بطة أمريكا العرجاء تعود إلى سمفونية تقطيع الوقت ولملمة الناخبين
بعد أن وجه رئيس وزراء يهود، بنيامين نتنياهو، صفعة إلى أوباما في مؤتمرهما الصحفي أول أمس في البيت الأبيض فأحرجه أمام الصحفيين حين رفض اقتراحه حلا للصراع على أساس حدود 1967، رغم ما جاء في كلام أوباما حينها من تأكيد على حرصه على أمن يهود ورؤيته المسخ للدولة الفلسطينية وتركه الباب مفتوحا لضم المستوطنات لدولة يهود، وتجاهله لحق اللاجئين ومسألة القدس وغيرها من القضايا الجوهرية، وهو ما وتر الأجواء بينهما، ورددت بعدها وسائل الإعلام خبر غضب الخارجية الأمريكية من نتنياهو.
إلا أنّه يبدو أنّ أوباما أدرك إصرار نتنياهو على موقفه، ولعل أوباما وإدارته تذكروا أنّ نتنياهو قد فضل إسقاط حكومته (يونيو 1996 – يوليو 1999) على أن ينفذ رغبة الإدارة الأمريكية الممثلة برئيسها بيل كلينتون لتنفيذ اتفاق واي ريفر (23 أكتوبر 1998).
ولعلم أوباما علم اليقين أنه بطة عرجاء في هذه السنة الانتخابية، السنة الأخيرة، ولحرصه على أن لا يُمنى بهزيمة هو وحزبه فيخسر الرصيد الذي صنعه لنفسه ولحزبه باغتيال الشهيد ابن لادن قبل أيام، فضل أوباما أن يعود عن كلامه أو يتريث في تنفيذ خطته الهادفة إلى تحقيق أجواء سلام في المنطقة تجنب المنطقة خطر الثورات أو تخفف منها، وتصنع له ولحزبه رصيدا يكون معينا له في الانتخابات القادمة.
لذلك جاء خطاب أوباما اليوم أمام ايباك يستدرك ما وقع فيه، وذلك تحت مسمى توضيحات لخطابه أول أمس، حيث قال :"إنّ على الفلسطينيين والإسرائيليين التفاوض على حدود الدولتين على أساس خطوط عام 1967 مع الأخذ بعين الاعتبار التغييرات الديموغرافية التي طرأت منذ ذلك الوقت." وشدد على "استمرار التزام أمريكا بالحفاظ على التفوق النوعي العسكري لإسرائيل في المنطقة". وحتى التهديد المبطن يوم أمس "لإسرائيل" بما قد يتمخض عنه تصويت مجلس الأمن في سبتمبر المقبل، من حصول تأيد 187 دولة لإقامة دولة فلسطينية مقابل دولتين تعارضان، قد تلاشى، فقد عاد أوباما اليوم وطمأن يهود قائلا: "أي تصويت في الأمم المتحدة لن يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة".
وحتى يحفظ أوباما ماء وجهه ووجه إدارته أمام العالم عاد إلى السمفونية القديمة، سمفونية الضغط على الطرف الفلسطيني لتقطيع الوقت ولتبرير الفشل في تحقيق السلام، لذلك دعا أوباما في خطابه اليوم حركة حماس إلى الاعتراف بحق "إسرائيل" في الوجود وإلى نبذ العنف.
وهذا كله يدل على أنّ من يرجو الخير أو الإنصاف أو بعض الإنصاف من الغرب إنما هو واهم، ولا يعرف حقيقة الصراع أو ماهية النفوس. فلا الدبلوماسية ولا المواقف الناعمة تكفلان رضا الغرب أو تحصيل الحقوق. وهو مصداق لقول الله تعالى:{وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }
أما فلسطين فلن تحررها إلا جيوش المسلمين التي تتشوق لتطهير المسجد الأقصى من دنس يهود، وتتطلع ليكون لها شرف الانضمام إلى قافلة الشهداء والأبطال الذين فتحوا القدس أولا وحرروها ثانيا.