لأبناء جالياتنا العربية والإسلامية– تحتم علينا جميعا وعيا جديدا بضرورة الاعتماد عليه وعلى منجزاته، وعلى نفس المقدار من الأهمية والضرورة ما يرافق العملية التعليمية من حقول أخرى متمازجة الاختصاصات انزرعت في حقل العلم اللغوي الحديث، وأهمّها في مجالنا هذا اثنان: علم النفس اللغوي (أو اللسانيات النفسية) وعلم اللغة الاجتماعي (أي اللسانيات الاجتماعية).
    وللموضوع بعد اجتماعيّ ثقافيّ، ذلك أن أبناء الجاليات العربية المقيمة بالمهجر يتوزعون الآن إلى أجيال ثلاثة، فهناك أبناءٌ يَقدمون مع أوليائهم ومعهم أحمالهم اللغوية والثقافية، ويتعين معالجة أوضاعهم اللغوية النوعية، وهناك أبناء جاء آباؤهم قبلهم فولدوهم في المهجر وأنشأوهم إنشاءً مزدوجاً، وهناك أبناء هم حفدة الجيل الأول لأنهم وُلدوا هم الآخرون على أرض المهجر، ولكل صنف قضاياه النوعية، ولكل جيل تتحتم مناهج وطرق وكتب ليست مطابقة لما يصلح للجيلين الآخرين.
    وهنا يُبسط موضوع على غاية من الدقة والإشكال، ويتمثل في المعادلة التي ما فتئت تتعقد وتتعسّر بين لغة الكتاب المدرسي، ولغة التعليم التي يستعملها المدرسون في خصائصها التامة، ولغة التداول التي تعيش بها الأجيال المتلقية للعملية التعليمية ومدى وظيفيتها.
    أما أخطر الأبعاد الحافة بموضوعنا فهو البعد الحضاريّ، ذلك أن أيّ خطة تهدف إلى نشر اللغة العربية، وإلى فسح مجالات التداول الشائع –على قدر ما تحظى به اللغات العالمية في العصر الحديث– لن تستوي استواءً ناجعاً إلا إذا استندت أولاً وبالذات إلى تشخيص موضوعي دقيق لجملة من القضايا المبدئية التي تسيِّج المسألة اللغوية من خارج دائرتها، وفي مقدمتها علاقة اللغة بالهُويّة.
    إن الهُويّة في مفهومها الشامل قيمة جوهرية في حياة الإنسان بوصفه كائناً ثقافياً قبل أن يكون كائناً بيولوجياً، وجوهر الهوية الانتماء، وهو الذي به يفارق الإنسان آدميته الغريزية مرتقياً إلى آدميته المتسامية. والانتماء مضمون وإبلاغ، فأما المضمون فعقيدة تكفل له الإيمان وتقيه شرّ الضياع في الوجود، وأما الإبلاغ فلغة تؤمّن له التواصل الإنساني الخلاق، فإذا تصاقبت دائرة الإيمان ودائرة اللسان كان الانتماء إلى التاريخ، وكان الاستشراف إلى المآل.

    د. خالد حسين أبو عمشة
    دكتوراه في اللسانيات ومناهج اللغة العربية وطرائق تدريسها للناطقين بغيرها
    المدير الأكاديمي ورئيس قسم اللغة العربية المعاصرة
    مركز قاصد لتعليم اللغة العربية المعاصرة والكلاسيكية
    abuamsha@gmail.com
    0795589886
    عمّان - الأردن

  2. #2
    أستاذ بارز
    الصورة الرمزية أحمد المدهون
    تاريخ التسجيل
    28/08/2010
    المشاركات
    5,295
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: رأي للدكتور عبد السلام المسدي حول تعليم العربية للناطقين بغيرها

    أخي د. خالد حسين أبو عمشة،

    جميل هذا المقال، وهذا الإهتمام، وهذا الحرص على تطوير عملية تعليم العربية للناطقين بغيرها، وخاصة في المهاجر.
    وأخطر ما في الموضوع هو ما أشار إليه صاحب المقال؛ البعد الحضاري، وعلاقة اللغة بالهوية، والإنتماء. وهو ما عبّر عنه الإمام ابن تيمية بقوله:

    " فإنّ اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميّزون "

    دمتَ تتحفنا بوافر علمك، وجميل اختياراتك.

    تقبل فائق تقديري.

    التعديل الأخير تم بواسطة أحمد المدهون ; 05/05/2011 الساعة 10:14 PM
    " سُئلت عمـن سيقود الجنس البشري ؟ فأجبت: الذين يعرفون كيـف يقرؤون "
    فولتيـــر

  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية خالد حسين أبو عمشة
    تاريخ التسجيل
    21/04/2007
    العمر
    50
    المشاركات
    210
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: رأي للدكتور عبد السلام المسدي حول تعليم العربية للناطقين بغيرها

    صدقت أخي والله
    جزاك الله خيرا على حسن الظن
    ولا إخالنا إلا في بداية الطريق
    فالطريق ما زال طويلاً في تعليم العربية للناطقين بغيرها

    د. خالد حسين أبو عمشة
    دكتوراه في اللسانيات ومناهج اللغة العربية وطرائق تدريسها للناطقين بغيرها
    المدير الأكاديمي ورئيس قسم اللغة العربية المعاصرة
    مركز قاصد لتعليم اللغة العربية المعاصرة والكلاسيكية
    abuamsha@gmail.com
    0795589886
    عمّان - الأردن

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •