نَصَبَتْ شِبَاكَهَا الْعَنْكَبُوتِيَّةَ؛
اِنْجَذَبَ إِلَيْهَا طَوْعًا.
خَدَّرَتْهُ طَوِيلاً بِعَسَلِهَا الْمُرِّ.
حِينَ أَفَاقَ، ورَآهَا تَزْحَفُ بَيْنَ الجِّيَفِ والأَوْحَالِ،
رَفَسَهَا بِرِجْلٍ مِنْ نَارٍ،
ومِنْ رَمَادِ الْوَهْمِ اسْتَوَى قَائِمًا أَبْيَضَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ
من مطبات النقد التي تثري الأدب ولا تضعفه أن يكون صاحب النص متعدد المواهب والقدرات ..
فعندما يكون الشاعر بلغ ذروة الشعر فمن الطبيعي جداً أن يلون ذلك الشعر كل ما تلمسه يداه وكل ما ينزفه قلمه ..
الشاعر الكبير خليفة الشابي محمد علي الهاني
لا يختلف عليه اثنان في شاعريته المطلقة
وتسيده لناصية الكلمة بسماء الشعر
وعندما يكتب الهاني أقصوصته فلابد أن يظهر
ذلك السحر الشعري في لغته التصويرية للحدث في القصة
ومن الدروس والمعادلات الصعبة التي تعلمتها على يد الأستاذ الكبير الدكتور الناقد المتخصص مسلك ميمون هنا بمدرسة واتا الحضارية :
" أن القصة والشعر يتقاسمان جوانب كثيرة مشتركة ومنها
التّكثيف ، و الحذف، و الإضمار، و الرمز، و الإشارة .. و إن كانت القَصْدية الأدبية تختلف في كل منهما ، فمقول الشّعر يحتكم إلى التّعبير بالصّورة . بينما مرامي القصةُ تُستهدف بالحـدث ."فكثيراً ما يصعب على النقاد الغير محترفين اكتشاف المساحة البرزخية بين النهر والبحر .. بين الشعر والقص ..
فهما الرافدان الأساسيان اللذان يضخان الروح بجسد الأدب , كما شرياني الأورطي والأبهر اللذان يضخان الحياة في الجسد ..
وقد قرأت كغيري النص الذي كتبه شاعرنا الكبير محمد علي الهاني رفسها برجل من نار ..
و تفاجأت كما تفاجأ غيري أن هذا النص ينتزع من قسم القصة القصيرة جدا إلى أقصى شط الشعر والقص وهو قسم الخاطرة
وهو نقل غير مقنع من وجهة نظري ولا أجد له تفسيرا نقدياً ولا فنياً حتى ولو في حالة حيرة الأستاذ محمد البرغوثي في تصنيف هذا النص ..ونظرته أن وجود البطل الخارق الذي يتحدى الصعوبات ويحقق الأحلام ليس من القصة القصيرة ..
بل إن البطولة السوبرمانية الخارقة التي قد يمكن خلقها في بضعة كلمات تعتبر بحد ذاتها قدرة فائقة للكاتب الذي استطاع خلق البطل الخارق حتى بجسد الأقصوصة الماكرة ال ق ق ج
وحقق من خلاله قفلة جميلة تختزل رسالة طويلة وبلمح البصر ..
وربما .. ربما .. لو نقله إلى قسم الشعر ربما أجد له بعض العذر بسبب تلك المساحة البرزخية الصعبة التي أشرت إليها آنفاً بين فني الشعر والقص والتي لا يستطيع تمييزها سوى النقاد المتخصصين فقط
ولكن أن يُنقل النص إلى الطرف الآخر من فن الشعر والقص فهذا في رأي الشخصي قمة التخبط والحيرة للبرغوثي مع احترامي الشديد له ولاجتهاده ,,
إن نص رفسها برجل من نار
هو نص قصصي وفق المعادلة الصعبة التي تعلمتها بمدرسة واتا الحضارية وهي قصدية ( الحدث أم الصورة .. ) ولكن لا يُفتى بواتا الحضارية وأساتذة القصة متواجدون ..
فأيهما طغى على النص ( الحدث أم الصورة ) هذا من جهة ؟؟؟
ومن جهة أخرى ولتكتمل العملية التحليلية ..
هل توافرت خصائص الأنملة الشقية ال ق ق ج في هذا النص وأهمها التكثيف والإيجاز والقفلة ، ، المجاز، و إشارة الاستعارة ، و ومضة الرّمز، و تلويح الإيحاء الذي يتناسب مع الحدث لو كان قصة ,أو الصورة لو كان شعرا؟؟؟؟
سأترك الإجابة على هذه التساؤلات للأساتذة الكبار المتخصصين بواتا الحضارية
وأتمنى ان يكون لأستاذنا مسلك ميمون كلمة فاصلة في هذا التنشيط القصصي الذي أثاره لنا البرغوثي مشكوراوإن كان بقسم غير قسم التنشيط القصصي لنستفيد جميعا وليس من العيب أن نخطأ فنحن هنا جميعا لنتعلم ..
مع وافر التحية للجميع,,,,
المفضلات