1. رحم الله الفاروق عمر رضي الله عنه حين قدم إلى الجابية (هضبة الجولان) بسوريا وكان آنذاك على مرمى حجر من بيت المقدس بعد أن طهرها من رجس النصارى عُبّاد الصليب, حيث عقد رضي الله عنه مع قادة جيش الفتح في مصر والشام والعراق لقاءً سطّره التاريخ فكان يوماً من أيام الله, نصر الله فيه الإسلام والمسلمين بعد أن تم فتح الشام والعراق ومصر, وتُوج هذا اليوم العظيم بأذان بلال بن رباح رضي الله عنه بعد أن طلب المسلمون من عمر رضي الله عنه أن يسأل لهم بلالاً يؤذِّن لهم، فسأله فوافق, وكان بلال لم يؤذن منذ أن توفي النبي صلى الله عليه وسلم, وبدأ بلال يؤذن, والذكريات تمر سراعاً مع الحبيب محمد, وخيّم السكوت على الجيوش وهم بين خاشع وباكٍ, فلم يُرَ يوماً كان أكثر بكاءً من يومئذ ذِكْراً منهم للنبي صلى الله عليه وسلم, حتى وصل بلال رضي الله عنه وأرضاه "أشهد أن محمدا رسول الله", فما استطاع أن يُكمل الأذان من شدة بكاءه رضي الله عنه.

2. قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، أَنْبَأَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: ( يُدْنِي اللَّهُ تَعَالَى الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ لِيَسْتُرَهُ مِنَ الْخَلَائِقِ كُلِّهَا ، وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ كِتَابَهُ ، فِي ذَلِكَ السِّتْرِ ، فَيَقُولُ تَعَالَى : " اقْرَأْ يَا بْنَ آدَمَ كِتَابَكَ " . فَيَمُرُّ بِالْحَسَنَةِ فَيَبْيَضُّ لَهَا وَجْهُهُ ، وَيُسَّرُّ بِهَا قَلْبُهُ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : " أَتَعْرِفُ يَا عَبْدِي ؟ " فَيَقُولُ : نَعَمْ ، يَا رَبِّ ، أَعْرِفُ . فَيَقُولُ : " إِنِّي قَدْ تَقَبَّلْتُهَا مِنْكَ " . قَالَ : فَيَخِرُّ سَاجِدًا ، قَالَ : فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : " ارْفَعْ رَأْسَكَ ، وَعُدْ فِي قِرَاءَةِ كِتَابِكَ . فَيَمُرُّ بِالسَّيِّئَةِ ، فَتَسُوءُهُ وَيَسْوَدُّ لَهَا وَجْهُهُ ، وَيَوْجَلُ مِنْهَا قَلْبُهُ ، وَتُرْعَدُ مِنْهَا فَرَائِصُهُ ، وَيَأْخُذُهُ مِنَ الْحَيَاءِ مِنْ رَبِّهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ : " أَتَعْرِفُ يَا عَبْدِي ؟ " فَيَقُولُ : نَعَمْ ، يَا رَبِّ ، أَعْرِفُ . فَيَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ : " فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُهَا لَكَ " . " فَيَخِرُّ سَاجِدًا فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : " ارْفَعْ رَأْسَكَ " . فَلَا يَزَالُ فِي حَسَنَةٍ تُقْبَلُ ، وَسَيِّئَةٍ تُغْفَرُ ، وَسُجُودٍ عِنْدَ كُلِّ حَسَنَةٍ وَسَيِّئَةٍ ، لَا يَرَى الْخَلَائِقُ مِنْهُ إِلَّا ذَاكَ السُّجُودَ ، حَتَّى يُنَادِيَ الْخَلَائِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا : طُوبَى لِهَذَا الْعَبْدِ الَّذِي لَمْ يَعْصِ اللَّهَ قَطُّ . وَلَا يَدْرُونَ مَا قَدْ لَقِيَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، مِمَّا قَدْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ).
البداية والنهاية – كتاب الفتن والملاحم